الجمعة  26 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

متابعة "الحدث"| بعد المصالحة .. التجارة في غزة " فوق الأرض" وعبر المعابر!

2017-10-05 10:42:32 AM
متابعة
معبر كرم أبو سالم

 

 

الحدث- ريم أبو لبن

 

"إذا تمت المصالحة، خلال أشهر سينتعش الوضع الاقتصادي في غزة .. بس أطلقونا". هذا ما قاله متحمسا لـ"الحدث" الخبير الاقتصادي في قطاع غزة ماهر الطباع.

 

إذ أن انجاح المصالحة وإنهاء الإنقسام الفلسطيني الداخلي في قطاع غزة سيساهم في حل القضايا العالقة ومنها ما يصب في تحسين الوضع الاقتصادي في القطاع الذي شهد حصاراً دام لـ أحد عشر عاماً، لاسيما وأن غزة قد خسرت خلال هذه المدة الزمنية ما يقارب 15 مليار دولار.

 

مع تخطي الحكومة الفلسطينية أعتاب قطاع غزة لتحقيق المصالحة وتسلم مهامها، قد يتبادر لذهن البعض وتحديداً من يقطنون في القطاع عدة تساؤلات مفادها كيف يمكن الخروج من الأزمة الاقتصادية التي رافقت القطاع منذ سنوات طويلة، لاسيما وأن هناك عدة ملفات عالقة منها ما هو يتعلق بفتح المعبروانعاش الحركة التجارية وتبادل السلع خارجيا وداخلياً.

 

تجارة من " فوق الأرض"!

 

 قال الخبير الإقتصادي معين رجب لـ"الحدث": "على المواطن أن لا يتعجل قطف الثمار أو الحصاد، فإن جميع قضايا القطاع تقع في المربع الأول حتى هذه اللحظة، لذا فالأمر يحتاج إلى وقت، وحتى هذه اللحظة لم يتم اتخاذ أي قرار رغم استلام الحكومة الفلسطينية لمهامها الوزارية".

 

وقد نتساءل هنا وبالتزامن مع اتفاق المصالحة، هل ستتحول تجارة الأنفاق  السابقة التي كانت تتم "تحت الأرض" إلى تجارة شرعية "فوق الأرض" وعبر المعابر؟

 

قال الخبير الاقتصادي ماهر الطباع لـ"الحدث": "أصبحت التجارة عبر "الأنفاق" محدودة في يومنا هذا، لاسيما وأن غزة كانت تعتمد عليها بشكل أساسي حتى منتصف عام 2013، إذ قام الجيش المصري بعد هذه المدة بإغلاقها، ولكن هناك بعض "الأنفاق" التي لم تغلق بعد وعددها قليل جداً، ولذا فإن التجارة تتم من خلال معبر كرم أبو سالم وضمن قائمة السلع التي تحددها إسرائيل".

 

وبحسب الإحصاءات الرسمية فإن قطاع غزة يستورد أكثر من ملياري دولار من البضائع التي تمر عبر معبر كرم أبو سالم التجاري والواقع على الحدود بين قطاع غزة ومصر وإسرائيل، حيث يتم ادخال البضائع من إسرائيل وأصناف أخرى من الجانب المصري.

 

في ذات السياق، قال رجب: "من خلال الأنفاق تم توفير السلع للقطاع وتخفيف الحصار عنه، إلا أن هذا الأمر اقترن بتضحيات أدت إلى وفاة مئات الشبان أثناء عملية تشغيل وحفر النفق وترميمه".

 

هل تجارة" الأنفاق" تحقق أرباحاً

 

"في الأحوال العادية كانت التجارة عبر الأنفاق يصل حجمها إلى مليون دولار يومياً، فكيف هو الحال على مدار سنة كاملة؟ هذا ما أكده الخبير الأقتصادي معين رجب لـ"الحدث".

 

أضاف: "في مرحلة زمنية معينة، كانت تجارة الأنفاق في أوج نشاطها، حيث تم من خلال الانفاق ادخال أصناف من السلع منها السيارات والثروة الحيوانية، فلم تكن السلطات المصرية انذاك تفرض تشديداً على هذا النوع من التجارة الغير شرعي، وفي المقابل لم يمنع فلسطينياً العمل بها من باب الظروف التي يعيشها القطاع".

 

وأوضح رجب بأن السلطات المصرية في تلك المرحلة كانت تتخذ اجراءات ومحاولات للحد من تجارة السلع عبر " الأنفاق" حيث سعت لتدمير هذه "الأنفاق" من خلال بعض الأدوات والمضخات المياه العادمة، حتى أنها استخدمت ساتر فولاذي وفشلت حينها.

 

إن تحققت المصالحة..

 

قال الخبير الاقتصادي معين رجب: "نحن نتطلع إلى إنهاء عملية دخول البضائع إلى غزة عبر الأنفاق، فهي طريقة غير شرعية وتحرم السلطة من مخصصاتها، لاسيما وأنه يتم ادخال البضائع المحذورة ومنها المخدرات، فهناك من حقق أرباحاً كبيرة من خلال تجارة الأنفاق وبطريقة غير قانونية".

 

أضاف :"إذا تمت المصالحة وأصبحت التجارة  عبر المعابر فإن الأسواق ستنتعش، والمواطن سيحصل  في ذات الوقت على كافة السلع التي يحتاجها ومنها مواد البناء أيضاً، وبالتالي فإن هذه الخطوة أيضا ستزيد من ايرادات الحكومة في قطاع غزة، غير أن الحكومة لم تظهر بيانات رسمية توضح حجم الإيرادات، والتي ترتكز بشكل أساسي على تجارة الدخان".

