الخميس  28 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ترجمة "الحدث"| عدو عدوي.. مصر وحماس

2017-01-11 09:04:42 AM
ترجمة
رسم كاريكاتيري (رسم: محمد سباعنة)

 

ترجمة الحدث- أحمد بعلوشة

 

 

نشر موقع Times of israel مقالا تحليليا حول تغير العلاقة ما بين حماس واسرائيل وسبب التغير في تلك العلاقة.

 

وفيما يلي نص المقال مترجما:

 

مع محاربة حكومة غزة للسلفيين، مصالحة جزئية تكمن في فتح المعبر الحدودي للسماح للبضائع بالدخول إلى القطاع.

 

المسؤولون والصحافيون الإسرائيليون الكبار أصيبوا بالدهشة في بعض الأحيان نظرا لموجات الشتائم والذم خلال مقابلات لمسؤولين مصريين عندما كان يتم سؤالهم عن وجهة نظرهم بشأن حركة حماس. وفي أحد اللقاءات الأخيرة، كان أحد قادة الجيش الإسرائيلي يحاول تهدئة أحد نظرائه المصريين، حين كان الأخير يستخدم لغة غريبة للتعبير عن وجهة نظره بنشطاء حماس الكبار في غزة، والتي كانت مليئة بالتلميحات والشتائم السيئة.

 

لم يخف المصريون اشمئزازهم من حركة حماس، خاصة بعد تولي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي منصبه في صيف 2013، وكان الجيش المصري منذ ذلك الحين قد منع مئات الأنفاق المحفورة بين غزة وسيناء من العمل، وقام بشن حملة شاملة ضد تهريب أي مواد، ومنع التجارة بين مصر وغزة.

 

ولكن، في الشرق الأوسط الجديد.. كل شيء ممكن.

 

ويبدو أن القيادة المصرية الحالية -العدو اللدود لجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي لها الرئيس المخلوع مرسي، والتي تتبع لها حماس بشكل أو بآخر- قررت تغيير سلوكها تجاه حماس.

 

هذا القرار لم ينبع من أي عاطفة مفاجئة من جانب مصر لحماس. ولكنها قد تنبع من كراهية مصر لجماعة "الدولة الإسلامية".

 

هذا التغير الحاصل في التوجه المصري، هو أمر واضح بالفعل على أرض الواقع، الأمر الذي يشعر إسرائيل بالقلق، حيث قام المصريون فجأة بفتح معبر رفح الحدودي بين غزة ومصر، وسمحت بدخول البضائع.

 

وقال نشطاء رفيعو المستوى في حماس إن رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق إسماعيل هنية، كان يخطط لزيارة القاهرة في المستقبل القريب، وهي خطوة ترمز إلى أمور كثيرة.

 

هنية الموجود خارج غزة لعدة أشهر، غادر غزة بإذن من مصر بافتراض أداء فريضة الحج في مكة المكرمة.

 

ولكن هنية ما زال في الخارج حتى الآن ويقوم بزيادة عدد من الدول العربية والإسلامية غير العربية. أسامة حمدان مسؤول العلاقات الدولية في حماس كان سبباً وجيهاً في التعبير عن التقارب ليس فقط مع مصر وإنما مع إيران أيضاً وذلك في عدد من المقابلات الإعلامية.

 

هنية الذي نجح في تكوين داعمين له من الخارج في انتخابات رئاسة المكتب السياسي لحماس، قام أيضاً بتعزيز علاقة حماس مع مختلف الدول في العالم الإسلامي.

 

المصريون سمحوا لمسؤولين آخرين رفيعي المستوى في حماس بمغادرة قطاع غزة برفقة هنية، كان من بينهم روحي مشتهى "57 عاماً" الناشط في حماس والذي يعتبر أقرب المقربين من يحيى السنوار وهو أحد الرجال الأقوياء في غزة.

 

مشتهى، الذي أفرج عنه من السجون الإسرائيلية في 2011 كجزء من صفقة التبادل لإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، يعتبر واحداً من المسؤوليين الذين يحددون أمور كثيرة في حماس، ولديه قدر كبير من النفوذ في الجناح العسكري للحركة.

