الجمعة  19 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

دم الجنرال سليماني وقود التخلص من الهيمنة الأمريكية/ بقلم: سامي سرحان

2020-01-09 10:45:23 AM
دم الجنرال سليماني وقود التخلص من الهيمنة الأمريكية/ بقلم: سامي سرحان
عملية اغتيال سليماني

 

اغتالت الولايات المتحدة الجنرال قاسم سليماني وجاهر دونالد ترامب بحماقته المعهودة بمسؤوليته عن عملية الاغتيال وفاخر بها.

والجنرال قاسم سليماني شخصية عسكرية وسياسية ذات نفوذ في إيران وخارج إيران، ويحظى باحترام قطاع واسع من شعوب منطقة الشرق الأوسط ويذكرنا بعدد من القادة العسكريين الذين واجهوا الإمبريالية الأمريكية وأذنابها، وألحقو بها الهزيمة كالجنرال جياب في فيتنام والجنرال عبد المنعم رياض في مصر والجنرال سعد صايل في فلسطين.

ارتبط اسم الرجل بالقدس وفلسطين فهو قائد قوة القدس في الحرس الثوري الإيراني، ومجرد هذه التسمية كانت مبعث قلق لدى الولايات المتحدة وإسرائيل، فكيف إذا اقترن الاسم بالفعل ولا يمكن لأحد أن ينكر دور هذا الرجل في دعم المقاومة الفلسطينية بمختلف فصائلها ودوره المؤثر في دعم المقاومة اللبنانية ودوره في سوريا والعراق واليمن وربما في أماكن اخرى.

خسارة الجنرال سليماني ضربة موجعة ومحرجة ومباشرة لإيران ولكل القوى المتحالفة في محور المقاومة، والقوى التي تتصدى لصفقة القرن بكل ذيولها بحاجة إلى كل الجهود لأن صفقة القرن بكل ذيولها عند الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها وضم الضفة الغربية بكاملها للكيان الإسرائيلي وتصفية قضية عودة اللاجئين إلى ديارهم وممتلكاتهم وإسقاط مشروع حل الدولتين، ولا أحد ينكر دور الرئيس أبو مازن في التصدي لصفقة القرن وقوله لا كبيرة والصفقة تتجاوز قضية فلسطين إلى ترسيخ أمريكا لإسرائيل كدولة عظمى مهيمنة على المنطقة وثرواتها، وذلك بتفتيت الجمهورية العربية السورية إلى كيانات طائفية وعرقية ومذهبية، وكذلك العراق مع إخضاعه لاحتلال عسكري أمريكي مباشر نظراً لموقفه الاستراتيجي وثرواته النفطية والبشرية الهائلة، وتفتيت اليمن والاستيلاء على ثروات السعودية والإمارات وقطر والكويت وتفتيت إيران وإغراق مصر في مشاكلها التي لا حل لها وكذلك السودان وتفكيك ليبيا والسيطرة على ثرواتها.

ربما كان اغتيال الجنرال سليماني الصاعق الذي يفجر برميل البارود (وفق قول أحد المحللين العسكريين) في وجه الولايات المتحدة الامريكية التي تستعمر المنطقة ووضع حد للغطرسة الإسرائيلية وجرائمها المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية بدعم من الولايات المتحدة خاصة في ظل إدارة الرئيس الأمريكي الأحمق دونالد ترامب الذي يخضع السياسة الأمريكية لنزوات الفاسد والفاشي بنيامين نتنياهو وحفنة من مستشاريه المتصهينين.

لا شك أن الإعلان عن حرب التحرير الإقليمية لغرب آسيا من النفوذ الأمريكي حلم يراود شعوب هذه المنطقة وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني الذي يتعرض منذ قرن لمؤامرة محو هويته الوطنية ولم يستسلم رغم قلة الإمكانيات وخذلان كثير من الأشقاء والأصدقاء له في كثير من مراحل نضاله الممتد على مدى مئة عام. 

ولا شك أن حرب التحرير الإقليمية من النفوذ الأمريكي بحاجة أن يكون الرد على جريمة اغتيال الجنرال سليماني جماعيا لا يقتصر على ساحة من ساحات المقاومة للمشروع الأمريكي – الصهيوني، فطرد أمريكان المنطقة وإسقاط مشاريعها في المنطقة بحاجة إلى جهد جماعي عسكري وشعبي ونقابي وثقافي إيراني عربي مستندا إلى كل الأحرار في العالم في الصين والهند وروسيا وأمريكا اللاتينية ولعل التخلص من الإمبريالية الأمريكية المتجسدة في سياسة دونالد ترامب باتت مطلبا عالميا وليست مطلبا عربيا إيرانيا فحسب.

لقد أدرك الزعيم والقائد الشهيد أبو عمار في وقت مبكر جدا أهمية تحالف الثورة الفلسطينية والقوى العربية الثورية مع الثورة الإيرانية وسعى إلى خلق جبهة موحدة من طنجة إلى إيران لمواجهة الإمبريالية الأمريكية والصهيونية العالمية وأن مثل هذه الجبهة قادرة على استعادة حقوق شعب فلسطين لكن الظروف التي نشأت عن حرب الجغرافية الإيرانية ألقت بظلالها الداكنة على رؤية الشهيد القائد أبو عمار.

ولعل دم الجنرال سليماني الذي سفك على أرض العراق بأيد أمريكية صهيونية لتخليص المنطقة من التبعية الأمريكية وقد أعلنت إيران أنها لن تترك الخطوة الأمريكية باغتيال الجنرال قاسم سليماني دون رد ولكنها ما زالت تفكر في حجم الرد ومكانه وزمانه وهل بإمكانها ضبط إيقاع المواجهة مع الولايات المتحدة وإسرائيل دون أن تنزلق إلى حرب شاملة لا ترغب فيها إيران ولا المجتمع الدولي لانعكاساتها المدمرة على الاقتصاد العالمي.

ولكن كيف يمكن المواءمة بين حرب تحرير شعبية ترغب بها شعوب المنطقة للتحرر من الهيمنة الأمريكية وبين حرب دولية ترغب بها إسرائيل وتدفع الولايات المتحدة إليها.

الأيام القادمة كفيلة بالإجابة على كثير من التساؤلات التي تدور في أذهان شعوب المنطقة التواقة إلى الحرية والانعتاق من الاستعمار الأمريكي الصهيوني.