الخميس  25 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

فساد مالي ومحاولات أسرلة.. ما الذي يجري في مدرسة اليتيم العربي بالقدس؟

2022-11-06 09:11:58 AM
فساد مالي ومحاولات أسرلة.. ما الذي يجري في مدرسة اليتيم العربي بالقدس؟
أرشيفية

خاص الحدث

مطلع العام الدراسي الحالي كشفت المدرسة الصناعية الثانوية - القدس "اليتيم العربي" التابعة للأردن، والواقعة في بيت حنينا بالقدس المحتلة عن رؤية جديدة، تهدف إلى "تطوير منهجية العمل في المدرسة، بصورة تضفي احترافية أعلى في التدريب والتعليم، وتحسين مخرجات العملية التعليمية لتصبح أكثر استجابة لمتطلبات سوق العمل" كما ورد في البيان الذي نشرته المدرسة عبر صفحتها على منصة فيسبوك بتاريخ 29 أيلول 2022.

وبحسب البيان تشمل الرؤية إعادة قولبة آلية التعليم ليتم اعتماد التدريب العملي في سوق العمل لبعض تخصصات طلبة الصف الثاني عشر، وذلك بهدف إضفاء خبرة أكبر وتكامل أشمل مع ما يتلقاه الطلاب من تعليم داخل المدرسة.

وقالت المدرسة إنها ستقوم بتوقيع عقد التمهين الثلاثي مع أولياء أمور الطلبة ومكان العمل، ومع إدارتها، لضمان حصول الطلبة على التدريب المناسب بحسب المنهاج وقائمة الكفايات ولضمان محافظة الطلبة على حقوقهم.

ومع بداية العام الدراسي الحالي، بدأت تتكشف لدى الطلاب وأولياء الأمور، مسائل أبعد من رغبة المدرسة في تطوير رؤيتها كما ورد في البيان المذكور، وفقا للمتحدثين في هذا التقرير.

وقال الطالب أحمد جمهور في مقابلة خاصة مع "صحيفة الحدث": "إن الأوضاع في الأسبوع الأول من الدوام كانت شبه طبيعية، والدوام كان منتظما، حتى أطل علينا أحد الأساتذة وأبلغنا أنه لن يتمكن من إعطائنا الدروس في يوم الاثنين، لأن مدير المدرسة يريد من الطلاب أن يلتحقوا في سوق العمل في هذا اليوم من كل أسبوع".

وأوضح: "وفقا للخطة الدراسية، يجب علينا أن نقضي 24 ساعة في المشاغل، إلا أن المدرسة قررت أن نكمل 16 ساعة منها فقط في المدرسة والثماني ساعات المتبقيات علينا قضاءها في سوق العمل".

وأردف: "رفضنا كطلاب هذا الاقتراح من إدارة المدرسة، وعندما سلمونا ورقة لنوقعها من أولياء الأمور بالموافقة، تسلمت الإدارة الورقة موقعة بمرفوض، لتتوالى بعدها التهديدات من قبل إدارة المدرسة فإما أن نذهب لسوق العمل أو إلى بيوتنا".

وتابع "فيما بعد احتج الطلاب باب المدرسة وقرروا عدم التوجه إلى الصفوف حتى توضح إدارة المدرسة للطلاب ما الذي يجري في أروقتها، وكانت حجتها أنها تريد للطلاب أن ينخرطوا في سوق العمل ولا يوجد ما هو أبعد من ذلك".

وفيما بعد اتضح أن المدرسة تريد تقليص عدد الطلاب وإفراغ الصفوف يوما واحدا في الأسبوع كي تستقبل طلابا آخرين من مدارس تابعة لوزارة معارف الاحتلال وبلديته، بحجة وجود ضائقة مالية في المدرسة.

التمويل المادي

من جانبه، أوضح أحد الناشطين المقدسيين والذي رفض الكشف عن اسمه في لقاء خاص مع "صحيفة الحدث" أن مدرسة اليتيم العربي سعت من خلال استقبالها لطلاب يدرسون في مدارس تابعة لمعارف الاحتلال وبلديته، داخل ورشها، لتتلقى دعما ماديا منها.

وأكد الناشط أنه هذا كله يأتي في سياق تغيير الهوية العربية للمدرسة، وجعلها متماهية مع سياسة الاحتلال الذي يحاول الدخول في ثنايا التعليم.

