الإثنين  06 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

رئيس الأورومتوسطي: يجب وضع إسرائيل على قائمة العار التي أقرتها الأمم المتحدة عام 2011

2014-08-25 04:37:56 PM
 رئيس الأورومتوسطي: يجب وضع إسرائيل على قائمة العار التي أقرتها الأمم المتحدة عام 2011
صورة ارشيفية
 

قطاعا الاتصالات والمصارف يربحان بشكل كبير جراء الحصار المفروض على القطاع

 

 
الحدث- محمد فائق
 
مع بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من تموز الماضي، تسابقت الأحداث على الأرض، من ارتقاء عشرات الشهداء وإصابة المئات بجروح متفاوتة بشكل يومي، واستهداف منازل المواطنين، والمدارس والمستشفيات والمساجد، عدا عن تدمير البنية التحتية للقطاع، ما تطلب وجود جهات محلية ودولية لتوثيق الانتهاكات الإسرائيلية التي طالت البشر والحجر.
المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان كان من أبرز المؤسسات التي وثقت ما يجري في قطاع غزة بشكل يومي، فقد حاول فضح ممارسات الاحتلال الإسرائيلي في القطاع، واستخدامه ما حُرم دولياً من أسلحة، واستهدافه المدنيين العزل بشكل مباشر، رغم معرفة الاحتلال بوجودهم في مكان القصف.
صحيفة "الحدث" التقت رئيس المرصد الأورومتوسطي، د. رامي عبده، وكان لنا معه هذا اللقاء:
 
 

من وجهة نظركم كمؤسسة حقوقية ماذا خلف الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة في سنواته الثمانية، وماذا خلف العدوان الأخير على المستوى الاقتصادي والإنساني؟

 

لا شك أن الحصار المفروض على غزة ترك تداعيات غير مسبوقة على الواقع الاقتصادي والإنساني والاجتماعي لسكان القطاع. الاقتصاد الغزي الذي كان يعاني قبل الحصار بفعل عوامل عدة، في مقدمتها الارتهان والتبعية الكاملة للاقتصاد الإسرائيلي، دفع أثماناً باهظة أدت بعشرات الآلاف خارج سوق العمل، وأوقفت عجلة التنمية الاقتصادية، وعطلت فرص نمو حقيقي في القطاعات الإنتاجية. والأخطر من كل ذلك أن الحصار خلف بعد أكثر من 7 سنوات أزمة كرامة إنسانية، لم يعد الحديث عن حاجة الغزي للدواء والكساء والطعام هو الهاجس، بل شعوره بأنه محاصر جسدياً وفكرياً وعاطفياً بفعل استمرار الحصار وتعاقب الحروب والعدوان، وفقدانه القدرة على التكيف معه، وهو الأمر الذي خفف من وطأة الحصار في أعوامه الأولى.
الواقع الاقتصادي في غزة صعب للغاية، القطاع الخاص منهك، والقطاع العام غير قادر على تلافي الأزمات المتلاحقة في القطاع، الاستثناء الوحيد هو القطاع الخدماتي، وأقصد هنا شركات المساهمة العامة التي تعمل في قطاع الاتصالات والمصارف، لم تمارس تلك المؤسسات، للأسف، دورها المسؤول، بل على النقيض من ذلك، فقد تربحت بشكل كبير جراء الحصار المفروض على القطاع. الخطوة الأولى في معالجة إشكالات القطاع الاقتصادية ترتكز بشكل أساسي على ضرورة إنهاء الحصار، وضرورة أن يكون هناك توزيع عادل للإيرادات الحكومية بين الضفة والقطاع، وأن تلعب حكومة التوافق دورها الجدي في تحمل المسؤوليات، وإشراك القطاع الخاص بشكل أكثر فاعلية.
آمال الغزيين كانت انتعشت بفعل نمو في الناتج المحلي الإجمالي، والذي تحقق بدءاً من النصف الثاني من عام 2012 وتجاوز الـ 15%، إلى أن حدثت أحداث مصر نهاية يونيو، الأمر الذي أعاد الاقتصاد الغزي إلى مربعه الأول، وجاء الهجوم الأخير ليقضي على تلك الآمال ويبعث حالة من اليأس والإحباط، خاصة وأن هذا العدوان طال كل مناحي الحياة، وعمل على القضاء على أسس الحياة مستقبلياً في القطاع.
 
