إلغاء جميع الإعفاءات الخاصة بأيِّ شخص مهما كان سواء مؤسسة حكومية أو تجارية أو صناعية وسلطة الطاقة لن تتوانى عن تنفيذ التشريعات وتطبيق القانون
غزة غير قادرة حاليًّا على تلبية 50% من الطلب على الكهرباء. ونظام الطاقة فيها يواجه خطر الانهيار
اقتراح بإنشاء صندوق سيادي بـ 250 مليون دولار للاستثمار في الطاقة المتجددة، ومنح القطاع الخاص الضمانات السيادية الكافية
احتياج قطاع غزة من الطاقة الكهربائية عام 2020 إلى 620 ميجاواط، ويرتفع في 2025 ليصل إلى 900 ميجاواط
بحلول عام 2030 عجز الطاقة سيصل إلى 63% من الطلب في حال عدم إيجاد خيارات لتوفير الكهرباء
يجب تفعيل وتشغيل وتنفيذ اتفاقية الربط الثنائي التي فلسطين جزء منها المعطلة منذ عام 2007 لحل أزمة الكهرباء وهي من أفضل الحلول المتوفرة
خاص الحدث
خطورة أزمة الكهرباء في قطاع غزة وتداعياتها الاجتماعية الاقتصادية تفرض نفسها على طاولة المصالحة الوطنية بعد أن وصلت مرحلة أصبحت فيها الحياة غير ممكنة وتطال معظم نواحيها، ويتعرض سكانه نتيجة شحها لمشاكل صحية وتعليمية، ومن المتوقع في حال عدم إيجاد خيارات لتوفير الكهرباء أن يصل عجز الطاقة هناك إلى 63% من الطلب بحلول عام 2030. الأمر الذي يوجب على اللجان الفنية لاتمام المصالحة الوطنية أن توليها اهتمامًا لا يقلّ عن أيِّ قضية حوارية محورية، أو أيٍّ من الملفات الخلافية التي ينبغي التوافق حولها، لا سيما أنها تتعلق بحياة الناس، وتمس المقدرات الاقتصادية والثروات الوطنية، ومحاولة وضع تصور يمكن أن ينأى بقطاع الكهرباء عن التجاذبات السياسية باعتباره حقًا إنسانيًّا لكل مواطن.
ويراهن مهتمون ومراقبون على جهود المصالحة الحالية، لتسهم في حلّ مشكلة الكهرباء في قطاع غزة. ولتتحقق الخطط التطويرية والتنموية لسلطة الطاقة وشركة توزيع الكهرباء في غزة وتنفيذ الاتفاقيات كافة التي تتطلب حلّ أزمة الكهرباء وجميعها تتطلب التوافق الوطني السياسي وإعادة اللحمة لشطري الوطن لحل الأزمة والتي يستبعد تحقيقها ما لم يحصل ذلك.
ثلاث خطط لإعادة غزة والكهرباء فيها إلى وضعها الطبيعي قبل الانقسام
وكشف المهندس ظافر ملحم- القائم بأعمال رئيس سلطة الطاقة والموارد الطبيعية، عن ثلاث خطط لإعادة غزة والكهرباء فيها إلى وضعها الطبيعي قبل الانقسام، (خطة الطوارئ، الخطة المتوسطة، والخطة طويلة الأمد).
الخطط الأساسية لإنعاش الطاقة الكهربائية
يقول المهندس ملحم: "الخطط الأساسية للسلطة تنقسم إلى قسمين: القسم الفني الذي يشرف على الخطط القصيرة والمتوسطة والطويلة، وخطط المراحل الأولى الذي يهدف إلى إعادة تنظيم وهيكلة شركة توزيع كهرباء غزة؛ لتكون قادرة على إدارة هذا القطاع، وبما يخدم المشاريع القادمة للمواطن بالدرجة الأولى، وذلك من خلال إعادة هيكلة الجهاز الإداري ومجلس الإدارة والجهاز التنفيذي بشكل عام المالي والفني وإزالة جميع التعديات".
وفيما يتعلق بالخطط الفنية، يقول ملحم: "هناك خطة سريعة، ونحن لم نتوقف في التجاور مع مصادر الطاقة سواء خط 161 أو غيره، وحسب الخطة حاليًّا المتوفر عندنا 74 ميجاواط من إسرائيل، 23 من مصر، ومن صفر إلى 60 من محطة التوليد، في حين يحتاج قطاع غزة إلى 500 ميجاواط.
