السبت  05 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

متابعة الحدث | الطريق إلى تل أبيب .. من سيعتني بهم؟

2017-10-11 05:10:25 AM
متابعة الحدث | الطريق إلى تل أبيب .. من سيعتني بهم؟
تل ابيب

 

الحدث- علاء صبيحات

 

همس صوت الريح في أذنه مليار مرة أن الهم همان... همٌ تقتله وهم يقتلك، واستباحت عقارب الوقت من حياته عبث المحاولات في سباقات القفز عن الحواجز... أو المصائب كما شئتم، يقفز يوميا عن مصائبه مع اختلاف الخوازيق في الحجم والارتفاع، وإن مر يوم- وذلك نادر الحدوث- ولم تصبه مصيبة فإنه يتكدّر.. ليس لشيء سوى لأن القدر حتمي الحدوث يحضر له مصيبة أكبر.

 

استفاق كأي يوم من أيامه السابقه ..ملابس العمل التي كانت قد غُسلت في الليلة الماضية من دون قصد بماء السماء جفت بليلية واحدة، فابتسم ابتسامة نكدة.. وكأنه يعرف أنها بداية المصيبة الكبرى، فحضر القهوة وهو يتلو من كل الكتب المقدسة، عل العفريت الذي يحضر المصيبة الآن يترأف به عندما يرى خوفه من التالي.

 

يبدو أن العفريت المراقب كان ملحدا فلم تجدي الصلوات أبدا، رشفة القهوة الأولى لم تدخل فمَ كفاح لكنها أشبعت قميصه بالسَّواد.. قميصه أصلا مليء ببقع الزيت المحروق، كضريبة إلزامية للعمل داخل ورش البناء..توقف هنيهة قبل أن يستوعب ما حصل، ورفع رأسه نحو الباب الذي يُفترض أنه مغلق ولا يقف فيه أحد إلا أن الشمس أظهرت لها بابا مُشرّعا يقف فيه عملاق لا رأس واضح له ويحمل شيئا قريبا جدا لأوصاف البندقية، موجهة نحو صدره.

 

حصل هذا كله في أقل من جزء من الثانية قبل إدراكه أن من اقتحموا غرفة العمال الواقعة في داخل البناء والتي يفترض أنها مموهة وليست سهلة الاكتشاف قد اقتحمها "أشياء"- يفترض أنهم من الجنس البشري- يسميهم بنو حكومتهم بالـ"يسّام"، هؤلاء ليس من المفترض أن تقع في قبضتهم لأنهم أسوأ من عزرائيل ذاته.

 

أفضل ما يمكن أن تحصل عليه منهم هو الضرب.. لكن يمكن لمخيلتك أن ترسم معالم الإذلال التي هم قادرين على فعلها ..فمثلا يمكن لهم أن يبقوك في لباسك الداخلي ويرمونك في رقعة الوحل التي كونها المطر، أو أن يجلوسك القرفصاء لـ8 ساعات متواصلة دون أية أسئلة، أو  أن يقيدوا يديك بأرجلك من الخلف .. وستحصل على علاوة بالإضافة لما سبق، مقدمة كسيل من الشتائم والبصاق والضرب والتحقير.

 

الصورة التي عليك أن توقفها الآن لتفهم المشهد هي لشرطي ضخم للغاية يضرب شابا قليل الحجم من على كرسيه التي كان يشرب القهوة خلال جلوسه عليها فوقع الشاب على الأرض بيده كأسا من الزجاج نصفه مكسور نتيجة السقطة ويتلقى اللكمات عن وجهه بذات اليد ويخطئ خطأ عمره...



فقد أصاب كفاح الشرطي بالزجاجة في وجهه خلال دفاعه عن ذاته، لكن من يتفهم هذا ومن منهم يحتاج لأن يتفهم أصلا ما جرى؟ وما حاجتهم للقانون وباستطاعتهم أن يقسموه لنصفين تعذيبا قبل قتله بتهمة الطعن؟

 

جمّد الصورة في ذهنك ولك أن تختار الزاوية التي تريد أن ترى المشهد منها، لكنني كراوٍ سأنظر لمشهد وحدي قادر على رؤيته، زاوية دماغ كفاح وأفكاره أثناء إعصار الضرب الذي يتعرّض له في هذه اللحظات، لا أرى الكثير ..فقط لوتس ووديع الزاوية البعيدة يلعبون خلال تحضير أمهم الغداء لهم، وتفكير متحشرج يحيط بهم جميعا بصوت كفاح المتقطع قائلا (من سيعتني بكم بعد موتي؟).. كل هذا وأكثر.


يتبع...