الجمعة  17 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ع89 | الجرائم الإلكترونيَّة في ارتفاع ملحوظ وتستهدف الابتزاز الأخلاقي والمالي

2017-07-25 04:12:26 PM
ع89 | الجرائم الإلكترونيَّة في ارتفاع ملحوظ وتستهدف الابتزاز الأخلاقي والمالي
جرائم الكترونية (ارشيف الحدث)

850 جريمة إلكترونيَّة تلقتها وحدة مكافحة الجريمة الإلكترونيَّة في الشرطة في النصف الأول من العام الحالي، و1327 جريمة في العام الماضي

نفيٌّ بتعرض شخصيات اعتبارية وسياسية لها، وإقرار بوجود بعض القضايا المتعلقة برجال أعمال وتجار ورؤوس أموال

 

الحدث/خاص:

قد يأتيك يومًا ما طلب صداقة على "فيسبوك" من حساب باسم فتاة أو شاب. وفي الغالب لن تتردد في قبول الطلب، خاصة إنْ كنت لا تملك الخبرة التكنولوجية المطلوبة. ومن هنا قد تبدأ حكاية بدايتها جميلة في الظاهر، ونهايتها غير متوقعة في الخفاء.

 

أحدهم أرسل طلب صداقة باسم فتاة لمسؤول رفيع، ودار حديث غراميٌّ بين رجلين. يعتقد أحدهما أن المغرم الآخر فتاة جميلة، كما يظهر من الصورة الشخصية "البروفايل". وينتهي الأمر بتهديد الطرف الآخر بنشر الحديث، أو دفع مبالغ مالية. هذا قد يحدث في أبسط الحالات.

 

فتاة دفعت للشاب الذي ارتبطت به بعلاقة 90 الف شيكل مقابل وعوده لها بالزواج منها، كمساعدة له في دراسته الجامعية وأثناء علاقته بها حصل على صور لها، ليبدأ بابتزازها بنشر صورها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فدفعت له 64 ألف دولار خوفًا من نشر صورها ومقابل التوقف عن ابتزازها.

 

في حين تقدَّم شاب بشكوى ادعى فيها تعرضه للابتزاز عبر (الفيسبوك)، وبعد التحقيق فيها، تبيَّن أن مرتكبة الجريمة فتاة تقوم بابتزازه وتطالبه بدفع 500 شيكل على كلِّ صورة حصلت عليها مقابل عدم نشرها.

 

بينما دفعت سيدة متزوجة لمن تعرف عليها 60 ألف شيكل و300 غرام ذهب، مقابل توقفه عن ابتزازها وعدم نشر صورها، إلا أنه استمر في الابتزاز إلى أن لجأت للشرطة وتقدمت بشكوى، وكشفت عمّا تعرضت إليه من جريمة.

 

تقول فتاة تعرضت للابتزاز: إنَّ فتاة أخرى انتحلت اسمها على "فيس بوك"، وهددتها بنشر مراسلات غير لائقة باسمها. وفتاةٌ أخرى وقعت ضحية "كلام معسول" من شاب. ثم أرسلت له صورها في رسائل، لتقع تحت تهديد نشرها من قبله في حال لم تدفع له 2000 شيكل شهريًّا.

 

تقول: "انصعت لمطالبه لمدة ستة أشهر. كنت أسحب راتبي كمعلمة وأعطيه إياه كلَّ شهر، حتى تجرأت أخيرًا وأخبرت الشرطة لتقبض عليه".

 

هذه نماذج حيَّة مصغَّرة من سلسلة جرائم إلكترونيَّة ارتكبها شباب ورجال وسيدات وفتيات خلال هذا العام في مجتمعنا الفلسطيني من بين مئات قضايا الجرائم الإلكترونيَّة، التي تمَّ الكشف عنها، غير تلك التي ما زالت طيَّ الكتمان والسرية، ويخشى ضحاياها وخاصة الإناث منهم مواجهتها واللجوء لوحدة الجرائم الإلكترونيَّة في الشرطة لملاحقتها واتخاذ الإجراءات القانونيَّة والقضائيَّة بحقِّ مرتكبيها.