وذكر ملحم: "بحسب خطة المرحلة القصيرة، سنقوم ونعمل على توفير 165 ميجاواط من الجانب الإسرائيلي، و100 ميجاواط من محطة التوليد، و32 ميجاواط من جمهورية مصر العربية، ليرتفع المجموع حوالي 300 ميجاواط".
ويضيف "الوصول إلى 300 ميجاواط يعني الرجوع إلى الجدول القديم، وهو 12 ساعة قطع، ومثلها وصل بالتيار الكهربائي، مع توفير الطاقة للمنشآت الاستراتيجية، مثل محطة التحلية ومعالجة المياه العادة".
ويؤكد، أنَّ هذه الخطة بحاجة إلى تضافر الجهود جميعًا، "لا سيما أننا وجدنا آلية حاليًّا تقوم بدفعات قبل تاريخ استحقاق الفواتير".
خطة إعادة تنظيم قطاع الكهرباء في قطاع غزة
وتابع ملحم قائلاً: "وهناك خطة أيضًا لإعادة تنظيم قطاع الكهرباء في قطاع غزة، ذلك بتطبيق النظم والقوانين والسياسات والتشريعات المطبقة في الضفة الغربية وفتح فروع لمؤسسات أخرى، ويجب أن تكون هذه المؤسسات فاعلة وهي (شركة التوزيع وسلطة الطاقة ومحطة التوليد)، كما يجب أن يكون مجلس تنظيم قطاع الكهرباء فاعلاً والذي يضمن توزيع عادل للطاقة المتوفرة في القطاع بأسعار مقبولة وبتنظيم وضع الشركات التي تعمل".
قطاع الطاقة المتجددة
وحث المهندس ملحم، القطاع الخاص للاستثمار في مصدر أساسي للطاقة، وهو قطاع الطاقة المتجددة، وقال: "قمنا بمشاريع كثيرة في قطاع غزة، بتزويد وحدة العناية المكثفة والعمليات في مستشفى الشفاء من الطاقة الشمسية، وهناك مشروع لوضع طاقة شمسية لجميع المدارس بدل أن تكون مستهلكة ستكون منتجة للطاقة الكهربائية تمكنها من توفير نثرياتها الشهرية".
وقال: "الخطط كثيرة، ونتأمل أن يكون هناك استلام حقيقي لجميع القطاعات، وتفعيل اللجان التي انبثقت عن مجلس الوزراء للعمل كفريق واحد في شقي الوطن، على أن ننجح خلال فترة بسيطة في إعادة الوضع إلى ما كان عليه سابقًا".
دور القطاع الخاص في حل الأزمة
وهو ما أيده ورحب به الدكتور حسن أبو لبدة- رئيس اتحاد صناعات الطاقة المتجددة، الذي يعتقد، أنه نتيجة لظروف غزة، ولكل التشابك السياسي من الصعب على القطاع الخاص دون ضمانات حقيقية أن يكون قادرًا على ضخ مئات ملايين الدولارات لتوفير كفاية القطاع من الطاقة.
وفيما يتعلق بالنظرة المستقبلية في غزة، يرى الدكتور أبو لبدة، أنَّ المشكلة ليست محاولة تلبية النمو، وإنما في الوصول إلى كفاية معينة لتخفض النقص في المرحلة القريبة أو المتوسطة القادمة، لأن تحقيق نمو في التجاوب مع الطلب، خلال السنوات القليلة القادمة شبه مستحيل؛ لأن النمو نفسه وتيرته سريعة جدًّا بينما القدرة على تلبيية هذا النمو بطيئة جدًّا.
الطاقة المتجددة في حلحلة الوضع الكهربائي في غزة
ويؤكد أبو لبدة، أنَّ الاستثمار في الطاقة المتجددة ستستهم في حلحلة الوضع الكهربائي في قطاع غزة من خلال مشاريع الطاقة الشمسية لتحقق غزة كفايتها من الكهرباء خلال النهار، وبالتالي تخفض الضغط على الشبكة في الأوقات المختلفة.
