الإثنين  07 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

حوار مجلة "دير شبيغل" الألمانية مع خالد مشعل

2017-06-12 06:43:57 AM
حوار مجلة
خالد مشعل

الحدث الفلسطيني

 

الدوحة، قطر- بينما يدفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أجل مبادرة سلام جديدة في الشرق الأوسط، يعرض خالد مشعل رؤيته حول فرص النجاح. ومشعل هو أقوى رجل في حركة حماس، التي أعلنها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة منظمة إرهابية.


  *   *   *
أمضى خالد مشعل، 60 عاماً، أكثر من 20 عاماً في منصب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس. وفي نهاية أيار (مايو)، تنحى عن منصبه، ومن المقرر أن يصبح الآن رئيس المجلس الديني للحركة. لكنه ما يزال يُعد مع ذلك أقوى رجل في حماس، التي صنفها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة منظمة إرهابية. وكانت المجموعة الإسلامية قد فازت بالانتخابات البرلمانية الفلسطينية في العام 2006، لكنها انسحبت بعد ذلك من الحكومة تحت ضغط من المجتمع الدولي. وفي العام 2007، استولت حماس على السلطة في قطاع غزة بالقوة. ويعيش مشعل في المنفى منذ العام 1991، أولاً في الكويت ثم لاحقاً في الأردن؛ حيث نجا من محاولة اغتيال نفذها جهاز الموساد الإسرائيلي باستخدام السم. ثم انتقل بعد ذلك إلى سورية، لكنه غادر دمشق واتجه إلى قطر بعد اندلاع الحرب الأهلية السورية. ويقع المبنى الذي أجريت فيه المقابلة في حي بعيد عن وسط العاصمة القطرية، الدوحة، ويضم مكاتب المكتب السياسي للحركة. وكانت التدابير الأمنية دقيقة جداً، حتى أنه تم استبدال الأقلام التي جلبها صحفيو "دير شبيغل" معهم. وكان هذا الحوار:


شبيغل: سيد مشعل. أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن مبادرة جديدة للسلام في الشرق الأوسط. وفي الخطاب الذي ألقاه يوم 21 أيار (مايو) في السعودية، قسم العالم الإسلامي إلى "خيِّر" و"شرير". ووجهة نظره أن حماس تقع بوضوح في فئة "الشرير".


مشعل: نحن نرفض وجهة نظر ترامب. كان قول ذلك خطأ –خطأ كبيراً.


شبيغل: وضع ترامب حماس في نفس فئة تنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية. هل كان مخطئاً في ذلك؟


مشعل: إننا نرفض هذا تماماً. إن ما تفعله حماس والشعب الفلسطيني هو مقاومة مشروعة ضد الاحتلال الإسرائيلي. ومقاومتنا مقتصرة على الأراضي داخل فلسطين وتستهدف الاحتلال الإسرائيلي فقط. إننا لسنا أناساً يسمرئون القتل ويقتلون الناس الأبرياء في جميع أنحاء العالم.


شبيغل: قبل رحلة ترامب إلى الشرق الأوسط، تحدثتم عن "فرصة تاريخية". ما الذي كنتم تتوقعونه؟


مشعل: إننا نشاهد رئيساً أميركياً جديداً يتحدث بشكل مختلف عن أسلافه. وإذا كان جاداً بما يكفي، فإنه يمكن أن يغتنم الفرصة المتاحة لصنع سلام حقيقي في المنطقة. وبتبني نهج جديد، يستطيع أن يحقق ما فشلت كل المناهج السابقة في تحقيقه. ولكن للأسف، ما نشهده الآن هو أن الحكومة الأميركية الجديدة عالقة في أنماط التفكير نفسها المنحازة القديمة فيما يتعلق بمقاومتنا. وهذا خطأ.


