الجمعة  29 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

من أين جاء حسين الأعرج بكلماته؟

2019-01-20 07:52:37 PM
من أين جاء حسين الأعرج بكلماته؟
حسين الأعرج

 

الحدث ــ وليد الفارس

منذ الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية عام 1948، يستطيع المتتبع لخطاب الأنظمة العربية أن يحدد شرعية الخطاب السلطوي في محددين أساسيين؛ الأول خطاب المواجهة والذي انتفى تقريبا مع اتفاقيات السلام وموجات التطبيع، والآخر خطاب التنمية والذي أثبت أنه خطاب شعاراتي لم يلمس المواطن العربي منه أي مردود.

السلطة الفلسطينية جاءت نافية عن نفسها بشكل أساسي خطاب المواجهة، لأنها جاءت ضمن اتفاق مع الإسرائيليين وضمن رؤية تستبعد المواجهة كخيار، وبالتالي فإن الملجأ الوحيد لها كان خطاب التنمية والمؤسسات. ومع ذلك، فإن الواقع السياسي المنتج من خلال حقيقة وجود الاحتلال، ظل يلاحقها ويهدد شرعيتها.

مع نهاية عام 2017، كانت خيارات السلطة قد وصلت لطريق مسدود، خاصة مع عدم قدرتها على تحقيق المصالحة الفلسطينية وإحداث أي تقدم سياسي ملموس في المفاوضات مع الإسرائيليين وإصرارها على عدم تطبيق أي من القرارات التي اتخذت بخصوص العلاقة مع الإسرائيليين بالإضافة لتعطيل عمل بعض المؤسسات الممثلة للشعب، وبالتالي كانت شرعية السلطة في طور الشبهة، حتى جاءت صفقة القرن، والأمر تغيّر.

كان رفض السلطة للصفقة حتى قبل معرفة تفاصيلها، بمثابة وقود جديد لشرعية خطاب السلطة ووجودها، مع الإشارة أن دعوات أطلقت في تلك الفترة لحل السلطة أهمها دعوة الأمين العام السابق لحركة الجهاد الإسلامي رمضان شلح. ومنذ الإعلان عن نقل السفارة الأمريكية للقدس والإعلانات المتتابعة عن صفقة القرن، أخذ خطاب السلطة يتجه لاكتساب واستدعاء شرعيته من خلال فكرة المواجهة.

إن الارتكاز على فكرة المواجهة في الخطاب، غالبا ما يحمل رؤية تشكيك وتخوين لأطراف أخرى، وهذا بدأت انعكاساته تتبلور في خطاب السلطة، وأصبحت التهمة الجاهزة لكافة الحراكات والفعاليات والنشاطات والاتفاقات غير المتوافقة ورؤية السلطة، تتهم تلقائيا بأنها مدخل من مداخل تطبيق صفقة القرن.

من هنا يمكن الكشف عن الموارد الأساسية التي جاء منها خطاب الوزير حسين الأعرج، وخطاب الوزير مأمون أبو شهلا حين قال إنه يشتم رائحة "إسرائيل" في الحراك، ويمكن الكشف أكثر بناء على التغير الذي طرأ على خطاب السلطة، عن بنية هذا الخطاب الجديد وأساسياته التي يقوم عليها، وأهدافه التكتيكية المتمثلة بتطويق الحالة (حراك الضمان وغيره)، وأهدافه الاستراتيجية المتمثلة بتجديد الشرعية.

كشف كلمات الوزير حسين الأعرج عن بنية خطاب السلطة بشكل واضح، ولكنها كشفت في ذات الوقت عن بنية الحياة السياسية والاجتماعية الفلسطينية بشكل أوضح، وبدأنا نرى بيانات بأسماء عائلات ولكن بمضامين سياسية، وعادت العائلة والحمولة لتتصدر المشهد السياسي والاجتماعي، ورأينا الوزير يجتمع مع عائلته وأقاربه في ميثلون في جنين، وفي المقابل رأينا عشائر الخليل تجتمع ضده، كما ورأينا كيف حاول الوزير التشبث بأستار الرئاسة ورئاسة الحكومة لصد الهجوم الموجه ضده.

كل ما سبق يؤكد على أن خطاب المؤسسات السياسية قد فشل، وأن الخطاب الصاعد الآن ومستقبلا هو خطاب العائلة. ويمكن فهم اعتذار الوزير حسين الأعرج على أنه تأكيد على قوة الخطاب الاجتماعي والتركيبة الاجتماعية، بالإضافة إلى تراجع خطاب المواجهة؛ خاصة بعد عدة مواقف وأحداث صدرت عن السلطة، ليس آخرها الحديث عن تسليم عصام عقل للأمريكيين.