الحدث- جهاد الدين البدوي
أفادت صحيفة "فرانكفورتر ألغيمايني زايتونغ" الألمانية أن الخريف هو وقت التفوق للقوات المسلحة الروسية، فمن خلال انطلاق مناورات واسعة النطاق، يظهر الاستراتيجيون في الكرملين ما يمكن للجيش أن يفعله أو على الأقل التظاهر بأنه قادر على فعله.
تضيف الصحيفة الألمانية أنه حين يدق النرويجيون ناقوس الخطر، حينها يبدو الأمر برمته مختلفاً، عضو الناتو على الجانب الشمالي الشرقي من الحلف كان لا يشعر بالشك أو القلق، ولكن قبل بضعة أسابيع شاهد النرويجيون عشر غواصات روسية في ضربة واحدة: كانت ستة منها بالقرب من جزيرة "بير" بين "سبيتسبرغن" و"مقاطعة فينمارك"؛ في الجزء الشمالي من البر الرئيس النرويجي. وعبرت البقية في وقت واحد عبر بحر بارنتس وبحر الشمال الأوروبي.
ووفقاً للصحيفة فإن الاستخبارات العسكرية النرويجية قدمت السبب وراء ظهور هذه الغواصات: فقد كانت الغواصات تغوص في أعماق المحيط الأطلسي لاختبار المدى الذي لا يمكن لأحد مشاهدتها به، حتى تتمكن هذه الغواصات من التوجه للغرب. النجاح الكامل للمناورة المخطط لها على نطاق لم يلاحظ منذ نهاية الحرب الباردة. يجب أن يكون قد تقرر من أعلى مستوى.
وحسب تعقيب الاستخبارات النرويجية، فالرسالة واضحة: روسيا مستعدة للدفاع عن نفسها ويمكن للغواصات الروسية أن تهدد الساحل الشرقي للولايات المتحدة في أي وقت. لم يصدر عن موسكو أي تعقيب على هذه الحادثة.
جاءت هذه المناورات بعد أسابيع قليلة من غرق الغواصة النووية الروسية "لوشاريك" في بحر بارنتس، وأشارت الصحيفة إلى أن سفينة تيتان قادر على الوصول إلى الكابلات الاتصالات عبر المحيط الأطلسي التي تربط أوروبا وأمريكا. مضيفة أنه بعد نشوب حريق في غرفة الطاقة، قُتل أربعة عشر ضابطًا بحريًا من كبار المتخصصين في الحادث، وأصيب القارب الذي اختصار A-31 بأضرار بالغة.
ترى الصحيفة أن فشل الغواصة في مهمتها يعني أن روسيا فقدت أداة مهمة في حربها الهجينة، وربما جعل ذلك من الاهمية بمكان أن توثق موسكو نفوذها تحت البحر.
تذكر الصحيفة أنه لسنوات كان الناتو يراقب كيف أصبح أسطول الغوصات الروسية أكثر نشاطاً وتوسع نطاق عملها لتشمل: البحر الأسود، وبحر البطيق، والقطب الشمالي في المحيط الأطلسي.
ووفقاً لمراقبين غربيين، فقد ظهرت مناورات "Ocean Shield 2019" القدرة الروسية على إنشاء وحدات بحرية أكبر بسرعة، ومنع الوصول إلى بحر البلطيق، وتعطيل خط الدفاع البحري للناتو غرينلاند-ايسلندا-بريطانيا.
يتحدث المرء عن "تحد كبير" في أروقة مقر الناتو في بروكسل. وهو ما كتبه قائد القوات البحرية الأمريكية في أوروبا، الأميرال جيمس ج. فوغو قبل ثلاث سنوات عن "معركة رابعة في المحيط الأطلسي". لا يمكن لأي شخص في الناتو أن يذهب إلى هذا الحد. لأن المنافسة مع الأميركيين للسيطرة على المحيط الأطلسي، كما في الحرب الباردة مع السوفييت، لا يمكن قراءتها من أحدث عقيدة للبحرية الروسية من عام 2015.
تتابع الصحيفة أنه لا تهدد غواصات وسفن العدو فقط رصد الساحل الشرقي الأمريكي، كما كان الحال في الحرب العالمية الثانية. ولا يزال: فقد أطلق حلف الناتو وأعضائه، وخاصة الولايات المتحدة، أوامر جديدة للحلف. بإجراء المزيد من المناورات العسكرية والدوريات البحرية، بعد سنوات من الإهمال، ويركزون في ذلك على تطوير القدرات المضادة للغواصات، الأمر برمته ليس ذعراً أو نتيجة للضغط الزائد من قبل الشركاء الغربيين، فبعيداً عن أفكار هوليود حول معارك صنع القرار داخل حلف الناتو، فقد أصبحت الغواصات الروسية العمود الفقري لطموحات روسيا الأساسية في البحر. والهدف من ذلك هو تحدي أي خصم محتمل في البحار المجاورة، والحد من نطاق العمل وتأمين الوصول إلى المواد الخام الموجودة في الجرف القاري الروسي في أقصى الشمال. وعلى أي حال، فإن دول الناتو هي الخصم الأول المحتمل.
