الجمعة  03 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

اللعب الخطر في الوقت الضائع بقلم: تيسير الزّبري

صريح العبارة

2017-03-07 07:26:24 PM
اللعب الخطر في الوقت الضائع بقلم: تيسير الزّبري

لعبة "الوقت الضائع" من حساب الشعب الفلسطيني هي السائدة في هذه الأيام. وتتعدد المظاهر وتتبادل الأدوار بين الأطراف المتنازعة على الرغم من المخاطر التصفوية المحدقة في الحالة الفلسطينية، ولا بأس من قراءة بعض تجارب الشعوب التي كافحت من أجل حريتها واستقلالها وانتصرت، فإنها أجلت الصراعات الداخلية إلى ما بعد التحرير، هذا شيء طبيعي في حال كانت الصراعات تتجه نحو الصراع الرئيس وتوحيد المواقف فقط من أجل مجابهة هذا التناقض الرئيس على حساب التناقض الثانوي..

 

من رصد مظهرين من مظاهر الخلافات الفلسطينية – الفلسطينية الراهنة، وهي كثيرة، وخلال أسبوعين سابقين فقط، يبرز الخلاف فى الموقف من إجراء الانتخابات البلدية، ورفض حركة "حماس" لإجراء الانتخابات في قطاع غزة. الأسباب التي تذرعت بها لهذا الموقف، وعلى عكس رغبة القسم الأكبر من أهل القطاع، تتعلق بإجراء شكلي حول إقرار محكمة خاصة للانتخابات، وهو مطلب أجمعت عليه كافة الأطراف السياسية، بما فيها حركة حماس، ولكن الذرائع التي سيقت على طريقة إقرارها لا تساوي إطلاقاً حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه في انتخاب مجالسه البلدية، (مدينة غزة لم تجرِ انتخابات مجلسها منذ حوالي 50 عاماً). الاعتراض على تشكيل محكمة البلديات يكرس من حالة الخلاف الفلسطيني الداخلي، معبراً عنها بتعميق الانقسام، ويحرم الشعب من أحد حقوقه ويعزز ويكشف عن خبايا سياسة لها تداعياتها اللاحقة...!

 

أما المظهر الثاني من الخلاف فهو ردود الفعل على ما أطلق عليه منظموه "المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، وتفعيل دور اللاجئين الفلسطينيين" في اسطنبول في الأيام الأخيرة من شباط الماضي. لقد تعددت المواقف الرافضة للمؤتمر، ولكن أغلبها انصب على الخشية من بناء منظمة بديلة عن منظمة التحرير الفلسطينية، وبعض الآراء احتجت على عقد ذلك المؤتمر في اسطنبول... بالطبع، وفي ظل الحالة السياسية الراهنة للوضع الفلسطيني، فإن كل المخاوف التي سيقت ورافقت المؤتمر المذكور هي مخاوف مشروعة، ولكن وبعدما صدرت القرارات الختامية للمؤتمر، والتي بددت كل تلك المخاوف أو أغلبها، فقد استمرت الحملة من حكومة "التوافق" الفلسطينية (التي لا تتدخل في العادة بهكذا مسائل)، ومن عدد من أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني في عمان، وبعض الجهات الفلسطينية المحلية.

 

من موقعي عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني فإنني لا أرى مبرراً للحملة المفتعلة على نتائج المؤتمر، والمشكل من قوى وأشخاص وازنين في مواقعهم وبأوساط الشعب الفلسطيني عموماً، بالرغم من بعض الأفكار السياسية العدمية التي تضمنها بيانه الختامي، وهي أفكار موجودة في كل المواقع الفلسطينية بما فيها داخل عضوية المجلس الوطني وبين فصائل فلسطينية أساسية، ولكن المؤتمر الشعبي المذكور لم يطعن بشرعية المنظمة كونها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، ولم يطالب بإلغائها، بل طالب بإعادة هيكلتها وبإجراء انتخابات للمجلس الوطني وتجديد شرعية هيئاتها، وشكل من بين صفوفه هيئة متابعة لهذه القرارات مع الجهات الفلسطينية الشرعية... ومع كل ذلك، فقد استمرت الحملة على المؤتمر، وهي بهكذا مواقف تقفز عن بؤس الحالة الفلسطينية الراهنة وأوضاع منظمة التحرير الفلسطينية خصوصاً وهي أوضاع لا تسر البال. وأسال: أين هي قرارات اللجنة التحضيرية في بيروت، ومنها تشكيل حكومة وحدة وطنية تحضر لانتخابات شاملة، رئاسية وتشريعية ومجلس وطني جديد والتي شاركت بها كافة القوى الفلسطينية بما فيها حماس والجهاد الإسلامي والمبادرة الوطنية الفلسطينية. وأين هي الاتفاقات الأدبية في موسكو التي أكدت على قرارات اللجنة التحضيرية في بيروت؟

 

تقول المقولة العلمية: إن الطبيعة لا تقبل الفراغ، وما دام الوضع الفلسطيني على حاله، وتبادل الأدوار في عرقلة توحيد المشروع الوطني، فإن كل الاحتمالات وأشكال التعبير الوطنية واردة، ونحن في سباق مع الزمن. نحن نواجه مخططات إقليمية تستهدف تصفية الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وإذا ما تواصلت حالة الهبوط السياسي، فإن مخاطر البدائل تبقى قائمة، وإن الانقسام سوف تكون له مفاعيله الخطرة على واقع ومستقبل الأجيال الفلسطينية أكثر بكثير مما هو قائم حالياً، وبأن أجراس الخطر تقرع... نعم إنها تقرع!!