الأهالي في مواجهة إدارة المدرسة

في الأول من تشرين الأول 2022، أصدر اتحاد أولياء أمور طلاب القدس، بيانا مقتضبا أكدوا فيه ضرورة الحذر والمتابعة الجدية منعا لتدريس المنهاج الإسرائيلي (البجروت) في مدرسة اليتيم العربي الصناعية.

وقال الاتحاد: "المدرسة تتجه ضمن لعبة خفيّة إلى أسرلة التعليم، والضحايا سيكونون المعلمين والطلاب، إن لم نتحرك ونوقف الأمر سنكون شركاء في تسريب العقار وتحويله إلى مدرسة (بجروت) كما حصل مع مدرسة الفتاة اللاجئة القديمة".

وفي 17 من الشهر ذاته، نظم أولياء الأمور وقفة احتجاجية ضد سياسية إدارة المدرسة الحالية، تبعتها وقفة أخرى في 22 من الشهر ذاته. 

وقال أحد أولياء الأمور "أبو محمود" في لقاء خاص مع "صحيفة الحدث" إن مدرسة اليتيم العربي جمعيتها الرئيسية مقرها الأردن، وهذا العام تسلمت شركة جديدة بإدارة جديدة مهام متابعة أمور المدرسة، وهذه الإدارة أكدت للأهالي أنها ترغب في تطوير رؤية مستقبلية للمدرسة، الأمر الذي رحب به أولياء الأمور بالبداية ليتبين لاحقا أن المدرسة تريد إلغاء "التوجيهي"، وبالتالي لن يتمكن الطلاب من الالتحاق بالكليات والجامعات مستقبلا، كما أنها ترغب في إلغاء الصف العاشر.

وأكد أبو محمود أن هذه "التطويرات" ليست في مصلحة الطلاب كما تدعي إدارة المدرسة وبالتالي أولياء الأمور لم يوافقوا عليها، وبناء عليه كانت الوقفات والاحتجاجات".

وتابع "أبو محمود" أن ممارسات الإدارة هذه كلها تنصب بهدف إغلاق المدرسة الأمر الذي يثير تساؤلات لدى الطلاب والأهالي، وكافة وجهاء القدس ممن تواجدوا في الوقفات حول ما يجري.

علاوة على ذلك، أوضح أبو محمود أن ممارسات الإدارة شملت إنهاء خدمات مجموعة من الأستاذة من مدرسي المواد الأساسية رغم الحاجة إليهم، وإبلاغ الأساتذة في الاجتماعات بعدم الرغبة في استقبال طلبة جدد في العام القادم والتوجه لتحويل المدرسة إلى مركز تدريب، إلى جانب إنهاء خدمات الحراس والتعاقد مع شركة حراسة خاصة، وغيرها.

ووفقا لعضو لجنة أولياء الأمور، فإن مساحة المدرسة تبلغ 44 دونما، وموقعها حساس.

وتضم المدرسة عشرة مشاغل مساحة كل واحد لا تقل عن 600 متر مربع وهذه المشاغل هي: تأسيس معادن، الحدادة واللحام، الأدوات الصحية والتدفئة المركزية، الخراطة والتسوية، التنجيد الفني والديكور، الكهرباء العامة، النجارة، الراديو والتلفزيون، صيانة الآلات المكتبية، إدارة الفنادق.

كما تضم المدرسة عددا من البنايات منها: بناية المدرسة الفندقية وهي عمارة تتكون من خمسة طوابق تستعمل لتدريس الطلاب مهنة الإدارة الفندقية، وبناية ضخمة للإدارة والصفوف ومنامات لطلاب القسم الداخلي من الطلاب الأيتام، ومطبخ ومطعم بمساحة تزيد على 1500 متر مربع، بالإضافة لبناية أخرى تضم مشاغل النجارة والراديو والتلفزيون والكهرباء وصيانة الآلات المكتبية ومختبرا لقسم الكهرباء، وبناية أخرى من طابقين لمشغل الكمبيوتر ومختبر للإلكترونيات وقاعة واسعة للمحاضرات، وهناك أربعة بيوت كان يسكنها مدير المدرسة وبعض الموظفين.

ودعا أبو محمود كافة الجهات المعنية للوقوف عند مسؤولياتها، بما فيهم وزارة الأوقاف للتواصل مع الأردن ووضعها في صورة الأحداث، منوها أنه في العام 2006، جرت محاولة لوقف هذه الأرض، وفي اللحظة الأخيرة ألغي الأمر.

