ثلاث جهات مستهدفة في عملية المصالحة المجتمعية
الحدث- عامر بعلوشة
في حوار مفتوح أجرته صحيفة (الحدث) مع الدكتور أسامة الفرا، مسؤول ساحة غزة لدى التيار الإصلاحي في حركة فتح، حول ملف المصالحة المجتمعية، وما يحمله هذا الملف من تفاصيل مهمة، ولما يلعبه من دور رئيس في إتمام عملية المصالحة الوطنية الفلسطينية، قال الدكتور أسامة الفرا لـ(الحدث): "بداية ملف المصالحة المجتمعية هو أحد الملفات التي تمّ التباحث فيها في وثيقة القاهرة، وتمَّ الاتفاق عليه في سبتمبر 2011، وتمّ توقيع ميثاق شرف من 13 فصيلاً فلسطينيًّا على ذلك".
وأضاف: "وبعدها تم تشكيل لجنة عليا لتنفيذ ما تمَّ الاتفاق عليه في ملف المصالحة المجتمعية، وعملت هذه اللجنة لفترة وتعطل عملها على إثر قضيتين، أولاً: لم يتم توفير الأموال اللازمة لتنفيذ المصالحات المجتمعية بشكل جدّي، وثانيًا: كانت العودة لمربع المناكفات والتجاذبات السياسية مرة أخرى، لذلك قامت اللجنة بمشاركة الفصائل بتقرير تجميد عملها لحين توفر الظروف المناسبة".
وتابع الفرا لـ(الحدث): "وبعدها جاءت تفاهمات القاهرة مؤخرًا، وتمّ الاتفاق على ضرورة انجاز ملف المصالحة المجتمعية؛ لما له من دور في إتمام عملية المصالحة بشكل عام، وبالتالي، وبناءً على تفاهمات القاهرة، تمت دعوة الفصائل المشاركة على التوقيع في وثيقة القاهرة 2011، لإعادة إحياء عمل اللجنة العليا للمصالحة المجتمعية بمشاركة 7 فصائل، وتمّ الاتفاق على تشكيل لجنة عليا من هذه الفصائل، وهي من الفصائل التي وقعت على الوثيقة بالقاهرة، وبدأت بالعمل وتم الاتفاق على تحديد الفترة الزمنية التي يتمُّ فيها احتساب الضحايا، وهي من يناير 2005 حتى ستبمبر 2011، وهو تاريخ توقيع الوثيقة".
وأكمل الفرا حديثه لمراسل (الحدث): "وبناء على ذلك، نحن بصدد تشكيل لجان على مستوى المحافظات ستشارك فيها القوى المشاركة باللجنة العليا، سيكون هناك ممثلون على مستوى المحافظات، وسوف يتمُّ العمل مباشرة بعد تشكيلها".
الجهات المستهدفة في عملية المصالحة المجتمعية
أوضح الدكتور الفرا بأنَّ هناك ثلاث جهات مستهدفة في عملية المصالحة المجتمعية، وهم:
أولاً: القضية الرئيسية والأولى، وهم الشهداء الذين لاقوا حتفهم خلال الأحدث المؤسفة، وهي الفئة التي حازت على أكثر الاهتمام والتركيز من اللجنة العليا، باعتبارها القضية الأهم والأبرز في موضوع المصالحة المجتمعية.
ثانيا: موضوع الجرحى.
وثالثًا: الأضرار المادية بشكل عام.
وحول الحديث عن الجانب المعنوي، أشار الفرا إلى أنَّ المجتمع الفلسطيني ككل، تعرض للضرر المعنوي، ويجب علينا الاطلاع على تجارب غيرنا، مثل تجربة المغرب وتجربة جنوب افريقيا وكيف تمت معالجة الموضوع النفسي المعنوي، فهذه المشكلة الجميع عانى منها، ونحن نحاول قدر الإمكان إخراج أهل غزة كافة مما عانوه.
وبالعودة لموضوع الشهداء وكيفية وتفاصيل عملية التصالح، أفاد الفرا بأنّ الحديث يدور عن أحداث عامة، وبالتالي، هل نتجه إلى دفع دية إلى أهل الشهيد؟ أم إلى جبر ضرر؟ فهذا موضوع محط نقاش داخل اللجنة، وسيتم صدور قرار بهذا الموضوع، حول التوجه نحو ديّة أم غيره. وأضاف: "ولكن طالما الحالة عامة، ونظرًا لحجم المصالحات فالاتجاه غالبًا سيذهب نحو جبر الضرر".