يقول أبو لبدة: "نتحدث عن انقلاب كبير في وفرة الكهرباء، إذا كان هناك وفرة استثمارات سريعة في مجال الاستثمار في الطاقة الشمسية، إنها سريعة وتستطيع أن تبني 150 ميجاواط في أقل من 6 أشهر أو سنة، حيث يمكن من الطاقة الشمسية توفير ضعف ما هو متوفر اليوم أو ما يقال إنه متوفر اليوم".
لكن الدكتور وائل الداية- المحاضر في كلية التجارة والأعمال في الجامعة الإسلامية، يؤكد أنَّ الاستثمار في الطاقة الشمسية يتطلب إزالة القيود المفروضة من قبل إسرائيل على دخول المعدات الضرورية إلى غزة، والإعفاءات الضريبية لهذه المعدات، وتشجيع السكان والمؤسسات على استخدام الطاقة الشمسية المتاحة.
يقول الدكتور الداية: "يجب أن تكون مختلف الخيارات الاستثمارية في الطاقة ضمن محفظة استثمارية واضحة وضمن خطة تطوير بعيدة الأمد، وضمن خطة وطنية شاملة بعيدة المدى تلبي الاحتياجات المتزايدة للسكان".
صندوق سيادي للاستثمار في الطاقة المتجددة
ويقترح الدكتور أبو لبدة، إحداث تفكير جدي في أن تبادر السلطة الفلسطينية بالشراكة مع القطاع الخاص، لإنشاء صندوق سيادي بـ 250 مليون دولار للاستثمار في الطاقة المتجددة لصالح قطاع غزة، وقال: "إذا قامت السلطة بمنح القطاع الخاص الضمانات السيادية الكافية، برأيي الاستثمار في الطاقة المتجددة في فلسطين ولصالحها مجدٍ إلى حدٍّ بعيد جدًّا".
ويعني أبو لبدة بالسيادي: أن تكون الحكومة ضامنًا للصندوق لمنع الخسارة، وقال: "صندوق تكفله السلطة، ويحقق عائدًا بنسبة حدٍّ أدنى 8% للمستثمرين، ويكون مكرسًا لأن يقوم خلال سنة من الآن، بالتوازي الاستثمار في رفع قدرة التغذية من مصر إلى غزة، ومن ناحية ثانية القيام بمجموعة تدخلات لترقيع قدرة الشبكة خاصة أنها لا تستوعب ضخ الكثير من الكهرباء، وأن يكون هناك محطات طاقة شمسية على أسس تجارية في مصر، ويتم تبادل ما بين ما ينتج من هذه المحطات في مصر، وما يضخ إلى قطاع غزة".
ويضيف أبو لبدة: "إذا تم ذلك وعلى افتراض أنَّ كل القوى السياسية اللاعبة والمؤثرة والقائمة في غزة وفي الضفة توافقت على إخراج هذا القطاع من التجاذبات، وعلى الرغم من أنها إذا نجحت أو فشلت المصالحة أو اختلف أو توافق يكون هذا خارج التجاذبات، برأيي ممكن أن يصبح الحديث عمليًّا على رفع قدرة التزويد في قطاع غزة بطريقة جوهرية، إضافة إلى ذلك هناك ما يثبت أنَّ الطاقة الشمسية في قطاع غزة مجدية جدًّا، وهناك كمية إشعاع في غزة قد تضمن للمستثمر ما لا يقل عن 1750 إنتاجًا كهربائيًّا لكل كيلو، وبالنسبة لطاقة الرياح فهناك ما يكفي على الشاطئ من القدرة على توليد 50 ميجاواط، دون أن يكون هناك أي مشكلة لها علاقة بالتجاذبات الفلسطينية الإسرائيلية".
ويؤكد أبو لبدة، أنه يوجد انتشار كبير جدًّا لاستخدام الطاقة الشمسية في غزة، وهناك حاجة ماسة جدًّا ورغبة وطلب من القطاع التجاري والصناعي أن يدخل في هذا المجال. وبرأيه فإنّ المطلوب من السلطة، بالإضافة إلى الحوار، لترتيب العلاقة الفلسطينية الفلسطينية.