 

واستكمل حديثه قائلاُ: "الأصل في التجارة أن تتم عبر المعابر لا عبر الأنفاق الغير شرعية، حيث يعود هذا بالمنفعة على الجانبين الفلسطيني والمصري، وعليه فعلا المعبر أن لا يكون مقتصراً على دخول الأفراد وأنما دخول السلع أيضا وضمن حدود القانون والتشريعات وبصورة معلنة، وعليه فإن كل طرف تجاري يتقاضى ايراداته، وبذلك سنتجنب المخاطر الناجمة عن العمل في الأنفاق".

 

الخبير الاقتصادي في قطاع غزة ماهرالطباع قال: " اذا تحققت المصالحة وتم تطبيقها على أرض الواقع، فإن القطاع الاقتصادي في غزة سيشهد تحركاً ملحوظاً يتخلله دخول السلع التي يمنع دخولها، وتصدير السلع إلى الضفة الغربية والأسواق الخارجية".

 

أضاف: " فعندما ستتولى الحكومة الفلسطينية مسؤوليتها في قطاع غزة بشكل كامل ستتمكن من الضغط بقوة على إسرائيل وبمساعدة المؤسسات الدولية لإعادة الحركة التجارية في غزة إلا ما كانت عليه في السابق أي قبل الحصار والانقسام الداخلي الفلسطيني".

 

وعن زيادة القدرة الإنتاجية وتقليل معدلات البطالة في غزة، قال الطباع: " إن عملية تصدير السلع إلى الضفة الغربية سينعكس بشكل ايجابي على الطاقة الانتاجية في القطاع ويقلل من نسبة البطالة فيها، لاسيما وأن معدلات البطالة في غزة وفق احصائيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2017 قد وصلت إلى ما نسبته 44%، وفي حال تم فتح المعابر فقد تقل النسبة لتصبح 30%".

 

في ذات السياق قال رجب: "هناك إلحاح واضح بشأن حل قضية المعابر، إذ أن هناك عشرات الآلاف من المواطنين في قطاع غزة ينتظرون السفر، غير أن إغلاق معبر رفح الحدودي قد عطل حياة كلاً من الطلاب والتجار ورجال الأعمال والمرضى والحجاج، وكذلك الموظفين الذين يرغبون بالعمل في الخارج، والعالقين من أبناء القطاع ويرغبون بالعودة إلى غزة".

 

ماذا قالت الحكومة؟

 

الغزيون ينتظرون واقعاً قد يتغير ولكن لن يتغير في ليلة وضحاها، وبالمقابل فإن الحكومة الفلسطينية تضع خطة للنهوض بالاقتصاد "المتدهور" على حد تعبير الغزيين، وهي بذلك ترهن نجاحها بالمصالحة وانهاء الانقسام وعودة الحال على ما كان عليه في السابق.

 

الملف الاقتصادي كان ضمن الملفات التي ناقشتها الحكومة الفلسطينية في اجتماعها الذي عقد في غزة أول أمس الثلاثاء، في حين أن الملفات المعقدة والتي تتعلق بـ ( الأمن، المعابر والموظفين، الحدود) تم احالتها إلى اجتماع ثنائي سيعقد بين حركتي فتح وحماس في القاهرة الثلاثاء المقبل.

 

" لدينا خطط جاهزة للعمل". هذا ما أكده رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله أثناء لقائه مجموعة من وزرائه في غزة، حيث أشار في حديثه بأن لديه خططاً كثيرة من أجل تطوير الوضع الاقتصادي في غزة.

 

وفي حديثه مع رجال أعمال غزيين قال :" نأمل أن تسطيع الاستثمار في مجال المناطق الصناعية، وحقل الغاز". حيث أشار في ذلك إلى اعتماد خطة لإقامة مناطق صناعية في غزة على غرار الضفة الغربية.

 

وأوضح خلال حديثه بأن الحكومة الفلسطينية وضمن اتفاق مبدئي مع شركات خارجية، قد تسعى إلى استخراج الغاز من حقل الغاز الطبيعي الواقع قبالة سواحل غزة، حيث لم يجر من قبل استخراج الغاز منه.

 

وقد تشكل هذه الخطوة دعماً لتطوير وانعاش الاقتصاد الفلسطيني لاسيما وأن حقل الغاز " غزة مارين" تقدر احتياطاته بنحو 14 تريليون قدم مكعب.

 

الحكومة تسعى من خلال طرحها هذا تحسين بيئة الأعمال والاستثمار في غزة، وهي بذات الوقت ستعمل على تطوير مشروع تسوية الأراضي وتنقية المياه واستكمال مشاريع البنية التحتية والصرف الصحي.

 

إذا الحكومة الفلسطينية قد وضعت الخطط لانعاش اقتصاد غزة واعادة اعماره من جديد، ولكن يبقى السؤال متى يتم التنفيذ على أرض الواقع؟ وكم تحتاج غزة من الوقت لكي تنهض من جديد؟

 

الحكومة تقول: "لمسنا خلال الأيام الماضية نيات جدية لتحقيق المصالحة"، والمواطن الغزي يقول: "صبرنا 11 عاماً... مش حنصبر عليكم هالأكم من يوم!".