السبت  20 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

بعد التهديد الإسرائيلي بدخول غزة خلال 24 ساعة.. أهلا بكم في غزة!

2018-07-18 01:34:40 AM
بعد التهديد الإسرائيلي بدخول غزة خلال 24 ساعة.. أهلا بكم في غزة!
مقاتلون من الجناح العسكري للجهاد في غزة


 

الحدث ــ محمد بدر

تصاعدت في الآونة الأخيرة التهديدات الإسرائيلية لقطاع غزة، ووصل بعضها لطرح خيار احتلال غزة.. آخر التهديدات أطلقها ضابط كبير في جيش الاحتلال قال فيها: "إن أحدا يجب أن لا يتفاجأ إن دخلنا غزة خلال 24 ساعة".

قد يكون الجيش الإسرائيلي أغرته مشاهد الحسم السريع في سوريا؛  حرر الجيش السوري مساحات تقدّر بأضعاف فلسطين ثلاث مرات فقط في الأشهر الأخيرة، في مواجهة مع مجموعات مسلحة مكونة من آلاف المقاتلين المجهزين بسلاح متطور وتديرهم غرف عمليات غربية وعربية وتمدهم بكل ما يلزم من معلومات استخباراتية ودعم لوجستي عبر حدود كانت مفتوحة لهم.

وقد يعتقد البعض بنفس اعتقاد الجيش الإسرائيلي، بأن زمن الجيوش قد عاد وزمن المجموعات والجماعات قد ولّى. هذه ليست مقاربة قيمية أو أخلاقية، إنها مقاربة عسكرية مجردة حتى لا يساء فهمها.

لقد كانت آخر تجارب إسرائيل في محاولة احتلال بعض أجزاء غزة في عام 2014، حينها أعلنت إسرائيل أن الهدف هو تحييد المناطق التي تطلق منها الصواريخ، وبالفعل دخلت إسرائيل لبعض الأحياء في غزة، وبدأت المعركة البرية بين المقاومة وجيش "إسرائيل" وجها لوجه؛ حينها ارتكبت "إسرائيل" خطأ  كبيرا بهذا الدخول؛ من ناحية أن هذه المعركة كلفتها قتلى أضعاف ما قتلتهم الصواريخ، بالإضافة لكونها خلقت لنفسها أزمة مستقبلية عنوانها "الجنود المحتجزين".

في هذه المعركة، اكتشفت إسرائيل أن معلوماتها الاستخباراتية عن شبكة الأنفاق الداخلية لم تكن دقيقة، وبالتالي ورطت نفسها في معركة بلا معلومات.

ما بين 2014 إلى 2018 هناك معطيات كثيرة تغيرت من الممكن أن تعطي صيغة أخرى ووجه مختلف للمعركة على غزة؛ أول هذه المعطيات أن عمليات تهريب السلاح قد انخفضت بشكل كبير خاصة مع حرب مصر على الأنفاق وأيضا تضرر العلاقات بين حماس وبعض الجماعات المسلحة في سيناء في ضوء التقارب الحمساوي المصري؛ هذه الجماعات شنت حربا شرسة ضد حماس وأعدمت قبل أشهر تاجر سلاح كان يهرّب لحماس الأسلحة.

كما أن استقرار الأوضاع الأمنية في ليبيا نسبيا قلّص من عمليات تهريب السلاح، بالإضافة لتخلي السودان عن دورها المهم كممر السلاح، بعض أزمتها مع إيران بسبب تدخلها لصالح السعوديين في الأزمة اليمنية ومحاولاتها لتفكيك مشاكلها مع الولايات المتحدة.

ولكن..

أي حملة برية عسكرية في غزة،  ستصطدم بأمرين مهمين: الأول؛ كثافة سكانية عالية واكتظاظ سكاني كبير وهو الأمر الذي من شأنه أن يوقع أعدادا كبيرة من الضحايا، ما يؤدي إلى تشكيل رأي عام عالمي ضد إسرائيل وتزايد وتيرة المقاطعة لإسرائيل والضغط عليها، والثاني؛ هو أن هناك آلاف المقاتلين العقائديين مستعدين للقتال حتى النفس الأخير.. إسرائيل تعلم أن حربا مع مقاتلين عقائديين يعتبرون غزة معركتهم الأخيرة؛ يعني أن الجيش الإسرائيلي سيواجه كوابيس قد لا يحتملها.

في ممرات أحياء غزة الضيقة، مهما كان كبيرا مستوى التنسيق بين الطيران والقوات البرية، إلا أن السلاح الخفيف هو الحكم والفيصل في مواجهة الشوارع الضيقة، وبما أن إسرائيل تعهدت لجنودها بأنها لن تكرر عمليات "هنيبعل" كما حدث في حالة اختطاف الجندي المحتجز لدى المقاومة هدار جولدن، فإن تغطية الطيران ستكون ضعيفة خلال سير المعارك في هذه الممرات، كما أنها (التغطية الجوية) لن تعالج عمليات اختطاف، ومعالجة القوات البرية لبعض الأزمات التي يخلقها الميدان قد توّلد أزمات أخرى وتزيد من أعداد القتلى أو المخطوفين.

إن ما يسمى في العقيدة العسكرية الإسرائيلية بخط النار (مهاجمة المنطقة التي ينوي الجيش احتلالها بالنار الكثيفة لإسقاطها عسكريا على أن لا أن يتم التقدم أكثر من 100 متر في كل مرة)، لا يمكن أن يسعف الجيش الإسرائيلي خاصة مع وجود شبكة أنفاق داخلية معقدة لا تخضع لخط النار وقد تجعل من أي تقدم كمين.

الجبهة الداخلية الإسرائيلية والرأي العام الإسرائيلي أيضا من العوامل الضاغطة على الحكومة الإسرائيلية؛ خاصة إذا ما سقطت أعداد كبيرة من الجنود القتلى، ومن المعروف أن إعلام الجماعات يعدّ مؤثرا في الجمهور المعادي أكثر من إعلام الدولة، حسب آخر الدراسات التي أجراها معهد الأمن القومي الإسرائيلي بهذا الخصوص. وبالتالي فإن مظاهر قنص الجنود وتفجير آلياتهم وتفجير تجمعاتهم التي ستبثها المقاومة لن تمرّ دون رأي عام ضاغط على الحكومة الإسرائيلية.

ليس هذا فحسب، بل إن الجبهة الشمالية كذلك لن تبقى هادئة خاصة وأن إيران لديها حساب كبير مع آلة القصف الإسرائيلية، وفي ظل حديث محور المقاومة عن توحيد الجبهات، وستجد إسرائيل نفسها مضطرة لتجميد كل محاولاتها لوقف التمدد العسكري الإيراني في سوريا؛ وهو ما تعتبره إسرائيل خطرا وجوديا، أو قد تجد نفسها في مواجهة جبهات متعددة، وهو ما لا تحتمله الجبهة الداخلية الإسرائيلية بحكم الجغرافيا، وبحسب اعتراف موقع ديبكا الأمني الإسرائيلي قبل أيام.

إن غزة ليست إلا كابوسا مزمنا لإسرائيل، ليس فقط بما فيها من سلاح وعتاد ومقاتلين، بل أيضا بسبب تعقيدات تبعات العمل الإسرائيلي في غزة؛ غزة معادلة كبيرة لا العالم يستطيع تجاوزها ولا إسرائيل.