وقال: "الحلول المعتمدة على إسرائيل غير موثوقة، وإنّ تطورات الأمور الفلسطينية الفلسطينية، سيتباطأ الجانب الإسرائيلي في خط 161، وهو أصلاً البرنامج المقترح طويل المدى، ولا أرى أين يمكن أن نستمر بالاعتماد على إسرائيل في أن تكون هي المزود الأساسي للكهرباء في قطاع غزة، لأنّ أيّ تطورات داخلية تمكن السلطة الفلسطينية القيام بدور أكبر سيقابلها في الجانب اإاسرائيلي معيقات أكثر، ولذلك الهروب باتجاه مصر أعتقد أنه مدخل مهم، وممكن أن يؤثر بشكل فوري ومباشر".
وبين الدكتور أبو لبدة أنه يوجد اليوم في غزة الكثير من المصانع، جزء منها ركَّب وحدات شمسية، وهناك مشروع لتوفير الطاقة الكهربائية لكلّ المنطقة الصناعية في غزة بمشروع حوالي 7 ميجاواط، قدرته وهي تقريبًا ضعف قدرة التزود الموجودة في المنطقة الصناعية نفسها، بمعنى أنَّ هذا المشروع وحده سيتمكن أن يضخ 3 ميجاواط في الساعة على الشبكة فكيف لو أتيح المجال لباقي المصانع التجارية والصناعية بتشكيلات مختلفة للقيام بذلك".
فشل الاستثمار في قطاع الطاقة يؤدي إلى تفاقم الوضع
ولكن الدكتور الداية، يرى أنَّ غزة حاليًّا غير قادرة على تلبية 50% من الطلب على الكهرباء. مؤكدًا أنَّ نظام الطاقة في غزة يواجه خطر الانهيار، وقال: "فشل الاستثمار في قطاع الطاقة في غزة يؤدي إلى تفاقم الوضع السيئ ليسوء أكثر فأكثر".
ويتفق الدكتور الداية مع البنك الدولي، الذي توقع في حال عدم إيجاد خيارات لتوفير الطاقة أن يصل عجز الطاقة إلى 63% من الطلب في عام 2030.
وقال الداية: "لتجنب هذه المشكلة، غزة بحاجة لتطوير تدخلات قصيرة، متوسطة وإستراتيجية لمعالجة العجز المزمن في تزويد الطاقة. بسبب أزمة الكهرباء، أصبحت الحياة في غزة خطرة وغير ممكنة، معرضة سكانها لمشاكل صحية وتعليمية، لا وبل تطال المشاكل معظم نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية".
كلّ الحلول السابقة كانت ترقيعية
فإنّ المهندس ماهر عايش نائب مدير عام شركة توزيع كهرباء محافظة غزة/ مدير عام الشؤون الفنية والتجارية في الشركة، أشار إلى ارتفاع العجز في الطاقة من 1% عام 98 إلى 70% حاليا، مؤكدًا أنّ كلَّ الحلول في الفترة السابقة كانت ترقيعية ومرتبطة بالوضع السياسي والاقتصادي، مما ترتب على هذا العجز الكبير في 2017، معاناة المواطن والعاملين في قطاع الكهرباء لتوزيع الكمية المحدودة على مدار 8 ساعات فقط.
خطط الشركة التطويرية
وأشار عايش، إلى خطط الشركة التطويرية والتي تتقاطع مع خطط سلطة الطاقة، ويأمل في الفترة التي يتم دعمها لتمكينها من توفير وتركيب العدادات مسبقة الدفع، وقال: "بدأنا تطبيق نظام مسبق الدفع منذ عام 2013، حيث تمكنا من تركيب 60 الف عداد تقريبًا، من مجموع 260 ألف عداد، وهذا غير كافٍ، نريد مشاريع تكون قائمة على توفير هذه العدادات؛ لأن الطرق التقليدية في التحصيل مرتبطة بظروف الناس، وهي غير اقتصادية، ولدينا مشكلة الفاقد الكهربائي الناتج عن كميات التحميل والتعديات على الشبكة والسرقات، يحل المشكلة عدادات مسبقة الدفع للفئات المتعدية بالسرقة، والشركة تبذل جهودًا كبيرة لا تقل عن 10 سنوات تشتغل ضمن أزمة كبيرة".
ويرى عايش، زيادة القدرة الكهربائية من جمهورية مصر العربية، إذا تم التطوير حسب الخطط المطروحة، بأنها تحلّ أيضًا أزمة الكهرباء بتنفيذ اتفاقية الربط الثنائي التي فلسطين جزء منها، وهو مشروع معطل منذ عام 2007 ويجب تفعيله وتشغيله؛ ما يؤدي إلى حلّ أزمة الكهرباء، وهو من أفضل الحلول الموجودة.
