الأربعاء  24 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

في العدد 60| د. شداد العتيلي يروي لـ "الحدث" القصة الكاملة لواقع المياه في فلسطين

في اليوم العالمي للمياه

2016-03-29 12:07:04 AM
في العدد 60| د. شداد العتيلي يروي لـ
شداد العتلي

 

اصلاح قطاع المياه: تعدد المرجعيات والملكيات الخاصة وغياب الأنظمة واختلاف الحصص والأسعار

قانون المياه الجديد: سلطة مياه بمهام وزارية ومنظم مستقل وشركة حكومية ومصالح مياه وصرف صحي إقليمية وجمعيات للمياه الزراعية.

سلطة مياه يجب أن تحول إلى وزارة للمياه والري ومنظم يحتاج إلى أنظمة وشركة حكومية بمديونية أكثر من مليار ومصالح مياه وصرف صحي إقليمية بديلا عن البلديات التي تمثل بمجالس الإدارة      

مياه الصرف الصحي المعالجة المصدر الجديد للمياه الزراعية

  مشروع قناة البحرين: غياب فلسطيني بعد عشرة أعوام من المتابعة  ومرور عام على تشكيل اللجنة الوزارية لدراسة  أبعاده السياسية والقانونية والفنية دون اطلاع الجمهور على النتائج؟

 

 

 

الحدث خاص

 يصادف يوم 22 آذار من كل عام "يوم المياه العالمي" حسب قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 1992، لكن وبعد مضي 22 عاما على هذا القرار، ما زال العالم يحتفل باليوم العالمي للمياه مسلطا الضوء على قضايا مختلفة  ويتم اختيار شعار ليوم المياه لكل عام لتسليط الضوء على جزئية ما لها علاقة بواقع المياه.

فكما كان العام المنصرم حول التنمية المستدامة يأتي هذا العام تحت شعار "المياه والوظائف" وقد ارتأت "الحدث" أن تتناول موضوع المياه التي تشكل هاجساً ومأساةً لدى الشعب الفلسطيني قبل أن تشكل هاجساً للعالم من حوله، مفردين له مساحة تحكي واقعنا منذ البداية إلى الآن.

الحدث التقت د. شداد العتيلي، خبير المياه، الوزير والمستشار في دائرة شؤون المفاوضات حاليا، ووزير سلطة المياه سابقا  للفترة  أبريل 2008-  آب 2014،  واختارت "الحدث" أن تفتح ملف المياه معه بمختلف جوانبه.

 الحدث: لعل من المناسب أن نتحدث عن واقع المياه بشكل عام عالمياً وعربياً قبل الخوض في تفاصيل الأمر فلسطينياً:

 العتيلي: دعيني أبدأ بالقول إن المياه بشكل عام هي هاجس عالمي وهي بمعنى بسيط تعني "الحياة"، أينما وجدت "المياه" وجدت الحياة، وأينما انعدمت انعدمت الحياة. وبالرغم من أن المياه تشكل ما مساحته ثلثي العالم، ألا أن ما هو متاح للاستخدام البشري يبقى دوما ثابتا، وهو أقل من 3% في العالم، وهذه النسبة تمثل الجبال الجليدية والأنهار والبحيرات والمياه الجوفية، والأمر الآخر يتمثل في أن توزيع المياه في العالم غير متناسب.

 وبحسبة بسيطة لو قسمنا ماهو متاح للاستخدام البشري على مجموع سكان العالم الذي يقترب من سبعة مليارات ونصف مليار نسمة  لكانت حصة الفرد ما يقارب من 7000 متر مكعب سنويا. لكن هذا ليس الحال فهناك من ينعم بوفرة المياه وهناك من يعاني كل المعاناة للوصول إلى حفنة نظيفة من المياه. وقد أشارت التقارير الدولية أن مايقارب من مليار انسان محرومين من المياه وأن مايقارب من 2 مليار محرومين من الصرف الصحي، وحدد عالميا أن الدول التي يقل فيها حصة الفرد عن 1000 متر مكعب سنويا هي دول تعايش شحا في المياه وتلك التي تقل فيها حصة الفرد عن 500 متر مكعب تعايش شحا مطلقا. 

وفي حقيقة الأمر، إن الشح في المياه هو حال معظم الدول العربية خاصة دول الخليج والشرق الأوسط باستثناء لبنان وسوريا حيث أن اكثر من 13 دولة عربية تواجه شحا في المياه وأخرى تواجه أزمات سياسية خاصة في الأنهار المشتركة، إذ أن أكثر من 60% من مصادر مياه الوطن العربي تأتي من خارجه على غرار العراق وسوريا (حوضي دجلة والفرات) ومصر والسودان (حوض النيل) وحال الدول العربية الأربع مع إسرائيل التي تسيطر على حوض نهر الاردن عدا عن الأنهار الأخرى المشتركة.   

الواقع العربي المائي هو واقع مأساوي، يعاني إما من نزاعات بنزاعات حول الأنهار المشتركة (النيل ودجلة والفرات ونهر الأردن) مثالا أو يعاني من شح في المياه كما في ليبيا والجزائر ودول الخليج العربي التي استعاضت بمياه التحلية ونقل المياه مئات الكيلومترات لإيصالها إلى التجمعات السكنية وشكل ذلك كلفة باهظة للمياه قبل أن تضاف إليها كلفة معالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استخدام المياه المعالجة للحد من أزمة المياه.

 وتساهم النزاعات والربيع العربي في تعميق أزمة المياه فاليمن السعيد بات بلا مياه قبل الحرب إذ أن اليمن يعطش ليشرب "القات"، وتجار المياه. وتعمقت الأزمة في الحرب  كما تتعمق في سوريا الذي تشهد حربا أحالت "ماءها غورا"، وهو الحال في بلاد مابين النهرين "العراق بلاد الرافدين" الذي بات يستجدي المياه والكهرباء. ويواجه لبنان نتيجة لعدم الاستقرار السياسي هدرا غير مسبوق اذ تعطش بيروت صيفا ويرتوي دوما البحر باكثر من 95% من المياه العذبة التي تصبها الانهار في البحر واعتقد ان الحال اذا استمر على ماهو عليه فإن أزمة المياه في الوطن العربي ستكون كارثية وستتعمق ليس فقط أزمة الأمن المائي إنما الأمن الغذائي أيضا وستواجه التنمية فيه التي ترتبط بالمياه إعاقات كبيرة وغير محدودة في المستقبل المنظور.

