الجمعة  29 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ملف الشهداء المحتجزة جثامينهم.. هل ينتقل إلى الميدان؟

2019-03-13 05:35:05 AM
ملف الشهداء المحتجزة جثامينهم.. هل ينتقل إلى الميدان؟

 

الحدث ــ إبراهيم أبو صفية

فجر الإثنين الرابع من آذار الجاري، احتجز الاحتلال جثماني الشهيدين يوسف العنقاوي من قرية بيت سيرا والشهيد أمير دراج من قرية خربثا المصباح غرب مدينة رام الله، بعد قيام جنود الاحتلال بتصفيتهما على مدخل قرية كفر نعمة بزعم تنفيذهما لعملية دهس، ليرتفع بذلك عدد الشهداء المحتجزة جثامينهم في ثلاجات الاحتلال ومقابر الأرقام ( منذ تشرين أول 2015 ) إلى 38 شهيدا أقدمهم الشهيد عبد الحميد أبو سرور (18.04.2016).

وأعقب استشهاد الشابين العنقاوي ودراج، قرار اتخذه الأهالي بالتظاهر والاحتجاج بالقرب من السلك الذي يفصل قرية بيت سيرا عن الأراضي المحتلة عام 1948. وكان الهدف من هذا الاحتجاج الضغط ميدانيا على الاحتلال لتسليم جثامين الشهداء. وجاء قرار الأهالي بعدم الركون للطرق القانونية بما يخص استعادة جثامين الشهداء، نابعا بالأساس من التجربة وفشل هذه الطرق.

وقال المحامي محمد عليان والد الشهيد بهاء عليان إن هناك أربعة محاور يجب العمل بها بشكل متزامن حتى يتم استرداد جثامين الشهداء، موضحا لـ"الحدث" أن المحور القانوني بشكله الحالي لن يحقق الهدف المطلوب منه، فمنذ تشرين الأول عام 2015 تقدم المؤسسات المختصة التماسات في "محكمة العدل العليا الإسرائيلية"، وبالرغم من الإفراج عن بعض الجثامين ضمن شروط خاصة في مدينة القدس، إلا أن المحكمة العليا لم تصدر أي قرار يتضمن نصا صريحا بعدم شرعية احتجاز الجثامين.

وبين أنه بتاريخ 14/12/2017، اعتبرت "محكمة العدل العليا الإسرائيلية" قرار احتجاز الجثامين باطلا، وأمهلت  "الحكومة الإسرائيلية" ستة شهور لـسن قانون عبر "الكنيست" يشرعن احتجاز الجثامين، غير أن هذا القرار القضائي يتساوق عمليا مع الموقف السياسي والعسكري "الإسرائيلي"، مؤكدا أن "إسرائيل" لم تشرعن الاحتجاز بأي قانون من "الكنيست" ولكن تم استئناف القرار، وبقي ملف الجثامين في أروقة المحكمة دون جدوى.

وأكد أن الأجهزة الأمنية والسياسية لدى الاحتلال شكلت فريقا لمتابعة مواضيع الجثامين، فعندما يتوجه أهالي الشهداء للمطالبة باسترداد جثامين أبنائهم يواجهون فعليا "دولة كاملة". في المقابل، هناك حالة انقسام لدى المستوى القانوني الفلسطيني واقتصار المواجهة على الحملة وأهالي الشهداء.

ولفت عليان إلى أن الفريق القانوني الفلسطيني غير منسجم ولا يوجد تنسيق في ما بينهم، والإمكانيات ضعيفة، وأن قضية احتجاز الجثامين لا تتعلق بقدرة المحامي الفردية، بقدر ما هي بحاجة لفريق قانوني قوي، يقوم بالاجتماع المستمر بين أعضائه قبيل أي محكمة، والقيام بمرافعات وتقديم التماسات بشكل متفق عليه، مبينا أن  هناك تنافسا بين المؤسسات على الملفات، حيث تتسابق المؤسسات المختصة في أخذ وكالة من عائلة الشهيد.

وقال إن هناك خطوات قانونية يستطيع الفريق القانوني العمل عليها، مثل القيام بطلب من المحكمة العليا باتخاذ قرار عاجل بموضوع الجثامين، مشيرا إلى أنه منذ شهر تموز الماضي تماطل المحكمة العليا في اتخاذ أي قرار.