ويؤكد المهندس عايش، أنَّ تحسين مستوى دخل الفرد، يحتاج استقرارًا سياسيًّا وفتح المعابر الذي يؤدي إلى ازدهار وتشغيل المصانع المتوقفة حاليًّا، وبالتالي نفقات الإنتاج عالية جدًّا ومقدرتها على الدفع لاستخدام الكهرباء منخفض. ونأمل مع الأجواء السياسية التوافقية التصالحية دعم شركة توزيع الكهرباء؛ لتمكينها من تنفيذ برامجها؛ ما يحقق حلَّ أزمة الكهرباء في قطاع غزة".
أزمة كهرباء غزة نتاج تشابك مصالح وتناقضات إقيليمية ومحلية
وبينما يرى الدكتور أبو لبدة، أنَّ أزمة كهرباء غزة ليست كلها فنية، "فهي تشابك مصالح وتناقضات إقيليمية ومحلية، ليست فقط إسرائيلية وفلسطينية، أدت إلى الوضع القائم اليوم، وهو تقريبا أكثر من 2 مليون مواطن ينتظرون 20 ساعة حتى يتزودوا بـ 4 ساعات كهرباء غير مستقرة".
صافي الإقراض بمئات الملايين
ولأنه يوجد ضغط على شركات توزيع الكهرباء لتسديد الأموال المتراكمة عليها، يأمل ملحم، العودة للمربع الأول مؤكدًا أنَّ صافي الإقراض في هذا السياق يصل حتى مئات الملايين، وقال: "كمواطن مهم جدًّا أن يكون المشترك عنصرًا لإنجاح هذه الخطة، حتى تتمكن الحكومة من تقديم دعمها بطرق صحيحة حيث يجب على المواطن والمشترك القيام بالتزام بتسديد ما عليه حتى نستطيع شراء الطاقة وتنفيذ المشاريع ونستمر في العمل".
ومن بين الإجراءات التي سيتم تنفيذها بحسب ما قاله ملحم: "تركيب عدادات مسبقة الدفع، وإلغاء جميع الإعفاءات الخاصة بأي شخص مهما كان سواء مؤسسة حكومية أو تجارية أو صناعية، ولن نتوانى في تنفيذ التشريعات وتطبيق القانون. كما أنَّ هناك عدة أمور سريعة سنقوم باتخاذها في قطاع غزة، وسنقوم بتشجيع الطاقة المتجددة، لفتح سوق جديد هناك".
ويشدد ملحم، على أهمية أنَّ هذه الشركة خدماتية، ولا يمكن أن تكون شركة للشؤون الاجتماعية، وقال: "من يستطيع العمل سوف نحافظ عليه، ومن لا يستطيع العمل وغير مجدٍ لن يكون له مكان، وأتمنى على الحكومة أن تجد له مكانًا في موقع آخر؛ حتى يكون قادرًا على العطاء".
وأشار ملحم، إلى أنَّ العملية مبنية على الإيراد والنفقات، وهذا بحاجة إلى مراجعة وعمل خطة سريعة؛ حتى تكون قادرة على شراء الطاقة، وليس على تسديد فواتير خارج إطار الكهرباء.
وبالنسبة للتشريعات قال ملحم: "نعمل على توفير جميع التشريعات، بما فيها وأهمها قرار مجلس الوزراء بخصوص التعرفة وتطبيق النظم والتشريعات الصادرة عن حكومة الوفاق الوطني وعن الجهات ذات العلاقة".
النتائج غير المباشرة للأزمة
فيما يؤكد عايش، أنَّ نتائج الأزمة التشغيلية مأهولة في قطاع النفقات التشغيلية، حيث يتم الفصل والتشغيل كل 4 ساعات، والطاقة المفروض أن يستهلكها المواطن خلال 24 ساعة، فإنه يستهلكها خلال 4 ساعات، والمحولات وأسلاك الشبكة محملة بنسب كبيرة، ما يؤدي إلى إهلاكها، وبالتالي زيادة نفقات الصيانة والتطويرية. بالإضافة إلى إهلاك القواطع والتي كلها نفقات مهدورة، فلو استثمرت قيمة هذه النفقات في حلّ أزمة الكهرباء كان يمكن الاستفادة منها.
