الثلاثاء  09 أيلول 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

عاقبها بسبب فلسطين: هارفارد تنتصر قضائيا على ترامب

2025-09-04 08:55:52 AM
عاقبها بسبب فلسطين: هارفارد تنتصر قضائيا على ترامب
أرشيفية

الحدث العربي والدولي

حققّت جامعة هارفارد انتصارًا قضائيًا كبيرًا في معركتها ضد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعدما قضت محكمة في بوسطن بأن قرار البيت الأبيض إلغاء منح بحثية بقيمة تتجاوز 2.2 مليار دولار كان مخالفًا للقانون، مؤكدة أنه لم يعد ممكنًا حجب هذا التمويل. البيت الأبيض سارع إلى الإعلان عن عزمه الاستئناف على ما وصفه بقرار “مخزٍ”.

الخلاف بدأ في أبريل الماضي، حين رفضت هارفارد سلسلة مطالب حكومية تضمنت إغلاق برامج التنوع والدمج، تغيير سياسات القبول والتوظيف، مراجعة أقسام أكاديمية ووقف بعض البرامج بحجة مناهضة سياسات الاحتلال الإسرائيلي. وردًا على الرفض، ألغت إدارة ترامب مئات المنح البحثية، ما ألحق أضرارًا بآلاف الباحثين والمشاريع في مجالات الطب والتكنولوجيا والعلوم الاجتماعية. الجامعة لجأت للقضاء، مؤكدة أن ما جرى انتهاك مباشر لحرية التعبير والأكاديميا وتجاوز واضح للإجراءات الفدرالية المنظمة للتمويل.

القاضية أليسون بروز وصفت في حكمها المؤلف من 84 صفحة أن الإدارة “تخطت الحدود”، مؤكدة أن مكافحة "معاداة السامية" أمر ضروري، لكن لا يجوز أن يأتي على حساب الحريات الأساسية. وأشارت إلى أن هارفارد بدأت بالفعل اتخاذ خطوات ملموسة لمواجهة هذه الظاهرة ومستعدة لتوسيعها، إلا أن واجب المحكمة يفرض عليها ضمان عدم حجب التمويل بشكل تعسفي. وكتبت في قرارها: “علينا أن نحارب معاداة السامية، لكن في الوقت ذاته يجب أن نحمي حقوقنا الدستورية، بما فيها حرية التعبير، فلا ينبغي التضحية بهدف على مذبح الآخر”.

في المقابل، هاجمت المتحدثة باسم البيت الأبيض ليز هوستون الحكم، ووصفت القاضية بأنها “ناشطة عيّنها أوباما”. وأضافت: “هارفارد لا تملك حقًا دستورياً في أموال دافعي الضرائب، وستظل غير مؤهلة للحصول على منح مستقبلية”. وأكدت أن البيت الأبيض سيستأنف القرار على الفور، مبدية ثقة بأن الجامعة ستتحمل في النهاية “مسؤولياتها”.

القضية تجري في ظل سياسة أوسع تنتهجها إدارة ترامب تجاه الجامعات، إذ طالب الرئيس في أغسطس هارفارد بدفع نصف مليار دولار كشرط لتسوية، وأمر وزيرة التعليم ليندا مكماهون بعدم التفاوض. وكانت محاولات سابقة لمنع دخول الطلاب الأجانب – الذين يشكلون نحو ربع طلاب هارفارد – وتهديد بسحب اعتمادها الأكاديمي. ثلاث جامعات أخرى من رابطة “آيفي ليغ” اضطرت لقبول تسويات، بينها جامعة كولومبيا التي دفعت 220 مليون دولار لاستعادة تمويلها.

هارفارد باتت منذ 7 أكتوبر 2023 على مرمى انتقادات البيت الأبيض، وسط اتهامات بأنها لم توفر الحماية الكافية للطلاب الإسرائيليين في ظل اتساع رقعة الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين داخل حرمها. رئيسها المؤقت ألن غاربر – وهو يهودي – أقر بأن بعض الطلاب اليهود تعرضوا لمعاملة “قاسية ومهينة”، لكنه شدد على أن مطالب البيت الأبيض تجاوزت معالجة هذه القضية إلى محاولة فرض وصاية على هوية الأساتذة ومحتوى المناهج.

الأزمة الحالية تراكمت منذ يناير 2024 بعد استقالة الرئيسة السابقة كلودين غاي عقب جلسة استماع في الكونغرس حول هتافات مؤيدة لفلسطين، حيث أثارت إجاباتها جدلاً واسعًا وأدت إلى وقف تبرعات بمليارات الدولارات. غاي وصفت مؤخرًا أسلوب إدارة ترامب بأنه “سلوك نظام استبدادي يسعى لتدمير مؤسسات المعرفة المستقلة”.

ورغم الانتصار القضائي، فإن المعركة لم تنته بعد. الاستئناف الذي يعتزم البيت الأبيض تقديمه قد يطيل أمد النزاع، لكن القرار يمنح هارفارد موقع قوة في مفاوضاتها المستمرة منذ أشهر مع الإدارة الأميركية. ويتجاوز الصراع البعد المالي، ليشكّل اختبارًا أوسع لمدى تدخل السلطة التنفيذية في شؤون الجامعات الأميركية ولحدود استقلالها الأكاديمي في مواجهة أجندة سياسية ضاغطة.