الخميس  25 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

دبلوماسية إيران أمام سحب السفراء: «ذهبوا لوحدهم ويعودون لوحدهم»

2016-01-05 06:23:47 AM
دبلوماسية إيران أمام سحب السفراء: «ذهبوا لوحدهم ويعودون لوحدهم»
رسم كاريكاتير يوضح العلاقة بين السعودية وإيران

 

الحدث- حسن حيدر 

لإيران تجربة قديمة مع سحب الدول لسفرائها منها. الأمثلة كثيرة، ويمكن القول إن أشهرها اقتحام السفارة الأميركية وما تبعها. ولكن في وجه هذه الحادثة وغيرها، كان التعامل الإيراني مبنياً على مبدأ «ذهبوا لوحدهم ويعودون لوحدهم» |

 


مع انطلاق الثورة الإسلامية في إيران، اقتحم متظاهرون غاضبون مبنى السفارة الإسرائيلية، وسط العاصمة طهران، ورفعوا العالم الفلسطيني. هرب الدبلوماسيون الإسرائيليون، بمساعدة أميركية وبعض الدول الأوروبية، ثم اقتُحمت السفارة الأميركية، وشهدت البلاد أزمة رهائن قُطعت، على إثرها، العلاقات مع الولايات المتحدة حتى يومنا هذا.


السفارة البريطانية، أيضاً، كانت عرضة لهجوم من قبل محتجين على سياسات لندن، عام 2011، بفعل الغضب الشعبي على ما وُصف بالدور التجسّسي والتحريضي للسفارة البريطانية في الأحداث التي أعقبت الانتخابات الرئاسية، عام 2009.

 

عاد وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند ليفتتح سفارة بلاده، فور الإعلان عن الاتفاق النووي.


بداية عام 2016، تمّ اقتحام مبنى السفارة السعودية، بعد تنفيذ حكم الإعدام برجل الدين السعودي الشيخ نمر باقر النمر، في ظل تنامي الغضب الشعبي تجاه المملكة العربية السعودية، بعد حادثة الحجاج في منى وتحميل الشارع الإيراني حكومة الرياض مسؤولية خفض أسعار النفط وانعكاسه على الوضع الاقتصادي الإيراني، مضافاً إليه تشييع طهران لعشرات الشهداء ممن سقطوا خلال الدور الاستشاري العسكري في سوريا، وتحميل السعودية مسؤولية هذه الدماء بفعل دعمها للجماعات التكفيرية في سوريا، التي هاجمت أيضاً مبنى السفارة الإيرانية في بيروت. عوامل عدة اجتمعت لتسبّب الانفجار الشعبي الإيراني في وجه الرياض، ما دفع بحكومة آل سعود إلى اتخاذ حادثة اقتحام السفارة ذريعة لشنّ هجوم على إيران، وقطع العلاقات الدبلوماسية معها، وما تبع ذلك من محاولات لاستقطاب أكبر عدد ممكن من التضامن معها لتحويل الجلّاد إلى ضحية.


سحب السفير السعودي من طهران والدعوات الخفية للتضامن مع الرياض، واستجابة بعض الدول بسحب سفرائها أو خفض تمثيلها الدبلوماسي، لن تدفع الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى الاعتذار. عبر عمر الثورة، شهدت طهران انسحابات دبلوماسية بالجملة، كانت تهدف إلى الضغط على الحكم لتقديم تنازلات أو التراجع عن مواقف أطلقتها. وفي سرد سريع للعلاقات الدبلوماسية الإيرانية مع الخارج، يتضح أن كافة الأزمات الدبلوماسية عادت إلى طبيعتها، بفعل تراجع الدول التي سحبت سفراءها.
في أوائل عام 1989، أصدر الإمام الخميني فتوى بالردة على الهندي سلمان رشدي، صاحب كتاب «آيات شيطانية»، الذي تعرّض فيه للإسلام وللقرآن، فقامت جميع الدول الأوروبية بسحب سفرائها من إيران، لتعيدهم إليها بعد مدة.


حلفاء المملكة
اتصلوا بطهران لإدراكهم ضرورة الحديث إلى عاقل



عام 1997، أصدرت محكمة ألمانية حكماً يتهم مسؤولين إيرانيين بالضلوع في حادثة «ميكونوس»، التي قتل فيها عدد من المعارضين الأكراد. أيضاً، سحبت الدول الأوروبية سفراءها من إيران، في محاولة لخلق عزلة دولية عليها، ليعلّق المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي على الأمر، بالقول: «لقد ذهبوا من تلقاء أنفسهم، وسيعودون من تلقاء أنفسهم».


عام 2011، اقتحم متظاهرون السفارة البريطانية اعتراضاً على السياسات البريطانية تجاه بلدهم، فأعلن الاتحاد الأوروبي عن اجتماع طارئ لبحث سحب السفراء من إيران. حينها، لم تستجب كافة الدول لدعوة سحب السفراء، فيما قامت كل من فرنسا وإيطاليا وهولندا وبلجيكا وألمانيا بسحب سفرائها. بعدها بسنوات، عاد الجميع إلى إيران، بصمت، من دون أن تسهل طهران ذلك، من بينهم بريطانيا التي حضر وزير خارجيّتها فيليب هاموند شخصياً لافتتاح سفارة بلاده.


اليوم، سحب عدد من الدول سفراءه من إيران، بفعل الأزمة مع المملكة العربية السعودية، وقطعت الرياض العلاقات التجارية مع طهران. علاقات تجارية من جانب واحد، كانت طهران هي المصدرة، فيما الواردات من المملكة كانت شبه معدومة، إلا ما يتعلق بالترانزيت، ذلك أن السفارة السعودية كانت تعمل في إيران كمكتب سياحي لإصدار تأشيرات الحج، بينما اختصر عمل الكادر الدبلوماسي السعودي على تلبية الدعوات الاحتفالية للبعثات الدبلوماسية، إذ إنه لم يكن مرحّباً به في أي من المجالس السياسية الإيرانية أو النشاطات المحلية.


في قراءة موجزة لردّ الفعل السعودي، يظهر أن بعض حلفاء المملكة من الدول الكبرى اتصلوا بوزارة الخارجية الإيرانية لاحتواء الأمر، لإدراكهم ضرورة الحديث إلى عاقل في الأزمة الراهنة. طهران ليست في وارد التصعيد المباشر، كما تقول، ولن تنجر إلى اللعب خارج ملعبها، فهي التي استطاعت مواجهة ست دول على الطاولة النووية، وخرجت متعادلة معها إن لم تكن منتصرة، وتجربتها الدبلوماسية تقول: «ذهبوا لوحدهم، وسيعودون لوحدهم».

 

 

 

المصدر: الاخبار اللبنانية