الخميس  25 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

تقرير: الصواريخ الباليستية النووية يمكنها تدمير القواعد الأمريكية في جزيرة غوام

2020-08-30 11:18:42 AM
تقرير: الصواريخ الباليستية النووية يمكنها تدمير القواعد الأمريكية في جزيرة غوام
القواعد الأمريكية

 

 الحدث- جهاد الدين البدوي 

 نشرت مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية مقالاً للخبير العسكري سيباستيان روبلين، وأشار في افتتاحيته إلى أن الجيش الصين يعتبر أن القواعد الأمريكية في أوكيناوا والفلبين تقع ضمن "سلسلة الجزر الأولى" - وهي قواعد يمكن استخدامها بسهولة لشن هجمات على الصين باستخدام طائرات حربية قصيرة المدى نسبياً.

يقول الخبير روبلين أنه في نيسان/أبريل 2018، كشف الجيش الصيني أخيراً علناً النقاب عن اثنين وعشرين صاروخاً باليستياً متوسط المدى من طراز "DF-26" في عرض عسكري. وقد شوهدت الصواريخ التي طولها 14 متراً لأول مرة في عرض قبل ثلاث سنوات.

يشير الخبير العسكري إلى أن جميع الصواريخ الباليستية الصينية تشترك في نفس بداية الاسم "Dong Feng"، إلا أن هذا اللقب لا يكشف سوى القليل عن قدراته. ومع ذلك، فقد منح مستخدمو الإنترنت الصينيون الصاروخ الجديد اسمًا يوضح بإيجاز ما هو المرجح دوره الرئيس: "قاتل غوام".

يوضح الخبير بأن المسافة التي تفصل بين المحيط الهادئ والساحل الغربي للولايات المتحدة عن الصين لا تتعدى أكثر من خمسة أو ستة آلاف ميل. ولكي تتمكن الولايات المتحدة من إظهار أي حجم مستدام من القوة العسكرية عبر تلك المسافة يتطلب بناء سلسلة ممتدة من القواعد العسكرية في المحيط الهادئ وعبر جزر حلفائها في شرق آسيا. بدأ نمو هذه الشبكة في منتصف القرن التاسع عشر وانتهى بعد نهاية الحرب العالمية الثانية حيث أصبحت كل من اليابان وكوريا الجنوبية عميلين ومضيفين للقوة العسكرية الأمريكية.

يقول الخبير بأنه خلال هذه الفترة، لم تكن الصين تفعل الشيء نفسه في المحيط الهادئ لأنها تعرضت لسلسلة مدمرة من الغزوات البحرية الغربية واليابانية. وكنتيجة لهذا "القرن من الإذلال"، تعتقد بكين كقوة عظمى أنها مخولة للسيطرة على نصفها من المحيط الهادئ وتقوم بتوسيع قواعدها البحرية بنشاط لتعويض الوقت الضائع.

يعتبر الجيش الصيني أن القواعد الأمريكية في أوكيناوا والفلبين تقع ضمن "سلسلة الجزر الأولى" - وهي قواعد يمكن استخدامها بسهولة لشن هجمات على الصين باستخدام طائرات حربية قصيرة المدى نسبيًا. خلال الثمانينيات من القرن الماضي، بنى الجيش الصيني قوة هائلة من أكثر من 1200 صاروخ باليستي قصير ومتوسط ​​المدى يمكن أن يهدد هذه القواعد، وكذلك تايوان، بوابل مدمر يمكن أن يقضي على القوة الجوية على الأرض.

ومع ذلك، فإن الجيش الصيني يرى أن الولايات المتحدة تمتلك خط دفاع ثانٍ شرق اليابان - حيث تعتبر جزيرة غوام، التي تقع ضمن سلسلة جزر ماريانا، أهم قاعدة لديها. حيث تستضيف قاعدة أندرسون الجوية في غوام بانتظام قاذفات القنابل الإستراتيجية الأمريكية من طراز "B-1" و "B-2" و "B-52" وقد تم تسليح القاذفتين الأخيرين بصواريخ نووية. كما تستضيف الجزيرة أيضًا ذخيرة ضخمة ومخازن وقود لتسليح الطائرات الحربية الأمريكية، وتجديد سفن البحرية الأمريكية واستضافة مشاة البحرية الأمريكية، وتدافع عنها منظومة الدفاع الجوي باتريوت وثاد.