المياه فلسطينيا

 الحدث: فلسطينياً أين نحن من الواقع العربي فيما يتعلق بالمياه وماهو وضعنا المائي في ظل احتلال لا ينتهي؟

العتيلي: أزمتنا في فلسطين مركبة ومعقدة، وخاصة ما بين الضفة وغزة. فالأخيرة، وبشهادة من الأمم المتحدة لا يوجد فيها مياه صالحة للاستخدام البشري. أما في الضفة، فإنه لا يمكننا الوصول إلى المياه رغم وفرتها.

 

الحدث: لنتحدث بالتفصيل عن واقع المياه في الضفة وغزة، ولنبدأ بغزة.

في غزة، وكما أشرت أنه وبحسب شهادة الأمم المتحدة وتقارير سلطة المياه، فإنه لا توجد مياه صالحة للاستخدام البشري نتيجة للتلوث، ونتيجة لاستنزاف الحوض الساحلي أسفل القطاع، فالآبار الزراعية تسحب ما مجموعه 90 مليون متر مكعب، والحوض له طاقة مستدامة تقدر بـ 60 مليون متر مكعب وهي مجموع ماتسحبه آبار البلديات لغايات الشرب، وقد وصل مجموع مايسحب من الحوض  190 مليون متر مكعب، أي أن أكثر من 130 مليون متر مكعب هو الاستنزاف والعجز المائي في القطاع.

ونتيجة لعدم تنظيم ذلك يستمر السحب الجائر ويترتب على ذلك دخول مياه البحر إلى الحوض المائي، وتصبح مياه الحوض أقرب إلى مياه البحر من حيث طبيعتها وملوحتها.

 وفوق كل ذلك يشكل الصرف الصحي تهديدا آخر، إذ أن معظم أجزاء الحوض ملوثة بمياه الصرف الصحي عدا عن تلوث البحر الذي يصرف أكثر من 100 ألف متر مكعب من المياه غير المعالجة ومهددا الصحة العامة والبيئة والسياحة والثروة السمكية.

اذا بالمحصلة في قطاع غزة هناك 2 مليون إنسان مهددون بنقص المياه، كما أن نوعيتها  تتهدد صحتهم، حيث نشهد في القطاع العديد من الأمراض مثل ظاهرة الاطفال الزرق بسبب النيترات ونشهد امراض الكلى بسبب الأملاح في المياه المزودة للشرب عن الحد المسموح به حسب منظمة الصحة العالمية ونشهد قضية إصفرار الاسنان بسبب تركيز الفلورايد، هذا إلى جانب العديد من الأمراض الأخرى.

الحدث: لكن هل من حل لواقع غزة المائي

في الحقيقة، لقد وضعت سلطة المياه في العام 2011، برنامج إنقاذ يتضمن إنشاء محطات تحلية صغيرة، وزيادة كميات المياه المشتراة من الجانب الإسرائيلي وبناء محطات الصرف الصحي سواء وسط غزة أو تلك المزمع بناؤها في خان يونس، وقد تم تأمين 51 مليون دولار لذلك من البنك الاسلامي للتنمية واليابان وتم الانتهاء من المشروع الضخم في بيت لاهيا (100 مليون دولار) إلا أنه لم يتم تشغيله بسبب الحاجة إلى 3 ميغا واط وتشغيل المشروع عالق منذ عامين.

يتضمن برنامج إنقاذ غزة المائي إعادة استخدام المياه المعالجة في الري والحد من استنزاف الحوض خلال الآبار الزراعية غير المرخصة التي تتجاوز عشرة آلاف، وأكثر.  إلا أن مشروع الإنقاذ الأكبر يتضمن بناء المشروع الاستراتيجي، وهو تحلية المياه بطاقة أولية تساوي 55 مليون متر مكعب سنويا، وتضاعف في المستقبل القريب وبناء الخط الناقل 43 كم من شمال قطاع غزة إلى جنوبه، إضافة الى الشبكات والخزانات والخطوط الناقلة لتقليل الفاقد في المياه.

هذا المشروع يتابع منذ خمسة أعوام وبشراكة مع الاتحاد من أجل المتوسط، والآن تكثف الرباعية جهدها حول المشروع إضافة إلى البنوك الدولية، وخاصة بنك الاستثمار الأوروبي الذي أعد الدراسات اللازمة، والبنك الإسلامي للتنمية، الذي استعد بتمويل 50% من الكلفة الكلية التي تصل إلى نصف مليار، وانضمام البنك الدولي الذي يرغب بإدارة المشروع وقيادته بالرغم من تحفظي حينها على ذلك،  وما أزال متحفظا  على قيادة اي بنك ان لم يكن بالتفاهم بين البنوك اجمعها باعتبار شراكة البنوك الدولية مهمة وضرورية، لكن يجب تقليل النسب التي يتحصلون عليها من ادارة التمويل وهو ماتحقق مع بنك الاستثمار الاوروبي والبنك الاسلامي للتنمية، وهو ما أرجوه من البنك الدولي؛ أن لا يقتطع رسوماً عالية على الإدارة عدا عن التعجيل بإخراج مشروع المحطة إلى حيز الوجود.  

 مؤخرا أعلن الاتحاد من أجل المتوسط وسلطة المياه انهما ينويان عقد اجتماع للدول المانحة هذا العام من أجل حشد بقية التمويل اللازم، وخاصة أنه كان قد تم تأمين 10 مليون دولار من قبل فرنسا أعلن عنها رئيس وزراء فرنسا حينها بحضور د. سلام فياض رئيس الوزراء السابق، في المنتدى العالمي للمياه العام 2012، إضافة إلى تأكيد البنك الإسلامي للتنمية على الالتزام بتمويل 50% من قيمة المشروع، وكان الصندوق الكويتي قدم مؤخرا  60 مليون دولار لبناء الخط الناقل الذي يكلف قرابة 130 مليون دولار أمريكي.

هذا هو الحال في قطاع غزة الذي يواجه نقصا في الطاقة، وهي قضية تواجهنا مع المانحين إذ يأخذون علينا أننا نفشل في تشغيل محطة الصرف الصحي في بيت لاهيا التي تحتاج 3 ميغا واط ولم نستطع تأمينها من الجانب الإسرائيلي، فكيف الحال بمحطة تحلية تحتاج إلى ما لايقل عن 25 ميجا واط؟ إضافة إلى قضية إدارة المحطة في ظل الانقسام وقضية استرداد جزء من الكلفة حيث أن أغلبية الجمهور لا يدفع أثمان المياه.  