 

وبهذ الصدد أعلن المقدم لؤي ارزيقات الناطق الإعلامي باسم جهاز الشرطة لـ (الحدث): أنَّ الجرائم الإلكترونيَّة داخل المجتمع الفلسطيني في ارتفاع ملحوظ عامًا بعد الآخر. وكشف تلقي وحدة مكافحة الجريمة الإلكترونيَّة في الشرطة في النصف الأول من العام الحالي 850 جريمة، أُنجز التحقيق فيها واستيفاء الإجراءات كافة، وتحويلها إلى النيابة بنسبة 52%. فيما كانت تلقت عام 2016 الماضي 1327 جريمة، وفي العام السابق 502 جريمة، وهو مؤشر قاطع على ازدياد الجريمة الإلكترونيَّة ومعدلاتها تتناسب طرديًّا مع تطور استخدام التكنولوجيا والمعلوماتية ومواقع التواصل الاجتماعي.

 

في حين ذكرت نسرين رشماوي رئيس النيابة العامة، أن عدد قضايا الجرائم الإلكترونيَّة التي تتبعتها النيابة من 1/1/2015 حتى شهر حزيران 2016 وحولتها للمحاكمة 1142 قضية في الضفة وحدها، مؤكدة التزايد المستمر في عدد الاحتياجات، هو تقريبًا 15960 طلب احتياج لمتابعة الأداة الإلكترونيَّة المستخدمة في أيِّ جريمة، تتمحور طبيعة هذه القضايا حول التهديد عبر الهاتف، والابتزاز بهدف الحصول على أموال، وفي الغالب ابتزاز النساء في عمل غير مشروع، يعود على مرتكب الجريمة بالفائدة.

 

يقول إرزيقات: (تتم عملية الابتزاز إما بخديعة من المبتز، أو جهل من قبل الضحية، وفي كلتا الحالتين ينصح إزريقات بالتوجه إلى الشرطة مباشرة، مؤكدًا أنَّ الجرائم الإلكترونيَّة باتت مشكلة العصر بالنسبة للشرطة. مبيّنًا أنها تضاعفت في فلسطين بنسبة 110% منذ بداية 2016، مقارنة بالعام السابق. وتستهدف معظم عمليات الابتزاز الفتيات، لأنّ الفتاة، في الغالب، تنصاع لمطالب المبتز خوفًا من نشر صورها).

 

ويوضِّح (عديد من الفتيات لا يلجأن للشرطة؛ خوفًا من انتشار القصة. لكن التعليمات من جانب قائد الشرطة الفلسطينية حازم عطا الله، تؤكد ضرورة الالتزام بالسرية التامة في ملفات التحقيق بهذه القضايا، وعدم إخبار أحد غير الضحية، ويمكن مواجهة الابتزاز بسهولة، من خلال عدم قبول طلبات صداقة من أشخاص غير معروفين، أو بلصق كاميرا الهاتف وجهاز "اللابتوب"؛ كي لا يتمَّ اختراقها).

 

ويرى إرزيقات، أنَّ الكلَّ مستهدَف من وراء هذه الجريمة، ويقول: (إنها تأتي في إطار الابتزاز الأخلاقي، أو المالي، ولم ترق إلى الجريمة الاقتصادية، فلا توجد سرقة حسابات بنكية: "لا توجد سرقات كبيرة في هذا الجانب"، في بعض حالات النصب والاحتيال على بعض التجار من خلال عرض بضاعة من نوع معين على مواقع التواصل الاجتماعي كبضاعة وهمية، وينجر وراء ذلك بعض التجار، وهذه أيضًا لا يمكن اعتبارها جريمة اقتصادية، وإنما تأتي في إطار النصب والاحتيال والابتزاز الأخلاقي).

 

وبالرغم من نفي إرزيقات، تعرض شخصيات اعتبارية وسياسية للجريمة الإلكترونيَّة، عندما قال: لم تتلقَ الشرطة قضية تخص السياسيين، لكنه قال: "توجد بعض القضايا التي تتعلق برؤوس الأموال ورجال أعمال، وتجار"، إلا أنَّه يتّفق مع رشماوي على الكثير من قضايا القرصنة التي تعرَّضت لها شركات كبرى ومؤسسات تتعلق بتحويلات مالية، ونصب واحتيال.

