الجمعة  19 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

للرئيس ولقادة الأجهزة الأمنية (2): السلم الأهلي في خطر/ بقلم: علاء الريماوي

2018-12-30 09:54:46 AM
للرئيس ولقادة الأجهزة الأمنية (2): السلم الأهلي في خطر/ بقلم: علاء الريماوي
الرئيس محمود عباس


الحديث عن السلم الأهلي، يعتبره الأمن خطا أحمر يجب تجنبه، وكذلك الحكومة، والمجتمع يتقي الحديث فيه وعنه خشية من لعنة الدمار في ظل الواقع القائم في المحيط العربي.

ما كتبناه عن خلل في أداء السلطة السياسي تجاه الاحتلال ينعكس عمليا على أداء الحكومة والسلطة تجاه المجتمع والكيانات السياسية، للشعور بأن الماكينة تعاني من خلل في الضبط المنهجي للإيقاع، كما تغيب معها الرؤية العملية للتعاطي مع الواقع المتفاقم على الأرض.

في التحليل الذي أجراه مركز القدس لسلوك السلطة خلال السنوات الماضية؛ رصدنا جملة من المتغيرات الخطيرة الضاغطة على المجتمع، متزامنا ذلك مع غياب جهاز حكومي قادر على تبرير الأحداث، ومن هذه المتغيرات:

أولا: الخطاب التعبوي للسلطة والأمن، خطاب فاشل بامتياز، ومن ينطقون باسم الحكومة والرئاسة هم أبعد ما يكون عن المهنية والقدرة على إقناع المجتمع، ومثال ذلك ما جرى في إضراب المعلمين والضمان الاجتماعي.

ثانيا: نجحت الحكومة في تصدير الأزمات للمجتمع بشكل ثابت بواقع أزمة كل 3 أشهر، مما شكل حالة من الخصومة مع معظم الفئات المجتمعية، من إضراب المعلمين وصولا للضمان الاجتماعي ومرورا بقانون المساءلة، القضاء والسلوك الأمني في المناطق المختلفة عدا عن الانضباطية في السلوك العام.

ثالثا: الفشل في الخدمات؛ لم تحسن الوزارات ذات الاختصاص المجتمعي في إقناع الجمهور بأن هناك سلطة مقنعة في الأداء سواء في الجانب الصحي أو التعليمي والاقتصادي "نموذجا للقياس"، الأمر الذي كان من شأنه خلق حالة من الانتماء وتعزيز الرضا عن الحكومة.

رابعا: السلوك الإقصائي والفجوة بين القطاعات المجتمعية، هناك حالة من عدم الرضا المجتمعي في إدارة التوظيف في المؤسسات العامة، وشغل المناصب العليا، توزيع مناطق العمل، المحسوبية المفرطة، التسويغ السياسي للأعمال، والتأزيم المتكرر مع الفصائل الفلسطينية، عدا عن الشعور بالمظلومية بين المناطق المختلفة.

خامسا: السلوك الأمني غير المنضبط، الإفراط في استخدام القوة، القمع الصارخ والمتكرر، الحملات التي يصاحبها قتل، تكرار عمليات الإعدام خارج المحاكمة، تكرار ضرب النساء في أكثر من حادثة، الاعتقال السياسي، السلامة الأمنية والتضييق على معاش الناس، المخرجات غير المقنعة في قضايا الرأي العام كقضايا القتل في رام الله واعتقال سهى جباره.

سادسا: سلوك الأشخاص والمؤسسات والهيئات القريبة من السلطة؛ هناك حالة استقواء واستحواذ وتفضيل للمقربين من السلطة في القطاعات المختلفة، عدا عن السلوك الفوقي مما يورث حالة ضغينة كبيرة وعدم رضا تتحمله السلطة.

سابعا: التشكيك في وطنية الأداء؛ التصريحات المنفلتة والخطب غير المتزنة، عدم ضبط الإيقاع في التعاطي مع الثوابت العامة، السلوك غير المتزن والظهور غير الواعي، كل ذلك أخذ أطيافا من المجتمع إلى التشكيك في الدور والحضور الوطني، مما سيفرز لا سمح الله حافزية لعدم الانتماء والتعبئة لحركة فيزيائية من بعض الغلاة والمتطرفين في الفكر.

