الحدث الاقتصادي
أوصى الباحث والمختص في الشأن الاقتصادي د. رائد حلس بإعادة النظر في سياسة منح الشيكات لمعالجة نمو ظاهرة الشيكات المعادة " المرتجعة" في فلسطين، وضرورة مواصلة سلطة النقد الفلسطينية جهودها المستمرة في معالجة هذه الظاهرة، واتخاذ اجراءات حازمة بحق أصحاب الشيكات المعادة للحد من هذه الظاهرة، وضرورة استخدام سياسة مالية للموازنة بين الشيكات المتداولة والمعادة، لما لذلك من أثر في تحقيق التوازن الداخلي للنشاط الاقتصادي.
وجاءت تلك التوصيات في ورقة تقدير موقف بعنوان أثر نمو ظاهرة الشيكات المعادة " المرجعة" على الاقتصاد الفلسطيني التي صدرت عن الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني – حشد وأعدها الباحث حلس.
حيث أشار حلس إلى أن الشيكات تعد أحد المقاييس بل أكثرها حجماً وتداولاً التي يمكن من خلالها قياس النشاط التجاري، وان الخلـل فـي تبادل هذه الشيكات وعـدم اسـتخدامها بالأسـلوب المخطـط لـه يشـكل عبئـا بـل خلـلا فـي مسـيرة نمـو هذا الاقتصاد.
ويتمثل الخلل في الشيكات فيما يعرف بالشيكات المعادة وهي " الشيكات المقدمة للتحصيل عن طريق مكتب المقاصة وتم إعادتها من قبل المسحوب عليه لعدم استكمال الشروط القانونية والشكلية والفنية، وبالتالي تكون معادة للبنك المقدم ومرفوضة في نفس الوقت بالنسبة للبنك المسحوب عليه.
وقد سجلت ظاهرة الشيكات المعادة في فلسطين ارتفاعاً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة من حيث العدد والقيمة، حيث ارتفع عدد الشيكات المعادة من 487344 شيك بقيمة 659.09 مليون دولار أمريكي خلال العام 2013، إلى 608601 شيك بقيمة 831.54 مليون دولار أمريكي خلال العام 2016.
كما بلغ عدد الشيكات المعادة في فلسطين من شهر إبريل حتى شهر يوليو 2017 حوالي 239105 شيك بقيمة 363.82 مليون دولار.
أسباب نمو ظاهرة الشيكات
يؤكد حلس، أن نمو ظاهرة الشيكات المعادة في فلسطين بشكل عام، يعود إلى التطورات والأوضاع الاستثنائية التي مرت بها الأراضي الفلسطينية في السنوات الأخيرة ، وتحديدًا العدوان (الإسرائيلي) على قطاع غزة، الذي ألحق أضرارًا بالغة في البنية التحتية، والمؤسسات الإنتاجية، والمرافق العامة، والمساكن، مع استمرار الحصار وتدمير الأنفاق الحدودية الأمر الذي أدى إلى ركود الحركة التجارية ، بالإضافة إلى قيام الحكومة الفلسطينية بخصم ما يزيد عن 30 % من رواتب الموظفين العموميين في قطاع غزة منذ شهر ابريل 2017، وما ترتب عليه من تداعيات اقتصادية، خاصة وأن معظم السكان في قطاع غزة يعيشون في ظل أوضاع اقتصادية صعبة، تنعكس بشكل مباشر وغير مباشر على الحياة المعيشية اليومية جراء القيود والعقبات التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي وعلى رأسها الحصار الخانق المفروض على قطاع غزة منذ عشر سنوات ، إضافة إلى تداعيات الانقسام من ارتفاع نسب البطالة والفقر وانخفاض معدلات الاستثمار.
ويضيف حلس، أن هناك ثمة أسباب أخرى أدت إلى نمو ظاهرة الشيكات المعادة في فلسطين تتمثل في شح السيولة النقدية لدى قطاع المنشآت، واعتماد موظفي القطاع العام والخاص على الانفاق باستخدام الشيكات الآجلة، وبروز ظاهرة الإفراط في الاستدانة لدى موظفي القطاع العام والخاص.
تأثير نمو ظاهرة الشيكات المعادة على الاقتصاد الفلسطيني
حسب حلس فإن ظاهرة الشيكات المعادة تؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي بشكل عام لعدم تسديدها في مواعيدها، وبالتالي عدم تحصيل الشركات والمنشآت لمستحقاتها المالية في مواعيدها المحددة، مما يسبب إرباك في التدفقات النقدية وعدم تمكن هذه المنشآت من الإيفاء بالتزاماتها في مواعيدها والتي قد تقودها في بعض الأحيان إلى توقف عملها وإغلاق المنشأة.
كما أكد حلس على أن ظاهرة الشيكات المعادة تؤثر بشكل مباشر على ثقة المواطنين بقبول الشيكات مما سينعكس سلباً على المصارف والبنوك بشكل خاص وبالتالي على الاقتصاد الفلسطيني بشكل عام، بالإضافة إلى أن بروز ظاهرة الاستدانة لدى موظفي القطاع العام والخاص لتمويل احتياجاتهم بعد أن استنفذوا كافة وسائل الاقتراض من الجهات الرسمية الخاضعة لرقابة سلطة النقد الفلسطينية، تؤدي إلى رفع درجة المخاطر الائتمانية بجانب التأثير السلبي على النسيج الاجتماعي والاقتصادي في المجتمع الفلسطيني.