 

لكن المقدم إرزيقات، يجدد تأكيده أنَّه حتى اللحظة لم تُسجّل في الشرطة قضايا مالية كبيرة، أو سرقة حسابات بنكية، وكل ما تم تسجيله نصب واحتيال فقط من خلال عرض بضاعة بأسعار مغرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ينجرُّ بعض التجار لهذه الإعلانات ويدفعون الأموال مقابل الحصول عليها.

 

وهو ما تتفق معه فيه رشماوي، عندما تقول: "أكثر جهة كانت تتعرض للنصب والاحتيال والقرصنة هي المعاملات التجارية الإلكترونيَّة للكثير من التجار الذين يُتمّون بعض معاملاتهم التجارية، وبشكل خاص مع الصين وتركيا، عن طريق الإنترنت)، لذلك فإنَّها تؤكد أنّه أصبحت هناك حاجة ماسّة لحماية الاقتصاد الوطني والمعاملات التجارية وإضفاء الثقة.

 

ولا تستبعد رشماوي، أن تكون هناك بنوك تعرضت، "ويكفي القول إنّه لا يوجد أيُّ شخص فردي، أو هيئة معنوية، أو جهة معنوية، أو شركة  خالية، أو بعيدة من القرصنة وأن "تُهكّر"، أو أن يتمَّ الدخول إلى بياناتها".

 

وترى أنه من الصعب تحديد الخسائر المالية للجرائم الإلكترونيَّة الاقتصادية، "لأننا لا ندخل في الشقِّ المدني في القضايا الإلكترونيَّة، الشقّ المتعلق بنا كنيابة عامة هو الشق الجزائي المنصوص عليه بالقانون بعقوبة واضحة الأركان لها عناصرها وأركانها، ولا تتدخل النيابة بالشق المدني الذي يتعلق بالتعويضات المدنية أو حجم الخسائر، المهم أن يكون لدينا أركان جريمة".

 

النساء أكثر من الذكور استهدافًا من الجريمة الإلكترونيَّة

وتتركز الجريمة الإلكترونيَّة -بحسب المقدم إرزيقات- في كل المحافظات وفي كل القطاعات، "لكن أغلبها يستهدف النساء والفتيات بالدرجة الأولى، فأكثر الشكاوى التي تلقيناها هي من فتيات تعرضن للابتزاز من خلال الحصول على معلومات، أو صور لهن أثناء المحاثة والتعارف على بعض الأشخاص، لكن هذا لا يعني أنّ هناك شبابًا لم يتعرضوا للجريمة نفسها من نساء، حيث سبق أن تقدم شاب بشكوى ادعى فيها تعرضه عبر الفيسبوك للابتزاز، وبعد التحقيق فيها تبيَّن أن مرتكبة الجريمة فتاة تقوم بابتزازه وتطالبه بدفع 500 شيكل على كل صورة حصلت عليها مقابل عدم نشرها".

 

وعليه يستنتج المقدم إرزيقات أنّ الجريمة تستهدف الجميع: الشباب والفتيات والرجال والنساء والمؤسسات والأفراد والقطاعات في المجتمع كافة، وقال: "وهناك فتيات متزوجات، وأخريات عزباوات، ومن بينهن طالبات جامعيات -يصعب تحديد النسبة بدقة- تمَّ استهدافُهن من أشخاص بابتزازهن بعد حصولهم على معلومات، أو صور مقابل أن يقمن بدفع المال، وفي بعض القضايا القليلة كان هناك ابتزاز أخلاقي".

أشكال الجرائم الإلكترونيَّة في المجتمع الفلسطيني

 وعددت رشماوي، أشكال الجرائم الإلكترونيَّة التي ترتكب داخل المجتمع الفلسطيني، وتضم شقين أمنيًّا واجتماعيًّا. الأول: يتمثل في التجسس والقرصنة والإرهاب الإلكتروني، وتقول: باتت لدينا منظمات معينة تنجح في السيطرة على محادثات معينة عبر الشبكة ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، وتستغل الحالة النفسية السيئة، أو المتدهورة التي رصدتها في المحاثة؛ لتستدرجه لتنظمه.

 

ومع أنّ رشماوي، لم تذكر لنا حالات معينة، إلا أنها قالت: "عندنا حالات غير معلومة، أو غير مصرح بها، ولكن في الدول الأوروبية يتم تجنيدهم وبأعمار متفاوتة لإرهاب معين". إضافة إلى جرائم القمار عن طريق الإنترنت وتجارة المخدرات، والمعاملات التجارية والاقتصادية وغسيل الأموال. وأقرت: "بأن هذه على مستويات اقتصاديّة وطنيّة أمنيّة كثيرة).

