الجمعة  26 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

أفكّر ببرنامج صحّي

2014-02-18 00:00:00
أفكّر ببرنامج صحّي
صورة ارشيفية
فارس سباعنة – كاتب وشاعر فلسطيني
 
أصبحتْ لديّ نزعة ناقمة ضدّ الملابس بشكل عام; لأنها تستر العورات، كما أصبحتُ أؤمن بالعري والكشف الفاضح الواضح لكلّ شيءٍ، لأن أصحاب الأجسام البشعة من أمثالي لا يفكّرون ببدء التغيير إلا حين يقفون عرايا أمام المرآة : هذا هو أنت.
 
لا تغيب عن ذهني تلك الطاولة الطويلة جداً في قاعة المؤتمر الذي عقد بعنوان “القدس في خطر”، حيث كانت قيادات التنظيمات السياسية والدينية -بصفتها السياسية- كلّها على الطاولة، وكان الجمهور هو الصف الثاني من تلك التنظيمات، وقد أجمع الشيوخ المشهورون جميعاً أن سبب هذا الناقوس العالي والضوء الأحمر الفاقع يعود للانقسام السياسي بعد أن فقد الفلسطينيون مشروعاً موحّداً يحسبُ حسابَهُ من يهوّد مدينة القدس ويسرقها.
 
ومع أنني أحب سوء الظن، لكن مشهدنا لا يحتوي على أي احتمال للنوايا الحسنة، فتلك مصيبةٌ إذا كان القادة على “الطاولة الطويلة جدا” يمتلكون قواعد شعبية تمكنهم من فرض واقع بديل للانقسام وبرنامج سياسي طموح، والمصيبةُ أعظمُ إذا كانوا مجرّد دُمى تحرّكهم أيادٍ عليا وليسوا قادرين على تحريك ضحضاح ماءٍ صغير.
 
لقد بدأتُ حديثي حول إيماني بالعري والفضائح، لأنني أرى ذلك في معمعة الإضرابات الكبيرة الفقيرة، والمثيرة للإعجاب والريبة في آنٍ واحد، فالقواعد الشعبية من المعلمين، الأطباء، المحامين، الموظفين العموميين، موظفي الخارجية، جمعية الصم والبكم، عمال السجائر، قادرةٌ بكلّ تأكيد على تحويل أي مسار سياسي إلى أي اتجاه تريده -إذا أرادت- لكن مطالبها تبقى خجولةً تصطدم بجدار الأزمة المالية، الاحتلال، الانقسام.. والملفات الكبيرة.
من المفروض أن تنتج هذه القواعد الشعبية أسماء وقياداتٍ وشخصيات وطنية جديدة تستطيع قيادة المرحلة القادمة على المستوى السياسي، لكن رؤساء النقابات والاتحادات المهنية جميعهم مأجورون لمصالحهم الشخصية والفردية الضيقة، ويكتفون بالمناصب المملوكة للإرادة السياسية العليا في السلطة، وليس لديهم أي حلم وطني جمعي يجعلهم شخصيات محبوبة ولامعة في الساحة السياسية المصادرة منذ سنوات. هذا هو أنت، وهؤلاء هم نحن، وأنا بدأتُ أفكّرُ جديا ببرنامج رياضيّ وصحيّ.