 

مشتهى وكما تبين، استغل الفرصة لمغادرة غزة ليس فقط لأسباب دينية، ولكن أيضاً من أجل قضاء بعض الوقت مع زوجته الشابة التي تزوجها بعد عام 2011.

 

إذن ما الذي قاد إلى هذا التحول في العلاقة بين حماس والقاهرة لهذه المصالحة التي لم يسبق لها مثيل؟

 

بدأ التغيير في التوجهات مع قرار حماس للذهاب إلى الحرب على الجماعات السلفية في قطاع غزة. ومن وجهة نظر حماس فإن السلفيين -بما في ذلك أولئك الذين يتعاطفون مع تنظيم الدولة الإسلامية- أصبحوا يشكلون تهديداً حقيقياً، ومعظمهم يملكون أيدولوجيا واحدة، ولديهم قوة رغم قلة عددهم نسبياً في غزة (هناك ما يقرب 700-800 سلفياً في غزة التي يبلغ عدد سكانها 2 مليون نسمة). وقيام هؤلاء السلفيين بإطلاق الصواريخ بشكل متقطع على إسرائيل ولّد مشكلة لدى حماس، وكان ذلك سبباً أساسياً في التصعيد الإسرائيلي في الفترة الأخيرة.

 

لكن التهديد الأكثر أهمية هو تهديد داخلي، حيث انضم ما لا يقل عن 40 عنصراً من حماس إلى الجماعات السلفية المختلفة في السنوات الأخيرة، وبعض منهم عبروا الحدود للانضمام إلى الدولة الإسلامية في محافظة سيناء، وبدأ بعض قادة الجناح العسكري لحماس أيضاً بالتسرب إلى محافظة سيناء، بما في ذلك بعض الذين يعتبرون خبراء في مجالات استخدام الصواريخ المضادة للدبابات، زراعة العبوات الناسفة كبيرة الحجم.

 

بدأت حماس عملية أمنية منذ شهرين تم فيها اعتقال ما يقرب من 200 ناشطاً من السلفية في جميع أنحاء قطاع غزة - بعض منهم بسبب إطلاق صواريخ على إسرائيل، وآخرون لمشاركة في أنشطة أيدولوجية تعتبرها حماس تحدياً لحكمها- بينما لم يتم معرفة كم عدد الذين ما زالوا محتجزين لديها حتى هذه اللحظة.

 

عناصر السلفية الذين تم اعتقالهم في البداية لم يكن لديهم صلات بتنظيم الدولة في محافظة سيناء، واعتقالهم لم يؤدي إلى الاحتكاك مع دول الجوار. ولكن عندما اعتقلت حماس مؤخرا أعضاء من لواء التوحيد المقربين جداً من الدولة الإسلامية، اندلعت الأزمة فجأة في أعلى محافظة سيناء والتي دعت حماس "بالكفار"، وقام قادة محافظة سيناء بأمر المهربين بوقف جلب أي سلع أو مواد قد تستخدم في الصناعة العسكرية لحماس من سيناء إلى غزة.

 

في حين كان عدد الأنفاق بين قطاع غزة ورفح صغير، كانت الدولة الإسلامية تقدم في السنوات الأخيرة كميات كبيرة من المواد ذات الغرض المزدوج مثل كابلات الصلب والمضخات والأقطاب، وهي مواد لن تسمح إسرائيل بدخولها إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم. ولكن قبل عدة أسابيل، اتصل مندوبو الدولة الإسلامية بالمهربين بشكل فردي، وحذروا أي شخص يحاول إدخال البضائع إلى غزة مطلقين تهديدات صريحة لهم بالقتل.

 

هذا العمل الذي قامت به الدولة الإسلامية لاقى رداً عقابيا من حماس، حيث شنت حماس حملة اعتقالات بحق نشطاء الدولة الاسلامية وعلى رأسهم محمد رميلات أحد الأعضاء البارزين في التنظيم والذي كان في غزة قبل أسبوعين.