 

كيف تقيم انتهاك العدوان الأخير على حقوق الإنسان؟

 

الهجوم الإسرائيلي على غزة مثّل تراجعاً خطيراً وانتهاكاً مأساوياً لحقوق الإنسان، وعلى رأسها حقه في الحياة، التي انتهكت بشكل خطير وواضح في قطاع غزة. نحن نتكلم عن 49 يوما شهدت أكثر من 70 ألف غارة إسرائيلية، أسفرت عن استشهاد ما يزيد عن 2000 إنسان جلّهم من المدنيين، وإصابة أكثر من 10000 آخرين، وتهدّم 2276 منزلاً بشكل كلي، إضافة إلى 13395 منزلا بشكل جزئي، وتدمير 151 مسجداً، 51 منها بشكل كلي، وتهجير ما يقارب عن نصف مليون إنسان وتوزعوا على 90 ملجأ تابعا للأمم المتحدة.
ونحن نتكلم أيضاً عن استهداف للمدنيين بالجملة، كما حصل مع العديد من العائلات الغزية التي تم قصفها وهي آمنة في بيوتها، ونتكلم عن استهداف متعمد ومتكرر حتى لمنشآت تتبع للأمم المتحدة، كما حصل في استهداف مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" التي لجأ إليها النازحون، على الرغم من أن هذه المدارس كانت ترفع أعلام الأمم المتحدة، والأونروا كانت قد زودت الجيش الإسرائيلي بإحداثيات هذه المدارس.
كل هذا جرى تحت سمع وبصر الأمم المتحدة، بلجانها وهيئاتها المختلفة، وعلى رأسها مجلس الأمن، ومع ذلك لم يحدث تدخل حقيقي يوقف هذه المأساة، وهذا ما دعا المرصد الأورومتوسطي إلى إصدار نداء وتحذير من أن الوضع في غزة يمثل تهديداً للأمن والسلم الدوليين، وأن على مجلس الأمن أن يتدخل.
وتقدر الخسائر الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة التي لحقت بالقطاع إلى 3 مليارات و390 مليون دولار، نتيجة استهداف 324 مصلحة تجارية وصناعية وقصف المنازل ومحطات المياه ومعالجة المياه العادمة، والمقارّ الحكومية، والمدارس، وقوارب الصيادين، ومحطات ومحولات الكهرباء، والمراكز الصحية، والطرق وخطوط المياه والكهرباء، والأراضي الزراعية، والمؤسسات الأهلية، والمساجد والكنائس والقبور.
 
 

س: خلال العدوان كنتم تراقبون ما يجري على الأرض وترصدون الانتهاكات بشكل يومي، كيف لك أن تشرح لنا طبيعة العمل الذي قمتم به خلال العدوان، وهل تعرضتم للمضايقات من قبل إسرائيل أو المجتمع الدولي بصفتكم مؤسسة دولية.

 

بالتأكيد نحن، كما باقي المنظمات العاملة في الأراضي الفلسطينية، نتعرض لكثير من المضايقات، والاحتلال واضح جداً في طريقته في التعامل خلال الأربع سنوات الماضية، والتي توصف بالحساسية المفرطة، وبالنفس العدائي. الأمر لا ينتهي عند الاتهامات والتشكيك في مخرجات أعمالنا، بل يمتد إلى منع طواقمنا من الوصول إلى القطاع، وهو ما حدث مع اثنين من الخبراء الذين حاولنا استجلابهم للمرور إلى غزة، لفحص نوعية الأسلحة المستخدمة من قبل الاحتلال. المجتمع الدولي يدرك أهمية عملنا ويقدر ذلك، لكن هذا لا يعني أننا لا نشعر، كما الكثير من المؤسسات، بغياب الإرادة السياسية الدولية لوقف الانتهاكات ومعاقبة مرتكبي الجرائم.
 
