الجمعة  03 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ترجمة "الحدث" | التعذيب على الطريقة الإسرائيلية كما وصفها المحققون أنفسهم

2017-01-24 12:25:47 PM
ترجمة
مشهد تمثيلي لكيفية تعذيب المشتبه بهم (تصوير: AP)

 

ترجمة الحدث - أحمد بعلوشة

 

فيما يلي تقرير خاص نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية صباح اليوم يحكي تجارب محققين استخدموا التعذيب أثناء عملية التحقيق مع المشتبه به.

 

وفيما يلي النص المترجم: 

 

كانت الصفعات هي الطريقة الأولى التي سردها (ن)، والذي قال إن القوة المستخدمة معتدلة، ولكن الهدف هو إيذاء أعضاء حساسة مثل الأنف والأذنين والحاجب والشفاه.

 

لسنوات عديدة، حاولت المؤسسة الإسرائيلية إخفاء ما يحدث في غرف التحقيق. وحين يستخدم المحققون التعذيب أو "الوسائل الخاصة" فإنهم يبذلون جهوداً لإخفاء آثار ذلك على السجناء حتى لا تصل الصورة إلى الجمهور، إلا أن النظام يحاول فعل كل شيء بترك دور المحققين في الظلام، بما في ذلك توقيع اتفاقيات وصفقات تتساهل مع الذين تعرضوا للتعذيب لضمان صمتهم.

 

الناس الذين خضعوا للاستجواب بطرق مختلفة، وصفوها بأنها تنوعت بين الصراخ في الآذان، واللكمات، وإجبارهم على اتخاذ أوضاع مؤلمة لفترات طويلة، وكل هذه هي وسائل تم وصفها من مشتكين.

 

لكن مؤخراً، محادثة بين المحققين قدمت مجموعة من الشواهد التي تقدم الفرصة للاستماع من المحققين أنفسهم عن أنواع التعذيب المستخدمة في القضايا الكبرى، والذين أكدوا بدورهم صحة هذه المعلومات.

 

"ن" هو محقق سابق رفيق المستوى، والذي أكد وجود "وسائل خاصة"، وأصر أن الوضع هناك ليس مثل غوانتانامو. مضيفاً أنه وزملاؤه لا يقومون بإجبار المتهمين على الوقوف عارين في الظروف الجوية القاسية والتي تصل إلى 10 درجات تحت الصفر. قائلاً إن الأساليب المستخدمة تم اختيارها بعناية لتكون فعالة بما يكفي لكسر الروح المعنوية للمشتبه به، ولكن دون التسبب في ضرر دائم أو ترك أي علامات على جسده.

 

هذه الطرق كانت هي العناوين الرئيسية للصحف في ديسمبر 2015، أثناء التحقيق في حريق متعمد لعائلة فلسطينية في دوما، حيث قال المشتبه بهم، عميرام بن يوئيل والقاصر "أ"، إنهم تعرضوا للتعذيب وأثارت قضيتهم مظاهرات حينها.وقد اعترف المحققون باستخدام التعذيب، لكنهم نفوا وجود تحرش جنسي أو بصق.

 

واتهم بن يوئيل في الهاية بالهجوم في دوما، في حين اتهم "أ" في هجمات متعمدة أخرى، وما تزال محاكمتهما جارية، الأمر الذي دعى محاميهم إلى الاستئناف ونفي التهم تحت بند "الاعتراف تحت التعذيب جعلهما يعترفان على أشياء لم يرتكباها".

 

شكوى "أ" المتعلقة بالتعذيب ما تزال تحت التحقيق والنظر، والتي ذكر فيها وضعه على كرسي معصوب العينين ولكمه بصفعات قوية. وفي وقت سابق، قال "أ" إن محققاً بارزاً أجبره على وضعية يتدلى ظهره من خلالها على حافة الكرسي، ويقوم المحقق بتعليق ساقيه.

 

"في مرحلة ما، تفقد السيطرة على نفسك ولا تستطيع التحمل"، يقول "أ"، مضيفاً: "عضلات معدتي أصيبت بشدة، كل شيء كان يؤلمني".

 

يقول "أ" إن ذلك استمر لمدة ساعة، مضيفاً: "قاموا بربطي من الظهر، ثم بدؤوا برفعي شيئاً فشيئاً لتغيير وضعية التعذيب، وفي مرحلة ما بدأت بالبكاء الشديد، وصرخت كثيراً من الألم".

 

شكوى "أ" تشابهت كثيراً مع الطرق التي وصفها "ن" الذي قال إن الصفعات هي الطريقة الأولى التي يتم استخدامها، والذي أشار إن القوة المستخدمة معتدلة وتهدف إلى عدم إيذاء الأعضاء الحساسة. وقال "ن" إنه كان معصوب العينين لذلك فهو لم يكن يعلم متى سيتم صفعه وكان يقوم بتحريك رأسه بعشوائية نتيجة تعرض أعضائه الحيوية للإصابة.

 

كما وصف "ن" تقنية الظهر المنحني: يجلس المشتبه به على كرسي بدون ظهر، وتكون ذراعاه وساقاه مكبلة، ويقوم المحقق بإجبارة على الجلوس في زاوية معينة، وهذا الأمر يتطلب من المشتبه به استخدام عضلاته بشكل منهك للحفاظ على نفسه من السقوط.

 

طريقة أخرى تحدث عنها "ن"، حيث يجبر المتهم مكبل اليدين على الركوع وظهره إلى الحائط لفترات طويلة من الزمن.

