الجمعة  09 أيار 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

متابعة "الحدث" | تسابق وتزاحم محموم على شغل وظائف عليا بصورة غير مشروعة سعيا وراء الرواتب والامتيازات المرتفعة

موظفون في الفئات العليا اجمالي رواتبهم تماثل ضعف نسبتهم من اجمالي الموظفين

2017-11-08 01:51:25 PM
متابعة
وزارة الخارجية (ارشيف الحدث)

تعدد تبعات وتداعيات الفجوة في رواتب موظفي السلطة، تعكس ضعف العدالة الاجتماعية وتنطوي على هدر للمال العام وتسهم في تفكيك النسيج المجتمعي وخلق مناخ مساعد لانتشار أشكال متعددة من الفساد

التباين بين الرواتب والمكافآت والامتيازات، أدى الى هدر المال العام وتضخيم لا مبرر له لرواتب العديد من الوظائف
تراكم ديون صندوق هيئة التقاعد على الخزينة العامة سنويا يهدد وجوده بعد أقل من عشر سنوات

الحدث ـ خاص:

يتوقع خبراء المال والاقتصاد تزايد الخلل الهيكلي في منظومة الانفاق العام مع استيعاب عشرات آلاف الموظفين الغزيين في القطاعين المدني والعسكري من خلال استمرار استحواذ فاتورة الرواتب على الحصة الاكبر من الانفاق العام بنسبة تراوحت بين 50% -60%، وهو واحد من اكثر التحديات والتداعيات التي تواجه حكومة رامي الحمد الله بعد اتمام المصالحة الوطنية وتسوية اوضاع الموظفين الذين كانوا ملتحقين بالمؤسسات الحكومية والاجهزة الامنية التي كانت تديرها وتشرف عليها حركة حماس قبل المصالحة.

 

ويؤكد هؤلاء الخبراء وجود خللا كبيرا يشوب نظام الرواتب لموظفي السلطة يتمثل أساسا بوجود فجوات وتباينات في رواتب الموظفين في القطاعين المدني والامني على مستويات مختلفة، حيث يزيد متوسط الأجر الشهري للموظفين في القطاع الامني عنه في القطاع المدني بحوالي 15%، اضافة الى تباين آخر يرصد بين مستويات الادارة والوظائف المختلفة في القطاع الواحد سواء كان مدني او عسكري.

 

ومن المنتظر ان تزداد الازمة المالية للسلطة الفلسطينية اختناقا مع عدم التزام الحكومات الفلسطينية المتعاقبة بتحويل مساهماتها واشتراكات الموظفين بشكل كلي الى صندوق هيئة التقاعد. وهنالك تخوفات من انهيار الصندوق مطالبين بوضع حلول جذرية للتحاسب وجدولة الديون وإعادة هيكلة الصندوق ومجلس ادارته.

 

تعدد تبعات وتداعيات الفجوة في رواتب موظفي السلطة

ويرى الدكتور نصر عبد الكريم - الخبير المالي والاقتصادي، ان المشكلة في الرواتب مزدوجة، فهي من جهة كبيرة الحجم وتهيمن على النفقات الجارية، ومن جهة ثانية فهي موزعة بشكل غير عادل بين الموظفين.

 

ولا يستبعد عبد الكريم، في ان تكون هناك فجوة رواتب عمودية، أي بين رواتب الموظفين في الفئات الادارية المختلفة في القطاع الواحد(مدني/أمني/عسكري)، وفجوة افقية في متوسط رواتب موظفي القطاع المدني مقارنة بالقطاع الامني/العسكري ومقارنة بموظفي السلك الدبلوماسي والجهاز القضائي.

 

يقول الدكتور عبد الكريم:(تتعدد تبعات وتداعيات قضية الفجوة في رواتب موظفي السلطة، فهي من جهة تعكس ضعف العدالة الاجتماعية بين شريحة مهمة في المجتمع،  ومن جهة اخرى قد تنطوي على هدر للمال العام وقد تسهم في تفكيك النسيج المجتمعي عبر توليد الاحقاد بين أفراد وخلق مناخ مساعد لانتشار أشكال متعددة من الفساد من جهة ثالثة،  والى تشجيع ظاهرة التسابق والتزاحم المحموم على شغل الوظائف العليا سواء من خلال الترقيات او التعيينات المباشرة بصورة غير مشروعة واستخدام أساليب الواسطة والمحسوبية سعيا وراء الرواتب والامتيازات المرتفعة المصاحبة لهذه الوظائف، الى جانب فرص انتشار وتبرير الرشوة الصغيرة لدى موظفي الخدمات في الوظائف الدنيا.

