السبت  20 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الانتخابات الإسرائيلية والخيارات الفلسطينية/ د. محمد أبو حميد

2020-03-03 08:16:15 AM
الانتخابات الإسرائيلية والخيارات الفلسطينية/ د. محمد أبو حميد
د. محمد أبو حميد

 

تجري انتخابات الكنيست للمرة الثالثة في أجواء محمومة يحاول خلالها نتنياهو مسابقة الزمن كي لا يسير به القطار إلى المحاكمة والسجن، والواضح أن الحظ لن يسعف أياً من الحزبين الكبيرين لتشكيل الحكومة القادمة دون دفع ثمن باهظ للأحزاب الصغيرة.

ورغم أن نتنياهو يحاول أن يستثمر الدقائق الأخيرة لتغيير ميزان النتائج لصالحه، من خلال عمليات استعراضية تارة في سوريا وأخرى في غزة، لم ينس الهدف الأساس وهو أراضي الضفة الغربية بإعلانه عن السيطرة على الأراضي هنا وهناك لإقامة الآلاف من الوحدات السكنية للمستوطنين باعتبارهم من أهم قواعده الانتخابية، كما يعمل على إعداد الخرائط اللازمة لتنفيذ رؤية ترامب ويروج ذلك في الإعلام في محاولة لكسب أصوات الناخبين.

ولم يخفِ نتنياهو تخوفاته (في حال فشله في تشكيل الحكومة القادمة وتراجع الليكود في هذه الانتخابات) من أن يؤدي ذلك إلى تلاشي رؤية ترامب لا سيما بعد معارضتها من أعضاء الكونغرس وبعض أعضاء مجلس الشيوخ.

أمام هذا المشهد ما هو المطلوب فلسطينياً استعدادا لمواجهة ما تتمخض عنه نتائج هذه الانتخابات الإسرائيلية التي قد تكون الأخطر والأهم في تاريخ إسرائيل، من حيث تزامنها مع التطورات الناتجة عن رؤية ترامب وانعكاسها على المشروع الوطني الفلسطيني، سيما وأن الحزبين الكبيرين يتسابقان على إجهاض المشروع الوطني الفلسطيني من خلال السيطرة على المزيد من الأراضي الفلسطينية لمنع قيام دولة قابلة للحياة مستفيدين من الموقف الأمريكي غير المسبوق، وقد وافق كلاهما بل ويسعيان لتطبيق قانون القومية الإسرائيلي، والذي نص على( أن دولة إسرائيل هي الوطن القومي للشعب اليهودي، وأن حق تقرير المصير في دولة إسرائيل يقتصر على الشعب اليهودي، والقدس الكبرى الموحدة هي عاصمة إسرائيل، واللغة العبرية هي لغة الدولة الرسمية، والشعب اليهودي وحده صاحب السيادة في الدولة والبلاد).

وعلى هذا الأساس لن نجد اختلافاً جوهرياً في مواقف كلا الحزبين، فقط الليكود هو الأكثر ضجيجا بينما حزب أزرق أبيض ينفذ ذات السياسة والمواقف دون ذاك الضجيج، كلاهما يخاطب الناخبين على أساس قانون القومية العنصري الذي يعني أن البلاد هي لهم وليس هناك وجود عليها لغيرهم.

وما رؤية ترامب سوى خطوة لتحقيق وترسيخ ذلك، ولن يكون لرؤية الشق الفلسطيني من هذه الرؤية إلا حبراً على ورق.

 على ضوء ما سبق علينا كفلسطينيين أن ندرك خطورة ما يجري حولنا، وألا نكتفي برفض رؤية ترامب فحسب، بل علينا العمل على إسقاطها، فالرفض وحده ليس إنجازاً، ويتطلب هذا اتخاذ خطوات عملية تجاه توحيد الموقف الفلسطيني، واستعادة الوحدة الوطنية بوسائل وأساليب جديدة، أهمها الاعتماد على الموقف الشعبي والجماهيري، فالحوار عبر أدواته وطروحاته التقليدية لم يعد مجدياً.

والسؤال الذي يجب أن يسبق أي حوار: ما هو البرنامج السياسي لحركة حماس؟ وهل يمكن التوافق على برنامج سياسي مشترك معها؟ أم أن لحركة حماس برنامجها الخاص الذي لا يمكن أن يتقاطع مع برنامج منظمة التحرير؟  وهل من الممكن أن تكون حماس ضمن المكون الوطني، أم تريد أن تكون بديلاً إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؟

إن هذه الإشكالية هي التي تقوض القضية الفلسطينية وتبدد المستقبل الفلسطيني، وإنهاء مكانته على المستويين العربي والدولي.

أمام هذه الحالة الفلسطينية وتعقيداتها وآثارها الكارثية، لا بد من التحرك تجاه الشارع الفلسطيني لاستعادة ثقة الشعب بقدراته على إفشال المؤامرات التى تحاك للقضاء على مستقبله ووجوده في وطنه، وهذا يتطلب اتخاذ خطوات عملية قائمة على المصارحة والمكاشفة وإصلاح المؤسسات على أسس المواطنة العادلة، فحينها فقط سيشكل الشعب الفلسطيني سياجاً متيناً قادراً على مواجهة الاستيطان من خلال مشاركة فاعلة في المقاومة الشعبية بعشرات بل بمئات الآلاف نستطيع من خلالها وقف الاستيطان والمؤامرة وإنهاء الانقسام، وحينها سنستعيد الروح النضالية التي كانت سائدة قبل اتفاقات أوسلو القائمة على التآخي والتلاحم، والقادرة على التأثير في الساحة الدولية.