الإثنين  07 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

متابعة الحدث | مسؤولية السلطة فرض تطبيق الحدِّ الأدنى للأجور بمعياره الجديد

إطلاق رؤية بديلة للحدِّ الأدنى للأجور وحملة وطنية تقود خطوات احتجاجية تصاعدية للتغيير والتعديل والتطبيق

2017-10-11 09:08:22 AM
متابعة الحدث | مسؤولية السلطة فرض تطبيق الحدِّ الأدنى للأجور بمعياره الجديد
مسيرات المطالبة بالحد الادنى للاجور

لا يجوز أن يكون الحدّ الأدنى للأجر أقلّ من الاحتياج الفعلي لمتطلبات الحياة

 هناك فارق شاسع ما بين خطّ الفقر وما بين الحدّ الأدنى للأجور

خاص الحدث

لمياء الزير من قرية سكة/ الخليل معلمة روضة أطفال سكة، بمقابل 200 شيكل شهريًّا لا تغطي أدنى احتياجات أسرتها المنزلية فكيف يمكنها تغطية الأقساط الجامعية لأبنائها الأربعة الذين يدرسون صيدلة وطبًّا مخبريًّا وفيزياء والكترونيات وتكييفًا وتبريدًا في جامعة القدس/ أبو ديس، وزوجها رجل كبير يعمل بشكل غير منتظم في إسرائيل.

 

وقضية الزير التي لم تعد قادرة تحمّل ثقل المسؤولية في تأمين نفقاط أبنائها الثمانية، أربعة منهم  بالجامعية والآخرون في المدارس، وحياتها الضنكة دفعت بها للمشاركة في الحملة الوطنية للحد الأدنى للأجور والأجر المتساوي على أمل إحداث تغيير في قيمة أجر الحدّ الأدنى المقر ورفعه إلى مستوى قيمة خطّ الفقر الوطني لعل وعسى يحفظ كرامة الإنسان الموظف.

 

تقول الزير لـ(الحدث): راتبي الشهري 200 شيكل فقط، ولا يكفي تغطية فاتورة الكهرباء أو الماء، والأهم كيف يمكننا والحال هذا تغطية نفقات أبنائي الأربعة الجامعيين في القدس ابو ديس، لذلك نجدها تصرخ بأعلى صوتها مطالبة "بتحسين دخلنا الشهري وبعدم مسّ كرامتنا، فنحن مضطهدون لا راتب ولا راحة نفسية، وزوجي عاطل عن العمل منذ 6 شهور".

 

رفع الحدّ الأدنى للأجور إلى مستوى الحدّ الأدنى للفقر الوطني

وتطلق عفاف غطاشة، بصفتها منسقة الحملة الوطنية للحدّ الأدنى للأجور والأجر المتساوي، (رؤية بديلة للحد الأدنى للأجور) بمشاركة عدد كبير من مؤسسات المجتمع المدني، وتقول: "نطالب بتطبيق الحد الادنى للاجور ورفعه؛ لأن غالبية العاملات في رياض الاطفال والخياطة والقطاع الخاص غير ملتزمين به".

 

وتأمل غطاشة ومن معها في الحملة من مؤسسات المجتمع المدني والنقابات العمالية والعمال والعاملات، من وزارة العمل ان ترفع مستوى المراقبة على المؤسسات غير الملتزمة، ومن القطاع الخاص الالتزام بالحد الادنى للاجور.

 

لكنها تقول: "المشكلة مركبة، اولاً عدم الالتزام بـ 1450 شيكلاً من قبل جزء كبير من القطاع الخاص، وحتى هذا المبلغ غير كافٍ؛ ولأن هدف الحملة مركب؛ فاننا نلتزم بقانون الحد الادنى للاجور، لكننا نرفضه، ونعمل من أجل رفعه الى مستوى الحد الادنى للفقر الوطني، ولتطبيقه نحتاج الى قوى وعمليات احتجاجية ضاغطة من مؤسسات المجتمع المدني ومن العاملين والعاملات في المنشآت المختلفة، من أجل أن تفعِّل وزارة العمل التفتيش ومفتشي العمل على القطاع الخاص لتتأكد من العقود".

 

وتتهم غطاشة القطاع الخاص بالالتفاف على قانون الحد الادنى للاجور وعلى العقود، وتقول: "بعضهم لا يوقّع عقودًا، ولا يبدون أدنى التزام بحقوق العمال، فهذه العملية صعبة ومستمرة، ولكن اعتقد كلما زاد نضال المجتمع المدني مع النقابات يمكن أن نحقق إنجازًا والذي يحتاج أصلاً إلى جهد كبير ووقت طويل".

 

وتؤكد غطاشة، الصعوبات التي واجهتها الحملة في إقناع وزارة العمل بأهمية هذه الحملة وبأهمية التعاون من أجل تطبيق الحد الأدنى من الأجور، مشيرة إلى أنّ أهمه التحديات التي تواجه الحملة تتمثل في: المشاركة الأوسع للعمال في التعبير عن قضاياهم وتحويل الحملة إلى حملة شعبية واسعة.