 

معالجة فجوة الرواتب تكتسب اهمية خاصة

ويؤكد عبد الكريم، ان معالجة فجوة الرواتب تكتسب اهمية خاصة وكبيرة ليس فقط لكونها تضيق منسوب اللاعدالة بين الموظفين، وانما ايضا لكونها أحد أوجه وأساليب ترشيد النفقات العامة التي طالما اعتبرته الحكومة من بين اهم توجهاتهان وتتطلب هذه المعالجة تحديد مصادر هذه الفجوة اولا ومن ثم اقرار سياسة لمعالجتها.

 

اضافة الى ذلك يتم صرف علاوة غلاء معيشة تراكمية بنسية 16,52% من الراتب الاساسي لجميع الموظفين في القطاعين المدني والعسكري ، وهي بالتأكيد تسهم في توسيع الفجوة في قيمة الراتب الاجمالي ما بين الفئات المختلفة، فمثلا نجد ان قيمة غلاء المعيشة لرئيس المحكمة العليا تبلغ 1858,5 شيكل، أما لمعاون النيابة وفي نفس سلم الرواتب فبلغ 891 شيكل، أي بفارق بصل الى 967,5 شيكل.

 

رواتب موظفو الفئات العليا هي اعلى من خط العدالة

ويستنتج الدكتور عبد الكريم بعد قراءته لجداول سلم الرواتب في كافة القطاعات، ان الفجوة في الرواتب تظهر اكثر وضوحا بين الفئات العليا والدنيا في كافة القطاعات، بحيث يتقاضى الموظفون في الفئات العليا اجمالي رواتب تماثل ضعف نسبتهم من اجمالي الموظفين، وبالمقابل يتقاضى موظفو الفئات الدنيا الثلاث(الثالثة – الخامسة) نسبة من اجمالي الرواتب تقل عن 40% من نسبتهم في اجمالي عدد الموظفين.

 

وهذا يعني (بحسب عبد الكريم) ان رواتب موظفي الفئات العليا هي اعلى من خط العدالة، بينما هي اقل من خط العدالة لموظفي الفئات الدنيا، كما ان درجة التصاعدية في الرواتب هي اكثر حدة في قمة الهرم الاداري من قاعدته، ويتضح ان الفجوة تبدأ في الراتب الاساسي وتتسع بشكل ملحوظ عند احتساب العلاوات والامتيازات الوظيفية، التي هي اكبر بكثير لموظفي الفئات العليا مقارنة بالفئات الدنيا او المتوسطة.

 

واكد عبد الكريم، ان هذه الفجوة تزداد بوجود علاوات ومخصصات انفاق اخرى غير مرتبطة بقسيمة الرواتب ويستفيد منها موظفو الدرجات العليا، والتي تشمل استخدام المركبات الحكومية ومخصصات الهواتف النقالة والمحروقات وغيرها من الامتيازات الوظيفية والعلاوات الاشرافية.

 

واكد الدكتور عبد الكريم، الى ان التباين بين الرواتب والمكافآت والامتيازات، أدى الى هدر المال العام وتضخيم لا مبرر له لرواتب العديد من الوظائف، وغياب لسياسة ومعايير تحديد الدرجات الوظيفية لشاغلي رؤساء المؤسسات العامة غير الوزارية ودون تحديد سقف أعلى للرواتب مما أدى الى ارهاق خزينة الدولة والى تقاضي بعض رؤساء هذه المؤسسات رواتبا ومكافآت قد تصل بمجموعها أعلى مما يتقاضاه رئيس السلطة الفلسطينية أي اكثر من 10 آلاف دولار، كما واكد ان مستوى العدالة في توزيع الدخل بين الموظفين العاملين في السلطة الوطنية منخفض .

 

عدم التزام الحكومة بتحويل مساهماتها واشتراكات موظفيها لصندوق التقاعد يعمق الازمة المالية

وما يزيد الامر تعقيدا، ويعمق الازمة المالية التي تعانيها السلطة الوطنية الفلسطينية بحسب الباحث جهاد حرب، ان الحكومات المتعاقية لم تلتزم بتحويل مساهماتها واشتراكات موظفيها بشكل كلي الى صندوق هيئة التقاعد.