يتابع الخبير: على عكس اليابان والفلبين، تفتقر القوة الصاروخية للجيش الصيني إلى صواريخ ذات مدى لاجتياز 1900 ميل لضرب غوام، باستثناء نوع واحد وهو الصواريخ الباليستية العابرة للقارات المسلحة نوويًا، والتي يمكن أن تضرب أيضًا مدن البر الرئيس للولايات المتحدة. ومع ذلك، لا تمتلك الصين سوى بضع مئات من الرؤوس الحربية النووية مقارنة بالآلاف التي تحتفظ بها روسيا والولايات المتحدة، لذلك يفضل جيشها موقف الردع بدلاً من الحرب النووية الهجومية.

وبالتالي، لا يزال جيش الصيني يتطلع إلى الأمام لمعرفة كيفية التعامل مع جزيرة غوام في أي نزاع. من المؤكد أن قاذفات "H-6" وسفن وغواصات البحرية الصينية يمكن أن تقترب من الجزيرة وتطلق صواريخ كروز - لكن هذا يعرض تلك الأصول القيمة للتدمير، كما وتفتقر البحرية الصينية على وجه الخصوص إلى صواريخ كروز للهجوم البري.

يرى الخبير العسكري روبلين أن أهمية صاروخ "DF-26" تكمن في مداها الذي يتراوح ما بين 1900-2500 ميل، وهو ما يمنح بكين أخيراً سلاحاً تقليدياً يمكنه من ضرب القاعدة الأمريكية الرئيسة بما يصل إلى 3300 باوند من الرؤوس الحربية التقليدية، أو تعريض قواتها في المياه الزرقاء لمواجهة محفوفة بالمخاطر. ويمكن أن تصل صواريخ "DF-26" إلى أهداف محتملة في الهند وشمال استراليا.

يقدر الموقع العسكري "Janes" بأن الخطأ المقدر لدقة الصاروخ يأتي في دائرة قطرها ما بين 150-450 متراً. ويعلق روبلين على ذلك بأن خطأ دقة صاروخ بحجم ملعب كرة قدم يعطي نتائج عسكرية غير موثوقة. ومع ذلك فإن بعض المصادر تؤكد أن صاروخ "DF-26" يتمتع "بضربة دقيقة"، لذا فمن المحتمل أن رقم 150-450 متراً غير صحيح، أو يعكس خطأ دقة النموذج الأولي للصواريخ.

يشير الخبير إلى أن الدفاعات الصاروخية في جزيرة غوام والتي تعززها سفن البحرية الأمريكية المسلحة بصواريخ اعتراضية باليستية من طراز "SM-3" قد تستطيع القضاء على جزء إن لم يكن كل صواريخ "DF-26".

وفي أغسطس 2017، أفادت التقارير أن الجيش الصيني قام باطلاق 4 صواريخ من طراز "DF-26" في هجوم محاكي لاستهداف بطاريات الدفاع الجوي الأمريكية "THAAD"، مما يشير إلى أن استراتيجيته قد تكون إطلاق وابل من الصواريخ بهجوم "ركلة الباب" يسعى إلى القضاء على الدفاعات الجوية. وبالتالي، إذا كانت القدرة الرمزية لامتلاك صواريخ "DF-26" مفيدة، فإن الصاروخ سيشكل تهديدًا كبيرًا للقاعدة الأمريكية فقط إذا كان من الممكن زيادة دقتها.

