السبت  27 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

المترجم السوري ثائر ديب يروي لـ "الحدث" تفاصيل حجب جائزة حمد للترجمة عنه

عندما تتداخل السياسة بالثقافة

2022-02-02 02:31:08 PM
المترجم السوري ثائر ديب يروي لـ
المترجم السوري ثائر ديب

الحدث- سوار عبد ربه

"تسعى الجائزة لتكريم المترجمين وتقدير دورهم في تمتين أواصر الصداقة والتعاون بين أمم العالم وشعوبه، ومكافأة التميز والإبداع، وتشجيع عمليات المثاقفة الناضجة بين الثقافة العربية وبقية ثقافات  العالم عبر فعاليات الترجمة والتعريب"، هذا هو التعريف الذي يدرجه موقع جائزة حمد للترجمة على موقعه الرسمي ضمن رؤية القائمين على الجائزة، وتعتبر هذه الجائزة أهم جائزة عربية وعالمية في بابها وأكثرها سخاء بحسب ما ورد في رسالة الكاتب والمترجم السوري ثائر ديب التي توجه بها عقب إعلان النتائج في 21 نوفمبر 2021، لمجلس أمناء الجائزة بعد أن حُجبت عنه وذلك عن ترشحه للفوز عن ترجمته لكتاب الإيراني علي الدشتي "23 عاماً: دراسة في السيرة النبوية المحمدية".

واتهم ديب في لقاء خاص مع صحيفة الحدث، مدير تسيير جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي السيد محمد الأحمري بممارسة خرق لمعايير الجائزة تجاهه شخصيا وأكثر من مرة، مضيفا أنه من المعروف أن لجنة تسيير الجائزة تقوم بالفرز الأولي للكتب التي تخضع للمعايير الموضوعة، مثل اللغة المشاركة وتاريخ الإصدار وغيرها، لكن الأحمري يستبعد من الإرسال إلى لجان التحكيم كتبا يعتبرها من فكرٍ غير فكره أو يعتبرها غير مناسبة بدلا من أن يترك ذلك للجنة التحكيم.

ويرى المترجم السوري ديب، أن الأسباب وراء ذلك "تتعلق باختلافنا الفكري، واصفا إياه بأن لا علاقة له بالترجمة ولا بالتفاهم الدولي، ومؤلفاته محدودة، إذ يعتبر أهم مؤلف له هو كتاب احتفى بـسيطرة طالبان على أفغانستان، واسمه فتح كابل".

وأردف: "قررت مواجهته بوضوح وعلمت أن لجنة تسيير الجائزة التي تحكم فرع جائزة الإنجاز كانت قد صوتت باتجاه فوزي لكنه رفض ذلك بحجة كتاب الإيراني علي الدشتي عن السيرة النبوية المحمدية"، موضحا أنه كي يواجه الصوتين الآخرين يبدو أنه اجتلب تقريرا من أحد المترجمين كي يهاجم ترجمته، والذي وصفه بمنعدم الضمير".

ويرجح الكاتب والمترجم أن الشخصين اللذين كانا في صفه وصوتا لصالحه خشيا على وظيفتيهما، منوها أن أحدهما أخبره أنه عندما يترك وظيفته سيواجه الأحمري، الأمر الذي اعتبره ديب مضحكا، لأنه تجدر بهم المواجهة في حينه، عندما خُرقت معايير الجائزة وانفرد الأحمري في أحكامه الخارجة عن المعايير، بحسب ديب.

يذكر أن هناك فرعين للجائزة، واحد لترجمة كتاب معيّن، والآخر للإنجاز الكامل لمؤسسة أو مترجم، والكتاب يرسل إلى لجنة تحكيم خارجية، أما الإنجاز، فيعني كل كتب مترجم معين أو مؤسسة معينة، يتم تحكيمه داخليا من قبل لجنة التسيير التي تضم الأحمري وآخرين، لكنه استبعد ديب وضغط على الشخصين الآخرين لصالح قراره، وفقا لرواية ديب لـ"صحيفة الحدث".

وتأسست جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في الدوحة - قطر عام 2015، وهي جائزة عالمية يشرف عليها مجلس أمناء، ولجنة تسيير، ولجان تحكيم مستقلة، ومن معاييرها: قيمة العمل المترجم، دقة الترجمة، والأسلوب.

وتوجه ديب برسالة مفتوحة إلى الأمين العام للجائزة وإلى مجلس أمنائها منذ بداية العام دعا فيها إلى تصويب كل ما يلزم تصويبه، الأمر الذي سيسجل للجائزة وليس عليها بعد أن شرح فيها تفاصيل ما جرى.

