الخميس  02 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

لماذا نضع كاميرات للمراقبة؟

2021-09-07 10:31:56 AM
لماذا نضع كاميرات للمراقبة؟
تعبيرية

الحدث- سوار عبد ربه

مع كل حدث أمني يقوم به مقاومون، يعود موضوع كاميرات المراقبة للتداول في أوساط المجتمع الفلسطيني، من خلال دعوات لإزالتها، لضمان توفير أقل ما يمكن من الحماية لصانعي الأحداث، سيما وأن الاحتلال يقوم باقتحام المناطق التي يشتبه بوجود مقاومين فيها، للاستيلاء على تسجيلات الكاميرات، لتسهيل مهمته في البحث عنهم.

وأطلق مجموعة من النشطاء الفلسطينيين، حملة لدعوة أصحاب المحال التجارية والمواطنين لحذف التسجيلات فورا، لمنع الاحتلال من الوصول إلى الأسرى الستة الذين انتزعوا حريتهم من خلال حفرهم نفقا في سجن جلبوع.

وفي العام 2019 طرح الأكاديمي معز كراجة، ضمن حوار أجراه في مركز خليل السكاكيني بعنوان "كاميرات المراقبة ومفهوم الأمن المعكوس في السياق الاستعماري"، تساؤلا حول السبب الذي يدفع الفلسطيني للحصول على أمن ومراقبة ذاتية في سياق استعماري، منوها أنه السؤال الذي يجب أن يسبق سؤالا حول كيفية استخدام هذه الكاميرات بما لا يوفر خدمة مجانية للاحتلال.

وفي محاولة لفهم الدوافع والأسباب وراء السبب الذي يدفع المواطن الفلسطيني لوضع كاميرات مراقبة على سطح منزله، أو في متجره أوضح أستاذ علم الاجتماع في جامعة بيرزيت بدر الأعرج لصحيفة الحدث أنه وبمعزل عن الاحتلال، السرقات التي تتعرض لها المنطقة وبالتحديد محافظة رام الله، سبب للجوء إلى الكاميرا، محملا ذلك لغياب الأمن الفلسطيني.

وأضاف: "التطور التكنولوجي ورخص ثمن الكاميرا وسهولة تركيبها، أسباب أخرى في انتشارها بكثرة، حيث أصبح المواطن يشعر بأمان أكثر في وجودها".

أما من ناحية الاحتلال، فبرر الأعرج سبب وجود الكاميرات بأن الفلسطيني أصبح مضطرا لمراقبة نفسه بسبب الحالة الاستعمارية التي أدت إلى انعدام الأمن، إلى جانب وحشية الاحتلال والتعامل مع الدم الفلسطيني على أنه رخيص.

وبحسب الأعرج: في السابق كان المستوطن يمشي خائفا في الشوارع، على عكس اليوم فقد أصبح الفلسطيني لا يشعر بالأمان حتى في شوارعه وليس مستبعدا في أي لحظة أن تحرق مزارعنا أو أن نضرب بالجارة أو نتعرض لإطلاق نار، ما اضطرنا لمراقبة أنفسنا خوفا من التعرض لأي نوع من الاعتداء.

وبدأت كاميرات المراقبة تشكل خطرا على أمن منفذي العمليات الفدائية بعد الحدث الأمني الذي حصل في عام 2014 والذي أسفر عن اختفاء ثلاثة مستوطنين، حينها التفت الاحتلال لوجود آلاف الكاميرات وبدأ يعتمد عليها في الحصول على المعلومات، وقد ساهمت الكاميرات المثبتة في شوارع المدن الفلسطينية وفوق البنايات والمتاجر، إلى جانب مئات الكاميرات التي ثبتها الاحتلال في الشوارع الرئيسية بين المدن في الكشف عن منفذي العمليات كـ أحمد جرار وأشرف نعالوة وصالح البرغوثي وغيرهم.