يلفت الخبير الانتباه إلى أنه يمكن لصاروخ "DF-26" أن يحمل ثلاثة رؤوس حربية نووية، ويمكنها الانفصال لضرب ثلاثة أهداف متعددة. لكن ضع في اعتبارك أن عقيدة "عدم الضربة الأولى" العسكرية الذي ينتمي لها الجيش الصيني تتعلق بالانتقام، وليس بالضربة الأول او الاستباقية. كما تعتبر حقيقة أن صاروخ "DF-26" متعدد الاطلاق أمراً حيوياً في هذا الصدد، لأنه لا يسهل تدميره خلال الضرب الأولى للخصم - مما يردع نظريًا مثل هذه المحاولة في المقام الأول.

وعلى العكس من ذلك، فإن عدم اليقين بشأن ما إذا كان صاروخ "DF-26" يحمل رأساً حربياً نووياً أو تقليدياً يمكن أن يؤدي عن غير قصد إلى تصعيد الانتقام النووي من جانب الولايات المتحدة.

كما أعلن المعلقون الصينيون أن هناك نسخ من صاروخ "DF-26" مضادة للسفن يطلق عليها "DF-26B"، مثل الصاروخ الباليستي المتوسط المدى "DF-21D". وقد أحدث صاروخ "DF-21D" ضجة كبيرة في البحرية الأمريكية عندما دخل الخدمة قبل عقد من الزمن بسبب التهديد الذي تشكله الصواريخ الباليستية الموجهة من الفضاء على حاملات الطائرات الأمريكية. كما هو الحال الآن، يجب أن تقترب قمم الولايات المتحدة المسطحة "حاملات الطائرات" بشكل خطير من الشواطئ الصينية حتى تكون مقاتلاتها الشبح من طراز "F-35" ضمن المدى، ويمكن لصواريخ "DF-26" المضادة للسفن أن تعرضها لخطر.

ومع ذلك هناك تحذير كبير لقدرات صواريخ "DF-26" و "DF-21D" المضادة للسفن: ليس هناك تأكيد على أنه تم اختبار أي منهما ضد هدف متحرك في البحر، ومن المرجح أن تكون أي اختبارات تشغيلية واقعية حدثت يمكن ملاحظتها. (ولكي نكون منصفين، هناك تقارير عن تجربة صاروخية غامضة في بحر بوهاي ربما كانت تنطوي على أي من الصاروخين). أي سلاح لم يتم اختباره بشكل متكرر للقيام بمهمة صعبة بسيطة ليست واحدة يمكن الاعتماد عليها لتحقيق تأثير محدد. وبالتالي، من الممكن أن تتحدث بكين عن الأسلحة لأسباب دعائية وردعية حتى تصبح واثقة بما فيه الكفاية في التكنولوجيا لنظام اختبار شامل.

هناك مشكلة رئيسة أخرى عندما يتعلق الأمر بقدرات الهجوم البري والبحري لصاروخ"DF-26D": بناء صاروخ يحلق لمسافة ألفي ميل، شيء واحد، ولكن كيف ترى ما تطلق عليه في المقام الأول؟ فيلزم وجود أصول قوية للاستخبارات والمراقبة والاتصالات، لا سيما لتمشيط البحار بحثاً عن حاملة طائرات وإرسال صواريخ باليستية في محيطها العام. كما وتمتلك الصين حوالي 100 قمر صناعي عسكري مما يمنحها تغطية جيدة للمياه والقواعد داخل سلسلة الجزر الأولى. ويُعتقد أن تغطية غوام متقطعة، وإن كان من المتوقع أن تتحسن في الوقت المناسب.

وبالتالي، فإن القيود المفروضة على الدقة والمعلومات من المرجح أن تحد من أن "قاتل غوام" في شكله الحالي هو سلاح تحرش أكثر منه تهديداً عسكرياً موثوقاً به - ما لم يكن مسلحاً برؤوس حربية نووية. ومع ذلك، من المرجح أن تزيد بكين من دقتها وأرقامها ودعم أصولها في الوقت المناسب.

ومن المحتمل أن يطور الجيش الأمريكي قدراتها الدفاعية والهجومية في جزيرة غوام في ظل انسحابها من معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى مع روسيا.

تنوه المجلة أن هذه المقالة ظهرت لأول مرة قبل بضع سنوات، وتم إعادة نشرها لأهميتها للقراء.