 

ولكنها أكدت أن أكثر قضايا الجرائم المتداولة التي تحصل في مجتمعنا تظل في نطاق جرائم الابتزاز، والتهديد، والتشهير وتشويه السمعة، وانتحال شخصية، ونصب واحتيال، وتزوير عبر الإنترنت، والشتم والتحقير، والدخول إلى مواقع والحصول على صور.

 

وقسَّمت رشماوي، القضايا التي تلقتها النيابة إلى حالتين الأولى: الجريمة الإلكترونيَّة بطبيعتها التي تم ذكرها سابقًا والمتمثلة في التهديد والتشهير والقرصنة والاحتيال. والثانية: استخدام أداة إلكترونيَّة فيها، وتتمثل بالسرقة والقتل والكشف عن الجريمة من خلال أداة إلكترونيَّة بوجود اتصال ما بين القاتل والشريك.

 

خلفية المرتكبين للجريمة الإلكترونية

وتؤكد رشماوي، أن خلفيات مرتكبي الفعل الإجرامي الإلكتروني ليست إجرامية، لكنهم من الفئة العمرية ما بين (16–25) سنة، وهم أكثر الأشخاص استخدامًا للأجهزة الذكية، ومسببات ارتكابهم أفعالهم الإجرامية ناتج عن مشاجرات ونزاعات أسفرت عن تهديدات بتشويه سمعة أو شرف الطرف الآخر من المشاجرة، وتطور ذلك إلى الترهيب والابتزاز المالي، أو الجنسي عبر الإنترنت أو الفضاء.

 

وبعض هؤلاء يدخل بطريقة غير مشروعة، وبمحض الصدفة، بعض المنصات والصفحات الإلكترونيَّة الشخصية أو المؤسساتية، ويحصل منها على معلومات قد تكون خطرة وشخصية جدًا، ولخطورتها يتعاملون معها بقصد التهديد والابتزاز.

 

وهنا يؤكد المقدم إرزيقات، أن تنفيذ الابتزاز يصبح في إطار التشهير والتهديد، إضافة إلى كونه ابتزازًا، ولا يستبعد تكييف القضية بتهمة التشهير والتهديد، وذلك وفقًا لطبيعة القضية وتفسيراتها وتحليلها.

 

ويؤكد إرزيقات، أنّه ليس بالضرورة أن يكون المبتزون مقربين من ضحاياهم، ويقول بالاستناد إلى حصيلة جرائم الابتزاز والتهديد: (إنّ أغلب القضايا تقع بين شاب وفتاة على علاقة مع بعضهما، عبر استخدامه الكلام المعسول وبالهندسة الاجتماعية، كأنه يوهمها بحبه لها ويريد الزواج منها، إلى أن يتقرب منها، ويستحوذ على عواطفها ومشاعرها؛ فيحصل منها على صور ومعلومات، ليبدأ بابتزازها، وليس بالضرورة أن يكون قريبها، فقد تتعرف عليه في الجامعة، أو الشارع أو تبادل المعلومات وأرقام الهواتف عبر مواقع التواصل الاجتماعي بأنواعها وأشكالها المختلفة). 

 

الجريمة فردية وغير منظمة

وعلى الرغم من أن أغلب دواعي الجرائم الإلكترونيَّة اجتماعية بهدف الحصول على المال، ولها تأثيرات اجتماعية قاسية، لكن لا يختلف كلٌّ من رشماوي والمقدم إرزيقات على أن هذا النوع من الجرائم لم يرقَ إلى مستوى الجريمة المنظمة ترتكبها شبكات متخصصة داخل المجتمع الفلسطيني.

 

ويؤكدان أن شبكات الجريمة الإلكترونيَّة المنظمة هي من خارج فلسطين، وليس من داخلها، حيث إن أغلب عمليات النصب والاحتيال تنفذها منظمات وشبكات، أو أفراد في نيجيريا، في حين مصدر أغلب عمليات الابتزاز الجنسي من المغرب.