معيقات حقيقية ذاتية
ولكن برأي الدكتور أبو لبدة، فإنّ مسألة كهرباء غزة، تحتاج لتفكير الكل بصوت عالٍ، فحتى لو حدث وأصبح هناك فرصة لتوفر الكهرباء وزيادة الكميات، فهناك معيقات حقيقية ذاتية تمنع أن يصبح هناك مضاعفة أو زيادة ذات مغزى في الكهرباء، لأن الشبكات في غزة مهترئة، فالفاقد قد يكون أكثر من 30%، وهناك شرذمة كبيرة في أداء الشبكة، ولذلك هناك مشاكل حقيقية تستدعي العمل بالتوازي، ليس فقط في مجال التوزيع، وإنما في تحقيق الاستقرار في التوليد".
التحديات التي تواجه قطاع الكهرباء في قطاع غزة
وبين عايش، أنَّ التحديات التي تواجه قطاع الكهرباء في قطاع غزة، هو توفير مصدر ثابت وأساسي للطاقة الكهربائية، مؤكدًا أنَّ كل الحلول المطروحة هي قابلة للتطبيق، فتوفير خط 161 بصورة عاجلة هو أمر يحل أزمة الكهرباء، ويوفر ما يقارب 50 ميجاواط إضافية، وتوفير وقود بسعر رخيص للمحطة إلى حين وضع خطط لتحسين القدرة المالية للشركة وحلّ الأزمة.
وأضاف، أنَّ فاتورة المبيعات أو تحصيلها مرتبطة بفاتورة المشتريات في الشركة، "عندما نوزع على المستهلكين 100 ميجاواط نفقد نسبة معينة، وبالتالي نريد تأمين مصدر داعم للكهرباء لزيادة السيولة النقدية في الشركة".
أزمة السيولة النقدية في الشركة
ومن المشاكل الكبيرة التي تواجهها الشركة (حسب رؤية المهندس عايش)، هي توفر السيولة النقدية، وتوفرها مرتبط بالنفقات والإيرادات. "فالشركة لديها نفقات كبيرة "رواتب"، ومن أجل إدارة شركة مأزومة، فإنْ توفرت كمية طاقة مناسبة يمكن أن يتم تخفيضها والاستفادة منها، وتوفر السيولة النقدية الآن عن طريق التحصيل والجباية هو هدف مطلوب للشركة".
ولكن الدكتور أبو لبدة يقول: "هناك مشاكل كبيرة تعترض آلية عمل الشركة وقدرتها على الجباية، بما في ذلك انتقائية الجباية، وهي جزء تجب الإشارة إليه كواحد من مدخلات معالجة الكهرباء".
حصر حاجة قطاع غزة من الكهرباء
ويبين ملحم، أنَّ الطاقة في قطاع غزة تتراوح ما بين صفر–200 ميجاواط، وهذا ينطبق على محطة التوليد، إذا توفر الوقود تشتغل، وتشغيلها يعتمد على كمية الوقود المتوفرة، وعلى استمراريته، والأمر نفسه ينطبق على الخطوط المصرية، إن كانت تعمل بالكامل أو خرج أحدها من الخدمة، صحيح أنها تغذي حوالي 32 ميغاواط، ولكن خلال السنة الماضية كان أكثر من 70% من الوقت خارج الخدمة.
وقال ملحم: "قمنا بعملية حصر حاجة قطاع غزة من الكهرباء، ففي عام 2010 كان بحاجة إلى 300 ميجاواط حتى يوفر الحد الأدنى من الاحتياجات، وارتفع هذا الرقم في 2015 إلى 430 ميجاواط، وفي 2020 من المتوقع أن يصل إلى 620 ميجاواط، وفي 2025 سيصل إلى 900 ميجاواط".
ويؤكد المهندس ملحم على خصوصية قطاع غزة، وقال: "لم نتوقف عن دعم شركة توزيع كهرباء غزة، وجميع الموارد في غزة هي من سلطة الطاقة، وإعادة إعمار شبكة كهرباء هناك قامت بها سلطة الطاقة من خلال الخبير الفني في شركة كهرباء غزة، استطعنا في وقت قصير بناء شبكات جديدة".