وحول آلية الاتفاق وأطرافه، فقد أوضح الفرا بأن المصالحة تكون مع عوائل المتضررين وأوليائهم، منوّهًا إلى أنّه لن يكون هناك إجبار لأحد على التصالح، ومن يرغب في تحقيق مصالحة مجتمعية سيتم التعاطي معه.
وحول السؤال، حول لو كان هناك رفض أو عدم تعاطي مع الموضوع من فئة كبيرة من المتضررين، فقد قال الفرا: " إنَّ هذا الموضوع يحتاج إلى وقت طويل، لأننا سنناقش الحالات كافة، وسنتواصل مع الجميع الشهداء والجرحى والأضرار المادية، لذلك هناك مراحل سنسير بها وسنبدأ بالموافقين والمتعاطين مع المصالحة المجتمعية، والرافضون سنستمر في البحث في السبل كافة لدخولهم هذه العملية، دون إجبار أحد على ذلك".
وبالحديث حول التمويل اللازم لإتمام المصالحة المجتمعية ومصدره، قال الفرا لـ(الحدث): "أولاً صندوق التكافل ليست له علاقة بالمصالحة المجتمعية، وهو موجود لخدمة قطاعات أخرى كالتعليم والصحة وغيرها".
وأضاف: "أما صندوق المصالحة المجتمعية فهو صندوق منعزل، وهناك دول عربية أبدت استعدادها للمشاركة فيه"
وقد قامت دولة الإمارات بأول مساهمة بالموضوع، واللجنة العليا أبدت استعدادها لخوض جولة بين الدول العربية للحصول على التمويل اللازم لإنهاء الملف".
وتابع: "يعني هناك دولة مثل المغرب استعدت للمساعدة، وخبرات الإخوة في لجنة الفصائل واسعة في هذا المجال ملائمة وتستطيع إتمامه".
وفي السياق ذاته، أكد الفرا أنَّ جمع الأموال اللازمة لهذا الموضوع هو مسؤولية اللجنة العليا التي تشكلت من الفصائل، وليس التيار الإصلاحي، وأنّ محمد دحلان هو يتدخل بعلاقاته فقط، دون التكفل كليًّا بهذا الملف.
وحول التعقيب عن ملف الجرحى، أفاد الفرا بأنّ التعاطي مع الحالات سيكون بالتناسب مع مدى الإصابة، وهل تعرض لضرر جسيم أو إعاقة أو أخف من ذلك؟ وكل ذلك سيؤخذ بعين الاعتبار أثناء النظر في الحالات.
وأضاف: "يعني من تعرّض لإعاقة يختلف عن غيره، ومن تعرض لبتر أيضًا، كلُّ ذلك سيتم تقييمه من اللجنة العليا المتكفلة بالملف".
وأشار الفرا إلى أنَّ اتفاق القاهرة هو المرجع الأول لعمل اللجنة، لذلك أيّ عمل في المصالحة المجتمعية يستند بشكل مباشر على وثيقة القاهرة عام 2011.
منوّهًا إلى أنه من ضمن هذه الوثيقة أنّ السلطة الوطنية تتكفل ببعض الإجراءات، وحتى التعويض المادي لبعض الجرحى لا يعفي السلطة الوطنية أن تتحمل مسؤولياتها تجاه احتضان هذه الفئة طبقًا لما جاء لاتفاق القاهرة، وأيضًا موضوع الشهداء كذلك، داعيًا الأطراف كافة من جهته إلى ضرورة التعامل بعين الاعتبار والمصلحة العليا، فوق كلّ المصالح الخاصة، وتغليب مصلحة الشعب والوطن، للخروج من هذه الأزمة والحالة التي يعانيها شعبنا منذ سنوات، وأنّ هذا الدور منوط بالفصائل كافة والتوجهات والشخصيات الوطنية الفلسطينية، التي يجب عليها جميعًا أن تتحمل دورها بالمشاركة في إتمام عملية المصالحة المجتمعية؛ لما لها من بالغ التأثير وعظيمه في إنجاز المصالحة الوطنية ككل.
وعند التطرق لزيارة المشهراوي وتأثيرها على ملف المصالحة المجتمعية، أكد الفرا أنَّ هناك جهدًا مبذولًا لتسريع الخطوات لإنجاز الموضوع، وزيارة أبو باسل تأتي أيضًا في هذا السياق بجانب تخفيف المعاناة عن شعبنا في غزة.