ومن الجدير بالذكر أن مجمل مشاريع المياه تحتاج إلى قرابة 90 ميغا واط فقط لوحدها، في حين أن قطاع غزة، يحتاج إلى طاقة إضافية تقدر بأكثر من 150 ميغا واط عن ما هو متاح لها حاليا، وهو الأمر الذي يدعو لبذل كل الجهود وخاصة السياسية في استثمار حقول الغاز في بحر غزة واعتباره قضية أمن قومي، ولعل انضمام فلسطين لاتفاقية البحار ما يضمن دعم دولي للسيادة لها على مساحة الصيد البحري ومياهها الإقليمية وثرواته، وهنا لا بد من التأكيد أن الانقسام الفلسطيني هو خنجر في خاصرة المشروع الوطني بكافة أبعاده السياسية والاقتصادية والحياتية.

 

 الحدث: وما هو واقع المياه في الضفة الغربية، ولماذ ليس هناك عدالة في توزيع المياه؟

 العتيلي: الحال في الضفة الغربية ليس بأفضل منه في قطاع غزة فهنا لا نستطيع الحديث عن المياه دون الحديث عن اتفاقية أوسلو وما نصت عليه من اعتراف بالحقوق المائية الفلسطينية، وتأجيل تعريف الحقوق إلى مفاوضات الوضع النهائي.

فكثيراً ما يغيب عن السياسيين الحديث عن المياه وحقوق المياه، عندما تتم مناقشة الصراع وقضاياه مع الاحتلال الإسرائيلي.  فعلى الدوام تذكر قضايا اللاجئين والقدس والحدود والمستوطنات، وتغيب المياه كملف ذي أولوية على الأجندة الفلسطينية، بالرغم من الشعارات التي أطلقت ان لا دولة قابلة للحياة بدون مياه.

وترتبط المياه بكل قضايا مفاوضات الوضع الدائم، فقضية الحدود ليست فقط في أن الترسيم مرتبط بنهر الأردن والبحر الميت وشاطئ قطاع غزة، إنما تتعدى القضية إلى أن المستوطنات التي تركزت فوق مصادر المياه، وخاصة أريئيل ومستوطنات الأغوار، والتي سوف تصعب من قضية تبادل الأراضي، عدا عن  استغلال المياه لزراعة المستوطنات بمختلف النشاطات الزراعية (الاسماك والنخيل والالبان وغيرها)، قضية المياه ترتبط أيضا باللاجئين وحيوية الدولة، إذ أن العودة إلى الدولة الفلسطينية يجب أن تكون ضمن رؤية لا يتحقق فيها فقط المساحات لاستيعاب القادمين، إنما أيضا الأمن المائي والغذائي المرتبطة به، واللازمين في ظل ازدياد مضطرد للطلب على المياه.

 مصادر المياه المتاحة للشعب الفلسطيني هي نهر الأردن إلا أنه لا يصل إليه، ويعتبر نهر الأردن وحوضه من مجاري الأنهار الدولية، ويتشاطأ فيه الأردن ولبنان وسوريا وفلسطين، إلا أن إسرائيل تسيطر عليه وعلى منابعه، وهي أنهار دان الذي ينبع من شمال فلسطين التاريخية، ونهر حاصباني الذي يأتي من لبنان، ونبع الوزاني الذي شهد أزمة كانت ستتحول لحرب عندما قرر لبنان تأهيله إضافة إلى نهر بانياس الذي ينبع من هضبة الجولان المحتلة.

ويمتد نهر الاردن عند التقاء الأنهر ليشكل نهر الأردن العلوي، مرورا ببحيرة الحولة، التي جففت وصولا إلى بحيرة طبريا التي أغلقتها إسرائيل ببوابة دجانيا، وحولت مياه البحيرة إلى الناقل القطري للمياه، الذي يغذي المدن الإسرائيلية، وهنا يجدر الذكر إن المناوشات على المياه بعد خلق دولة إسرائيل كانت المفاوضات الأهم على نهر الأردن، وهو ما عرف بمفاوضات جونستون التي امتدت من العام 1953 إلى العام 1956 وكان لعدم قبول جامعة الدول العربية، بقيادة مصر وجمال عبد الناصر عملت إسرائيل على بناء الناقل القطري والذي أنهته في 1964، وبدأت بتحويل المياه في مخالفة واضحة للقانون الدولي الذي يحرم القيام بمشاريع مائية على الأنهر الدوليه إلا بموافقة مختلف الأطراف عدا عن تجريم تحويل مياه الحوض خارج حدود الحوض   كما فعلت إسرائيل التي نقلت المياه إلى صحراء النقب.

وكان لتحويل المياه اعتبار الدول العربية لذلك بأنه عمل حربي فكانت انطلاقة حركة "فتح" بإعلانها عن انطلاقتها بتفجير نفق عيلبون الذي يحتوي مضخات المياه التي تحول مياه البحيرة وشارك الراحل ياسر عرفات في العملية حينها.

واندلعت مناوشات بين السوريين واسرائيل وأعقبها إعلان مناطق الحرام بين الطرفين حتى كان السادس من حزيران للعام 1967 والذي شكل النكسة واحتلال اسرائيل للضفة والقطاع وهضبة الجولان ومزارع شبعا، وشبه جزيرة سيناء، فسيطرت على المياه وعلى حوض نهر الأردن، ماعدا نهر اليرموك أسفل البحيرة، ودمرت المضخات والأعمال المائية الفلسطينية على طول النهر وأصدرت قوات الاحتلال الأوامر العسكرية، بموجبها وضعت المياه كأملاك دولة وشمل ذلك الأحواض الجوفية في الضفة الغربية وقطاع غزة تحت قبضة الاحتلال والأمر العسكري فاكتملت النكبة الفلسطينية في 1948 بالنكسة العربية.   

  تعمقت المأساة الفلسطينية في المياه وبدا نهر الاردن السفلي بالجفاف وتبع ذلك نشوء ظاهرة جفاف البحر الميت نتيجة لتحويل مصادر المياه من خلال الناقل القطري الاسرائيلي وبدرجة اقل بناء السدود على مجاري المياه المغذية للبحر.