 

وتطالب غطاشة الحكومة بأن تعيد النظر في موضوع الحد الأدنى للأجور وبزيادته، وفقًا لخطّ الفقر الوطني الذي يبلغ 2480 شيكلاً، فالحد الادنى للأجور 1450 شيكلاً حسب قرار الحكومة تآكل، ولم يرتبط بغلاء المعيشة، وهو أقل من الحد الفقر المدقع، وبالتالي على الحكومة أن تبادر باتجاه شعبنا وعمالنا ويجب عليها أن تقوم بواجبها تجاه شريحة واسعة من شعبنا وتبرق حلوان المصالحة الوطنية، إنْ جاز التعبير، بأن يكون قرارها الاول رفع قيمة الحد الادنى للاجور وربطه بغلاء المعيشة خلال 3 سنوات قادمة، وبما ينسجم مع ضمان حياة كريمة لشعبنا وعمالنا.

 

ولكن كيف يمكن تطبيقه؟ فانّ غطاشة تقول: "بالضغط والحشود الجماهيرية والنقابية والارادة لدى الكثير من المؤسسات والنقابات، فابتدأنا بحلقة نقاشية تفاعلية مع الرؤية البديلة وبمسيرة احتجاجية واعتصام أمام مجلس الوزراء وتسليم مذكرة رسمية في هذا الخصوص، وسيتبع ذلك الكثير من الفعاليات والنشاطات الشعبية الحاشدة ميدانيًّا وسوف تضغط على هذه الحكومة من أجل إقرار هذا المطلب العادل والمشروع لعمالنا وعاملاتنا، فيجب أن تلتفت الحكومة للفئات المهمشة والفقيرة، وسوف نبقى نناضل من خلال الجماهير والعمال وسنواصل الاحتجاج في الشارع حتى تقرّ هذه الحكومة ما نصبو ونطمح إليه، قدمنا، ونراهن على الشارع وضغطه، بدأنا ولن نتوقف إلا بقرار إقرار ما نصبو إليه ونطمح إليه من أجل العمال والعاملات".

 

 تطبيق الحد الأدنى للأجور التزام قانوني واستحقاق دولة

ويؤكد الخبير القانوني المحامي ناصر الريس، أن حقيقة وجود سلطة وطنية فلسطينية تمثل وجود دولة، من المفترض أن تقوم هذه الدولة بوضع القوانين والسياسات وتعمل على تنظيم حياة الناس وفقًا لهذه القوانين، على أن تعتمد مبدأ العدالة والديمقراطية، مشيرًا إلى كون الدولة تخضع للاحتلال، الأمر الذي يزيد من فرص استغلال العمال عبر تشغيلهم بالعمل الأسود مقابل أجور أعلى من الأجور المقدمة من صاحب العمل الفلسطيني، وبكل ما يتضمنه ذلك العمل من مخاطر.

 

 

ويقول الريس: "إنّ تطبيق قرار الحد الأدنى للأجور ليس أمرًا صعبًا ومعقدًا ، وإنما يقتضي إرادة جادة وفعلية من قبل الجهات الرسمية، كما أن تطبيقه لا يعني مطلقًا ثباته، إذ يجب على الجهات الرسمية أن تراجع السقف المالي المقرر للحد الأدنى للأجور دوريًّا مرة كل ثلاث سنوات على الأقل؛ لكي تتضمن توائم مضمون القرار وسقفه المالي مع حقيقة الوضع والواقع المعيشي لأبناء شعبنا".

 

ويشدد الريس على ضرورة مراجعة السقف المحدد له ورفعه بما يتناسب مع خطِّ الفقر، وبما يضمن ويحقق الحد الأدنى لكرامة واحتياجات العامل.

 

 

تبني سياسات واضحة تجاه اقطاعيات وشركات احتكارية

ويطالب الريس، بضرورة العمل على تبني سياسات واضحة تجاه ما وصفه باقطاعيات وشركات احتكارية في مختلف الميادين التجارية والصناعية والخدماتية كالاتصالات والتكنولوجيا الرقمية والتعليم والصحة، لمنعه من الاستغلال والتعسف وتغليب المصلحة التجارية الربحية على حساب حقوق العاملين أو السياسات الاقتصادية، أو التوجهات الوطنية لاقتصاد وطني مساند للمشروع الوطني التحرري.

 

ويعدّ الريس، حماية العمالة المحلية بوجه الاستغلال والتعسف والاحتكار وضمان حدّ أدنى من الأجور منصف ومعقول ومتوازن، أي أجر يراعي ويأخذ بالاعتبار تلبية الحد المعقول من احتياجات العيش الكريم، واجبًا والتزامًا قانونيًّا على عاتق الدولة يجب ضمانه والعمل على تحقيقه، لكونه دور الدولة وأهم  وظائفها، تحقيق العدالة والكرامة ومكافحة الاستغلال والاحتكار، واستخدام السلطة بمفهومها الضاغط والمؤثر لفرض احترام هذه الشركات لتوجهات وسياسات الدولة الاقتصادية والتزامها بمعايير الحد الأدنى من الأجور وفق التحديد الجديد، وبما ينسجم ويراعي خطّ الفقر.

