الجمعة  26 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

هل تحاكي فلسطين النموذج اللبناني في الحكم؟

2014-05-19 00:00:00
هل تحاكي فلسطين النموذج اللبناني في الحكم؟
صورة ارشيفية

  

 
الحدث- الأناضول
 
الإثنين 19/5/2014
 
تتّجه السلطة الفلسطينية إلى محاكاة النموذج اللبناني في إدارة الحكم وتقاسم السلطة بين حركتي "فتح" و "حماس" بعد توقيعهما لاتفاق المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام، حسبما يرى مراقبون فلسطينيون.
 
واتفق مراقبون، في أحاديث منفصلة مع وكالة الأناضول، على أن ثمة مرحلة سياسية جديدة تتشكل في فلسطين مع قرب خروج حكومة "التوافق الوطني" إلى النور، وتخلّي حركة "حماس" عن حكمها لقطاع غزة القائم منذ يونيو/ حزيران 2007.
 
وكان وفد فصائلي من منظمة التحرير الفلسطينية، قد وقّع اتفاقاً مع "حماس" في غزة، يوم 23 أبريل/ نيسان الماضي، يقضي بإنهاء الإنقسام الفلسطيني، وتشكيل حكومة توافقية في غضون خمسة أسابيع، يتبعها إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني بشكل متزامن.
 
وفي وقت سابق، قال مصدر فلسطيني مطّلع ومقرب من جلسات حوار المصالحة بين "فتح" و"حماس"، إن الحركتين اتفقتا على أسماء الوزراء المتوقع أن يشاركوا في حكومة "التوافق".
 
وتستند التركيبة السياسية في لبنان على أساس المحاصصات الطائفية، حيث إن لكل طائفة مجالها الحيوي، الذي تمارسه داخل البلاد بشكل مستقل.
 
ويعتمد نظام توزيع السلطات في لبنان على الطوائف الثماني عشرة المؤلفة للنسيج اللبناني، فمثلا رئاسة الجمهورية تعود للمسيحيين الموارنة، ورئاسة الوزراء تعود للمسلمين السنة، أما رئاسة مجلس النواب فهي للمسلمين الشيعة.
 
ورغم وجود حكومة مركزية وجيش نظامي في لبنان، إلا أن بعض القوى السياسية وخاصة منظمة حزب الله "الشيعية"، تمتلك ميلشيات مسلحة قوية، ومناطق نفوذ خاصة بها في بعض المناطق اللبنانية.
 
كما يشارك حزب الله، في العملية السياسية اللبنانية، حيث يحظى بتمثيل في البرلمان.
 
واعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة مخيمر أبو سعدة، أن "الفلسطينيين اليوم باتوا أكثر اقتناعا بالاستفادة مما خلّفته سنوات الإنقسام السبع (2007- 2014)، والبحث عن مخارج سياسية تعيد للقضية الفلسطينية مكانتها".
 
وتابع: "هنا يبدو النموذج اللبناني جيدا وفعالا للتطبيق في فلسطين، بل يكاد يكون الأفضل خاصة لحركة حماس التي تحكم قطاع غزة منذ عام 2007، وتتجه الآن - بعد سنوات الحصار والعزلة والتضييق الخانق على قرابة مليوني مواطن - إلى الخروج من الحكم".
 
وأضاف أبو سعدة أن "حماس تقبل حاليا أن تكون جزءا من التشكيلة السياسية في حكومة التوافق الوطني، وأن يكون لها تمثيلها البرلماني، إلى جانب قوتها على الأرض، متمثلة بجناحها العسكري، كتائب القسام".
 
وعقب فوز حركة "حماس" بغالبية مقاعد المجلس التشريعي في يناير/كانون الثاني 2006، تفاقمت خلافاتها مع حركة "فتح"، وبلغت تلك الخلافات ذروتها بعد الاشتباكات المسلحة بين الحركتين في غزة منتصف يونيو/حزيران 2007، والتي انتهت بسيطرة "حماس" على غزة، وهو ما اعتبرته فتح "انقلاباً على الشرعية".
 
وأعقب ذلك الخلاف، تشكيل حكومتين فلسطينيتين، الأولى تشرف عليها "حماس" في غزة، والثانية في الضفة الغربية وتشرف عليها السلطة الوطنية الفلسطينية، التي يتزعمها الرئيس محمود عباس، رئيس حركة "فتح".
 
وقال أبو سعدة: "تماما مثل حزب الله اللبناني الذي له صوت داخل الحكم وخارجه، تدرك حماس جيدا أنها قادرة في أي وقت على قلب الطاولة على رأس الجميع كما فعلت عام 2007".
 
ولم يستبعد "أن تكون حماس تفكر جديا في تطبيق النموذج اللبناني في الحكم ومحاكاته إدراكا لوزنها الشعبي والسياسي، لكن تطبيق أي نموذج سياسي في فلسطين سيصطدم بإسرائيل، وما تفرضه من واقع على الأرض".
 