 لم  تغير اتفاقية اوسلو من الواقع المائي لشعب يرزح تحت الاحتلال ومصادرة ثرواته الطبيعية فنصت الاتفاقية في المادة 40 من الملحق الثالث لها على اعتراف اسرائيلي بحقوق المياه في الضفة الغربية ودون ذكر لمياه نهر الاردن اتفق ان يتاح للشعب الفلسطيني في الضفة ماهم متاح له من ابار وينابيع الضفة الغربية  ليلة توقيع الاتفاقية وبتفاهم على زيادة الحصة الفلسطينية خلال الفترة المرحلية للاتفاقية بـ 78 مليون متر مكعب وأنشأ ما يسمى بلجنة المياه المشتركة وأوكلت إليها جميع قضايا المياه داخل حدود الضفة الغربية واستلزم الأمر الحصول على موافقتها لعمل أي مشروع مائي.  

 خصص للجانب الفلسطيني كميات مياه من الأحواض الرئيسة المشتركة في الضفة الغربية (الحوض الشرقي والشمالي الشرقي والحوض الغربي)  قدرت بـ 118 مليون متر مكعب يحصل عليها الفلسطينيون من الآبار والينابيع وبقي الجانب الإسرائيلي مسيطرا على أكثر من 2,000 مليون متر مكعب أي بنسبة 10% إلى 90%.

لم يدرك المفاوض الفلسطيني أنه وفي غرف أخرى لمفاوضات أوسلو تقرر تقسيم الضفة الغربية إلى ثلاثة مناطق عرفت بـ (أ، ب، ج)، وتم تحديد الولاية القانونية للمنطقة ج والتي تشكل ما نسبته (62%) للجانب الإسرائيلي، ولم تضمن الولاية القانونية للجانب الفلسطيني على المنطقة (أ) حرية حفر الآبار او إقامة المشاريع المائية، وإنما وقع في الفخ حيث ضمن الجانب الاسرائيلي مرجعية اللجنة المشتركة لكل شاردة وواردة في قطاع المياه بغض النظر عن تصنيف المنطقة وضمن السيطرة الكاملة على مصادر المياه في اتفاقية اوسلو.

أسست السلطة الفلسطينية، كحم ذاتي وأنشئت سلطة المياه، ونقلت الصلاحيات من الإدارة المدنية إلى المسؤولية الفلسطينية ونقل الموظفون، لمختلف الوزارات والمؤسسات الفلسطينية ماعدا موظفي دائرة المياه التي بقيت تدير المياه فيما يعرف بدائرة مياه الضفة الغربية. 

 بدأت سلطة المياه الفلسطينية، بإدارة المياه، وباشرت السلطة بإقامة المشاريع المائية، وحفر الآبار، وتمديد الخطوط الناقلة والشبكات، وبناء الخزانات، إلا أن كل ذلك لم يكن ممكنا دون قيام السلطة بتقديم الطلبات للمشاريع إلى اللجنة المشتركة للحصول على الموافقات. 

وقد واجهت السلطة العقبات في لجنة المياه المتمثلة تارة بحجة الدراسات وتارة بحجة المستوطنات أو بالتأثير على الأحواض، وكان الحصول على موافقات على المشاريع يتطلب ضغطا من الدول الممولة للمشاريع إلا أن العقبة الأكبر كانت في الحد من منح رخص لحفر الآبار أو تطوير المشاريع المائية في المنطقة (ج) التي تفاجأ الجانب الفلسطيني أن موافقة اللجنة المشتركة لا تكفي إذا كان المشروع المنوي بناؤه، أو جزء منه يمر في المنطقة (ج)، اذ يستلزم ذلك الحصول أيضا على رخصة البناء من الإدارة المدنية، وأن على الجانب الفلسطيني المرور بـ 13 دائرة هي بمثابة حكومة الظل للاحتلال في الضفة الغربية.  وكان أن يحدث أن لا يمنح المشروع الفلسطيني الرخصة من دائرة الآثار كما حدث معنا في مشروع مياه الجفتلك الذي منحنا رخصة لتمديد خط مياه بشرط ألا يتجاوز الحفر 30 سم، وتارة توقف دائرة المواصلات المشروع كما حدث مع مشروع حفر بئر عرب الرشايده أو دائرة الاتصالات أو دائرة الأديان، أو السياحة أو الطاقة، وهكذا تعددت الإعاقات للمشاريع الفلسطينية. وبقينا مرتهنين لمواجهة الطلب المتزايد على المياه بالشراء المتزايد من الشركة الإسرائيلية ميكوروت حتى وصلنا إلى ما مجموعه أكثر من 55 مليون متر مكعب سنويا بمعظمها للضفة الغربية و10 مليون متر مكعب لقطاع غزة.

  الحدث: دعنا هنا نسأل كانت إسرائيل دوما تروج أنها تعاني سنين عجاف وأن الجفاف هو العنوان...  إسرائيل تبحث عن زبائن لتبيعهم المياه...  نحن في الحدث اجرينا بحثا معمقا عن المياه لدى الجانب الاسرائيلي ووجدنا ان اسرائيل لها خطة ترتكز على مياه التحلية والمياه المعالجة هل لك ان تصف لنا الوضع المائي في اسرائيل ومقارنته بالوضع المائي لدينا من ناحية الحصص المائية ومن ناحية الأحواض؟

العتيلي: بداية أود أن أوضح بالجدولالتالي الكميات المائية المستهلكة وسأفصل بين الضفة وغزة لتبسيط الأرقام ومدلولاتها. الإسرائيليون يسيطرون على 90% من مصادر المياه الطبيعية مقابل 10% تتاح لنا لغايات الاستخدام مع العلم اننا مرتهنيين لموافقاتهم اذا ما أردنا بناء شبكات أو خزانات أو خطوط ناقلة لاستخدام ماهو متاح.

هنا في الضفة اجراءات ما يسمى باللجنة المشتركة والادارة المدنية وفي غزة يتحكم "الكوجات" في الجانب الاسرائيلي بكل ما يدخل للقطاع من قطع وانابيب ومواد.  حصة الفرد الاسرائيلي من المصادر المتاحة تقليدية وغير تقليدية هي 400 متر مكعب سنويا في حين تتراوح حصتنا مابين 41- 67 متر مكعب بمعنى اخر ان حصة الفرد الاسرائيلي  هي 7 اضعاف حصة الفرد الفلسطيني وبالمقارنه للاستخدام المنزلي او الحق في المياه نجد ان الفرد الاسرائيلي يتاح له 300 لتر يوميا  (المستوطن اكثر من 400 لتر يوميا) مقابل ما يتاح لنا باحسن الحالات  لايتجاوز 92 لترا للفرد يوميا، أي أقل مما توصي به منظمة الصحة العالمية، 150 لتر للفرد يوميا مع الأخذ بعين الاعتبار أن البعض في المناطق الريفية والمنطقة ج والذين يفتقدون الى شبكات المياه او مصادر المياه لاتتجاوز الحصة اليومية مابين 10-2- لترا للفرد يوميا هذا عدا عن نوعية المياه المتاحة في قطاع غزة لاتتواءم مع معايير الصحة العالمية. 