من جهته أكد الشيخ عزام الخطيب مدير عام دائرة الأوقاف الإسلامية أن الأوقاف تتابع عن كثب ما يجري من تطورات في مدرسة اليتيم العربي، وأنها ستطلع المسؤولين الأردنيين بما يجرى على أمل التواصل مع  إدارة الجمعية في عمان من أجل تجاوز الأزمة الحالية وإعادة المدرسة إلى سابق عهدها.

فساد مالي يعصف بالمدرسة

وفي السياق، كشفت مصادر مطلعة لـ"صحيفة الحدث" أن شركة اليتيم العربي في القدس تقوم بسلسلة من ممارسات الفساد داخل المدرسة من بينها أنها قامت باستئجار فندق من اللجنة في الأردن، لتؤجره بدورها لشركة خارجية تجري فيه تجارب كيميائية.

وأضافت المصادر لـ"صحيفة الحدث": بحسب قانون المدرسة، الطالب الذي يحصل على أعلى الدرجات، يعفى من القسط الدراسي، إلا أنه في بداية العام الحالي تلقى عدد من الطلاب أوراقا تطالبهم بدفع القسط، وبالتالي سيتلقون من اللجنة في الأردن المبلغ المعفى منه الطلاب بالأساس.

ومن ممارسات الفساد أيضا وفقا للمصادر أن المدرسة قامت ببيع حافلة تتبع لها بمبلغ ضعف ثمنها.

آليات المواجهة

من جانبه، كتب عضو هيئة العمل الوطني والأهلي في القدس راسم عبيدات حول أزمة مدرسة اليتيم العربي أن المدرسة وأرضها مستهدفة بالأساس من قبل الاحتلال لموقعها الاستراتيجي ولكونها تشكل حجر عثرة أمام مشاريعه الاستيطانية لخلق تواصل استيطاني يعزل بوابة القدس الشمالية عن رام الله.

وأضاف عبيدات: القضية المهمة بأن هناك من يعمل على إلغاء الثانوي الصناعي لوجود أزمة مالية، والعديد من المستثمرين يريدون تحويلها إلى كلية تقنية وتكنولوجية وهذا الاستثمار يجب ألا يكون بالتشارك مع رأسمال جهات غير فلسطينية أو عربية، وبما يضمن بقاء المدرسة بكامل صفوفها وخاصة الثانوية العامة مفتوحة ووفق المنهاج الفلسطيني.

وأكد عبيدات أن هذه المسائل تحتاج إلى موقف مقدسي جمعي وكذلك فلسطيني وأردني، عنوانه حماية أرض الجمعية ومبانيها والعملية التعليمية فيها، ويجب أن تقف الحكومة الفلسطينية ووزارة التربية والتعليم الفلسطينية أمام مسؤولياتها في هذا الجانب، والعمل على تخصيص ميزانيات لهذه المدرسة تنتشلها من أزمتها وحالة تعثرها، وكذلك يجب ألا يكون الاستثمار والسعي لتحقيق الربح على حساب المدرسة وبيئة وجودة التعليم، وأيضاً يجب أن تكون هناك حملة شاملة من أجل زيادة أعداد الطلبة في تلك المدرسة وضمان حقوق العاملين فيها.

"في الليلة الظلماء يفتقد البدر"

عام 1940 تأسس الفرع الأول للمدرسة في حيفا، على يد "لجنة اليتيم العربي"، وبعد النكبة عام 1948، تأسس فرعها الثاني في القدس إبان الحكم الأردني عام 1965، وفي حينها تولى المهندس حسن القيق "أبو سليمان" إدارة مدرسة اليتيم العربي لمدة 40 عاما.

وخلال فترة إدارته، تعرضت المدرسة لمحاولات أسرلة كثيرة، لكنه وبإجماع عدد من الشخصيات المقدسية الذين كتبوا حول أزمة المدرسة، حمى القيق المدرسة من كل تلك المحاولات، ومات محافظا عليها عام 2006.

ففي العام 1967، عسكر جيش الاحتلال فيها شهرا كاملا وطلب من القيق إخلاءها، لكنه رفض ذلك وفعل الأقسام الداخلية والمبيت الليلي، إلى جانب ذلك رفض القيق الارتهان المالي لوزارة معارف الاحتلال، كما رفض تدريس مناهج الاحتلال في المدرسة.