ومضى قائلا إنه "من الجيد تشكيل حكومة وحدة وطنية تخاطب العالم سياسيا، وتعتني بشؤون وهموم الفلسطينيين، وأن تنخرط الأحزاب الأخرى في الحكم، لكن دون أن يكون هناك شبكة أمان عربية للمضي قدما في تطبيق النموذج اللبناني أو غيره، فلن تكون المهمة سهلة، فأمام الفلسطينيين عقبة دائمة اسمها إسرائيل".
 
فيما رأى الكاتب السياسي في صحيفة "الأيام" الفلسطينية الصادرة في رام الله بالضفة الغربية هاني حبيب، أن "الفلسطينيين بعد اتفاق المصالحة وإنهاء الانقسام سيحاولون محاكاة النموذج اللبناني في الحكم والاستفادة من تآلف الطوائف والأحزاب المختلفة سياسيا".
 
وأضاف أنه "بعد اتفاق المصالحة، هناك تغيرات سياسية ستبدأ بتشكيل حكومة توافق وطني، وربما تنتهي بمحاكاة النموذج اللبناني في إدارة شؤون الحكم، والقائم على التوافق وتقاسم السلطة بين مختلف الطوائف".
 
واتفق حبيب مع الرأي القائل بإن "حركة حماس تجري في الوقت الراهن مراجعة داخلية شاملة في ظل المتغيرات المتسارعة إقليميا ودوليا".
 
وأضاف: "هي (حماس) الآن تميل إلى تسليم الحكم، على أن تكون شريكا سياسيا لا يغيب عن الساحة الفلسطينية".
 
 وعلى مدار سنوات عديدة، أقامت "حماس" علاقات قوية مع النظامين الإيراني والسوري، ضمن ما كان يعرف قبيل اندلاع ثورات الربيع العربي، بـ "محور الممانعة"، في مقابل "محور الاعتدال" الذي كان يضم مصر (في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك)، والسعودية والإمارات، والأردن.
 
لكن اندلاع الثورة السورية في مارس/آذار 2011، ورفض "حماس" تأييد نظام بشار الأسد، وتّر العلاقات بينهم، إلى أن بلغت قطيعة تامة بين "حماس" ودمشق، وشبه قطيعة بينها وبين إيران، وحليفها حزب الله اللبناني.
 
هو الآخر، الخبير في الشؤون الفلسطينية أحمد يوسف، لا يستبعد أن يتجه المشهد الفلسطيني بعد اتفاق المصالحة، نحو تطبيق النموذج اللبناني.
 
وقال يوسف، وهو رئيس مركز بيت الحكمة للاستشارات وحل النزاعات بغزة، إن "الفلسطينيين أمام مرحلة سياسية فاصلة تحتم عليهم البحث عن نموذج يؤهلهم للخروج من كافة التحديات الراهنة".
 
ومضى قائلا إن "حركة حماس لديّها إمكانات القوة على الأرض، متمثلة في أجهزتها الأمنية والعسكرية، وبإمكانها من خلال ما تملكه من تمثيل في الشارع الفلسطيني، أن تضع بصمتها في الحكم تماما مثل تجربة حزب الله في لبنان".
 
ورأى يوسف أن "حركتي فتح وحماس تذهبان نحو محاكاة النموذج اللبناني من أجل إحداث اختراق في الساحة الدولية".
 
أما هاني البسوس أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية بغزة، فاعتبر أن "النموذج اللبناني سيسمح بتقاسم النظام السياسي بين حركتي فتح وحماس ومختلف الفصائل الفلسطينية".
 
وأضاف البسوس أنه و"من خلال هذا النموذج تتولى منظمة التحرير الفلسطينية الملف الخارجي ومخاطبة الأطراف الدولية التي لا تقبل بوجود حركة حماس في الحكم لعدم اعترافها بوجود إسرائيل".
 
ولا تعترف "حماس"، ذات الفكر الإسلامي، بوجود إسرائيل، وتدعو إلى إزالتها بالكامل، وإقامة دولة على كامل أرض فلسطين التاريخية.
 
بينما حركة "فتح"، اعترفت عام 1993 (في أعقاب توقيع اتفاقية أوسلو للسلام) بأحقية إسرائيل في الوجود، وتطالب بإقامة دولة فلسطينية على الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967، وتشمل الضفة الغربية وقطاع غزة، ومدينة القدس الشرقية.
 
ولا تقبل حركة "حماس" بشروط اللجنة الرباعية الدولية للسلام (تشكلت عام 2002 وتضم الولايات المتحدة، وروسيا، والاتحاد الأوربي، والأمم المتحدة)، والتي تطالبها بالاعتراف بإسرائيل.
 
وقال البسوس إنه "بالإمكان تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية عبر ضم شخصيات مستقلة تدعمها حركة حماس، للخروج بنظام سياسي قادر على محاكاة النموذج اللبناني، لكسر الجمود في العلاقات الإقليمية والدولية".
 
وختم بأن "محاكاة هذا النموذج تحتاج إلى تعامل دقيق، وتغيير في المشهد السياسي، ما يضمن شراكة وطنية حقيقية".