   بصدد انتهاك لحقوق الانسان الفلسطيني ولحقه في المياه وممارسة سيادته على مصادره وثرواته الطبيعية.

 اسرائيل تبنت برنامجا لتحلية المياه بخطة تصل لانتاج 750 مليون متر مكعب بحلول العام 2020 والان لديها اربع محطات رئيسة قيسارية والخضيرة  بطاقة (150 م م سنويا)  ومحطة عسقلان بطاقة (130 م م ) ومحطة سوروك (150 م م) ومحطة بلمخايم ( 87 م م )   ومحطات للمياه شبه المالحة (50 م م)  اي انها تنتج 587 مليون متر مكعب حاليا   وقد اعلنت اسرائيل في العام 2012 انها تجاوزت مايسمى بازمة المياه وبدات تبحث عن زبائن لشركة ميكوروت وشركات التحلية المملوكة للقطاع الخاص والتي تعمل ضمن عقود (BOT BOO)  اي بناء وتشغيل ونقل او تمليك بعد 20 عاما من بناءها والجميع يعلم ان اسرائيل هي رائدة في مجال الري بالتنقيط اضافة الى اعادة استخدام المياه المعالجة للري ووصلت طاقة المياه المنتجة من محطات المعالجة اكثر من 450 مليون   متر مكعب والسؤال هنا لماذا اذا تصر اسرائيل على السيطرة على مقدرات الشعب الفلسطيني وثرواته ومياهه والاجابة هي عقيدة الاحتلال وعقيدة يهودا والسامرة   والاستيطان والامن القومي  تعلم ان اعادة الحقوق الفلسطينية ترتبط بقضايا  سيادية لها واقتصادية  الا انها باتت تواجه  دولية واذكر هنا العاصفة التي قوبل بها  رئيس البرلمان الاوربي الالماني  مارتن شولتز حين سال في الكنيست لماذا حصة الفلسطينيين ربع الحصة الاسرائيلية وهنا قامت الدنيا ولم تقعد عليه.

    الدولة الفلسطينية مقومها وعمود فقرها وحياتها هو المياه هو المياه لاحياء الاغوار ...  لتعزيز الصمود...  لنهوض الزراعه للاقتصاد للسياحة وقبل كل ذلك لحياة كريمة  وليس ضمن القاموس الاسرائيلي قيام دولة ضمن حل الدولتين انما يكتفون بما نحن فيه وبحكم ذاتي مرتبط اقتصاديا وزراعيا ومائيا وحياتيا بهم.

 الحق الانساني في المياه  يجب ان يتحقق كخطوة اولى وفي ظل غياب حل سياسي   كنا قد اطلقنا مشروعا استراتيجيا يتضمن تحلية جزء من مياه ينابيع الفشخة ..   هي مياهنا... اكثر من 200 مليون متر مكعب تذهب من خلال الينابيع الى البحر الميت لم يوافق الجانب الاسرائيلي حتى لمجرد فكرة اقترابنا من البحر الميت ...لو اتيح لنا ذلك لكان نقلنا 10 ملايين لاريحا والاغوار لزراعة النخل ولحلينا 50 مليونا لتروي عطش الخليل وبيت لحم ولكن مرة اخرى  يقف الاحتلال امام اي مشروع ينهي ازمة المياه ولابقاءنا مرتهنيين لشركة ميكوروت وشركات القطاع الخاص الاسرائيلي ويلزمنا حملة دولية لتغيير الواقع على الارض لكن كيف نفكر في حملة دولية ونحن نغرق في تفاصيل حياتنا اليوميه وانقسامنا الذي قصم ظهرنا وترهلنا الذي بات عنوانا لنا؟

 الحدث: الجمهور  الفلسطيني  الذي يواجه ازمة مياه تتفاقم كل صيف لم يفهم كيف يهطل المطر غزيرا وكثيفا في الضفة شتاء ونعطش في الصيف، هناك من يفهم الإجراءات الإسرائيلية، وهناك من عزى ذلك لسوء إدارة المياه وتوزيعها ...في المحصلة بقيت حصة الفرد تتراوح مابين 60 الى 70 لترا في اليوم اي اقل من نصف ما تنص عليه معايير منظمة الصحة العالمية وانطبق علينا المثل الذي يقول كالعير يقتلها الظمأ والماء على ظهرها محمولا ونحن المياه في نهرنا وفي بحرنا وتحت اقدامنا ونحرم من الوصول اليها.

 العتيلي: هكذا كنت اقول  "انا وزير المياه الوهمي" واصفني عندما ادركت ان من يقرر في المياه هو الجانب الاسرائيلي وكنت مرار اقول ان فرحنا بالمطر منقوص اذ ان كل قطرة مياه تدخل جوف الارض لا نخرجها الا بتصريح !   

 كانت الكارثة اقل لو ان المرحلة الانتقالية لاوسلو انتهت بعد اربعة اعوام كما كان مقررا لها الا ان تمديد ذلك عاما اتبع بمفاوضات كامب ديفيد لمفاوضات الوضع النهائي حيث جاء الجانب الاسرائيلي بموقف يتضمن ان لااعادة لتحصيص المصادر    وانما على الفلسطينيين الذهاب الى البحر

  فشلت المفاوضات بمجملها وعاد الرئيس الشهيد وتمددت أوسلو والاحتلال، وها نحن بعد 21 عاما ونيف نعيش ترتيبات للمياه وضعت فقط لأربعة أعوام تضاعف عدد الشعب الفلسطيني منذ توقيع اتفاقية اوسلو وبقيت مصادر المياه وما أضيف  إليها من مياه وعوضا عن أن تزيد حصة الفرد فإنها تقلصت نتيجة لبقاء مصادر المياه ثابته وتضاعف عدد الشعب الفلسطيني وبقي المعدل العام   يتراوح من 20 لترا للفرد في المناطق الر الى 90 لترا في احسن حالاته (بعد شراء كميات مياه من ميكوروت وباحتساب مانستنزفه من غزة وبغض النظر عن نوعية المياه) بالرغم من القيام بمشاريع تطويرية هائلة كانت بمعظمها بناء خزانات وشبكات وخطوط ناقلة والقليل من حفر الآبار.

