الحدث المحلي
شهدت مدينة غزة خلال الساعات الأخيرة تصعيداً عسكرياً عنيفاً من جانب جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي كثّف قصفه الجوي والمدفعي على أحياء مكتظة بالسكان. وأكدت مصادر محلية استشهاد ما لا يقل عن 16 فلسطينياً، بينهم مدنيون ونازحون احتموا داخل مدارس تحولت إلى ملاجئ.
وأعلن جيش الاحتلال أنه بدأ عملية برية لتوسيع سيطرته على ممر نتساريم، مؤكداً أنه يسيطر حالياً على الجزء الغربي منه حتى الساحل. هذه الخطوة وُصفت بأنها تهدف إلى تعميق الحصار وتقسيم غزة إلى شطرين، شمالي وجنوبي.
“الفرصة الأخيرة” وتحذيرات الاحتلال
وزير حرب الاحتلال يسرائيل كاتس قال إن القوات "تقترب من تطويق مدينة غزة بالكامل"، وهدد بأن من يبقى داخل المدينة سيُعتبر "إرهابياً أو مؤيداً للإرهاب". وأضاف أن الانتقال جنوباً لن يتم إلا عبر نقاط تفتيش عسكرية، في إطار ما وصفه بـ“الفرصة الأخيرة” لسكان المدينة للرحيل.
هذه التصريحات تأتي في وقت أعلن فيه جيش الاحتلال إغلاق طريق الرشيد الساحلي أمام الحركة شمالاً إلى مدينة غزة، ما يضاعف من عزلة السكان ويقطع شرايين التواصل بين شمال القطاع وجنوبه.
انهيار المنظومة الصحية
الوضع الصحي يزداد قتامة. فالمستشفيات الكبرى في غزة تعاني حصاراً وضغطاً عسكرياً متزايداً، فيما الإمدادات الطبية توشك على النفاد. الأطباء يعملون تحت ضغط هائل، لكنهم عاجزون عن التعامل مع الأعداد المتزايدة من الجرحى.
في بعض المناطق، أُجبر المرضى على مغادرة المرافق الصحية قسراً، بينما تتعرض مدارس وملاجئ تضم آلاف النازحين للقصف، ما يفاقم المأساة الإنسانية.
أزمة إنسانية خانقة
تعاني الأحياء المحاصرة نقصاً حاداً في الغذاء والماء والدواء، فيما يصعب وصول المساعدات الإنسانية بسبب الحصار البري والبحري. وقد أفادت تقارير بتعرض قافلة إنسانية دولية لمضايقات من زوارق الاحتلال قبالة شواطئ غزة، في مؤشر على استمرار سياسة الخنق الكامل.
اللجنة الدولية للصليب الأحمر أعلنت تعليق أنشطتها داخل مدينة غزة بسبب المخاطر الأمنية، ونقلت فرقها إلى دير البلح ورفح لمواصلة عملها هناك.
الحسابات السياسية والرسائل الاستراتيجية
التصعيد العسكري يتزامن مع تحركات سياسية، إذ تنتظر الأطراف ردّ حركة حماس على المقترح الأميركي لإدارة الصراع في غزة، وهو مقترح أعلن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو موافقته عليه.
ويُنظر إلى تكثيف العمليات العسكرية كأداة ضغط لإجبار المقاومة على القبول بالخطة المطروحة أو مواجهة حصار خانق يهدف لعزلها عن السكان. كما يوظف الاحتلال خطاب “الفرصة الأخيرة” في إطار استراتيجية إعلامية وسياسية لدفع السكان إلى النزوح، وتقليل الضغط على جبهات القتال.
سيناريوهات مقبلة
من المرجح أن تتوسع العمليات البرية نحو أحياء جديدة في جنوب غزة، في وقت يتصاعد فيه الانهيار الصحي والإنساني.
كما أن فشل المفاوضات أو رفض الخطة الأميركية قد يدفع الاحتلال إلى مزيد من التصعيد، بينما تظل احتمالات انفجار جبهات أخرى قائمة، الأمر الذي ينذر بمرحلة أكثر دموية واتساعاً للصراع.