 

وفي هذا السياق يقول المقدم إرزيقات: "هناك بعض القضايا التي سجلت لأشخاص خارج البلاد من المغرب، أو تونس وبعض الدول العربية يحاولون الحصول على الأموال عبر قرصنتهم وحصولهم على معلومات وصور وخوفًا من النشر والفضيحة يبتزون الضحية مقابل مبالغ مالية كبيرة).

 

ويستدرك بقوله: حتى اللحظة ومن خلال متابعتنا لقضايا الجرائم، فإنها جريمة فردية، وليست منظمة، يقوم بها شخص أو اثنان عن طريق سرقة مواقع التواصل الاجتماعي، أو البريد الإلكتروني وغيره، وتنحصر في نوع معين من الجرائم تتمثل في الابتزاز، والتشهير، والتهديد).

 

وفي هذا الصدد، ترى رشماوي أنّ الجريمة الإلكترونيَّة أصبحت خطرة جدًّا، ففي السابق، إنّ أيّ اعتداء يهدد الاخلال بالمنظومة الاجتماعية، كان يتم علاجه بطريقة تقليدية عبر تدخل أشخاص لطمها دون أن يعرف بها أحد، لكن أحد أوجه خطورة الجريمة الإلكترونيَّة باعتبارها وسيلة نشر أوسع وأسرع انتشارًا على مستوى عالمي وليس فقط محلي. لذا فإنّ تداعياتها المؤثرة على المنظومة الاجتماعية بشكل مباشر وغير مباشر، أصبحت أكبر بكثير مما كانت عليه سابقًا على نطاق فردي محدود.

 

ولا يخفي ارزيقات، أن هناك من ينجرُّ وراء هذه التهديدات، لكن في المجمل والغالب فإن مصدرها أشخاص محليون معروفون، والقليل من القضايا المسجلة لأشخاص خارج البلاد، يحصلون على المعلومات والصور عن ضحاياهم بطريقة الهندسة الاجتماعية وهي (فن التلاعب بالعقول)، ثم يبدأ بالابتزاز.

 

ويبيّن المقدم ارزيقات، أن هذه الجرائم الإلكترونيَّة تأتي في إطار الجريمة الطبيعية، وهي جريمة كباقي الجرائم مكتملة الأركان، فهناك جانٍ ومجنيٌّ عليه، وهناك أداة جريمة، والشرطة تتابعها وتعمل على وضع حدٍّ لها بطريقتين، الأولى: الإجراءات العملية على الأرض من خلال متابعة مرتكبي هذه الجريمة وكشفهم وإحضارهم وتقديمهم للعدالة. والثانية: من خلال التوعية التي تقوم بها الشرطة عبر وسائل الإعلام المحلية واللقاءات مع المواطنين والمحاضرات في الجامعات والمدارس.

 

قدرات ومعيقات عمل وحدة الجرائم الإلكترونيَّة

وفي حال تنفيذ المجرمين لجرائمهم الإلكترونيَّة بنشر ما لديهم من فيديوهات أو صور، أكد المقدم إرزيقات قدرة وحدة الجريمة الإلكترونيَّة بامتلاكها بعض الوسائل والطرق الحديثة من تدمير بعض المنصات والصفحات الإلكترونيَّة، كما يمكنها الوصول في بعض الحالات إلى الكشف والتحقق إن كانت الصور مركبة ومدبلجة ومتلاعب بها، كل ذلك يتم بعد الحصول على قرار من النيابة العامة ولديها الإمكانية لإيقاف هذه الفيديوهات، أو وضع حلول وفقًا للقانون وللإمكانات المتاحة لديها.

 

لكنه قال: "إن وحدة الجريمة الإلكترونيَّة تحتاج إلى المزيد من الإمكانات حتى تستطيع مجارات التطور التكنولوجي الذي يتطور يوميًّا". مؤكدًا أن هناك قضايا تمّ الكشف عنها خلال أيام وأخرى استغرقت أشهرًا طويلة إلى أن تمّ الوصول إلى فاعلها أو إغلاق هذه الصفحات، "فالأمر في إطار التكنولوجيا والإلكترونيات والفنيات فممكن أن يستغرق وقتًا في بعض القضايا، وممكن أن تكون في بعض الأوقات القضايا سريعة).