  عندما حضرت بعثة البنك الدولي، للقائي حين استلمت سلطة المياه طلبت منهم تقييم قطاع المياه في ظل إعاقة الجانب الإسرائيلي لمشاريع المياه وخاصة مشاريع حفر الابار ومشاريع الصرف الصحي وكان تقرير البنك الدولي للعام 2009 المعنون بتقييد تطوير قطاع المياه في الأراضي الفلسطينية المحتله وأرفق التقرير قائمة بعشرات المشاريع التي قدمها الجانب الفلسطيني للجنة المشتركة ولم يمنح موافقات لها وحمل التقرير الجانب الإسرائيلي واللجنة المشتركة مسؤولية إعاقة تطوير القطاع.

وندد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بالتقرير وأعقب التقرير تقرير آخر لأمنستي منظمة العفو الدولية معنون بـ "الفلسطينيون محرومون من الوصول إلى المياه"، مما أثار حفيظة الجانب الإسرائيلي ومكتب رئيس الوزراء الذي اصدر بيانا يندد فية بتقرير منظمة العفو ومحملا الجانب الفلسطيني وانا شخصيا مسؤولية التحريض في الإعلام الدولي وألقي اللوم على الجانب الفلسطيني في سوء ادارة المياه.

 الحدث: هل لدينا سوء ادارة للمياه؟

 العتيلي: الجانب الاسرائيلي أعاق وما يزال تطوير قطاع المياه، وخاصة حفر الآبار، ومشاريع معالجة المياه العادمة أي أنه أعاق تطوير قطاع الصرف الصحي، وتحكم بالسيطرة المستمرة على مصادر المياه، وأذكر أنني يوما افتتحت خزانا للمياه في بني نعيم كانوا فرحين بالمشروع لكني في كلمتي باركت لهم وقلت لهم ان بناء خزان  كبير وبديل للخزان القديم لايعني زيادة حصة المياه وان الكميات ستبقى كما هي الى حين توفر مصادر مياه جديدة صحيح انني قتلت فرحهم بالمشروع لكني كنت صادقا في الواقع الذي نعايش.

في العام 2010 قدم لي الجانب الإسرائيلي مشاريع مائية للمستوطنات ورفضتها وقام الجانب الاسرائيلي ببنائها ومنها مشروع الصرف الصحي في النبي موسى واشترط الجانب الاسرائيلي الموافقة على قائمة مشاريع مائية فلسطينية 87 مشروعا وبقيمة تتجاوز 400 مليون دولار بالموافقة على مشاريع المستوطنات وكان الرفض لمشاريعهم إلا أن قيامهم ببنائها استدعاني للقيام بخطوة ما أزال افتخر بها وهي وقف أعمال اللجنة المشتركة، وهو ما أثار حفيظة الجانب الاسرائيلي واعلنت عدم العودة الا بعد اصلاح واعادة  صياغة عمل اللجنة المشتركة.

 عبرت الدول المانحة عن خشيتها من وقف أعمال اللجنة المشتركة لأنها لا تستطيع القيام بأية مشاريع دون الموافقة الإسرائيلية عليها، وطلبت من الدول المانحة دعم الموقف الفلسطيني المتمثل بالتناغم مع القانون الدولي برفض التعامل مع المستوطنات  كما يتناغم مع موقف الدول الأوروبية وغير الأوروبية المعلن أن المستوطنات غير شرعية وغير قانونية.   

 كنت آمل من الدول المانحة أن تترجم مواقفها المعلنة من المستوطنات بالضغط على الجانب الإسرائيلي للموافقة على المشاريع الفلسطينية وما زلت آمل ذلك منهم اذ لا مخرج الآن إلا من خلال الموافقه على مشاريع المستوطنات أو بتغيير المعادلة بشكل كامل وهو تحد لا بد من مواجهته.

 الحدث: ندرك الجانب المتعلق بالسيطرة على المصادر المائية من قبل الاحتلال لكن حقيقة لدينا مشكلة في إدارة المياه، هناك من يمتلك الآبار، وهناك من ليس لديه مياه، هناك أسعار متفاوتة، وهناك غياب لمعالجة مياه الصرف الصحي من يدير المياه سلطة المياه أم دائرة المياه أم البلديات؟

 العتيلي: كي لا نعلق سوء الإدارة على شماعة الاحتلال فقد قدمت سلطة المياه لمجلس الوزراء أواخر العام 2009 برنامجا  لاصلاح قطاع المياه  من اجل تحسين الحوكمة والادارة لما هو متاح وصادق مجلس الوزراء الذي قاد خطة بناء الدولة وانهاء الاحتلال على برنامج الاصلاح  لقطاع المياه الذي هدف لمعالجة الخلل في ادارة المياه.

 القانون القديم كان ينص على أن المياه أملاك عامة لكن في الحقيقة مياه الينابيع ملكيات خاصة ومياه الآبار الخاصة الزراعية خاصة وهي دون رقابة او احترام للرخص بكميات السحب عدا عن تحول جزء منها من الزراعة للتجارة بالمياه وبيعها للشرب لمواجهة نقص المياه وأزماتها.

 اضافة الى تبعية نصف موظفي دائرة المياه المزود للمياه بالجملة للإدارة المدنية وعدم انهاء هذا الملف رغم مرور 15 عاما على تاسيس السلطة الفلسطينية ووجود النصف الاخر من موظفي الدائرة على كادر العقود وليس على كادر الخدمة المدنية وانعكاس ذلك على أداء الدائرة بشكل عام وانعكس ذلك على مصادر المياه التي تدار من قبل الدائرة التي تعاني ترهلا انعكس على البنية التحتية للدائرة من ابار وخطوط وادارة توزيع المياه.

يضاف لكل ذلك غياب مجلس المياه الأعلى الذي لم ينعقد ولو لمرة واحده وادارة المياه من قبل البلديات الذي منحها قانون الهيئات المحلية قانونية ادارة المياه والصرف الصحي واوكل لوزارة الزراعة ادارة المياه للري وغياب ادارة الصرف الصحي لعدم منح الجانب الاسرائيلي تراخيص لاقامة محطات الصرف الصحي.

