الخميس  15 أيار 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

خاص|"الالتزام بالالتزام" خطاب سياسي بأبعاد اقتصادية تتطلب إلغاء أوسلو

2015-10-01 04:03:26 PM
 خاص|
صورة ارشيفية

الحدث – آيات يغمور

يبدو أن البعد الاقتصادي لخطاب الرئيس عباس في الجمعية العامة قد غفل عن حقيقة اقتصادية ملموسة، وهي أن الاقتصاد محكوم بأبعاد سياسية فعلية نشأت قبيل الاتفاقات الاقتصادية المنصوص عليها دولياً.

يوضح خبير الاقتصاد نصر عبد الكريم صلة الخطاب الرئاسي بالحيز الاقتصادي: "الالتزام بالالتزام" التي تخللت خطابه، هي  قاعدة ندية في التعامل تقوم على احترام الاتفاقيات بمجملها في حال عدم إخلال الطرف المقابل بها شكلاً ومضموناً.

وحول خطاب الرئيس محمود عباس والتهديدات بإلغاء الاتفاقيات مع إسرائيل، استبعد خبير الاقتصاد إلغاء الاتفاقات الاقتصادية فعلياً، معللاً ذلك بأن القرار يبقى سياسياً بحتاً.

ويضيف عبد الكريم: " قانونياً، يتطلب إلغاء اتفاقية باريس أو تعديلها موافقة الطرفين الموقعين عليها".

الخروقات الإسرائيلية الاقتصادية متواصلة منذ 21 عاما

يرى هذا الخبير أن اتفاقية باريس الاقتصادية والتي اشتملت على أربعة محاور رئيسة لم تكن سوى ملحقاً لاتفاقية أوسلو الشهيرة، الأمر الذي يتطلب إقراراً رسمياً من الحكومة الفلسطينية بإلغاء أوسلو لتصبح اتفاقية باريس أمراً لاغياً.

لكنه وفي ذات السياق، يعتبر عبد الكريم أن "باريس" كانت اتفاقية معقولةً نسبياً تخدم المرحلة الانتقالية المؤقتة في وقتها سنة 1994.

المحاور الأربعة التي اشتملت عليها الاتفاقية لم تسجل إسرائيل على مدار 21 عاماً أي التزام ملموس بها، فقد تخللت تلك السنوات خروقات اقتصادية واضحة من قبل إسرائيل في قطاع سوق العمل، المقاصة، حرية الحركة، والقطاع النقدي والمصرفي. يقول عبد الكريم: "لا تزال الاتفاقيات الاقتصادية قائمة لكن إسرائيل غفلت عن معظم نصوصها بحجج أمنية وبمعايير ومواصفات مخلّة".  

وأكد عبد الكريم لـ "الحدث" أن اتفاق باريس تضمن تشكيل لجنة اقتصادية مشتركة تجتمع كلّ ثلاثة شهور للنظر في الاتفاق ورفع التوصيات للتعديل على بنوده"، مضيفاً: لقد تم تعطيل هذه اللجنة المشتركة منذ سنوات عديدة".

وحول الخروقات التي ترتكبها إسرائيل والتي نصت عليها الاتفاقيات الاقتصادية، حركة السلع، فيُشير خبير الاقتصاد إلى أن اتفاق باريس أعطى الفلسطينيين مساحة واسعة نسبياً في العلاقات التجارية، الأمر الذي يسمح بحركة تجارية حرة بين كل من الضفة – غزة – إسرائيل، وهو ما يندر رؤيته بفعل إعاقة إسرائيل المتحكمة بالمعابر، لحركة السلع القادمة من الجانب الفلسطيني إلى إسرائيل، أو ما بين غزة والضفة، ويسمح بتصدير إسرائيل سلعها إلى الضفة وغزة بما يخدم مصالحها الاقتصادية حسب تعبيره.

وأفاد عبد الكريم أن هذه الخروقات الاقتصادية التي تعيق حركة السلع تدعّمها إسرائيل بذرائع أمنية حيناً، وبعدم مطابقة السلع للمعايير والمواصفات العالمية أحياناً أخرى.

ونوه عبد الكريم إلى أن :"الاتفاقيات الاقتصادية  كفلت دخول الفلسطينيين للعمل داخل "إسرائيل" ولم توجد أية نصوص تقيد من حركة التجار، في المقابل عمدت إسرائيل إلى وضع الحواجز لمنع حركة البضائع التجارية وحجز السلع لأشهر عديدة وتكليفها أموالاً باهظة للنقل والمواصلات".

الواقع الاقتصادي تحكمه الظروف السياسية

يعتقد خبير الاقتصاد وبناء على موازين القوى، أن الواقع الاقتصادي الراهن لا تحكمه الاتفاقيات الاقتصادية بين الجانبية الفلسطيني والإسرائيلي بقدر ما تحكمه الظروف السياسية الحالية، لكن الاتفاق الاقتصادي الوحيد الذي يراه عبد الكريم مُلزماً للطرفين، هو "المقاصة".

يرى عبد الكريم :" من الواضح جداً أن حجز إسرائيل لأموال المقاصة، تكتيك سياسي ومنهج تأديبي، يأتي بصيغة عقابية لإحراز تأثير على الجانب السياسي للسلطة الفلسطينية"، مشيراً إلى أن إسرائيل تعمدت حجز أموال الضرائب التي جبتها 10 مرات خلال آخر خمس سنوات، وهو ما يخالف نص اتفاق باريس الاقتصادي.

وفي ما يتعلق بالمحور الرابع من الاتفاقية،  والخروقات التي مارستها اسرائيل على مدار السنوات السابقة يشير الخبير الاقتصادي  ان البنك المركزي الإسرائيلي وسلطة النقد التابعة للاحتلال، رفضتا استبدال العملة التالفة في الضفة والقطاع، إضافة إلى منع عبور كميات نقدية كافية إلى غزة، كما رفضت البنوك الإسرائيلية استقبال الفائض من البنوك الفلسطينية من عملة الشيقل، الأمر الذي ادى إلى تكدس ملايين الشواقل في البنوك الفلسطينية، وهو ما وجده عبد الكريم مخالفاً لنص صريح وواضح في اتفاقية باريس.

وتطرق عبد الكريم - بنظرة مستقبلية - إلى حقيقة اقتصادية وهي "الحكم للأقوى"، موضحاً ذلك بالسيطرة الإسرائيلية على المعابر التجارية والحدود السياسية والفضاء الجوي، الأمر الذي يجعل من التهديدات سابقة الذكر متوحدة في قرارها، ناهيك عن أنها نابعة من الطرف الأضعف في هذه المعادلة.

اسرائيل لن تغير من قواعد لعبتها

حول الردود الإسرائيلية على الساحة الاقتصادية  استبعد  عبد الكريم أن تغير إسرائيل من قواعد لعبتها الاقتصادية تبعاً للارتباط الاقتصادي الكبير بين الجانبين، مشيراً إلى أن إسرائيل ستبقي على العلاقات الاقتصادية خوفاً من تقديم تنازلات سياسية.

أما عن تلميح الرئيس عباس بطرح مسمىً جديدٍ للسلطة الفلسطينية كدولة تحت احتلال، يعتقد خبير الاقتصاد أن هذا الانتقال في العلاقة ينتظر قبولاً دولياً وإسرائلياً أمريكياً سيخلق تبعات سياسية لن تنعكس برأيه على العلاقة الاقتصادية المحكومة باتفاق أوسلو.