الخميس  18 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

" الحرب الإسرائيلية على غزَّة بين الرَّسائل السياسية والسايكولوجيَّة !! " بقلم: رائد دحبور.

2014-08-06 02:04:53 AM
صورة ارشيفية

 الحدث: من المعروف أنَّ الحروب هي تعبير عن السياسة بوسائل القوة؛ وهي بالتالي تستهدف تحقيق أهداف سياسية؛ أو جيوسياسية؛ أو إقتصادية؛ أو انَّها تستهدف تثبيت مفاهيم ومعايير الرَّدع؛ وإعادة ترجيح كفَّة التوازن لصالح أحد طرفي النِّزاع؛ وهي تتصل كذلك بتوجيه رسائل سايكولوجيَّة تستهدف التأثير في صياغة وعي الخصم؛ وبالتأثير في إرادته المتصلة بصياغة معادلات حساباته؛ الذاتية والموضوعية.

إنَّها باختصار تهدف في الغالب الى إعادة إنتاج الواقع السياسي والجيوسياسي؛ وخاصَّة بالنسبة للقوى التي تملك قرار شن الحرب بما يتوفَّر لها من قوَّة وإمكانات؛ ومن قدرة على تسويق حربها إعلامياً وتسويقها سياسياً.

والحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزَّة منذ ما يقرب من أربعة أسابيع؛ تتضمن توجيه عدد من تلك الرَّسائل السياسية والسايكولوجيَّة؛ هذا ما يمكننا فهمه من خلال توقيتها ومن خلال الذَّرائع التي إتخذت لشنِّها؛ ومن خلال مجرياتها والمنهجية التي سارت بها حتَّى الآن؛ والتي من الواضح أنَّها تستهدف الوعي والجانب السايكولوجي للفلسطينيين في غزَّة؛ وفي الضفة الغربية؛ وللفلسطينيين بشكل عام؛ كما للأطراف المعادية في المحيط؛ وفي هذا الإطار يمكننا فهم تصريحات وزير الإقتصاد وزعيم البيت اليهودي " نفتالي بنيت " في اليوم الأول لتلك الحرب؛ حيث قال: " هذه العملية ضد قطاع غزَّة تستهدف توجيه رسائل لثلاث جهات؛ هي: حماس في غزَّة، وعرب عام 1948، ولسوريا وحلفائها في الشَّمال " الى هنا كلام نفتالي بنيت.

وهكذا إذن؛ وعند إستعراضنا لتوقيت هذه الحرب؛ ولأهدافها التي تتراوح ما بين الأهداف الميدانية والإستراتيجية؛ وبرغم ما يعتري أهدافها من غموض وتردد وارتباك؛ وكذلك عند إستعراضنا لمجرياتها ولطبيعة ومنهجية وسائلها واستهدافاتها؛ والتي ركَّزت على قصف الأهداف المدنية؛ بشكل مقصود ومتعمَّد ومنهجي وللبيئة الإقليمية والدولية التي واكبتها وتواكبها حتى الآن؛ فإننا نلاحظ أنَّها بالفعل إستهدفت توجيه رسائل سياسية؛ مؤدَّاها أنَّ هذه البيئة الدولية والإقليمية دعمت وستدعم هذا النمط من الحروب على قطاع غزَّة الآن وفي المستقبل؛ كما أنَّها ستدعم مثيلاتها في الشَّمال إن إقتضى الأمر؛ كما أنَّها تؤكِّد على أنَّ العوامل والضرورات والأولويات الإسرائيلية هي الأساس؛ وهذه رسالة تستهدف الجانب الفلسطيني تحديداً؛ بشقيه في الضفة الغربية وفي غزَّة؛ هذا في الجانب السياسي.

أمَّا في الجانب السايكولوجي؛ فإنَّها تستهدف توجيه رسالة لجميع الأطراف مؤدَّاها أنْ ليس هناك حدود أمام إستخدام القوَّة؛ في هذه البيئة الدولية والإقليمية المتفهِّمة وحتَّى الدَّاعمة للسلوك الإسرائيلي؛ وبالتَّالي فإنَّ هذا الأمر سينسحب على أي حرب مستقبلية تشنها إسرائيل ضد أي قوَّة في المحيط !!.

وبالإجمال فإنَّ كل مجريات هذه الحرب الجارية؛ وكل مقدار هذه البرودة والصمت في التعاطي الدولي والإقليمي معها  يضع علامة إستفهام كبيرة على الكيفية التي ستنتهي إليها ؛ لكننا يمكننا القول حتى الآنْ أنَّ هذه الحرب ما زالت تراوح ما بين تثبيت مفاهيم الرَّدْع وبين الذهاب باتِّجاه الحسم المُكْلِف لإسرائيل؛ والأمر بالإساس يتصل بقرار إسرائيل المتعلِّق بمقدار إستعدادها لدفع كلفة الإستمرار في هذه الحرب؛ وباستعدادها لدفع ثمن وكلفة إجتياح برِّي شامل لقطاع غزَّة؛ أو إعادة احتلاله؛ وهو ما يبدو مستبعداً حتَّى هذه اللحظة؛ وكذلك فإنّ الأمر يتَّصل بالإجابةِ إسرائيلياً عن السؤال الجوهري الذي هو: ماذا عن اليوم التالي لإعادة احتلال قطاع غزَّة مجدداً؟!. وهذا ربما ما يفسر عدم وجود أدنى أغلبية حتَّى الآن داخل الكابينيت الإسرائيلي لفكرة إعادة احتلال القطاع.

لكن وبكل الأحوال على إسرائيل أنْ تتذكر أنَّ الذي قرر الإنفصال عن قطاع غزَّة هو " أرئيل شارون " الذي قال ذات يوم: إنَّ مستوطنة نيتساريم في غزَّة هي بأهمية تل أبيب بالنسبةِ لإسرائيل!!.