بالمحصلة كان أمام برنامج اصلاح قطاع المياه تحد كبير لا بد من مواجهته فبدأت سلطة المياه برنامجا للاصلاح وبرنامج انقاذ للوضع المائي في قطاع غزة كما تحدثت سابقا عنه وكان العام 2010 عاما حاسما بانهاء تبعية دائرة المياه للادارة المدنية بتسكين الموظفين ال 120 على كادر الخدمة المدنية وانهاء العلاقة لكادر المياه التابع للادارة المدنية الذي لم يلتحق بكادر الخدمة المدنية مع الاستثناءات التي تحافظ على رواتبهم وعدم المساس بها، واعادة تاهيل البنية التحتية وخاصة الابار والخطوط الناقلة حيث انهينا تأهيل الآبار، وكان أحد مشاريعنا الاستراتيجية الخط الناقل في الجنوب خط دير شعر، الذي اعتبرته المشروع المنقذ لمحافظتي بيت لحم والخليل والذي انهته سلطة المياه مؤخرا ولكن يبقى التحدي بزيادة كمية المياه.

في العام 2013 اقر برنامج الاصلاح اطارا جديدا لادارة المياه في فلسطين ونجم عن ذلك مقترحا لقانون المياه بموجبه تقلص مهام سلطة المياه الى المهام الوزارية فقط وتكلف المهام الرقابية على خدمة المياه والصرف الصحي بجسم جديد اطلق عليه مجلس تنظيم قطاع المياه وتحولت دائرة المياه الى مرفق اقليمي لتزويد المياه بالجملة الى جانب فصل خدمة المياه  والصرف الصحي عن البلديات وخلق مرافق مياه اقليمية تمثل البلديات بحسب عدد سكانها في مجالس إدارتها وخلق جمعيات تعاونية لإدارة المياه الزراعية وهو ما صادقت الحكومة عليه. وتم تحويل دائرة المياه الى شركة حكومية عوضا عن مصلحة او مرفق مياه بالجملة وكان هناك اختلافات حول تحويل الدائرة إلى مصلحة او شركة اذ أن المحاذير من تحويلها إلى شركة أن تحول المياه إلى سلعة وان تعمل الشركة وفق الاسس الربحية وهو امر سوف ينعكس على الاسعار على المياه اذ تدعم الحكومة حاليا الأسعار فالتكلفة لمن يشترى من الجانب الإسرائيلي أو ما يتم إنتاجه من ابار الدائرة يصل الى 2.9 شيكل وتباع الى البلديات بسعر 2.6 شيكل اي ان هناك خسارة في كل متر مكعب، وقد اعتبرت هذه الخسارة كدعم حكومي لأسعار المياه.

 الحدث: اذا نحن هنا بصدد قانون جديد للمياه وهو ما صدر كقرار بقانون في منتصف العام 2014؟

 نعم صدر قانون المياه الجديد وانشا جسم جديد هو مجلس تنظيم قطاع المياه الا ان الحكومة اخطات بتعيين مجلس ادارة دون عضوية سلطة المياه  (التي تدير المصادر) او الحكم المحلي (الذي يدير خدمة المياه) العضوين الرئيسين في قطاع المياه وشمل القرار تعيين خبير مستقل (وهو من الخبراء المشهود لهم في قطاع المياه) رئيسا لمجلس الادارة شمل قرار التعيين ثلاثة اعضاء من الجامعات، جامعة النجاح و بيرزيت والازهر، وممثل عن القطاع الخاص، اضافة الى وكيلي وزارة المالية ووزارة الزراعة واتبع المجلس الى مجلس الوزراء،  وباستقلالية مالية وادارية تامة عن سلطة المياه التي اتبعت هي ايضا الى مجلس الوزراء كما ينص القانون الاساسي وهو بالمناسبة امر يجب ان ينطبق على بقية السلطات عدا النقد  القضية الآن والتحدى هو غياب الانظمة اذ لايستطيع المنظم تنظيم الخدمة دون وجود انظمة ودون ايضا تطبيق لهذه الانظمة بقوة القانون.

 نص القانون على التحويل  التدريجي  لدائرة المياه  شركة حكومية وهو امر على الادارة الجديدة لسلطة المياه متابعته خاصة ان المديونية للدائرة على البلديات  تصل  إلى اكثر من مليار و 300 مليون شيقلا، لصالح وزارة المالية عدا عن احتمالية افلاس الشركة نتيجة لعدم الالتزام بدفع الفاتورة من قبل البلديات وهو امر قد يدفع لتخصيص الدائرة او الشركة وهو امر احذر منه لانعكاس ذلك على اسعار المياه وعدم تقبل الجمهور لذلك في ظل عدم وجود تعرفه مائية وفي ظل عدم تأميم مصادر المياه الامر الذي يخلق مناطق تنعم بالمياه ووفرتها وقلة اسعارها  (اريحا طولكرم وقلقيلية ) ومناطق محرومة من مصادر المياه ومرتهنة للمياه التي تشترى من ميكوروت (الخليل وبيت لحم ورام الله ) والتجمعات في المنطقة ج

القضية الاخرى في القانون هي قضية خلق مصالح المياه والصرف الصحي  والعمل تحت ظل قانون المياه وليس قانون الهيئات المحلية  وهو تحد على السلطة مواجهته اذا ان البعض تشكل المياه المصدر الوحيد للدخل  بعد سحب الكهرباء من البلدي واخرين يخشون من انعكاس ذلك عالى ملكيتهم للينابيع وحاليا تقوم سلطة المياه بمراجعة نظام انشاء مصالح المياه الاقليمية وهو تحد ليس على السلطة الا النجاح به من اجل ادارة افضل للمياه والصرف الصحي وخضوعها للرقابة من قبل منظم قطاع المياه عدا عن متابعة قضية الصرف الصحي

 قضية الصرف الصحي  اذ عدا عن التلوث للبيئة والتلوث للينابيع والمياه الجوفية تحمل اسرائيل المقاصة مبالغ هائلة وصلت العام المنصرم ل 88 مليون شيكل كفاتورة معالجة لمياه الصرف الصحي للمياه العادمة القادمة من الضفة الغربية  ( عدا عن اكثر من 140 مليون شيكل لمياه الشرب ) بالرغم من عدم وجود تفاهمات ورفض اسرئيل لبروتوكول ينظم قضية مياه الصرف الصحي بين الطرفين  قدمته  لهم الا ان الجانب الاسرائيلي رفضه واكتفى بالاجراء الاسهل والخصومات بقرارات احادية  ومن الجدير بالذكر انه لاتتحمل البلديات اية تبعات مالية لذلك  وتكتفي بالقول ان على السلطة تامين الموافقات والاموال من اجل ان نكون مسؤولين عن خدمة الصرف الصحي.