 

قضية التعذيب هي قضية رأي عام إلى حد ما، ومنظمات حقوق الإنسان ليست الوحيدة التي تحدثت عنها. في العام 1999 حظرت محكمة العدل العليا التعذيب الذي كان مسموحاً حتى ذلك الحين. لكن لوائح صادرة عن المدعي العام آنذاك إلياكيم روبنشتاين قالت إن المحققين الذين ارتكبوا التعذيب لا يتم محاكمتهم إذا كان يمكنهم إثبات (إنه من الضروري استخدام هذا الأسلوب لإنقاذ بلده أو حياة شخص آخر، أو في حال منع خطر جسيم من اللحاق بالأشخاص أو الممتلكات ولم يكن هناك وسيلة أخرى للقيام بذلك).

 

اللوائح المنصوص عليها، تقول إن الشخصيات الكبيرة جداً فقط هي التي يمكن السماح لها باستخدام مثل هذه الأساليب، وفي حين قرر أحد المحققين استخدامه فعليه الاحتفاظ بتسجيل مفصل لعدد الضربات والأوضاع المؤلمة وكافة ما يسمى بـ "الوسائل الأخرى" المستخدمة. وعلاوة على ذلك، فإنه يجب أن يتم إبلاغ النائب العام بعد كل استخدام لمثل هذه الأساليب.

 

أحد المحققين الآخرين الذين شاركوا في محادثة "ن" أوضح فهمه لهذه الأنظمة قائلاً :"إذا كان أحد المحققين يفكر باستخدام مثل هذه الأساليب فإنه يتم استخدامها لمنع وقوع هجوم إرهابي يهدد حياة الناس، ويتم استخدامها للحصول على المعلومات اللازمة".

 

وأضاف أنه "عادة، يتوجب على المحققين أن يطلبوا الإذن من رؤسائهم لاستخدام هذه الأساليب، ولكن في الحالات العاجلة مثل (انتحاري يخطط لتفجير نفسه قريباً) يقول المحقق باستخدام هذه الأساليب حتى من دون الحصول على إذن".

 

بعد أن أصدرت المحكمة العليا حكمها، تم تغيير أساليب التعذيب المستخدمة، وأصبح التعذيب يستخدم أقل من السابق، ولكن في السنوات الأخيرة، عادت الأمور تتغير إلى عكس ذلك.

 

تحقيق استقصائي قامت به هآرتس في مايو 2015 كشف أن استخدام التعذيب أصبح في ازدياد، وخلص التقرير إلى أن الناس كانوا يجبرون على الوقوف لساعات وأنه كان يتم "دغدتهم" بريشة وهم مكبلي اليدين وغير قادرين على التحرك، إضافة إلى الصفع والصراخ في الأذن، وعصب العينين لفترات طويلة.

 

وتحدث "ن" عن بعض تلك الأساليب . على سبيل المثال، قال إن المحقق يقوم أحيانا بانتزاع قميص المشتبه به ويقترب منه ويصرخ في وجهه، ووصف أيضاً إجبار المشتبه به على رفع يديه إلى ارتفاع الكتف وهما مكبلتان وراء ظهره.

 

كشفت المحادثة أن جميع المحققين كانوا على دراية بالألم الذي تسببه هذه الأساليب للمشتبه بهم، حتى إن بعضهم حاولوا تجريب بعض الأوضاع غير المريحة لأنفسهم لتحديد كم كان الأمر صعباً على المشتبه بهم.

 

وفي تساؤل حول ما إذا كان التعذيب فعال، فإنه في معظم الحالات كان الجواب لا. وخير مثال على ذلك هو قضية محمد الخطيب، واحد من عشرات النشطاء التابعين لحماس الذين اعتقلوا في صيف عام 2014، بعد نحو شهرين من خطف وقتل ثلاثة إسرائيليين، حيث اعتقلت أجهزة الأمن في ذلك الوقت وجود علاقة بين شبكة تتبع لحماس التي ينتمي إليها الخطيب وبين الخلية التي خطفت الإسرائيليين الثلاثة، وتم تعذيب الخطيب ورفاقه للحصول على معلومات.

 

تحت هذا التعذيب، اعترف الخطيب أنه يخدم لصالح الخلية التي يرأسها القواسمي. ولكن تبين فيما بعد أنه ليس له علاقة بعملية الخطف، وأن خلية القواسمي تعمل بشكل منفصل.

 

هناك شخص آخر تعرض للتعذيب أثناء التحقيق وهو شكري الخواجة، الذي ذكرت قصته في صحيفة هآرتسفي أكتوبر 2015. وخلال محاكمته في محكمة عوفر العسكرية، قال الخواجة أنه تم استجوابه من قبل "ثلاثة إلى 10 محققين، بما في ذلك رائد وعقيد". وقال إن المحققين قاموا بتكبيل ذراعيه وساقيه، وتم إجلاسه على كرسي مربوط الذراعين والساقين وإجباره على الانحناء إلى الخلف وصولاً إلى الأرض. مضيفاً "أحد المحققين قام بصفع وجهي وصدري، في حين أن آخر خلفي قام بمسك أكتافي وقام برفعي وإنزالي".

 

"ن" لم يناقش قضيته، ولكنه قال أنه من المهم إيضاح أن المشتبه بهم لا يتم استجوابهم فقط بالأسئلة، ويسعون إلى الحصول على المعلومات بأي طريقة، وأن المحققين لا يقتصرون على الوسائل اللفظية فقط.