الثلاثاء  23 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

دجاجة تبيض ذهبا/ بقلم: نبيل عمرو

2019-12-31 11:22:11 AM
دجاجة تبيض ذهبا/ بقلم: نبيل عمرو
نبيل عمرو

 

هذا قول دارج يصدق الآن على السجال الفلسطيني الفلسطيني حول صفقة القرن، والاتهامات المتبادلة بين قطبي الحياة السياسية الفلسطينية في رام الله وغزة.

بعد اليأس من إنهاء الانقسام الذي كان عنوانا مفضلا للطرفين خلال ثلاثة عشر عاما مضت، وتحول هذا الانقسام إلى انفصال كامل، وجدنا أنفسنا ونحن ندخل عاما جديدا، أمام واقع هو الأسوأ من كل النواحي منذ بداية القضية الفلسطينية في منتصف القرن الماضي.

ما دعاني للحديث عن صفقة القرن، ليست مؤشرات ظهرت باتجاه إعلانها أو تحريك الجهود التحضيرية لها؛ وإنما تواصل السجال القائم وطويل الأمد حول اتهام حماس لفتح بأنها ضالعة في هذه الصفقة، وما يقابله من اتهام لحماس بأنها تنفذها بالفعل على الأرض.

من الغباء السياسي والإعلامي إيراد قرائن على أن هذا الطرف بريء مما ينسب إليه وذاك الطرف مدان بما هو أبعد وأخطر من التواطؤ.

هل جرّب أصحاب الاتهامات المتبادلة مراقبة الموقف الإسرائيلي من صفقة القرن؟ وهل حاولوا أن يقرأوه أصلا وأن يتعرفوا على أبعاده وأهدافه؟

منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن صفقة القرن، وكان ذلك منذ عامين أو أكثر، والإسرائيليون لا يأتون على ذكرها كي لا يفسدوا استمتاعهم بالهبات التي يقدمها ترامب لهم، وكلها تندرج تحت بند إغرائهم للقبول بالصفقة.

الإسرائيليون ينقلون أخبار صفقة القرن فقط حين يزورهم كوشنير، وهذا لا يحدث كثيراً، والأمريكيون أصحاب الصفقة لا يتحدثون عنها إلا من زاوية تأجيلها وربط التأجيل غالبا إن لم يكن دائما بخلاصة التطورات الداخلية في إسرائيل.

الدجاجة التي تبيض ذهبا في حضن الإسرائيليين، هي السجالات التي لا تتوقف بين طرفي الانقسام، فهل هنالك ذهب أكثر قيمة وجدوى من أن تنتقل معركة صفقة القرن إلى البيت الفلسطيني، وهل هنالك ما يخدم إسرائيل وهي تواصل تلقي الهدايا من إدارة ترامب أكثر من أن ترتبط كل حركة وسكنة على الجانب الفلسطيني بهذا الاتهام البائس وكأنه أو أنه بالفعل هو الرد الفلسطيني على الصفقة أو على الأقل ما نفذ منها حتى الآن!.

إن الاتهامات المتبادلة حول التساوق مع الصفقة أو تنفيذها بالفعل تضعف موقف كل من لا يوافق على هذه الصفقة من قبل دول العالم، ذلك أن الذين سجلوا مواقف تشكك بل وتؤكد استحالة نجاحها في إيجاد حل جذري للقضية الفلسطينية وفق مزاعم ترامب يعيشون الآن تحت حالة من الترقب لما سيحدث فعلا على أرض الصفقة وأساسها الأرض الفلسطينية والإسرائيلية.

إن الذين يراقبون الاتهامات المتبادلة ويعرفون أوزان طرفي الاتهام، سيقولون ولو بينهم وبين أنفسهم ودون إعلان، ما دام المستهدفون بالصفقة يتعاملون معها وحتى قبل إعلانها الرسمي بمنطق الاتهامات المتبادلة، فلم يورطوا أنفسهم بمواقف أبعد من الموقف اللفظي الذي لم يتغير منذ بدأ الحديث عن صفقة القرن حتى أيامنا هذه.

نعم وبكل أسف إنها دجاجة فلسطينية تضع بيضها في الحضن الإسرائيلي اسمها الاتهامات المتبادلة، فلنوقف هذه المهزلة المأساوية وإذا كان لا بد من مادة للسجال الداخلي فلتكن أرقى وأكثر صدقية من الاتهامات.