"التوسعة المستمرة لقناة السويس ستتسبب في إلحاق أضرار جسيمة بالحياة البحرية وتقويض النشاط الاقتصادي في البحر المتوسط."
هذا ما حذر منه علماء في سياق تقرير نشره موقع "هيلينيك شيبينج نيوز" العالمي والذي قال فيه إن قيام مصر بشق ممر مائي موازي لقناة السويس القديمة بالإضافة إلى توسعة القناة الأصلية يثير قلق العلماء الذين يتخوفون من أن يؤدي ذلك إلى دخول أعداد هائلة من الكائنات البحرية غير الأصلية إلى البحر المتوسط وتعريض النظام البيئي البحري للخطر.
ونقل الموقع عن بيلا جاليل عالم الأحياء البحرية في المعهد القومي لعلوم المحيطات قوله إن " توسعة القناة سيزيد من عدد الكائنات البحرية الوافدة من البحر الأحمر، ما سينتج عنه مجموعة من التأثيرات الضارة والمتنوعة على هيكل النظام البيئي والوظيفي للبحر المتوسط بأكمله، ناهيك عن التداعيات الخطيرة على الخدمات التي يقدمها البحر المتوسط للإنسان."
وأضاف جاليل أن ثمة 17 من الزملاء في المعهد قد اتفقوا على أن الإيرادات المتحققة من مشروع توسعة قناة السويس ستسسهم على الأرجح في دفع عجلة الاقتصاد المصري التي تشهد تباطؤا حادا منذ أربع سنوات.
ووفقا للعلماء، فإن ثمة نحو 700 من الكائنات البحرية غير الأصلية في البحر المتوسط، من بينها 350 تقريبا قد دخلت من قناة السويس منذ تأسيسها في أواخر القرن التاسع عشر.
وأكد العلماء على أن بعضا من تلك الأنواع البحرية "سام ويشكل تهديدات خطيرة على صحة الإنسان."
ومن بين الكائنات البحرية الأكثر خطورة التي عبرت إلى البحر المتوسط من قناة السويس هي "السمك البخاخ" الذي يعد من أكثر الأسماك سمية في العالم نظرا لاحتوائه على مواد كيميائية سامة، وكذلك " سمك الأرنب" الذي تسبب في تدمير أجزاء واسعة من الغابات والأعشاب البحرية تحت الماء في شرقي البحر المتوسط، بعد هجرته عبر قناة السويس في العقود الأخيرة.
ولعل أخطر الأنواع البحرية التي هاجرت إلى البحر المتوسط عبر قناة السويس هو "قنديل البحر" الذي كان يتواجد في السابق في المياه الإستوائية، قبل أن تغزو أسرابه البحر المتوسط في سبعينيات القرن الماضي والذي يجعل عمليات الصيد للأغراض التجارية مستحيلة، فضلا عن تسببه في كثير من الأحيان في غلق الشواطئ المطلة على البحر المتوسط.
وكان الباحثون في جامعة " إيست إنجليا" البريطانية قد قدروا الخسائر المالية التي سيتكبدها الصيادون في شمالي البحر الادرياتيكي جراء غزو أسراب " قنديل البحر" للبحر المتوسط عبر قناة السويس بـ 8.2 ملايين يورو ( 6.5 ملايين إسترليني).
وكانت مصر قد دشنت الخميس الماضي مشروع توسعة قناة السويس الذي يعمق ويوسع المجرى المائي لقناة السويس بتوفير ممر مائي مواز لمرور السفن بطول 35 كيلومترا.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن "قناة السويس الجديدة ليست عملا هندسيا فقط ولكنها أثبتت المزيد من الثقة والتأكيد للعالم بأن المصريين قادرون على إنجاز المشروعات العملاقة".
ووصف السيسي توسيع القناة بأنه "أول خطوة من الألف خطوة، والمصريون مطالبون بالسير لقطعها".
وتقول الحكومة المصرية إن المشروع الذي تكلف نحو 8 مليارات دولار سيزيد وتيرة مرور السفن فضلا عن تعزيز عوائد القناة وإنعاش الاقتصاد.
ويعزز مشروع توسعة قناة السويس المجرى الملاحي الرئيسي إذ تم حفر مجرى مواز لحركة السفن بطول 35 كيلومترا.
لكن منتقدي المشروع يشككون في زيادة العائدات التي تتوقعها الحكومة المصرية. ويقول محللون إن زيادة حجم التجارة العالمي لم يسجل نموا بالقدر الكافي الذي تريده الحكومة المصرية لجنى أرباح مشروعها.
وقد يؤثر مشروع توسعة قناة بنما، المقرر اكتماله العام المقبل، على قناة السويس نظرا لمنافسته في حركة مرور السفن على الطريق الواصل بين آسيا وأمريكا الشمالية.
ويعرب الكثير من المصريين عن تشككهم في إمكانية إنفاق أموال العائدات على الرعاية الاجتماعية أو أعمال البنية التحتية الأخرى.
واستغرق العمل في القناة الجديدة نحو عام، وبلغت تكلفة المشروع 8.2 مليارات دولار تقريبا.
وتتوقع هيئة قناة السويس أن ترتفع عوائدها إلى 13.23 مليارات دولار سنويا بحلول عام 2023 نتيجة للمشروع الجديد.
ويمر بقناة السويس الأصلية، التي افتتحت عام 1869، 7% من التجارة العالمية، وهي أكبر مصدر للعملة الصعبة لمصر.