 

س: أنتم كمنظمة إنسانية دولية، أين ترون أن إسرائيل انتهكت القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي في عدوانها؟ وهل رصدتم استخدام أسلحة محرمة دولياً؟

 

إسرائيل اقترفت العديد من انتهاكات القانون الدولي الإنساني وجرائم الحرب في هجومها على غزة، ومن ذلك الاستهداف المتعمد والجماعي للمدنيين بصورة انتقامية، وعدم اتخاذ التدابير الاحترازية الكافية لحمايتهم، واستخدام المدنيين دروعاً بشرية؛ وإلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات دون أن تكون هناك ضرورة عسكرية تبرر ذلك، وتعمد شن هجمات ضد منشآت في مهمة من مهام المساعدة الإنسانية، ومهاجمة أو قصف المساكن أو المباني العزلاء، والمباني المخصصة لأغراض دينية أو تعليمية أو مستشفيات، إضافة إلى انتهاك الاحتلال الإسرائيلي مبدأي "التمييز" و"التناسب".
 

أما بخصوص استخدام إسرائيل لأسلحة محرمة، فقد أكد عدد من الأطباء الغزيين كان المرصد قد التقاهم، أن هناك إصابات أدت إلى حروق وتحتاج إلى بتر للأطراف، كما وجدوا أن هناك جسيمات تدخل الجسم بسبب هذه الأسلحة ولا تظهر بالتصوير بالأشعة السينية، وهو ما يرجح استخدام القذائف المعروفة باسم "الدايم" التي تؤدي إلى مثل هذا النوع من الإصابات، وبالطبع، هذا إذا صحّ فإنه يخالف البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف، والبروتوكول الأول لاتفاقية الأسلحة التقليدية.

 

 
 

س: كيف تقيمون تفاعل المجتمع الدولي مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة؟

 

أعتقد أن هذا الهجوم الإسرائيلي كشف عن خلل كبير في المنظومة الدولية، ولا نخفي أن هناك شكوكاً كبيرة لدى كثير من الناس والمؤسسات، أن الاحتلال الإسرائيلي أوغل في ارتكاب الجرائم بفعل الصمت الدولي، وأحياناً بفعل مواقف مهترئة، سمحت له أن يضرب ويقتل كيفما يشاء، وكأنه دولة فوق القانون. هذا الأمر كان جلياً في تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة عقب جريمة الاعتداء على مدرسة بيت حانون، وكذلك على عمليات القتل الجماعي في رفح، عقب انهيار التهدئة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، هذا إلى جانب التباطؤ في اتخاذ الكثير من الخطوات التي كان يمكن اتخاذها، ليس أقلها مثلاً وضع إسرائيل على قائمة العار، والتي أقرتها الأمم المتحدة عام 2011 للجهات والدول التي تعتدي على المنشآت المدنية والمحمية حماية خاصة.
 
 

س: كيف تابعتم استهداف قوات الاحتلال لمنازل المدنيين؟

 

كان أمراً مهولاً؛ أن تقول إن هناك 1762 منزلاً دمّرت بشكل كلي، إضافة إلى 9003 منازل دمرت بشكل جزئي، فأنت تتكلم عن هجوم عشوائي وجريمة لا يمكن تبريرها تحت أي نطاق. المادة (57) من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف، والتي تعد جزءاً من القانون الدولي العرفي، قضت بضرورة "اتخاذ جميع الاحتياطات المستطاعة عند اختيار أساليب الهجوم، من أجل تجنب إحداث خسائر في أرواح المدنيين أو الإضرار بالأعيان المدنية، وبالامتناع عن شن أي هجوم يتوقع منه أن يحدث خسائر كبيرة في المدنيين والأعيان المدنية. وبالطبع، فهذا الأمر يمثل جريمة حرب بموجب النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
 
 

س: أين يندرج استهداف الجيش الإسرائيلي للمدارس والمساجد والمستشفيات في القانون الدولي؟

 

استهداف المراكز التعليمية ودور العبادة والمستشفيات والعيادات الطبية يعد مخالفة لاتفاقية جنيف الرابعة (1949)، وهي حماية لا يجوز وقفها إلا إذا استخدمت في القيام بأعمال عسكرية، وهذا ما لم يثبت في أية حالة من الحالات التي قامت فيها إسرائيل باستهداف مدارس أو مساجد أو مستشفيات. وإن "تعمد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة للأغراض الدينية أو التعليمية أو المستشفيات وأماكن تجمع المرضى والجرحى" يعد جريمة حرب، بموجب المادة 8 من ميثاق روما الناظم للمحكمة الجنائية الدولية.
 
