السبت  20 أيلول 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الذكاء الاصطناعي يرصد علامات خفية للاكتئاب المبكر عبر تعابير الوجه

2025-09-19 04:45:24 AM
الذكاء الاصطناعي يرصد علامات خفية للاكتئاب المبكر عبر تعابير الوجه
تعبيرية

الحدث الصحي 

كشفت دراسة جديدة أجراها فريق بحثي من جامعة واسيدا اليابانية أن الذكاء الاصطناعي قادر على رصد إشارات دقيقة جدا في تعابير الوجه تدل على وجود أعراض اكتئاب في مراحلها المبكرة، وهي علامات غالبا ما تكون خفية ويصعب على العين البشرية ملاحظتها.

وقد أظهرت الدراسة التي نُشرت في دورية Scientific Reports، والتي تم التطرق إليها في تقرير لمنصة EurekAlert العلمية، أن هذه التقنية يمكن أن تمهد الطريق لوسائل فحص سهلة وغير جراحية تساعد في الكشف المبكر عن الاضطرابات النفسية في المدارس والجامعات وأماكن العمل.

اعتمد الباحثون في دراستهم على نظام OpenFace 2.0، وهو أداة تحليل آلي لتعابير الوجه، حيث قُيّمت مقاطع فيديو قصيرة سجلها 64 طالبا جامعيا يعرّفون فيها بأنفسهم. بعدها، طُلب من مجموعة أخرى مكونة من 63 طالبا تقييم درجة الوداعة والود والطبيعية للمتحدثين في تلك المقاطع.

وأظهرت النتائج أن الطلاب الذين أبلغوا عن معاناتهم من أعراض اكتئاب تحت مسمى "تحت العتبة" (Subthreshold Depression) – وهي أعراض خفيفة لا تصل إلى مستوى التشخيص السريري لكنها تعتبر عامل خطر – بدوا أقل تعبيرا وأقل ودية في نظر زملائهم، لكنهم لم يُعتبروا أكثر توترا أو تصنعا، بل كانت ملامح ضعف الإيجابية هي الأبرز.

واستطاع الذكاء الاصطناعي أن يرصد أنماطاً دقيقة للغاية في حركة العينين والفم، مثل رفع الحاجب أو شد الشفاه أو اتساع فتحة الفم، والتي ترتبط بشكل وثيق بمستويات الاكتئاب، على الرغم من كونها غير مرئية عادة للمراقبين غير المتخصصين.

وقالت الدكتورة إريكو سوغيموري، الباحثة الرئيسية في الدراسة: "النهج الذي ابتكرناه، المبني على مقاطع قصيرة وتحليل آلي لتعابير الوجه، يمكن أن يتحول إلى وسيلة بسيطة وعملية لرصد الصحة النفسية في بيئات التعليم والعمل".

وأضافت أن دمج هذه التقنية في المنصات الصحية الرقمية أو برامج رفاهية الموظفين قد يتيح مراقبة نفسية أكثر استباقية ويسهل التدخل المبكر.

وشدد الفريق على أن القدرة على التقاط مؤشرات الاكتئاب قبل تطورها إلى حالة سريرية مكتملة تمثل فرصة مهمة لتقديم الدعم النفسي في الوقت المناسب، مما يقلل من احتمالات تفاقم الاضطراب.

ومع ذلك، أشار الباحثون إلى أن العينة اقتصرت على طلاب يابانيين، ما يتطلب الحذر عند تعميم النتائج، حيث تؤثر الفروقات الثقافية في طريقة التعبير الوجهي عن العواطف، وقد تختلف الإشارات الدقيقة المرتبطة بالاكتئاب من مجتمع إلى آخر.

رغم هذه المحدودية، يرى الباحثون أن نتائج الدراسة تُظهر بوضوح الإمكانات الكبيرة للذكاء الاصطناعي في مجال الصحة النفسية، إذ يوفر وسيلة غير جراحية ومنخفضة التكلفة، ويمكن استخدامها على نطاق واسع للكشف المبكر عن الاضطرابات.

وأكدت الدراسة أن الاكتشاف المبكر قد يشكل فارقاً كبيراً في مسار العلاج، إذ يتيح التدخل في مراحل مبكرة للطلاب والموظفين الحصول على دعم نفسي سريع ويخفف من احتمالات تطور الاكتئاب إلى أشكال أكثر حدة.

وعبر فريق جامعة واسيدا عن أمله في أن تفتح هذه النتائج الطريق لتجارب أوسع في مجتمعات متعددة، وصولاً إلى تطوير أدوات رقمية متاحة للاستخدام في المستقبل القريب.