 

التعاون مستمر

 

على الرغم من التوتر الشديد بين الجماعتين، إلا أن جانباً واحداً على الأقل من التعاون ما زال مستمراً، وإن كان بدرجة أقل: جلب الجرحى من تنظيم الدولة الإسلامية إلى غزة للعلاج.

 

الدولة الاسلامية لا تملك أي مركز طبي في سيناء حيث لا تستطيع التعامل مع أي مصاب من اعضائها خلال المعركة مع الجيشة المصري. والطريقة الوحيدة للخروج هي قطاع غزة، وهكذا يتم التنسيق والتعاون مع أطباء معروفين في قطاع غزة.

 

إذن، ما الذي يدفع مصر نحو ذوبان الجليد في علاقتها مع حماس؟

 

أولا ينبغي أن نلاحظ أنه في الأشهر الأخيرة شهدت العلاقت بين مصر ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس توتراً ملحوظاً. وفي الانتخابات الأخيرة لحركة فتح خلال المؤتمر السابع، قام أبو مازن باستبعاد محمد دحلال، حليب مصر الذي قاد مصر إلى النأي بنفسها عن حركة فتح ككل، على الأقل في الوقت الذي يتواجد عباس فيه على رأس الحركة.

 

كانت هذه نقطة بداية أن تكون الخطوات الأولى نحو المصالحة واضحة، لا سيما فيما يتعلق بفتح معبر رفح الحدودي، ومع ذلك، فقد أصبح واضحاً في الآونة الأخيرة أن الأمر أكبر بكثير من مجرد محاولة تدمير الصفة الاعتبارية لعباس، ويبدو أن المصريين قد أدركوا أن الوضع في غزة لم يكن ليتغير قريباً، وأنه كان عليهم التعامل مع غزة بأي حال.

 

وبكلمات أخرى، فإن مصر ترغب في رؤية حماس تقاتل ضد تنظيم الدولة في سيناء بدلاً من مساعدتها، والعمل على وقف العمليات ضد القوات المصرية في سيناء -الهجمات التي قد تعتمد على دعم من قطاع غزة- ووقف الدعاية ضد الرئيس السيسي والتي بإمكانك ملاحظتها في كافة أنحاء القطاع.

 

ومن أجل القيام بذلك، يتعين على مصر تطبيع علاقاتها مع حماس، وهذا التطبيع يشمل فتح مصر لمعبر رفح بشكل أكثر انتظاماً، ومنح تصاريح مغادرة ودخول لقادة حماس والمواطنين العاديين، والمساهمة في دعم المشاريع المدنية لحماس، وهذا ما دفع بمصر أن تسمح لدخول مواد البناء مثل الإسمنت عبر رفح الحدودي.

 

سيارات جديدة ودراجات نارية جديدة تم جلبها من  مصر إلى قطاع غزة بالتزامن مع نقل الإسمنت، وهذا هو الاتجاه الذي تعتزم مصر على المضي قدماً من خلاله بعلاقتها مع حماس: التطبيع الرسمي للعلاقات مع مصر للإشراف على الجانب الأمني.

 

 المسؤولون في القاهرة على الأقل وجزئياً يعون مزايا وعيوب هذه الخطوة، يمكن أن يكون هناك شك في أن فتح معبر رفح بشكل منتظم على سبيل المثال قد يعزز حماس على حساب عباس، ويجعل حكمها في غزة أكثر شرعية، ومن ناحية أخرى، قد تتخذ حماس إجراءات أكثر صرامة ضد تنظيم الدولة الإسلامية، والتي يمكن أن تؤدي إلى انخفاض ملحوظ في الهجمات الإرهابية في شبه جزيرة سيناء.

 

يدرك المسؤولون في حماس أنه إذا سمحت مصر لقادة كبار مثل هنية ومشتهى بحرية التنقل، فإن ذلك يعتبر نموا لمكانة حماس عالمياً، ولعل الأهم من ذلك كله هو ما سيدخل لميزان القوى داخل حماس، حيث ستكون القيادة في غزة قادرة على استعادة السيطرة من قيادة الخارج. وربما يصبح هنية ومشتهى والسنوار هم القادة الحقيقيون لحماس على حساب خالد مشعر ورفاقه في قطر وتركيا.