الحدث الصحي
غزة – يشهد القطاع الصحي في غزة انهيارًا غير مسبوق، مع استمرار الغارات الجوية التي توقع عشرات الشهداء والجرحى يوميًا، وتفاقم النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية. ومع توقف بعض المستشفيات عن العمل أو تقييد خدماتها، تحذر الجهات الطبية من كارثة إنسانية قد تعصف بالمدنيين في حال لم يتم إدخال مساعدات عاجلة.
حصيلة الشهداء خلال 24 ساعة
وزارة الصحة الفلسطينية أعلنت أن مستشفيات القطاع استقبلت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية 50 شهيدًا و184 جريحًا جراء القصف المتواصل.
وأشارت إلى أن العدد مرشح للارتفاع مع استمرار استهداف الأحياء السكنية والمرافق الحيوية، حيث تتدفق الإصابات بشكل يفوق قدرة الطواقم الطبية على الاستجابة.
مستشفيات تتوقف وأخرى تحت الحصار
الغارات الأخيرة أجبرت مستشفيين مركزيين هما مستشفى الرنتيسي للأطفال ومستشفى العيون على الخروج الكامل من الخدمة بعد تعرضهما لأضرار مباشرة.
وفي المقابل، تكافح مستشفيات أخرى للاستمرار رغم أنها تعمل بقدرة محدودة جدًا، وسط انقطاع متكرر للكهرباء ونقص حاد في الوقود. بعض المرافق الصحية اضطرت إلى إخلاء مرضاها بشكل عاجل بسبب اقتراب القصف أو الاحتكاكات مع قوات الاحتلال في محيطها، ما زاد من صعوبة توفير الرعاية الصحية الأساسية.
أزمة دواء ومستلزمات
تقرير وزارة الصحة أشار إلى أن مخزون الأدوية الأساسية في غزة أصبح "شبه منعدم"، حيث لم يعد متوفرًا سوى كميات ضئيلة لا تغطي سوى جزء يسير من الاحتياجات اليومية.
النقص يشمل المضادات الحيوية، مسكنات الألم، المحاليل الوريدية، وأدوات التعقيم، وهو ما دفع الأطباء إلى اللجوء لطرق بديلة وعشوائية لتخفيف آلام الجرحى وإجراء العمليات في ظروف قاسية.
كما أدى إغلاق حاجز زيكيم وقطع طرق الإمداد إلى حرمان المستشفيات في شمال القطاع من الشحنات الطبية، مما جعل مئات الحالات الحرجة دون علاج أو متابعة طبية.
الطواقم الطبية تحت ضغط هائل
الأطباء والممرضون والعاملون الصحيون يعملون في ظروف استثنائية وصفت بأنها "غير إنسانية". كثيرون منهم لم يغادروا المستشفيات منذ أيام طويلة، فيما يواجهون ضغطًا متزايدًا مع تدفق المصابين.
أقسام الطوارئ والعناية المكثفة ممتلئة عن آخرها، والجرحى يُعالجون في الممرات وأحيانًا في ساحات المستشفيات. بعض الأطباء تحدثوا عن اضطرارهم لاختيار من يستحق الأولوية في العلاج بسبب محدودية الموارد، وهو ما يشكل ضغطًا نفسيًا إضافيًا على الطواقم.
آثار إنسانية وصحية بعيدة المدى
إلى جانب الإصابات المباشرة، يواجه سكان غزة خطر تفشي الأوبئة والأمراض المعدية نتيجة انهيار خدمات النظافة والتعقيم في المستشفيات والمراكز الصحية.
المرضى المزمنون مثل مرضى الكلى والسرطان والسكري، إضافة إلى الحوامل والمواليد الجدد، يعانون من نقص حاد في الرعاية والأدوية الأساسية. هذه الفئات تُعتبر الأكثر عرضة للموت في ظل استمرار الحصار ومنع دخول المستلزمات الطبية.
كارثة تلوح في الأفق
المشهد الصحي في غزة لم يعد مجرد أزمة مؤقتة، بل تحول إلى انهيار شامل يهدد حياة آلاف المدنيين. الطواقم الطبية تحذر من "فقدان السيطرة" إذا لم يُسمح بإدخال مساعدات عاجلة، وتؤكد أن استمرار استهداف المرافق الصحية وإغلاق المعابر قد يجعل الأيام المقبلة أكثر قتامة.
الواقع الحالي ينذر بكارثة إنسانية مركبة، حيث يلتقي القصف المباشر من الاحتلال الاسرائيلي مع شلل المنظومة الصحية ليضع حياة ملايين السكان على المحك، ويجعل أي تأخير في الاستجابة الدولية ثمنه أرواح جديدة.