ثامنا: العقد الأخلاقي؛ هناك حالة من الانفتاح غير المنضبط، الأمر الذي أورث ظواهر تحتاج إلى معالجة في ظل ضعف البناء الثقافي والتربوي، فبتنا نشاهد ارتفاع منسوب التعاطي والكحول والابتزاز والقتل على التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يضاعف قدرة الاحتلال على تفتيت البنى الاجتماعية، وهذا ما يشاهد في مناطق مختلفة وبشكل بين يخشى معه الوصول إلى واقع يشابه ما يجري في الداخل الفلسطيني في الإشارة الى ارتفاع نسب الجريمة وتفكيك المجتمع.

تاسعا: ضعف الأداء الحكومي والمجتمعي في مناطق (ج) وظهور تشكيلات "عصابات" أو منطق العربدة على حساب الحالة المنظمة.

عاشرا: الاستقطاب السياسي بين أركان الحالة السياسية؛ هذا الأمر نواته تحتاج إلى تحليل ومعالجة ثقافية وسلوكية لفهم أسس الحالة الديمقراطية وفهم أسس التداول وممارسة ذلك.

حادي عشر: غياب أركان الحكم الرشيد بفعل ضعف القضاء، وغياب التشريعي كرقابة واعية، وجهة تشريع منضبطة.

ثاني عشر: السياسات الاقتصادية غير الواعية والمنفتحة بشكل تدميري، أورثت المجتمع فقرا جوهريا، وغنى ظاهريا مما انقلب إلى حالة عدم رضا متصاعدة تنذر بأجواء إحباط عامة.

هذه المتغيرات، تحتاج من السلطة الحاكمة إجراء تحليل علمي، ورصد واستطلاع وكتابة رؤية معالجة سريعة. كون حالة الضغوط المضاف إليها سياسة الاحتلال من شأنها إحداث حالة لا واعية تنعكس على السلم الأهلي، وتطورها قد يحدث حالة انفجار تضع المجتمع أمام استحقاقات الفوضى الخادمة للاحتلال.

الدفاع غير الواعي واعتبار المتغيرات غير موجوده، ممكن وسهل، ويمكن لأصحاب العيش في الفنادق تجميل الصورة، واعتبار كاتب المقال معارضا كارها صاحب أجندات.

لكن هناك ظواهر ومؤشرات يجب الوقوف عليها للتأكد من صحة المتغيرات التي طرحنا منها:

أولا: سعة النقد على مواقع التواصل الاجتماعي للسلطة والرئاسة الفلسطينية والأمن على حد سواء.

ثانيا: استطلاعات الرأي ونتائجها عن أداء الحكومة الفلسطينية والرضا عنها.

ثالثا: الرضا عن الأوضاع الاقتصادية ونتائج الاستطلاعات الأخيرة عن رضا الجمهور.

رابعا: المزاج السياسي والنقد المتسع لسلوك السلطة الفلسطينية من كافة الأطياف الفلسطينية.

خامسا: كتابات النخب النظيفة عن السلطة والأداء السياسي والاجتماعي والوطني وسقف العبارات الناقده.

سادسا: الرأي الحقيقي لنخب فتح في الغرف المغلقة عن تقييم الحالة والأداء العام وسبل الخروج من المأزق.

سابعا: حجم المشاركة في قضايا الاحتجاج في الضمان وإضراب المعلمين والتي يمكن تحليلها بموضوعية للخروج بنتائج مهمة.

ثامنا: دخول الفئات المخملية على خط الانتقاد العام للسلطة وأدائها الأمر الذي بات ينزع تأييد القوى النفعية عن السلطة تدريجيا.

ختاما: في الربط بين المقال السابق والحالي والتالي حبكة الأداء، الرضا والتقييم، للوصول إلى نتائج موضوعية تعزز ترابط المجتمع والحالة السياسية القائمة، للوصول إلى بناء سليم للواقع الفلسطيني.

الأمر الذي يتطلب من صانع السياسة بناء رؤية جديدة للخروج من الأزمة الوطنية العامة التي نعيش.

استشعارنا للخطر، حماية من وباء حدوثه، لأن وقوعه، يعني غرقنا جميعا لا سمح الله في مرحلة هي الأخطر في تاريخ الشعب الفلسطيني.