وأردف أن هناك بعض القرارات تمكن المحامون من انتزاعها، أهمها: إبقاء الجثامين بالثلاجات وعدم دفنهم في مقابر الأرقام.

أما المحور الثاني الذي أشار إليه عليان، هو التوجه للمحاكم الدولية مثل محكمة الجنايات الدولية ومجلس حقوق الإنسان، والعمل بالقانون الدولي وعدم إبقاء الملف في أروقة المحكمة العليا "الإسرائيلية".

وبيّن أنه عندما ذهب إلى الأمم المتحدة وطرح قضية احتجاز الجثامين، قال: "أدركت أن قضية احتجاز الجثامين كانت تطرح  لأول مرة أمامهم ولا يعرفون عنها شيئا"، لذلك تكمن أهمية المحافل الدولية في شرح قضية احتجاز الجثامين ومطالبتهم بالضغط على الاحتلال حتى يتم التسليم.

وأكد عليان على أن المحور الثالث يتمثل بالضغط الشعبي الجماهيري، وأن تصبح قضية احتجاز الجثامين قضية وطنية تمس كل فرد فلسطيني. وشدد على دور الإعلام في إبراز قضية الجثامين والحديث بشكل يومي حتى تصبح قضية رأي عام وقضية وطنية، وأن المساندة الحقيقية لعائلة الشهيد تكمن في الوقوف بجانبه والمطالبة باسترداد الجثامين وليس فقط المواساة.

وقال عليان إن المحور الرابع يكمن في المستوى السياسي الذي لا يتعاطى مع القضية على أنها قضية إنسانية وطنية، واعتبارها قضية ثانوية بسبب مشاغله في قضايا أخرى أقل أهمية، موضحا أن المستوى السياسي بيده أدوات كثيرة يستطيع الضغط بها على الاحتلال حتى تسليم كامل جثامين الشهداء.

وأشار إلى أن التنظيمات والفصائل الفلسطينية والمؤسسات الحقوقية لا تتعاطى أيضا بحجم القضية، وأن الأمر كان مفاجئا لهم، وكشف أنه لا توجد استراتيجيات لمجابهة الاحتلال في هذه المعركة.

واختتم عليان بالإشارة إلى وجود 254 شهيدا في مقابر الأرقام، وأكثر من 250 شهيدا غير معروفة أسمائهم، وعمر احتجازهم أكثر من 50 سنة. مؤكدا على أن هناك فرصة كبيرة إذا تم العمل على تشكيل فريق قانوني يضع استراتيجية متكاملة بعيدا عن المنافسة باسترداد الجثامين، مطالبا أهالي الشهداء والشعب الفلسطيني بالضغط حتى يتم تشكيل فريق قانوني موحد.

بدورها بينت منسقة الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء سلوى حماد، أن المحكمة العليا لدى الاحتلال لم تعقد أي جلسة منذ تاريخ 17/7/2018 بالخصوص، ولم يصدر عنها أي قرار فيما يخص موضوع استرداد جثامين الشهداء.

وقالت إن دور الحملة يتمحور في ثلاثة مستويات، الأول: الجانب القانوني عبر اللجنة القانونية للحملة، حيث تقوم بتعيين المحامين لمتابعة ملف الجثامين المحتجزة، ويبدأون بالمراسلات مع شرطة وجيش الاحتلال، الثاني: المستوى الشعبي الجماهيري؛ من خلال القيام بفعاليات ومظاهرات ووقفات تطالب باسترداد جثامين الشهداء، الثالث: المستوى الدولي، من خلال مراسلة الصليب الأحمر، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، ومراسلة بعض سفارات الدول.

وأكدت حماد، أن هذه الخطوات تتم بشكل متتابع ومستمر. مبينة أن آخر لقاء كان مع السفير الأرجنتيني  والسفير البرازيلي وشرحت الحملة لهما أهمية استرداد الجثمان وكامل التفاصيل ( عددهم، أعمارهم، أسمائهم).

وأردفت أنه "لم نتلق ردودا من هذه السفارات أو المفوض السامي"، إلا أن الأمر يبقى ضمن الحديث عن أهمية الاسترداد. وأشارت إلى أن الحملة مكونة من ممثلين عن عائلات الشهداء والمؤسسات الرسمية المختصة مثل هيئة شؤون الأسرى والمحررين، والتجمع الوطني لأسر الشهداء وغيرهم.