 

وذكر حرب، ان قيمة الديون على الخزينة العامة لصالح صندوق التقاعد تبلغ حوالي 7 مليارات شيكل، حيث ارتفعت الديون على الخزينة العامة من 14 مليون شيكل في العام 1999 الى 5,6 مليار شيكل في نهاية العام 2016، وتشمل الديون المستحقة على الخزينة العامة 88% من أموال وموجودات صندوق التقاعد، ما يحول دون استثمارها لصالح الهيئة ويشكل تهديدا لاستمرار قدرة الصندوق على دفع الرواتب التقاعدية مستقبلا للمشتركين عند وصولهم لسن التقاعد خاصة ان اعدادهم من المتوقع ان تزداد حاليا وفي السنوات القادمة.

 

ومع ان حرب اشار الى التزام وزارة المالية بدفع 240 مليون شيكل في العام، لكنه اكد انه قيمة ما يجب دفعه في العام حوالي 1,390 مليار شيكل، منوها الى ان عدد المشتركين المنتفعين من خدمات الهيئة في العام 2016 وصل الى 161,329 موظفا، مبينا ان قيمة الاشتراكات الشهرية والمساهمات تساوي خمس قيمة الرواتب، ما يعني ان الديون ستتراكم سنويا وتهدد وجود الصندوق بعد أقل من عشر سنوات.

 

واكد حرب، ان وزارة المالية ما زالت تقوم بشكل مباشر بدفع المستحقات التقاعدية في جميع انظمة التقاعد المهمول بها في الهيئة والتي تمثل رواتب تقاعدية وتعويضات الدفعة الواحدة، حيث بلغت خلال العام 2016 حوالي 843 مليون شيكل لـ 36,291 متقاعدا، في حين تعتبر هيئة التقاعد ذلك جزءا من تسديد الديون على الخزينة العامة بسبب عدم قيام وزارة المالية بتحويل كافة الاستحقاقات التقاعدية للصندوق.

 

وقال حرب:"تضطر هيئة التقاعد الى تسييل بعض الودائع للقيام بالوفاء بالتزاماتها المالية للمستحقين حيث تتراوح نفقاتها الشهرية ما بين 23 – 25 مليون شيكل شهريا في حين تقوم الحكومة بتوريد 20 مليون فقط شهريا ما يشكل خطراعلى المحفظة الاستثمارية في حال استمرت الحكومة بعدم تحويل كامل الاشتراكات الشهرية وتسوية اجمالي المتأخرات.  

 

تأخير ارسال الاموال لهيئة التقاعد يعني تخليها في المستقبل عن دفع الراتب التقاعدي للموظفين

في حين قال الدكتور عزمي الشعيبي ـ مستشار مؤسسة "أمان"( من الصعوبة بمكان ان نطلق على الاموال التي تحول كجزء من الراتب انها تتعامل كمتأخرات وديون لأن الراتب يدفع بانتظام وهذا شكل احد اهم انجازات وزارة المالية ووزيرها خلال السنوات الاخيرة بانه هو يقول انه يدفع الرواتب في الاسبوع الاول من كل شهر، وبالتالي لماذا لا يحول ما يتم خصمه من هذه الرواتب ايضا في الاسبوع الثاني من كل شهر الى هيئة التقاعد والمعاشات باعتبار ان هذه الاموال هي اموال الموظفين فهذه ليست اموال تجار ولا ايا من الموردين لمواد للحكومة ويمكنه الانتظار، لان الراتب الذي سيدفع للمتقاعد ايضا يجب ان يدفع في بداية كل شهر كما يدفع للموظف، وبالتالي تأخير ارسال هذه الاموال لهيئة التقاعد يعني تخليها في المستقبل عن دفع الراتب التقاعدي للموظفين، حيث ان ما تم تحويله حتى اليوم من مجموع المطلوب لا يشكل اكثر من 12% من ما هو مفروض ان تستخدمه هيئة التقاعد في الاستثمار.

 

واوضح الشعيبي، ان 20 مليون شيكل التي تحول الى هيئة التقاعد بانتظام تشكل فقط خمس ما يجب ان يحول، وبالتالي كل شهر تتم زيادة في الديون وهو ما يفسر لماذا وصلت ارقام الدين الى ما يقارب 1,8 مليار دولار هي حجم ديون هيئة التقاعد هذه اموال موظفين وحقوقهم وقد تهدد مستقبل صندوق هيئة التقاعد.