شبيغل: في الماضي، لم تشارك حماس أبداً في محادثات السلام. هل كنتم تأملون بأن ذلك ربما يتغير الآن؟


مشعل: من حيث المبدأ، ليست حماس حريصة على أن تكون جزءاً من عملية تفاوض غير عادلة، والتي تكون الأمور الوحيدة التي يمكن أن تنتج عنها هي تنازلات جديدة يقدمها شعبنا. فلماذا نتفاوض؟ للأسف، حتى مع إدارة ترامب، لا أرى وجود أي رؤية حقيقية في اتجاه تحقيق سلام عادة. ومن جهة أخرى، فإن أي نهج لا يعترف بحقوق الفلسطينيين المشروعة سيكون محكوماً بالفشل. وينطبق هذا أيضاً على أي استراتيجية تتجاهل حقيقة أن حماس هي جزء من المقاومة الفلسطينية.


شبيغل: يبدو أن رؤية ترامب تتصور الجمع بين إسرائيل والدول العربية والفصيل الفلسطيني المعتدل الذي يقوده الرئيس محمود عباس. وإحدى الأفكار هي تهدئة الصراع عن طريق تحسين الوضع الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية. ما رأيك في ذلك؟


مشعل: القضية الفلسطينية قضية وطنية سياسية. يجب عدم النظر إليها كقضية سياسية يمكن حلها أو معالجتها باتباع نهج اقتصادي ما، والذي يجعل المستوى المعيشي للناس أفضل تحت الاحتلال. لقد ضاق الشعب الفلسطيني ذرعاً بالمحادثات التي تجري لسنوات. إننا نتطلع إلى السلام، لكننا لا نبحث عن عملية سلام جديدة. هذه العملية سوف تفشل.


شبيغل: نشرت حماس مؤخراً وثيقة سياسية جديدة. وهي أقل تطرفاً من الميثاق التأسيسي للعام 1988 ويبدو أنها تهدف إلى إنهاء العزلة الدولية. هل تشعر بخيبة الأمل من حقيقة أنها لم تترك أي انطباع على ترامب كما يبدو؟


مشعل: الموقف السلبي الذي ذكره الرئيس لم يشكل مفاجأة لنا. ولا يمكن أن يتصل بالوثيقة، لأنها تعكس تطورنا على مدى السنوات العشر الماضية، وهي موجهة بشكل أساسي إلى الفلسطينيين. لقد أردنا أن نظهر رؤيتنا، وإنما أيضاً رغبتنا في التعامل مع الصراع بطريقة براغماتية.


شبيغل: دعنا نتحدث قليلاً عن رؤيتكم. وفقاً لها، سوف تقبل حماس بدولة فلسطينية ضمن حدود العام 1967 -بمعنى قبل حرب الأيام الستة- مؤقتاً على الأقل. هل يعني هذا أنكم يمكن أن تعترفوا بحكم الأمر الواقع بحق إسرائيل في الوجود وبحل قائم على مبدأ الدولتين؟


مشعل: تُظهر وثيقتنا السياسية أننا مستعدون في سياق إجماع وطني للقبول بدولة على أساس حدود العام 1967، مع القدس كعاصمة والوفاء بحق العودة للاجئين. هذا لا يعني أن هذه الوثيقة تعترف بشرعية الاحتلال الإسرائيلي. كما أنها لا تعني أننا سنتنازل عن أي جزء من الأراضي الفسطينية.


شبيغل: عندما تتحدث عن الاحتلال الإسرائيلي، هل تشير إلى احتلال الضفة الغربية أم المنطقة بكاملها، من نهر الأردن إلى البحر المتوسط؟


مشعل: الوثيقة واضحة بهذا الخصوص. أولاً، سوف لن نتنازل عن رؤيتنا، ومبادئنا وحقوقنا المشروعة كفلسطينيين. ويشمل ذلك الأراضي الفسطينية، التي لن نتخلى عنها. ومع ذلك، نحن مستعدون في الوقت نفسه للقبول بدولة ضمن حدود 1967 في نطاق توافق للآراء. هذه هي سياستنا البراغماتية الواقعية.


شبيغل: لكن هناك تناقضاً جدياً بين سياستكم ورؤيتكم.