ولا يختلف الدكتور الداية، مع المهندس ملحم حول التوسع والتدخل الاستراتيجي: وقال: "استنادًا إلى التوقعات المحافظة سيصل الطلب على الطاقة إلى 550 ميغاواط بحلول عام 2020، وفي سيناريو أكثر تفاؤلاً، ستشهد السنوات القليلة المقبلة إنجاز عدد من مرافق المياه والصرف الصحي المهمة؛ باعتبارها تقدمًا آخر في الانتعاش الاقتصادي في غزة. وفي هذا السيناريو، سيزيد الطلب على الطاقة إلى 850 ميغاواط. ومن ثم، فإنّ رفع مستوى الشبكة، وتسهيل دخول الوقود وتنويع مصادر الوقود، وزيادة قدرة الخطوط، وتركيب خطوط كهرباء إضافية، هي تدابير حاسمة ضرورية لتلبية احتياجات الطاقة المستقبلية".
معالجة أزمة الكهرباء هي أكبر من أيّ سلطة
وبرأي الدكتور أبو لبدة: "إنّ معالجة أزمة الكهرباء هي أكبر من أي سلطة، وليس من اللازم أن تكون هي جزءًا لأي تجاذبات في النظام السياسي الفلسطيني بمكوناته المختلفة؛ لأنها أزمة وطنية أخلاقية إنسانية، وهذا واحد من أبسط حقوق الإنسان الذي قطاع غزة محروم منها نتيجة لكل العوامل المختلفة".
وقال أبو لبدة: "إنْ تحقق ما أعلن عنه المهندس ملحم، فنحن نتحدث عن 300 ميجاواط، ولكن التوقعات في سلطة الطاقة هي أضعاف ذلك، ولذلك الأزمة مستمرة، لهذا السبب فإن الاحتلال يتحمل المسؤولية الأكبر عنها، ليس فقط في مجال التزويد، ولكن أيضًا في تدمير البنى التحتية عدة مرات ومنع إصلاحها، وأيضًا تكريس قطاع الطاقة كجزء من مكونات الحصار على قطاع غزة، وربما هناك نوع من أنواع التقاعس في السلطة الفلسطينية أدى إلى أنَّ الحصار في مجال الطاقة تمت شرعنته، لا يوجد هناك احتكاك مستمر مع الجانب الإسرائيلي لتخفيض العامل الإسرائيلي في الأزمة القادمة".
تشغيل المحطة غير اقتصادي على المدى الطويل
في حين يقول المهندس عايش: "على المدى الطويل، فإنّ تشغيل المحطة غير اقتصادي، ندعم وجود محطة وطنية للطاقة الكهربائية في قطاع غزة، ولكن نؤيد تطوير المحطة بزيادة كفاءة تشغيلها، بحيث تنتقل من السولار التي هي بالأصل غير مخصصة للتشغيل بواسطته إلى أن تشتغل على الغاز الطبيعي الذي يمكن أن يخفض أكثر من ثلثي التكلفة، ما يؤدي إلى تخفيض كلفة وتعرفة الكهرباء ويمكن من تشغيل الشبكة".
ويتفق الدكتور الداية مع المهندس عايش حول أهمية تحويل محطة توليد الكهرباء إلى الغاز الطبيعي وربطها بمصدر للغاز الطبيعي، والذي من شأنه أن يقلل من تكلفة إنتاج الكهرباء في القطاع، ويضمن التشغيل المستمر للمحطة. وقال: "بفضل اكتشافات الغاز الرئيسية في شرق البحر المتوسط، سيكون من الممكن على المدى المتوسط استيراد الغاز لتوليد الطاقة التي تعمل بالغاز، على الرغم من أنَّ البنية التحتية اللازمة لدعم هذا الاستيراد غير متوفرة حاليًّا".
قطاع غزة مقبرة كبيرة جدًّا للمخلفات
ويقول أبو لبدة: "لا أحد يتحدث بشكل جدي ومفصل حول الأزمة البيئية المستفحلة أصلًا بسبب عدم انتظام الكهرباء، وبالتالي؛ تأثير ذلك على كل محطات التنقية من الكم الهائل من المعدات والأجهزة التي أصلاً جزء كبير منها يدخل قطاع غزة بأقل من نصف عمرها، وبالتالي؛ ينتهي الأمر بالقطاع أنه مقبرة كبيرة جدًّا لمخلفات تؤثر ليس فقط على المياه الجوفية، ولكن على صحة المواطن".