 الحدث : في  الختام ماهي أخبار مشروع قناة البحرين؟

 هذا موضوع  لا أحب الخوض فيه ولا أتابعه حاليا بعد ان تابعته عشرة اعوام منذ انطلاق مفاوضات الشروط المرجعية للدراسات في العام 2003  والتي استمرت قرابة ثلاثة اعوام ومنذ عضويتي  في  اللجنة التوجيهية ورئاستي لها منذ العام 2008 الى أن صدرت الدراسات والتي أشارت إلى امكانية المشروع ولزوم توفير اكثر من عشرة مليارت له ووجوب عمل مشروع تجريبي لفحص قضية خلط المياه للبحرين.

 ادرنا هذا الملف على حساسيته وبدعم من خبراء  دوليين في القانون الدولي  وثبتنا الوجود الفلسطيني في حوض نهر الاردن والبحر الميت وقد حاول الجانب الاسرائيلي استثناءنا ولم يتمكن   طرف شريك مكافئ ومساو لبقية الاطراف وانتهت الدراسات  8 سنوات عليها  وتحفظنا نحن والاسرائيليين (كل حسب موقفه السياسي والقانوني)  على النتائج

وكنت قد وقعت في واشنطن مذكرة تفاهم للقيام بالمشروع التجريبي وهو مايسميه الجانب الاردني المرحلة الاولى من المشروع العملاق اذ يعتبره الاردن (مشروع قناة البحرين)  المشروع المنقذ للازمة المائية فية خاصة بعد تعمقها نتيجة للجوء السوري

 هناك قضيتين اتحفظ على الحديث فيهما ان مذكرة التفاهم التي وقعتها في واشنطن نصت على تزويدنا ب 20-30 مليون متر مكعب وضمن اتفاقية خاصة لاعلاقة لها باتفاقية اوسلو وبتعهد اردني بتنفيذها لاادري الان اين نحن من ذلك خاصة انه في مطلع العام وتحديدا في اذار 2015 وقع الجانبين الاسرائيلي والاردني وثائق العطاء وكان من المستغرب عدم حضور الجانب الفلسطيني وهو قرار خاطئ وماكان ليتم (الموافقة للجانبين الاردني والاسرائيلي المضي بالمشروع ) قبل حصولنا على ماتم التعهد به من كميات مياه وباسعار واماكن مقبولة لنا حسب مذكرة التفاهم

 الان وقد وقع على المشروع دون حضورنا وعدم اطلاعنا على الوثائق المتعلقة بالمشروع المرتبط بمشروع قناة البحرين كمرحلة اولى (الاردن) او المشروع التجريبي (فلسطين)  واعتبار المشروع اردني اسرائيلي هو للاسف ماكان ليحدث لو تمت  الاستشارة على العموم كما قلت لا احب الاستفاضة بذلك خاصة انه في الشهر ذاته لتوقيع الجانبين الاسرائيلي والاردني وبحضور البنك الدولي للاتفاقية اصدر مجلس الوزراء الفلسطيني  قرارا بتشكيل لجنة وزارية برئاسة نائب رئيس الوزراء د زياد ابو عمرو وعضوية وزيري الخارجية والعدل ورئيس سلطة المياه لدراسة الابعاد السياسية والقانونية والفنية لمشروع قناة البحرين ونص القرار على الاستعانة بذوي الخبرة او العلاقة ممن ترتايهم اللجنة

 المستغرب انني لم اسمع او اقرا نتائج الدراسة  (لم يتم الاتصال بي كخبير او من ذوي العلاقة وانا اتحدث هنا من منطلق المسؤولية الوطنية وليس البعد الشخصي للقضية.) وبغض النظر عن موقعي في الحكومة الا ان ذلك يدعوني ومن موقع المهنية ان اقول ان اللجنة اما انها انجزت وبقي الملف مغلقا ويكون قد جانبها المهنية  او  لم تنجز وبالتالي يكون لدينا قرار لمجلس الوزراء لم يتم تنفيذه بعد ؟

 الحدث: كلمة اخيرة؟

 في الختام اقول  لقد وصفت بعثة الجمعية الوطنية الفرنسية الوضع المائي في فلسطين بابارثايد المياه وان المجتمع الدولي يجمع على عدم عدالة توزيع المياه وعلى اجحاف الفلسطينيين ح في مصادرهم المائية وفي حقهم الانساني بالوصول الى المياه  ملف المياه هو ملف سياسي بامتياز يجب ان يمنح  في الاجندة السياسية

 اما  داخليا  فان الله يزع بالسلطان مالايزع بالقران:  لابد من تاميم مصادر المياه ولابد من الاسراع في  اصدار الانظمة الادارة المياه والصرف الصحي من   اجل تمكين المنظم تحسين الآداء لخدمة المياه، ولابد من التروي كثيرا قبل تحويل دائرة المياه الى شركة  من تخصيص المياه.

ولابد من الإسراع في إنشاء مصالح المياه الإقليمية والعمل على إنشاء الجمعيات الزراعية اذ انه منذ العام 2010 بدأت السلطة بسلسلة مشاريع كبيرة لمعالجة مياه الصرف الصحي   فاستكملت محطة اريحا ونابلس الغربية وتعكف على البدء ببناء محطة رام الله وطوباس والخليل ونابلس الشرقية وخان يونس.

 وتشير التقديرات الى توفر مايقارب من 180 مليون متر مكعب كمياه معالجة يجب العمل على اعادة استخدامها في الري والحد من استنزاف الابار الزراعية وتخصيص المياه من الينابيع والابار للغايات المنزلية.

 واختم بالقول إن سلطة المياه يجب أن تحول إلى وزارة حيث أنها وحسب القانون الجديد مكلفة فقط بالمهام الوزارية وتتبع لمجلس الوزراء وحق لوزير المياه ان يحضر جلسات مجلس الوزراء كي لايفتى بالمياه ومالك غائب في المدينة يقرا قرارت المياه دون ان يشارك بها والله من وراء القصد.

.

مصدر المياه

 تنويه

اسرائيل

الضفة الغربية

قطاع غزة

 ملاحظات

  نهر الاردن

 السيطرة الكاملة على النهر وبحيرة طبريا والانهار دان وبانياس وحاصباني وصولا الى البحر الميت

 700 م م

0

0

  م م : مليون متر مكعب

اتفاقية اوسلو

  الاحواض الجوفية

 الحوض الشرقي

 40

 54 ) وتطوير 78 مم حسب الاتفاقية  تم تطوير فقط 20 م م (74 م م))

 لم  تذكر غزة الا فقط بما ينص على تزويدها ب 5 م م من اسرائيل ومن محطات التحلية مستقبليا

  اسرائيل على المياه شبه المالحة ينابيع الفشخة اكثر من 250 م م