الثلاثاء  07 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ما يذكرنا به الوعد الباطل/ بقلم: سامي سرحان

2017-11-07 10:30:37 AM
ما يذكرنا به الوعد الباطل/ بقلم: سامي سرحان
صورة تعبيرية (تاريخية)

 

 

يذكرنا وعد بلفور الذي قطعته بريطانيا العظمى في 2/11/ 1917 لليهود أنه لم يكن لليهود وجود في فلسطين قبل ذلك التاريخ.

 

ويذكرنا الوعد المشؤوم أنّ حربين عالميتين حدثتا لتكريس ما جاء في هذا الوعد الباطل على أرض الواقع بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.

 

ويذكرنا وعد  بلفور أنّ شعب فلسطين كان موجودًا في فلسطين يملك أرضها وماءها وهواءها ومزارعها ومصانعها، وهو صاحب حضارتها ومصانعها على مدى عشرات القرون قبل التوراة والإنجيل والقرآن نبشت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي التي لا يكاد يذكرها أحد في تاريخ بلدها الاستعماري الأسود قبل مئة عام، فتذكر العالم مأساة شعب فلسطين والإجحاف الدولي الذي أسس له وعد بلفور وجسده الانتداب البريطاني بعد الحرب العالمية الأولى على فلسطين، فانهالت اللعنات على رأس جد ماى الأعظم بلفور وعظامه وعلى التاريخ الاستعماري الأسود لبريطانيا الذي يجب أن تخجل منه بريطانيا والشعب البريطاني وحكوماته ونوابه وأحزابه ومثقفوه وجنرالاته.

 

يذكرنا وعد بلفور بالخذلان العربي لفلسطين ولشعب فلسطين والتواطؤ العربي الدولي مع المشروع الصهيوني وانكفاء العرب خلف حدود دول قطرية مصطنعة  بين الحرب العالمية الأولى وترك فلسطين وحيدة دون سند أو عمق عربي ما سها على بريطانيا العظمى والدول المتواطئة معها تنفيذ وعد بلفور والانفراد بفلسطين وفتح أبوابها للهجرة اليهودية في ظل الانتداب البريطاني الذي فرض على فلسطين وتحوله إلى استعمار وحكم بريطاني مباشر لها،  كانت نتيجة قرار التقسيم ثم إقامة الدولة اليهودية إسرائيل في فلسطين وتجاهل حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره والعيش في وطنه في دولة مستقلة كغيرها من الدول العربية واختفاء الشعب الفلسطيني في ثنايا المحيط العربي كمواطنين لدول أخرى أو لاجئين مشردين بلا وطن ولا أمل ولا مستقبل.

 

لكن وعد بلفور يذكرنا بالنضال الوطني الفلسطيني المتواصل منذ العام 1917 وحتى 2017 ضد المشروع الصهيوني والدولة الصهيونية والاحتلال الإسرائيلي لفلسطين في إقامة دولته المستقلة في فلسطين وعاصمتها القدس، وأبقى قضية فلسطين حية في وجدان الشعوب العربية والإسلامية المبتلاة بالتخلف والانقسام والتبعية للدول التي احتضنت المشروع الصهيوني،  وإعلان استقلال إسرائيل.

 

لم يتوقف نضال الشعب الفلسطيني رغم كلفته العالية ضد المشروع الصهيوني، وقاد إلى اعتراف معظم دول العالم بدولة فلسطين في حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس باستثناء المملكة المتحدة (بريطانيا) صاحبة الوعد المشؤوم التي احتلت مع بنيامين نتنياهو المنبوذ دوليًّا بالذكرى المئوية للوعد.

 

يذكرنا وعد بلفور أيضًا بأن بريطانيا العظمى صاحبة الوعد الباطل لم تعد دولة مركزية في السياسة الدولية، وربما أعاد احتفال تيريزا ماي مع نتنياهو بالذكرى المئوية للوعد المشؤوم للذاكرة الدولية السجل الاستعماري لأكثر سوءًا في التاريخ الحديث ويحيي المطالبات بملاحقة بريطانيا دوليًّا على جرائمها المنكرة بحق الشعوب التي خضعت لاستعمارها الأسود.

 

ويذكرنا الوعد المشؤوم بالحال العربي اليوم الذي هو أشبه ما يكون بحال العرب منذ مئة عام، وأن العرب مازالوا عند نقطة البداية، بل أسوأ منه بعد الحرب العالمية الأولى فالمنطقة العربية مازالت مستهدفة في العراق وسوريا ولبنان واليمن ومصر والبحرين وليبيا والصومال والسودان، وكما نسيت فلسطين عربيًّا بعد الحرب  العالمية الاولى، واستهدفت في الحرب العالمية الثانية بإقامة إسرائيل هي اليوم في طريق النسيان في ظل الرهن العربي وفشل الدولة القطرية التي بات التطبيع مع إسرائيل والتحالف بينها حسبة الخلاص لبقائها. فلم تعد فلسطين القضية المركزية للعرب والمسلمين، وهي لم تكن كذلك في يوم من الأيام، وأن تمسح الحكام وكانت لهم قميص عثمان. وما حافظ على بقاء القضية الفلسطينية وتجذرها في الوحدات الفلسطيني والعربي والاسلامي هو نضال أبناء فلسطين الذي لم يتوقف على مدى مئة عام ومساندة خجولة من بعض ابناء الشعب العربي الذي يعاني القمع والاضطهاد في أقطار العرب المختلفة. ما أبقى الامل حاضرًا في مستقبل عربي متحرر من الاحتلال والتبعية والقطرية والمذهبية والطائفية.