الخميس  28 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مجلة أمريكية: الإدارة الجديدة لن تعالج الديمقراطية الأمريكية

2020-11-08 08:41:33 AM
مجلة أمريكية: الإدارة الجديدة لن تعالج الديمقراطية الأمريكية
بايدن وهاريس

الحدث- جهاد الدين البدوي

نشرت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية مقالاً لعالم السياسة الأمريكي لاري دايموند، والذي تحدث أن التعفن في المؤسسات السياسية الأميركية أعمق من دونالد ترامب. ولن تستطيع إدارة جديدة معالجة الديمقراطية الأمريكية.

يوضح الأكاديمي الأمريكي أنه بغض النظر عمن يفوز بالانتخابات الرئاسية لعام 2020، فإن صحة الديمقراطية الأميركية لن تتعافى قريباً. فعلى مدى العقد الماضي، وخاصة على مدى السنوات الأربع الماضية، تتبع علماء الديمقراطية التدهور التدريجي في جودة الديمقراطية في الولايات المتحدة. وقد بدأ هذا التراجع، الذي يرجع جزئياً إلى تعميق الاستقطاب الحزبي والعنصري، قبل انتخاب دونالد ترامب رئيساً في عام 2016. ولكن هذا الرئيس، إلى حد ما، تجاوز إلى حد كبير أياً من أسلافه الـ 44، فقد ألحق ترامب ضرراً بالغاً بمعايير الديمقراطية الأميركية، وإلى حد ما بمؤسساتها.

يلفت الكاتب دايموند الانتباه إلى أن التدفق المستمر للأكاذيب والمعلومات المضللة؛ والاعتداءات المتواصلة على وسائل الاعلام والمحاكم والخدمة المدنية المهنية والمعارضة السياسية؛ بالإضافة إلى جهوده لتسييس والمطالبة بالولاء الشخصي من الجيش، وأجهزة الاستخبارات، وأجهزة إنفاذ القانون الاتحادي؛ وإساءة استخدامه للسلطة الرئاسية والسلطة التقديرية لتحقيق مصالح سياسية ومالية؛ وإيماءاته التي تعبر عن تعاطفه مع الجماعات اليمينية المتطرفة العنصرية ودعمه لها ليس لها مثيل في سجلات الرئاسة الأمريكية.

يقول الكاتب مهما كانت النتائج النهائية للانتخابات، فإن الكثير من دول العالم - والكثير من الولايات المتحدة - سوف تندهش من حقيقة أن ديماغوجي شعبوي ومقرب من الحكام المستبدين في جميع أنحاء العالم سوف يكون قد فاز بأصوات أكثر من أي مرشح رئاسي في التاريخ الأميركي، باستثناء باراك أوباما في عام 2008 وجو بايدن في عام 2020.

سيكافح الباحثون والمحللون والدبلوماسيون الأجانب لسنوات لشرح كيف أن ترامب، في أعقاب أداءه الأكثر من سيء في إدارة جائحة كورونا بالمقارنة مع أي زعيم ديمقراطي صاحب توجه أكثر اعتدالاً، والأقل استقطاباً، قد فاز بفارق 3 نقاط مئوية تقريباً، وفي أسوأ الأحوال لم يتغلب سوى بفارق ضئيل في الانتخابات الرئاسية.

يرى الكاتب بأن سلوك ترامب أثناء الحملة الانتخابية ضاراً بالديمقراطية الأمريكية، ولا سيما محاولاته السابقة لقمع الناخبين ومزاعمه التي لا أساس لها من الصحة بالتزوير في الإدلاء بالأصوات البريدية. وعلى الرغم من أنه كان متوقعاً، فقد غرق الرئيس إلى أدنى مستوى له في ليلة الانتخابات، عندما كرر تأكيده الكاذب على "حدوث تزوير كبير على أمتنا"، وادعى أنه فاز في عدة ولايات كانت لا تزال تفرز أصوات المقترعين، (بما في ذلك ميشيغان، التي خسرها منذ ذلك الحين)، وذكر بشكل قاطع "أننا فزنا في هذه الانتخابات"، وتعهد بالطعن في النتيجة في المحكمة العليا الأميركية.

مثل هذه التصريحات - التي أدانتها دانا بيرينو، ووصفتها بأنها "غير مسؤولة للغاية" وانتقدها أيضًا حليف ترمب السابق، حاكم نيوجيرسي السابق كريس كريستي - تثير انعدام الثقة في العملية الانتخابية وتخاطر بإذكاء العنف. وكشفت استطلاعات الرأي ما قبل الانتخابات أن هناك نسباً متزايدة من كل من الديمقراطيين والجمهوريين الذين يعتقدون أن هناك على الأقل "مبرراً قليلاً" لاستخدام العنف لتعزيز قضيتهم أو للاحتجاج على الهزيمة بالانتخابات. يعتقد ما بين 15-20% من الناخبين الليبراليين والمحافظين الأقوياء أنه قد يكون هناك "قدر كبير" من المبررات للعنف. وفي سعيه لنزع الشرعية عن التصويت، يلعب الرئيس بالنار.