تعتقد الصحيفة الألمانية بأن البحرية الروسية ككل قد عفا عليها الزمن، وهي مجرد ظل لسلفها السوفييتي، ولكن أصبح أسطولها من الغوصات الآن أداة قوية تعد عدواً خطيراً بعدة طرق. ينصب التركيز على الغوصات المحملة بالصواريخ النووية، البعض منها كان يرقد على الشاطئ كالحيتان الميتة في سنوات روسيا الأولى، ولكن بعد ذلك تم إعادة تنشيطها وتحديثها.
ووفقاً للصيحفة لا تزال الغواصات الضامن لقدرة روسيا على الضربة الثانية "الضربة الجوابية"، وينطبق هذا بشكل خاص على الغوصات من فئة "بوري" التي يجري بناؤها حالياً، والتي تم وضع ثلاثة منها في الخدمة السعكرية، ويجري الآن اختبار الرابعة، وتتابع الصحيفة أن هذه الغوصات يجب أن تكون قادرة على الغوص لعدة أشهر، والهروب من الأعداء حتى لو كان لديهم بالفعل فكرة تقريبية عن وضعها.
تحمل كل غواصة منها 16 صاروخ عابر للقارات، كل صاروخ منها يحمل ستة رؤوس نووية، قدرة الواحد منها 150 كيلو طن، تم تصميم هذه الرؤوس للانقضاض على أهدافها قبل وقت قصير من وصولها للمنطقة المستهدفة، ويمكن أن تضرب 72 هدفاً في آن واحد داخل منطقة نصف قطرها 8000كم. تصل القوة التدميرية لكل رأس منها إلى عشرة أضعاف القنبلة التي دمرت هيروشيما.
تذكر الصحيفة أنه بالاضافة إلى الغوصات من فئة بوري، هناك فئة أخرى من طراز "ياسن"، وهي قيد الانشاء، وتستطيع هذه الغوصات حمل 32 صاروخ نووي، ودخلت غواصة واحدة في الخدمة العسكرية فقط، وهي مسلحة أيضا بصواريخ كروز التي يتراوح مداها بين 1500-4500كم، وهذا بدوره يفسر لماذا لم يعد الروس مضطرين للتعمق في المحيط الأطلسي.
يقول الخبير السويدي في سلاح الغواصات ماغنوس نوردنمان: "سنكون في أزمة كبيرة، بحيث سيكون كافياً لموسكو أن يكون لديها غواصات متمركزة بين غرينلاند وأيسلندا وفي البحر النرويجي" مؤكداً: "من هناك يمكن للروس تحقيق كل ما هو مهم بالنسبة لهم." فيما لم يتم أخذ الخطر المحتمل من الغواصة المسيرة "بوسيدون" في الاعتبار.
تضيف الصحيفة أن الغواصة النووية المسيرة من طراز "بوسيدون" تخضع للاختبارات حالياً، واذا لم تكن هذه دعاية من قبل الكرملين، فإن الناتو سيكون عاجزاً أمامها، تصل القدرة التفجيرية للغواصة المسيرة عدة مئات من الميغاطن، لهذا الغرض، ينبغي أن تسافر بسرعة تزيد عن 200كم/الساعة، على عمق يصل إلى 1000 متر. تتابع الصحيفة، أن نصف قطرها التدميري يصل إلى 10000كم، يمكن للغواصة الروسية غواصة روسية يمكن أن تصل إلى أي هدف يمكن تصوره في منطقة حلف الناتو خارج المياه الاقليمية. كالمناطق الساحلية للعدو، أو القواعد البحرية، وينشأ عن تفجيرها تسونامي هائل محمل بالاشعاع النووي.
تنوه الصحيفة أنه بالإضافة إلى القدرة على الهجوم النووي، يمكن للغوصات الروسية أن تؤذي الناتو بطرق أخرى. تقوم حوالي 40 غواصة تعمل بالطاقة التقليدية بحماية سفن الصواريخ الخاصة بها، كما أنها قادرة على تعطيل حركة العدو بشدة.
بالإضافة إلى ذلك، وفي مجال الحرب غير المتكافئة، تتمتع موسكو بقدرات هائلة تحت الماء، والتي يمكن أن تلحق أضرار كبيرة أثناء الصراع المسلح، فتحتفظ الإدارة العامة لأبحاث البحار "GUGI" باسطول "الظل" ومن بينها غزاصة "لوشاريك" التي تعتبر تهديداً خطيراً لقدراتها على فصل الإنترنت عن أوروبا، بقطع كابلات الاتصالات البحرية".
وحسب معلومات الصحيفة فإن 90% من الاتصالات الدولية توفرها الكابلات البحرية. ولا توجد حراسة لمعظمها وهو ما يُقلق الناتو.