وجاء في رسالة ديب: "أظن أنني مترجم معروف لديكم؛ جرى اختياري كمحكم في جائزتكم الموقرة في جميع دوراتها التي لم أتقدم فيها كمتسابق، كما حكمت فى جوائز سواها، وترجمت حتى تاريخ تقدمي لجائزة الإنجاز لعام 2021 ما يزيد على خمسين كتاباً ومئات المقالات".

وأضاف في رسالته: "لعلي واحدا من أكثر المترجمين في العالم العربي استشهادًا بالأعمال التي ترجمتها من قبل الباحثين الأكاديميين وسواهم، وراجعت في وزارة الثقافة السورية وفي المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات وغيرهما من المؤسسات مئات الكتب، وأجريت بصدد الترجمة عشرات المقابلات، وكتبت عشرات المقالات والأبحاث المحكمة، وشاركت في عشرات المؤتمرات، وأسست وترأست تحرير الأعداد الأولى من مجلة جسور التي تُعنى بالترجمة ودراساتها في وزارة الثقافة السورية، وساهمت في هيئات تحرير دوريات أخرى مثيلة، وكنت عضوا في الهيئة الاستشارية لسلسلة ترجمان التي يصدرها المركز العربي، وعضواً في الهيئة الاستشارية لمشروع نقل المعارف المشترك بين هيئة البحرين للثقافة والآثار واليونسكو".

وأكد الكاتب والمترجم في لقائه مع صحيفة الحدث أنه لم يصله أي رد أو جواب حتى اللحظة، موضحا أن ما شجعه على توجيه الرسالة هو حرصه على الجائزة المهمة والتي تقدر أحسن تقدير تعب المترجمين،  إلى جانب أن الأمين العام للجائزة حسن النعمة خطابه يختلف تماما عن الخطاب الديني المتزمت المتعصب للأحمري.

وحول وجه الخلاف بين الأحمري وديب أوضح الأخير أن ذلك بسبب انفراد الأحمري بالجائزة التي يقوم عليها مجلس أمناء يضعون خططها الاستراتيجية، ولجنة تسيير، ولجان تحكيم مستقلة، إذ يتصرف الأحمري وكأنه لجان التحكيم المستقلة فيستبعد عن الإرسال إلى لجان التحكيم كتبا معينة بدلا من أن يكتفي بفرزها حسب تاريخ الإصدار وحسب اللغة المطلوبة مما تشترطه الجائزة، منوها أنه كان عليه أن يترك لهذه اللجان أمر البت في كثير من الكتب التي يستبعدها.

وفي سؤال حول ما إذا كانت السياسة والثقافة مجالين يتأثران ببعضها البعض، قال ديب بناء على تفاصيل ما حدث معه في الجائزة إن هناك تأثيرا وتأثرا متبادلا بينهما، وهذا التأثير يمكن أن يكون إيجابيا أو سلبيا وهو في حالة الأحمري شديد السلبية كونه شخصا غير مؤهل ليكون في المكان الذي يحتله ولا علاقة له بالترجمة وبالتفاهم الدولي.

وأكد ديب لصحيفة الحدث أن الأحمري كان قد خرق معايير الجائزة في مرات سابقة فقد منحت في أحد الأعوام لأحد مسيريها وهذا مستحيل في جائزة كهذه.

وكان ديب قد كتب مقالا عام 2004 أثناء ترجمته لكتاب الدشتي حول الرقابة في ظل الاستبداد جاء فيها: "أخاف في مشهد ثانٍ، من أن أضع اسمي على كتاب أترجمه، وكان النظام الديني في بلد مؤلفه قد قتل هذا الأخير، أتردد، وأفكر في تلك الفرصة التي أتاحها لي الناشر في أن أضع اسماً حركيا حلبا".

وتابع المقال: "تئز بقربي طلقات، وتومض سكاكين، وتهوي عصي سبق أن طالت أجساد كثيرين لأسباب قريبة. تلوح صورة شخص يعمل في جسدي ذلك كله، شخص بلا ملامح فردية سوى ما يدل على انتمائه إلى جماعة من بين تلك التي أطلقها الاستبداد، والخوف، والأرض اليباب، وردة فعلها التي هي من جنس الفعل. أرسم ملامحه من خلال جماعته كما يرسم العنصري صورة نمطية للأسود. أشمئز مني. لكنني أعلم أن هذا الشخص موجود بالفعل. وقد يفتك بي قبل أن يتاح لي، ككائن ثقافي، أن أنتقل من وجوده الفعلي القاتل إلى تحليل أسبابه الشائعة".

واعتبر ديب أن ما كتبه كان أشبه بنبوءة، ما اختلف منذ حينها أن هذا "الأصولي" الذي تصوره في الخيال جاء في الحقيقة.