يؤكد الكاتب أن فوز بايدن لن يشفي في حد ذاته الجراح العميقة التي لحقت بالديمقراطية الأميركية في السنوات الأخيرة. وفي نظام الحزبين، يحتاج الحزبان إلى الحد من الاستقطاب السياسي وإصلاح المعايير الديمقراطية.

ومع تزايد تكتيكاته المتطرفة للتلاعب بالقواعد لمصلحته المباشرة، وقمع أصوات الأقليات العرقية، والعبث في المحاكم، فقد الحزب الجمهوري تدريجياً بصره عن تلك المعايير. وفي السنوات الأربع الماضية، تم التخلي تماما عن تلك المعايير نتيجة "استيلاء ترامب العدائي" على الحزب، على حد تعبير صهر الرئيس، جاريد كوشنر.

يتابع الكاتب: ومن النتائج المؤسفة لانتخابات عام 2020 أنه نظراً لأن أداء الجمهوريين أفضل مما كان متوقعاً (الاحتفاظ بمجلس الشيوخ، وربما الحصول على مقاعد في مجلس النواب، والحصول على مقربة من التصويت الرئاسي)، فمن المرجح أن يبقى الحزب تحت تأثير شعبوية ترامب غير الليبرالية لبعض الوقت في المستقبل.

يقول الكاتب أنه من الصعب إجراء مقارنات مع تراجع الديمقراطيات الأخرى لأنه لا توجد ديمقراطية ليبرالية ثرية وناضجة عانت من انهيار مؤسسي مماثل. ولكن العلامات الواضحة للانحلال السياسي مألوفة ومزعجة لعلماء الديمقراطية المقارنة: الاستقطاب المتزايد، وعدم الثقة، والتعصب بين مؤيدي الأحزاب المعارضة الرئيسة؛ والميل المتزايد إلى النظر إلى الارتباطات الحزبية كنوع من الهوية القبلية؛ وتداخل الانتماءات الحزبية مع الهويات العرقية أو الإثنية أو الدينية؛ وعدم القدرة على صياغة حلول وسط سياسية عبر الانقسامات الحزبية – وبالتالي القيام باستجابات سياسية فعالة للقضايا الوطنية.

يعلم علماء الديمقراطية إلى أين أدت هذه الاتجاهات في الماضي – إلى انهيارات ديمقراطية في أوروبا ما بين الحربين العالميتين وما بعد الحرب العالمية الثانية في أمريكا اللاتينية وإلى صعود الشعوبيين السلطويين في الآونة الأخيرة في بلدان مثل فنزويلا وتركيا.

يشير الكاتب إلى أن الولايات المتحدة ليست وحدها في انحدارها الديمقراطي، بطبيعة الحال؛ إن الديمقراطيات قديمة العهد مثل الهند، وحتى الديمقراطيات الليبرالية مثل إسرائيل، تعاني من علل مماثلة.

يرى الكاتب بأن هذا هو موسم القياصرة والسخط الديمقراطي. ومما فاقم المشكلة من جراء الرياح السيئة التي هبت على الديمقراطية في كل مكان في العالم مؤخراً: التأثير الضار لوسائل التواصل الاجتماعي، والذي يعطي أهمية كبيرة للغضب والمشاركة العاطفية، وبالتالي لديه صلة طبيعية للتضليل؛ بالإضافة إلى الاضطرابات التكنولوجية والاقتصادية والبيئية المتعددة التي تهدد شعور الناس بالذات والأمن فيما أطلق عليه الصحفي توماس فريدمان "عصر التسارع"؛ وصعود الصين وعودة روسيا إلى الظهور كقوى استبدادية ترى في الديمقراطية المهينة و المزعزعة للاستقرار ضرورة وجودية؛ والتراجع عن المسؤولية العالمية للبلاد التي كانت في العقود السابقة المدافع الرئيس عن الديمقراطيات المحاصرة - الولايات المتحدة.

يختتم الكاتب مقالته بالقول: والآن تعاني الولايات المتحدة من أزمتها الديمقراطية الخاصة بها. إن الغشاء الرقيق والمرونة التي تحمي النخاع الشوكي للديمقراطية الأميركية - وهو تحتضن التسامح المتبادل وضبط النفس، والالتزام الثابت بقواعد اللعبة الديمقراطية - تتآكل بشدة. وسواء حاول ترامب المهزوم إلغاء نتائج الهيئة الانتخابية في المحاكم أو في الكونغرس، فإن الديمقراطية الأميركية في كانون الثاني/يناير لا تزال في ورطة خطيرة. والشعب الأمريكي وحده هو القادر على إصلاحه.