الجمعة  03 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مشكلة القيادة في العالم الإسلامي بقلم: هارون يحيى/ كاتب ومفكر إسلامي تركي

2014-09-13 07:24:40 PM
مشكلة القيادة في العالم الإسلامي
بقلم: هارون يحيى/ كاتب ومفكر إسلامي تركي
صورة ارشيفية

 

الحدث: خاص

ما يتبادر عادة للذهن عند ذكر القيادة، هو لاعبو كرة القدم الذين يخسرون المباريات ويستخدمون المهارات الشخصية ويشتعلون مع زملائهم أو مدرائهم الذين يحققون أرباحاً كبيرة للشركات من خلال إنشاء روح الفريق الجيدة وزيادة الإنتاجية.

على الرغم من أن القيادة كان متعارف عليها منذ وقت مبكر جداً، فقد أصبح هذا الموضوع هو الأكثر مناقشة في السنوات العشر الأخيرة على وجه الخصوص، وحتى صار يتم تدريسها في الجامعات.

يتميز القادة عن الإداريين بعدة سمات، ففي حين يقوم المدراء بتطبيق قواعد ومبادئ وضعت لهم مسبقاً، يقوم القادة بخلق منظور أوسع للقواعد الواجب تطبيقها. القادة منفتحون على التواصل والأفكار والتغيير، بالنسبة لهم، ما يفعلونه ليس هواية، ولكنه أقرب إلى قضية. لديهم الزملاء والفِرَق من أجل تحقيق هذه القضايا، فهم يقودون جهود زملائهم نحو أهدافهم من خلال الاستمرار في رفع معنوياتهم وزيادة حماسهم. القادة هم مصدر سرور لأولئك الذين من حولهم، فهم محترمون وجادون وكرماء. يمتلك القائد في كثير من الأحيان القيم والفضائل الأخلاقية النبيلة. القائد أو القائدة يتصف دائماً بالعدل والرحمة. يكون القائد، دائماً، قادراً على التأثير في المحيطين به من  خلال شخصيته "الكاريزمية"، وليس لديه أي تردد في تبادل الأفكار مع الناس. يعتبر ذا شخصية سليمة، ولديه عزيمة لتحقيق الأهداف. يكون ذا شخصية حازمة، ولا تستطيع العقبات والأزمات أن تسقطه. يكون دائماً مفكراً إيجابياً، ويشجع التغيير والتطوير المستمر. لن يقع فريسة للعقبات، ولكنه يخلق الحلول. يكون لديه رؤية واسعة، ويرى الأشياء بشكل مختلف عن أولئك الذين من حوله وتكوين تحليلات دقيقة.

تحتاج الدول إلى قادة، تماماً كما هو الحال في فرق كرة القدم أو الشركات. ومع ذلك، فلم يكن هناك زعيم مناسب للعالم العربي والإسلامي لنحو 100 عام. معظم الرؤساء في دول العالم الإسلامي هم فقط يظهرون بصورة رسمية شعائرية، ولا يمتلكون القدرات القيادية الحقيقية. أولئك الذين هم أفضل قليلاً، يعملون في السياسة، يشغلون الخدمة المدنية ويحاولون التعامل مع الأزمات قدر المستطاع، ومع ذلك فهو أقرب إلى المستحيل، أن تقر بوجود أي حاكم عربي  لديه نجاح حقيقي في ذلك.

يحارب العالم الإسلامي ضد الحروب الأهلية والفقر والتخلف. لا يتم إنتاج الفنانين والعلماء في البلدان الإسلامية والاقتصاد الوطني، لا يمكن التحكم به بشكل جيد. الفساد والرشوة والاستغلال في كل مكان. أصبحت الدول مركبات من الصراعات والحروب، بدلاً من السلام والرفاه. هناك معارك لا نهاية لها بين الأشقاء، والانقسامات والعداوات ليست عميقة فقط، ولكنها في كثير من الأحيان، تمتد لأجيال متعددة. المسلمون غير قادرين على التوحد معاً.

سادت حالة مماثلة في شبه الجزيرة العربية بأكملها قبل 1،400 سنة مضت. كان هناك شخصية غاية في الفضيلة، جمعت بين كل سمات القيادة، حررت الناس، وليس فقط في شبه الجزيرة العربية، ولكن فوق رقعة أوسع بكثير من الأرض. هذه الشخصية كانت بالطبع هي شخصية الحبيب النبي محمد (صلى الله عليه وسلم). تماماً مثل غيره من الأنبياء، عمل على حل جميع المشاكل الاجتماعية في زمنه من خلال المنظور القرآني وعرضه نموذجاً للقيادة والإرادة بعون الله.

ينبغي على المسلمين اليوم تعلم القيم الأخلاقية لنبينا (صلى الله عليه وسلم)، وكيف أنه تصرف تحت كل الظروف. يجب أن نسعى إلى أن نكون مثله ونأخذه باعتباره نموذجاً يحتذى به في التقوى، والإخلاص، والنقاء والتواضع والنظافة والإيمان، يقتدي معظم الناس اليوم بالعديد من الشخصيات مثل المشاهير أو الفنانين أو الرياضيين المحترفين، ومحاولة التصرف والتحدث مثلهم، وعلى الرغم من أن بعضهم قد يمتلكون خصائص جيدة جيداً، لكن الأنبياء هم من ينبغي علينا أن نسعى إلى الاقتداء بهم.

ذكر الله سبحانه وتعالى في آيات القرآن الكريم أهمية الإيمان به وبرسوله، وأهمية اتباع رسوله، وقال إن أولئك التابعين هم من ينجون. " لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا". (سورة الفتح، 9)

"الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"( الأعراف,157)

 لم يحدث منذ عصر فيليسيتي، أن صلى المؤمنون لله بكل إخلاص لإنهاء المشاكل التي تواجه المسلمين، على أمل إنهاء نظم الفكر الإلحادي والممارسات غير العادلة وإنهاء الحروب والصراعات في العالم. سيستجيب الله لصلوات أولئك الذين يصلوا له، سوف يستجيب مرة أخرى لصلاة المسلمين، ينجيهم من الصعوبات التي يواجهونها ويرسل لهم قائداً نهاية الزمان الذي تنبأ به من قبل نبينا (صلى الله عليه وسلم)، إن شاء الله.