 

س: اليوم الوضع الصحي الإنساني في قطاع غزة خطير، كيف يمكن معالجة ذلك بالسرعة القصوى برأيك، وإلى أين يسير؟

 

المؤسف أن الوضع الصحي كان على شفا الانهيار حتى قبل الهجوم الإسرائيلي، جانب من الأمر يعود للحصار، وجانب آخر يعود على الفراغ الإداري الذي عانى منه ذلك القطاع عقب تشكيل حكومة التوافق. المسؤولون في الضفة لم يتواصلوا مع المسؤولين في غزة على مدار أكثر من شهر، وحتى قبل بدء العدوان، بفعل الخلاف السياسي الفلسطيني الداخلي، يضاف إلى ذلك عدم قدرة الطواقم الطبية على مجاراة هذا العدد الهائل من الضحايا، خاصة وأن تلك الطواقم اعتادت أن تصلها طواقم مساندة في الحروب السابقة على غزة، وهو ما لم يتم هذه المرة بفعل إغلاق معبر رفح المحكم، والتشدد الإسرائيلي على معبر بيت حانون. يضاف إلى ذلك التعقيدات في قطاع الخدمات، في مقدمتها الكهرباء وتوفر الوقود للمستشفيات، وقبل كل ذلك استهداف الاحتلال للطواقم الطبية، فقد قتل الاحتلال أكثر من 16 فرداً من تلك الطواقم، إضافة إلى إصابة العشرات.
 
 

س: هل جلُّ ما تقومون به رصد الانتهاكات الإنسانية، أم أنكم ترفعون توصيات ومطالبات للجهات الدولية والأمم المتحدة حول ما يجري؟

 

نحن نقوم بدورين رئيسين، الأول هو رصد الانتهاكات الإنسانية وتوثيقها بطريقة قانونية صحيحة، والثاني هو تقديمها للجهات الدولية المعنية، لا سيما مجلس حقوق الإنسان، ولجنة التحقيق المنبثقة عنه، وإلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان، والجهات الحقوقية الدولية المختلفة، ونتواصل معها باستمرار، لتشكيل موقف ضاغط باتجاه وقف الانتهاكات ومعاقبة الفاعلين ومرتكبي جرائم الحرب.
إضافة إلى ذلك، نحن نقدم التوصيات التي من شأنها أن تؤثر في الحدث، ومن ذلك أننا قمنا بتقديم دراسة متكاملة إلى الجهات المعنية، وعلى رأسها دول الاتحاد الأوروبي والسلطة الفلسطينية وتركيا، حول ما يطرح من فكرة إنشاء ممر مائي لغزة، ومدى قانونية ذلك وإمكانيات تطبيقه، بما يحقق رغبات الأطراف المختلفة ومخاوفها، كذلك قدمنا دراسة متكاملة للسلطة الفلسطينية حول الانضمام لميثاق روما الناظم للمحكمة الجنائية الدولية ومآلاته، ودعونا القيادة الفلسطينية إلى المسارعة في ذلك، كونه يمثل رافعة لحقوق الإنسان في فلسطين، ويساعد في معاقبة مرتكبي جرائم الحرب ووقف سياسة الإفلات من العقاب.
 
 

س: كيف تقيم دور المؤسسات الدولية والصليب الأحمر الدولي في القطاع خلال العدوان؟

 

لسنا الطرف الذي يقيم أداء تلك المؤسسات بالتأكيد، لكن الواضح أن هناك الكثير من الملاحظات التي ينقلها سكان القطاع، وحتى المنظمات غير الحكومية في القطاع، على أداء الصليب الأحمر مثلاً، وتباطئه في أداء الدور المنوط به في كثير من الحالات، الأمر ينسحب أيضاً على أداء نحو 17 وكالة أممية تعمل في القطاع، في مقدمتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، هناك ملاحظات حول ما إذا كان قد تم معالجة بعض القضايا بالمستوى اللائق من المهنية والحيادية من عدمه. هذا الأمر يتطلب مراجعة من تلك الجهات، وأيضاً تقييماً من قبل منظمات المجتمع المدني الفلسطيني لدور تلك المؤسسات.