الحدث- محاسن أُصرف
في حي السلطان بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، خيّم اليُتم على منزل "عبد الله وليد النامولي" فالابن الذي كان ينتظر بزوغ روحه من عتمة رحم زوجته سيخرج يتيمًا دون أن يرى وجه أيه الذي ذاب شوقًا إليه والتجأ للعمل في الأنفاق من أجله ليوفر له بعضًا من سبل الحياة الكريمة.
تقول زوجته وقد أوجعت قلبها لحظة الفراق: " ودعني صباح الجمعة على مائدة الإفطار، وعدني بأن نُجهز لاستقبال طفلنا الأول لكنه ما عاد أبدًا"، ويُشير أحد أقربائه أن "عبد الله" فُقدت آثاره ظهر الجمعة مع عدد آخر من العمال داخل النفق وأضاف أنهم لم يتلقوا خبرًا من أي جهة رسمية إلا فجر السبت حين أُعلن عن استشهاده واثنين آخرين وإصابة خمسة عمال أيضًا بدت عليهم آثار استنشاق غاز قاتل.
ارتفاع في أعداد شهداء لقمة العيش
وتُشير متابعات "الحدث" إلى ارتفاع عدد العمال الذين اُستشهدوا داخل الأنفاق التجارية على الحدود مع مصر في الأشهر الأخيرة، إذ تبين استشهاد ستة من العمال الفلسطينيين جميعهم دفعتهم الحاجة والعوز إلى العمل في تلك الأماكن الخطرة لينالوا بعضًا من المال يُوفرون به مستلزمات أسرهم الأساسية، ويبدو هذا العدد كبيرًا مُقارنة مع أعداد الشهداء في الأنفاق التجارية خلال العام الماضي 2016 والذي بلغ ثماني شهداء على مدار العام قضوا في حوادث وانهيارات وصعقات كهربائية.
ويرى الخبير الاقتصادي مُعين رجب أن ظاهرة حفر الأنفاق على طول الحدود جاءت لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة واستمر العمل بها على مدار السنوات السابقة وكانت مُحركًا للاقتصاد الغزي قبل إغلاقها في منتصف يوليو 2013، وأكد أن دوافعها اقتصادية بحتة لتأمين قوت العيش واحتياجات الحياة، وبين أن الحل لإنهاء ظاهرة الأنفاق رفع الحصار كليًا عن القطاع وإعادة العلاقات التجارية بسلاسة على المعابر الحدودية مع مصر والعالم.
من جانبه أكد اتحاد نقابات عمال فلسطين في قطاع غزة أن سوء الأوضاع المعيشية والاقتصادية تدفع بالشباب إلى العمل في الأنفاق التجارية رغم خطورتها، وأكد أن البعض عاد إلى العمل في ترميم الأنفاق مُؤخرًا بعدما أُغلقت تمامًا وشُلت حركة العمل فيها عام 2013 مُقدرًا عدد العمال داخل الأنفاق الذين تعطلوا عن العمل بعد ذلك العام بنحو سبعة ألاف شخص انضموا إلى لقائمة البطالة.
حماس تُندد
من جهتها رفضت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" إجراءات الموت التي ينتهجها الجيش المصري في تفجير الأنفاق التجارية على الحدود، وقالت الحركة في بيان لها أمس ووصل "الحدث" نسخًة عنه :"إن الأساليب التي يستخدمها الجيش المصري في هدم وتدمير الأنفاق خطيرة جدًا، ولا مبرر لاستمرار استخدامها" داعية مصر إلى فتح معبر رفح البري بشكل دائم بما يُهون ويُخفف من معاناة السكان المحاصرين في القطاع موضحة أن سوء الأوضاع المعيشية والاقتصادية هم من يدفعان السكان إلى الولوج إلى الأنفاق التجارية للعمل داخلها واستخراج لقمة عيش أسرهم من باطنها.
يُذكر أن بعض الأنفاق التجارية عادت مؤخرًا للعمل بعد أن أُغلقت تمامًا خلال عام 2013 مع بداية الهجمة المصرية الشرسة على حدود القطاع لتأمين سيناء ومصر.
وأُعلن فجر أمس السبت عن استشهاد ثلاثة عمال فلسطينيين وإصابة خمسة آخرين داخل أحد الأنفاق التجارية على الحدود المصرية جراء تفجير النفق من قبل الجيش المصري، بحسب الدفاع المدني فإن العمال الثلاثة هم: عبد الله وليد النامولي (23 عامًا)، وسلامة سليمان أبو شوشة (24 عامًا)، وعبيد محمد الصوفي (25 عامًا)، وقد قضوا حتفهم أثناء بعد استنشاقهم الغاز أثناء محاولتهم ترميم نفق تجاري على الحدود كان قد تم تفجيره خلال الحملة الشرسة على الأنفاق منذ عام 2013، وقبل أسبوعين فُقدت آثار عامل رابع وأصيب عدد آخر بجراح بعد قيام الجيش المصري بإغراق النفق بالمياه.