الحدث العربي الدولي
أعلنت الشرطة التركية، مساء أمس الإثنين، عن اعتقال ثلاثة من موظفي المجلة الساخرة “ليمان”، بعد نشرها كاريكاتيرًا اعتبرته السلطات مسيئًا للنبي محمد، بزعم أنه “يمس علنًا بالقيم الدينية” وينتهك القانون. وأدت هذه الاعتقالات إلى اندلاع مواجهات في شوارع إسطنبول، استخدمت خلالها الشرطة الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين الذين أعربوا عن غضبهم مما نشرته المجلة.
الكاريكاتير المثير للجدل، المرسوم بالأبيض والأسود، يصور شخصيتين تحلقان في السماء فوق مدينة تتعرض للقصف، بينما تتطاير الصواريخ أسفلهما في مشهد حربي. وتقول إحدى الشخصيتين: “السلام عليكم، أنا محمد”، بينما ترد الأخرى: “وعليكم السلام، أنا موسى”. وقد رأى كثيرون في الرسم تجسيدًا للنبي محمد في مواجهة موسى، بهدف إظهار حالة انسجام ديني في السماء مقابل الصراعات الدينية على الأرض. غير أن السلطات التركية رأت في الرسم تجسيدًا مسيئًا للنبي واعتبرته مسًّا بالقيم الدينية.
وأعلنت وزارة الداخلية أن الشرطة اعتقلت رسام الكاريكاتير دوغان بَهلَوان، وأحد المحررين في المجلة، والمصمم الغرافيكي، كما نُشرت مقاطع مصورة توثق لحظات الاعتقال، يظهر في إحداها الرسام وهو يُقتاد مكبل اليدين على درج بناية، وفي أخرى يُرى المعتقلون الآخرون ممددين على الأرض خلال اقتيادهم من منازلهم، وأحدهم حافي القدمين. وكتب وزير الداخلية على منصة X أن “من رسم هذا الكاريكاتير الخبيث اعتقل وسيحاسب أمام القانون”، مؤكدًا أن “هؤلاء الذين يحاولون إثارة الفتنة سينالون جزاءهم”.
كما اقتحمت الشرطة مكاتب المجلة في شارع الاستقلال وسط إسطنبول، وأُصدرت أوامر اعتقال بحق عدد من كبار موظفيها. وأدى انتشار نبأ الاعتقالات إلى خروج العشرات في احتجاجات غاضبة قرب مكاتب المجلة، حيث هاجم المحتجون حانة يرتادها صحفيو المجلة، ما أسفر عن اشتباكات امتدت ليشارك فيها نحو 250 إلى 300 شخص، واضطرت الشرطة إلى استخدام القوة لتفريقهم.
من جانبها، دافعت إدارة “ليمان” عن الكاريكاتير، مؤكدة أن منتقديه تعمدوا تفسيره بشكل خاطئ لإثارة الاستفزاز. وصرح رئيس تحرير المجلة أن الشخصية المرسومة لم تكن تمثل النبي محمد، بل مسلمًا قُتل في قصف إسرائيلي، موضحًا أن “محمد” اسم شائع يحمله أكثر من 200 مليون شخص في العالم الإسلامي. وأكد أن هدف الرسم لم يكن السخرية من القيم الإسلامية، بل التعبير عن معاناة المسلمين. واعتبر أن الهجوم على المجلة حملة تشويه منظمة، مشددًا على أن مقارنة ما حدث مع “ليمان” بما جرى لمجلة “شارلي إيبدو” الفرنسية هو أمر مقصود ومثير للقلق.