وفي الحديث عن ما تحمله زيارة المشهراوي والتفاهمات الأخيرة في القاهرة، أكد الفرا أنَّ كلّ ما يتعلق بالمشاريع تتمُّ مناقشتها داخل لجنة التكافل الاجتماعي، وهم بدأوا بالإجراءات لتوريد أدوية لمرضى السرطان وجملة من المشاريع تتعلق بالقطاع الزراعي والصحي وقطاع التشغيل، وهي غير مرتبطة ببعضها.
وتابع الفرا: "نحن نعدُّ أنَّ تفاهمات القاهرة يمكن أن تؤسس بشكل واضح وصريح لتحقيق المصالحة الوطنية، مؤكدًا تبعية التيار لأيِّ جهد من شأنه إنهاء الانقسام واتمام المصالحة المجتمعية".
وأضاف الفرا لمراسل (الحدث): "إنَّ كلَّ ما هو مطلوب منا كحالة وتيار فنحن جاهزون له بكلِّ ما أوتينا، وكلُّ ما يخدم المصلحة الوطنية نحن جنود من أجله، وإنْ طُلب منا التوقف عن أنشطتنا كافة من أجل ذلك فنحن جاهزون".
وأشار الفرا إلى أنّ هناك سوء تقييم لدى السلطة لتفاهمات دحلان وحماس الأخيرة بالقاهرة، عادّاً أنها كانت فرصة ليلتقطها الرئيس أبو مازن ويبني عليها بما يصب بالمصلحة الوطنية.
ولفَت إلى أنَّ هناك جهودًا حقيقية مع كافة الأطراف سواءً داخليا مع فتح أو مع حماس، لإنجاز هذه المصالحة، وأكد أنه يجب أن يكون عمل الجميع يصب في هذا الهدف، بإتفاق وإجماع وطني من كافة التيارات والمستويات.
وشدد على أن هناك مَن يضع العصي في دواليب المصالحة المجتمعية والوطنية، وهذا من جانبه هو عمل مرفوض، ويجب أن تكثف الجهود كافة نحو المصالحة المجتمعية؛ لما لها من تأثير في المصالحة الوطنية ككل.
وفي السياق نفسه أكد الفرا أنّ التيار الإصلاحي في تفاهمات القاهرة هدفه إنجاز المصالحة الوطنية وإنهاء الإنقسام، ولن يتم القبول بأيِّ شكل من الأشكال بتعزيز الانقسام أو الانفصال التام بين غزة والضفة.
وأكد الفرا أنَّ الإجراءات التي تتبعها السلطة مع غزة من قطع رواتب وغيرها هي اجتهادات مغلوطة، تشبه تمامًا الإجراءات التي تمَّ اتباعها بعد الانقسام والإيعاز للموظفين بالمكوث بالمنازل وعدم الذهاب للعمل.
وشدد على عدم قبول أيِّ نشاط من شأنه انفصال غزة، والدور الأساسي لمنظمة التحرير كممثل واحد ووحيد للشعب الفلسطيني.
وأوضح بأنّ أيديهم مفتوحة للفصائل كافة، وعادًّا أنّ تفاهمات القاهرة هي تمهيد لحوار وطني شامل بين الأطياف والوان شعبنا الفلسطيني كافة.
وتابع بأنَّ هناك جهودًا من أطراف عدة لتحقيق المصالحة الفتحاوية الفتحاوية؛ لأنّ الجميع يدرك جيدًا أنّ قوة حركة فتح هي من قوة المشروع الوطني، وطالما فتح موحدة فهي أكيد ستكون مصدر قوة لقضيتنا الوطنية، وأن الوقت الحالي هو من أهم الأوقات لتحقيق المصالحة المجتمعية.
وحول السؤال حول ظهور دحلان الأخير عبر منصة التشريعي، أكد الفرا أنّ أنشطة التيار كافة هي تحت الشمس وبالوضوح كافة، وأنّ ظهور الأخ دحلان في التشريعي هو حق له فهو نائب في المجلس، وهو بمثابة تأكيد على جدية التفاهمات التي جرت بالقاهرة، وليس من شأنه توجيه أيِّ إشارات إقصائية لأيِّ طرف.
ونوّه إلى ضرورة إعادة تفعيل المجلس التشريعي لأخذ دوره القانوني والدستوري، وبأنّه لا يعقل أن تمارس السلطة التنفيذية هذه الأعمال كافة بمعزل عن التشريعي، وحتى إنْ تم الاتفاق على إجراء انتخابات كما طالب السيد الرئيس، فإنَّه لا يمكن ذلك دون عقد المجلس التشريعي قبل الانتخابات، وأنَّ أيَّ جهد من شأنه عرقلة هذه الجهود لا يصب سوى في صالح أعداء القضية الفلسطينية.