 

أما المعيقات التي تحدّ من فاعلية عمل الوحدة، فإنها تتمثل -وفقًا لما أكده إرزيقات- في أنّ هذه الجريمة عابرة للحدود، ومصدرها من خارج البلاد، وعبر حسابات وهمية، التي يصعب معها الكشف عن كل الجرائم، حيث إنه أقرّ أن هناك جرائم لم يتم الوصول إلى نتائج فيها بسبب احترافية مرتكبيها، أو وجودهم خارج البلاد، أو في الداخل الفلسطيني 48، أو في قطاع غزة.

 

ودعا المقدَّم إرزيقات إلى أن يحافظ كلّ شخص على خصوصياته ويحجبها عن العالم الإلكتروني، وأن تبقى ملكه الشخصي، وألا يقوم بنشرها أو تبادلها عبر مواقع التواصل الاجتماعي والفيس بوك، "فهو عالم افتراضي لا نعرف مع من نتحدث ومن هو مرسل طلبات الصداقة، لذلك على الجميع ألا يقبل طلبات صداقة إلا من أشخاص موثوقين، وألا يتم تبادل المعلومات المهمة والصور عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حتى مع أشخاص موثوقين، كما يجب تغيير كلمات السر بين فترة وأخرى، وعدم تشغيل الكاميرا تحت أيّ ظرف من الظروف، خوفًا من قرصنة "الهكرز" ودخولهم لهذه الكاميرا وتسجيل بعض لقطات الفيديو والصور.

 

وفي حال تعطل الهواتف النقالة، إن كان محفوظًا عليها صور ومعلومات مهمة، فقال المقدم إرزيقات: "يجب اتلافها وعدم إرسالها للصيانة والتصليح؛ لأن هناك برامج بإمكانها استعادة كلّ ما تمّ حذفه عن الجهاز سواء صور أو معلومات، حيث من الممكن أن تصبح هذه المعلومات أدوات ابتزاز من قبل أشخاص نتفاجأ بوصول هذه المعلومات إليهم".

 

وإن كانت تلك الفتاة التي استهللنا تحقيقنا بقصتها دفعت للشاب 90 ألف شيكل، ومن ثَمَّ 64 ألف دولار خوفًا من نشر صورها، فإنّ هناك سيدة متزوجة ومنقبة تزوجت من قريبها الذي كانت تعدّه أخاها، ورزقت منه بأولاد، لكنها وقعت في حب شاب تملَّكها بعد تأثرها بكلامه المعسول، وارتبطت به بعلاقة بعد أن حصل لها على صور متعددة وبأشكال مختلفة استخدمها ضدها، فكان يقوم بابتزازها وتهديدها بنشرها إن لم تستجب لرغاباته المتعددة، فكانت تنفذ كلّ طلباته وتستجيب لكل رغباته إلى أن لجأت إلى الشرطة التي أمنت لها الحماية وألقت القبض على الجاني، وأتلفت كل ما يمتلكه من صور على أجهزته الخلوية.

 

وكانت الشرطة كشفت ملابسات جريمة ابتزاز وتشهير عبر موقع (الواتس أب) بمدينة الخليل، وألقت القبض على الفاعل.

 

وأوضح بيان للشرطة، أنّه بناء على شكوى تقدمت بها إحدى السيدات للمباحث العامة تعلقت بقيام مجهول بابتزازها أخلاقيًّا عبر موقع (الواتس أب) والتشهير بها بعدما رفضت مطالبه, وخلال عملية جمع المعلومات والأدلة الإلكترونيَّة المتعلقة بهذه الجريمة، تمكنت وحدة الجرائم الإلكترونيَّة من تحديد هوية المشتبه به وإلقاء القبض عليه, والذي اعترف بقيامه بابتزاز المشتكية أخلاقيًّا عبر موقع (الواتس أب) والتشهير بها على الموقع نفسه بعدما رفضت كلّ مطالبه، وذلك بغرض النيل من سمعتها.

 

كما كانت الشرطة كشفت ملابسات جريمة ابتزاز عبر الـ(فيسبوك) بقيمة 25 ألف دولار. إذ قام شاب من منطقة ضواحي القدس باستهداف فلسطينية تعيش في أمريكا، وهددها بنشر صور لها إن لم تدفع له مبالغ مالية. وكانت الفتاة تحوّل مبالغ عن طريق حوالات مالية للشاب، قبل أن تتوجه أخيرًا للشرطة وتضع حدًّا لابتزازها، بعد أن قُبض على الشاب.