 

ويقول: "ولا يجب مطلقًا على السلطة العاملة أن تقبل بأقلّ من ذلك، بل عليها واجب ومسؤولية فرض تطبيق الحد الأدنى للأجور بمعياره الجديد، أي خط الفقر، وبما يعادل 2480 شيكلاً، وذلك لاعتبارات عدة أهمها: ضمان حصول العامل على أسس الحياة الكريمة وفق معيار السلطة وتحديدها لخطّ الفقر، فهي التي حددت خطّ الفقر بناء على معاييرها وتقييمها للاحتياج والواقع الفلسطيني، وبالتالي لا يجوز أن يكون الحد الأدنى للأجر أقلّ من الاحتياج الفعلي لمتطلبات الحياة".

 

الإطار القانوني للحدّ الأدنى للأجور

ويرتبط الحدّ الأدنى للأجور بحسب المحامي داود درعاوي (بمكافأة نهاية الخدمة والفصل التعسفي بشكل عضوي، ذلك أمن مكافأة نهاية الخدمة وقيمة التعويض عن الفصل التعسفي تحتسب على آخر راتب تقاضاه العامل، وبالتالي هناك معضلة قانونية بشأن المطالبات بالحقوق العمالية بالنسبة للأجور التي أقل عن الحدّ الأدنى للأجور".

 

ويؤكد درعاوي، أنه ما زال هناك فارق شاسع ما بين خط الفقر، وما بين الحد الادنى للاجور، وفقًا للمعايير الدولية، فإنّ آليات احتساب الحد الادنى للاجور ترتبط بمستوى المعيشة، أي خط الفقر، ولم يتضمن قرار تشكيل اللجنة الوطنية للأجور ضرورة الربط بخطّ الفقر وغلاء المعيشة.

 

ويرى درعاوي، أنّ طبيعة الجزاءات المنصوص عليها في المادة 132 من قانون العمل غير مشددة "يعاقب صاحب العمل على مخالفة أيٍّ من أحكام الفصل الثالث من الباب الخامس، واي نظام صادر بمقتضاه أو بغرامة لا تقل عن 50 دينارًا، ولا تزيد على 100 دينار، مع إلزامه بدفع فرق الأجر للعامل وتتعدد الغرامة بتعدد العمال الذين وقعت في شأنهم المخالفة"، ولكن لم يبيّن النص من الجهة التي تملك إلزام صاحب العمل  بدفع فرق الأجر للعامل".

 

رفع مستوى المراقبة على المؤسسات غير الملتزمة به

ويؤكد منجد أبو جيش مدير دائرة المناصرة في الإغاثة الزراعية، ان حملة الحد الادنى للاجور أطلقتها مؤسسات المجتمع المدني، وتطالب فيها تطبيق الحد الادنى للاجور ورفعه؛ لأن غالبية العاملات في رياض الأطفال والخياطة والقطاع الخاص غير ملتزم به.

 

ويأمل أبو جيش، من وزارة العمل أن ترفع مستوى المراقبة على المؤسسات التي لا تلتزم، ومن القطاع الخاص الالتزام.

 

وبالرغم من اعتباره الحدَّ الأدنى للأجور الحالي غير منصف للعمال، ثم محاولة رفعه الى مستوى الحد الادنى للفقر الوطني، ويرى انه المشكلة مركبة، اولاً لعدم التزام جزء كبير من القطاع الخاص بـ 1450 شيكلاً.

 

لكنه يقول: "ولتطبيقه نحتاج إلى قوى وعمليات احتجاجية ضاغطة من مؤسسات المجتمع المدني ومن العاملين والعاملات في المنشآت المختلفة، ضغط من أجل أن تفعل وزارة العمل التفتيش ومفتشي العمل على القطاع الخاص للتأكد من العقود، حيث يوجد هناك التفاف كبير منه على العقود، وبعضهم لا يوقِّع عقودًا ولا يبدي أدنى التزام بحقوق العمال، فهذه العملية صعبة ومستمرة، واعتقد كلّ ما زاد نضال المجتمع المدني مع النقابات يمكن أن نحقق إنجازًا والذي يحتاج أصلاً إلى جهد كبيرة ووقت طويل".

 

خياطة بادرت وانقذت نفسها من الاستغلال

وقد يكون واقع ومغامرة بسمة عوني من مدينة طولكرم التي كانت تعمل في مشغل خياطة أفضل حالاً من زميلتها معلمة الروضة  لمياء الزير، حينما قالت: "كنت أعمل في مشغل للخياطة 8 ساعات يوميًّا، أتلقى مقابلها أجرًا بقيمة 25 شيكلاً فقط يوميًّا، ما اضطرني للمبادرة والمغامرة لشراء ماكينة خياطة، وبدأت اشتغل في البيت وأبيع منتجاتي لجهات معينة، والعائد من شغلي الخاص بالتأكيد أفضل بكثير من ما كنت أتلقاه من أجر زهيد في المشغل، وتمكنت من خلاله الإنفاق على أطفالي الثلاثة".