مشعل: لقد اعترف ياسر عرفات ومحمود عباس بحق إسرائيل في الوجود. ماذا كانت نتيجة ذلك الموقف السياسي؟ لم تعترف الحكومة الإسرائيلية أبداً بحقنا في دولة ذات سيادة وفي تقرير المصير. كان المجتمع الدولي ينتزع التنازلات من الطرف الأضعف الذي يرزح تحت الاحتلال. طوال عقود، لم تفعل هذه الاستراتيجية أي شيء مطلقاً للفلسطينيين. والآن هم يطالبون بأن تسلك حماس الطريق نفسه. نحن لن نقبل بهذا. إن انتزاع التنازلات ليس هو المفتاح لتحقيق السلام. يجب أن يُمارس الضغط على الطرف الذي يمارس الاحتلال.


شبيغل: هل يكون خطكم الجديد مجرد شيء لوضعه في واجهة العرض؟ هل ما يزال تدمير إسرائيل هدف حماس؟


مشعل: يُظهر نهجنا البراغماتي كم نحنُ جادون في هذا الشأن. إننا مستعدون للقبول بدولة ضمن حدود 1967.


شبيغل: ولكن هل ستكونون مستعدين لتقديم تنازلات من أجل جعل السلام ممكناً؟


مشعل: عندما نرى جدية من الجانب الإسرائيلي إزاء التعامل مع متطلبات السلام الحقيقي في هذه المنطقة، فسوف نكون عندئذٍ على استعداد لتقديم تنازلات.


شبيغل: لم تأت الوثيقة على أي ذكر لكون إسرائيل هي العدو. بدلاً من ذلك أشارت إليها باسم "الكيان الصهيوني". لكن الوثيقة لم تستبعد العنف. هل يعني هذا أن حماس ستواصل هجماتها الصاروخية والتفجيرات الانتحارية؟
مشعل: بالنسبة لنا، هذا ليس عنفاً، هذه مقاومة مشروعة. هذا حق شعبنا في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.


شبيغل: لكنكم تستهدفون المدنيين.


مشعل: كلا. إننا نستهدف الاحتلال الإسرائيلي، وليس المدنيين.


شبيغل: عندما تقوم كتائب القسام بإطلاق الصواريخ على إسرائيل، فإن الهدف النهائي يكون عشوائياً تماماً.


مشعل: إننا ندافع عن أنفسنا بالوسائل العسكرية البسيطة التي في متناولنا. ونحن حريصون على تطوير والحصول على أسلحة دقيقة متطورة من أجل استهداف المؤسسات العسكرية الإسرائيلية بدقة.


شبيغل: لكن الناس الذين يموتون يكونون من المدنيين في كثير من الأحيان.


مشعل: كلا، معظمهم من الجنود. في الحرب الأخيرة في العام 2014، فقد الجانب الإسرائيلي 70 شخصاً، 95 في المائة منهم كانوا جنوداً. وعلى الجانب الفلسطيني، قتل 2.500 شخص، 80 في المائة منهم من المدنيين. وكانت لدى الجيش الإسرائيلي أكثر الأسلحة تطوراً والتي استخدمها ضد الأبراج السكنية والمستشفيات.


شبيغل: لأن حماس كثيراً ما كانت تخبئ الأسلحة والمقاتلين فيها.


مشعل:هذه هي الرواية التي يروجها الاحتلال الإسرائيلي.


شبيغل: ولكن، حتى الأمم المتحدة أكدت أن هذا حدث في قطاع غزة.


مشعل: إننا لا نستخدم شعبنا كدروع بشرية.


شبيغل: هل تحل الوثيقة السياسية الجديدة محل ميثاق حماس القديم للعام 1988؟


مشعل: إننا لا نتحدث عن استبدال الميثاق. كان الميثاق وثيقة تاريخية تعود وراء إلى أصول حماس.


شبيغل: هل أصبح منتهي الصلاحية الآن؟


مشعل: أحب أن أستخدم لغتي الخاصة. الحركات السياسية مثل الكائنات الحية -إنها تتطور. كل وثيقة تعبر عن وقتها، والمراحل المختلفة هي جزء من التطور الطبيعي.