في المقابل رأى المحاضر في جامعة بيت لحم وسام رفيدي، أن التحولات الأمنية التي شهدتها البلاد، تعتبر مهمة في فهم الأسباب وراء سبب انتشار الكاميرات، ولجوء الفلسطيني لتأمين نفسه بنفسه.

وفي هذا الجانب قال رفيدي لصحيفة الحدث: "في الانتفاضة الشعبية عام 1987 كانت الجماهير الشعبية توفر حاضنة أمنية للأفراد، فعندما يشعرون بوجود شخص غريب يدخل القرية على سبيل المثال، سواء كان عميلا أو لصا، يعمل جميع الأهالي على المراقبة وتوفير الأمن العشبي".

وتابع: "مرحلة ما بعد أوسلو عملت على تغييب القيم الجماعية، حيث أن السلطة لعبت دورا كبيرا في تدمير هذه القيم، ومن ضمنها الأمن الاجتماعي الشعبي، الأمر الذي عزز الأمن الفردي على جميع الأصعدة، مضيفا أنه عندما تراجعت الإضرابات الجماعية، التي تحقق الإنجازات لجأ المواطنون للإضراب الفردي وعندما تراجع العمل الفدائي المنظم ذهب المواطن باتجاه العمل الفردي، وبالتالي عندما يشعر المواطن بغياب الأمن الرسمي يضطر لخلق أمنه الفردي".

في المقابل، تبين من خلال حوار مع أصحاب المتاجر الصغيرة التي لجأ أصحابها لاستخدام الكاميرا أن السبب في ذلك يرجع لتوفير الحماية لمصدر رزقهم الوحيد في ظل انعدام الأمن والاستقرار، حيث إن التاجر يسعى للحفاظ عليه من السرقة أو التخريب فيوفر كل وسائل الحماية المتاحة له خاصة وأن الكاميرات اليوم أصبحت سلعة متاحة للجميع نظرا لسهولة تركيبها ورخص سعرها إضافة لاعتبارهم أنه في حال تعرضهم لسرقة لا يوجد من يعوضهم.

وعند سؤالهم عن مدى إدراكهم لتأثير الكاميرات على أمن منفذي العمليات وإمكانية وصول الاحتلال لهم عن طريقها، أجاب بعضهم أن الاحتلال سيصل للمنفذين بكاميراتهم أو بدونها فلديه من أدوات التعقب ما يكفيه كي يصل لمراده، منوهين أنهم يحاولون عدم توجيه الكاميرات للشارع مما لا يوفر أدنى خدمة للاحتلال.

وسجل مركز الإحصاء الفلسطيني وفقا لآخر إحصائية صدرت عنه لعام 2020، (2920) جريمة سرقة مبلغ عنها في مختلف محافظات الضفة الغربية.

وفي هذا الشأن أوضح الناطق باسم الشرطة العقيد لؤي ارزيقات في لقاء صحفي أن للكاميرات دورا إيجابيا في كشف خيوط الجريمة حين ترتكب، إلا إن خطورتها تتمثل في إمكانية استغلالها من قبل الاحتلال، معتبرا أنها أصبحت من أهم المصادر التي تعتمد عليها الأجهزة الأمنية في الكشف عن غموض العديد من الجرائم، إلى جانب كونها عاملا قويا لردع المجرمين ودفعهم للتفكير قبل ارتكاب جرائمهم حال معرفتهم بوجود كاميرات في المكان، فالكاميرات اليوم أصبحت بديلا فاعلا للعنصر البشري.

ويتضح مما سبق أن القيم الفردانية أصبحت هي المسيطرة، مقابل تراجع الحالة الثورية لدى المواطنين في عملية مد وجزر، إذ أصبحت الاعتبارات اللحظية والأمن الفردي منفصلة عن الحالة الجمعية وهذا ما يتنافى مع الأصل أن الفرد جزء من المجتمع وأمنه الفردي جزء من الأمن الجمعي.