الحدث- علاء صبيحات
مما لا شك فيه أن الحكومة المصرية تقبع في مستنقع من وحل الإرهاب، فحدودها محاصرة من داعش سيناء، وعصابات ليبيا، وصولا لجماعات بوكو حرام، بالإضافة إلى أن البيت الداخلي المصري مهدد بالتفجير من الإخوان المسلمين، كما قالت مصادر مطلعة، معتبرة أن البعد السياسي الروسي، ورغبة روسيا في إعادة التحالفات القديمة لطور العمل، ونظرا للمأزق الذي وصل له الغزل الأمريكي المصري بعد تولي دونالد ترامب الرئاسة الأمريكية، فإن الخبراء الاستراتيجين في مصر كانت لهم نظرة أخرى في ممر السياسة المصرية القادمة؛ لسببين رئيسيين، أولهما التحالف مع الروس؛ لتقوية حظوظ الخروج من الأزمة الدولية، والتدريب الميداني لجيش خاض آخر حرب في سبعينيات القرن الماضي.
وتحت إشراف ودعم روسي تطوّر التعاون العسكري الأمني السوري-المصري بشكل مطّرد في الآونة الأخيرة، كما وصف متابعون للوضع الراهن، نظرا لازدياد التهديدات الإرهابية لمصر، ولخبرة الجيش السوري التي اكتسبها في معركة مستعرة ضد الإرهاب.
وكانت الفكرة الأولى عندما بنيت الجمهورية العربية المتحدة بين سوريا ومصر، أن أمن سوريا من أمن مصر، وعندما زار اللواء علي مملوك رئيس مكتب الأمن الوطني السوري على رأس وفد من كبار ضباط الاستخبارات السورية مصر منتصف تشرين الأول الماضي في زيارة رسمية، قال نفس العبارة بعد التوصل لاتفاقات بين الطرفين، إثر لقائه بنائب رئيس جهاز الأمن القومي المصري، ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء خالد فوزي، وتتجسّد الاتفاقات كما قال مطلعون، في انتشار ضباط وخبراء مصريين على كامل الجبهات السورية، البالغ عددهم 200 خبير وضابط مع نهاية العام الحالي، في سياق حماية الأمن القومي المصري من خاصرته الاستراتيجية سوريا، والاستفادة من التجارب والخبرات السورية في الحرب على الإرهاب على مدى خمس سنوات من الحرب.
وذكرت بعض وكالات الأنباء نقلا عن مصادر صحفية مصرية أن الجهات الرسمية المصرية والسورية ستعلن عن هذا التنسيق الذي يهدف إلى محاربة الإرهاب، بشكل رسمي في مستقبل غير بعيد.
ومن المتوّقع في الأيام المقبلة، بحسب هذه الوكالات، أن تصل إلى ميناء طرطوس العسكري كتيبة هندسية من الجيش المصري على متن قطعة عسكرية بحرية مصرية، مهمّتها نزع الألغام والعبوات الناسفة؛ حيث ستبدأ أولى مهماتها في الأحياء المحرّرة من مدينة حلب، بالتعاون الكامل مع القوات السورية والروسية
.
يتزامن ذلك مع استمرار الحرب في سوريا أولا، وتوسع قواعد الإرهاب في شرق ليبيا، وشبه جزيرة سيناء، وتضخم مساحة الأراضي التي تسيطر عليها جماعة "بوكو حرام" من وسط وحتى السواحل الغربية لإفريقيا، لذا فقد كان لزاما على مصر أن تتعاون عسكريا وأمنيا مع الأجهزة الأمنية السورية، فإعلان مصر دعمها للجيش السوري، وجيوش الدول المحيطة، وأن تدعو للحفاظ على هذه الدول بدلا من الفوضى والإرهاب الميليشاتي في مناطق ليبيا والعراق وسوريا.
وقال عبد الفتاح السيسي رئيس مصر في مقابلة له على التلفزيون البرتغالي إن من المفضل أن تكون القوات الوطنية للدول هي التي تقوم بالحفاظ على الأمن والاستقرار في مثل هذه الأحوال، حتى لا يكون هناك حساسيات من وجود قوات أخرى تعمل لإنجاز هذه المهمة، والأولى لنا أن ندعم الجيش الوطني على سبيل المثال في ليبيا؛ لفرض السيطرة على الأراضي الليبية، والتعامل مع العناصر المتطرفة، وإحداث الاستقرار المطلوب، وهذا ينطبق أيضا على سوريا، والعراق أيضا، الأمر الذي رأته بعض المصادر المطلعة تلميحا لعملية تصاعدية لتعاون عسكري مصري- سوري بدفع روسي.
ونظرا لكل هذه المعطيات، وبناء على المعلومات المتراشقة هنا وهناك، فإن الخبراء الأمنيين والعسكريين موزّعون على أكثر من مركز تنسيق، كما تقول بعض المصادر المطلعة، من رئاسة الأركان السورية في دمشق وقاعدة حماه الجويّة، لتتوسّع مؤّخراً شاملة قاعدة حميميم الجويّة، ومطار "التي فور" في ريف حمص الشرقي، فضلاً عن انتشار مجموعة من المستشارين الأمنيين والعسكريين في عدد من غرف العمليات العسكرية السورية، من درعا إلى حماه إلى جورين في منطقة سهل الغاب.
وفي زيارة رسمية معاكسة قام أحد الضباط الأمنيين المصريين بزيارة لعلي مملوك في دمشق بطائرة خاصة حطت في مطار دمشق الدولي في الرابع والعشري من تشرين ثاني الماضي، ودام الاجتماع لأربع ساعات، وهدف لبحث التنسيق الأمني وإمكانية إنشاء مركز استطلاع مشترك في مطار "التي فور" القريب من المناطق التي يحتلها تنظيم "داعش" الإرهابي، كما قالت مصادر إعلامية مقربة من الجيش السوري وحزب الله.
المستوى السياسي المصري يبدو مناقضاً للقيادة العسكرية المصرية، كما أشار بعض المطلعين، نظرا لأن مصر هي واحدة من ثلاث دول تقدّمت قبل أيام بمشروع قرار إلى مجلس الأمن يطالب بوقف القتال في مدينة حلب، من دون إخراج المسلحين من الأحياء الشرقية؛ لتتضح الصورة تماما بعد بيان فجرته مصر فجر أمس تستهجن فيه إصرار بعض الدول على طرح مشروع القرار للتصويت من دون استكمال النقاش بشأنه.
المصدر: وكالات