شبيغل: ما هو الوضع في قطاع غزة الذي تحكمه حماس؟ تم انتخاب متشدد من الجناح العسكري مؤخراً رئيساً للحكومة هناك. البطالة مرتفعة جداً؛ والناس يعانون من نقص الغذاء والإمدادات، وهناك القليل جداً من إعادة البناء منذ الحرب في العام 2014. وقامت احتجاجات كبيرة ضد نظام حماس في العام الماضي. لماذا لا تستطيع حماس أن تحكم غزة بطريقة أفضل وأكثر كفاءة؟


مشعل: الاحتجاجات كانت ضد إسرائيل، وليس ضد حماس.
شبيغل: حتى أن الطلاب نظموا إضراباً عن الطعام لأنهم ساخطون من الوضع في قطاع غزة، بالنظر إلى عدم وجود فرصة للعثور على عمل. وقد اشتكوا من الفساد، والمحسوبية والقمع الوحشي.


مشعل:غضب الناس في قطاع غزة يتجه بشكل رئيسي نحو أولئك المسؤولين عن ظروف المعيشة القاسية، والاحتلال والحصار. ولكن، نعم، بالتأكيد، كما هو واقع الحال في كل مكان، هناك البعض الذين يعارضون الحكومة. لكنهم قليلون جداً مقارنة بسكان غزة الذين يقترب عددهم من مليوني مواطن، والذين يعانون من إسرائيل، قوة الاحتلال.


شبيغل: تتعرض غزة أيضاً للحصار من الجانب المصري. وقد أمر الرئيس عبد الفتاح السيسي بإغراق أنفاق التهريب وقام بقصف القرى وإعادة توطينها على الحدود. هل تشعرون بأن الحكومة المصرية قد تخلت عنكم؟


مشعل:  لدينا خلافاتنا حول ما تفعله الحكومة المصرية. لكن العلاقات الجيدة مع مصر مهمة للغاية بالنسبة لنا. مصر هي جارتنا الكبرى وأكبر بلد عربي. والناس في كل الدول المسلمة يقفون إلى جانبنا.
شبيغل: ربما الناس، ولكن ماذا عن القادة السياسيين؟


مشعل: هناك البعض الذين يدعموننا وآخرون يقفون على الجانب الآخر. إنهم ينحنون للضغوط من المجتمع الدولي. ولكن، ليس هناك سبب لأي منهم ليكون ضد مكامن قلقنا الفلسطينية. إننا حركة وطنية ونحن نركز على صراعنا ومعركتنا ضد الاحتلال الإسرائيلي.


شبيغل: بعد عقدين، تركتم موقعكم على رأس المكتب السياسي لحركة حماس. لماذا؟


مشعل: كان هذا هو الوقت المناسب للمغادرة. تحتاج قيادة حماس إلى دم جديد. كما أنني أردت أن أظهر أيضاً أن من الممكن في هذه المنطقة من العالم مغادرة المنصب طوعاً، قبل أن يموت المرء.


شبيغل: الآن سيتم تعيينك رئيساً لمجلس حماس الديني. هل تنوي الترشح لتصبح الرئيس الفلسطيني وخليفة عباس؟


مشعل: سوف أواصل خدمة شعبي. لكن رئاسة السلطة الفلسطينية المستقلة ليست منصباً حراً سيادياً -إنها منصب مقيد بالاحتلال. وهو السبب في أن هذا المنصب ليس مثيراً للاهتمام بالنسبة لحماس.


شبيغل: سيد مشعل، شكراً لك على هذه المقابلة.



* أجرى الحوار: نيكولا آبي، وكريستيان هوفمان - (ديرشبيغل) 3/6/2017

ترجمة: علاء الدين أبو زينة- عن صحيفة الغد

نشرت هذه المقابلة تحت عنوان: 

'This Process Will Fail': Ex-Hamas Head Meshal on Trump's Mideast Peace Initiative