الثلاثاء  07 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

حماس... وعباس... والتسوية/ بقلم: نبيل عمرو

2017-10-24 02:35:39 PM
حماس... وعباس... والتسوية/ بقلم: نبيل عمرو
نبيل عمرو

 

أغرقت إسرائيل مقدمات المصالحة الفلسطينية الفلسطينية، بوابل من التحذيرات والاشتراطات، كما لو أنها طرف يجلس على الطاولة، وهو صاحب الاستثمار الأكبر في الانقسام.

 

الذي يقلق إسرائيل فيما يبدو ليس عودة السادة الوزراء إلى الغرف المخصصة لهم في غزة، وليس وجود سلطة رام الله على المعابر، فهذه مطالب لها، وأظهرت أكثر من مرة استعدادها لدعم هذا الأمر.

 

الذي يقلق هو ارتباط المصالحة بالتسوية، وهو ارتباط يبدو منطقيًّا وواقعيًّا والمؤشر الدال عليه هو التصريحات الأمريكية الداعمة للجهد المصري والمراهنة على حل الإشكال الغزي، ما يلغي أو يخفف الاعتراض على صفقة القرن.

 

وهذا التحليل الذي لا أعرف مدى دقته بالضبط، يرتب على حركة حماس مسؤوليات إضافية قد تكون في بعضها مختلفة عن المواقف التي سوقت على أنها مبدئية، وأن تبلغ المرونة الحمساوية مستوى يتقارب كثيرًا مع سلطة رام الله التي يتأهب رئيسها لخوض جولة سياسية لن تكون سهلة بأي حال.

 

ومع أنَّ الإسرائيليين والأمريكيين وحتى الرباعية، تدعو حماس إلى الاعتراف بإسرائيل وإنهاء عملها المسلح، إلا أنَّ هنالك مساحة للمرونة البناءة التي تجنب حماس تهمة إفشال محاولة جدية للتسوية بما في ذلك حل إشكالات غزة.

 

ومساحة المرونة لا تقام مع إسرائيل وأمريكا، فليس مطلوبًا من حماس منطقيًّا أن تتصرف في أمر الاعتراف كما لو أنها دولة تعترف بدولة أخرى، فهذه الحكاية أنجزتها منظمة التحرير، وبوسع حماس إيجاد صيغة تعبر عن التزامها بما التزم به غيرها، فهي جزء من حركة وطنية لا يحق لها إنْ لم تكن على رأس منظمة التحرير أن تمارس سياسة مناقضة لسياسة المنظمة، ولكن من حقها وربما من واجبها أن تسجل اعتراضًا حتى على مبدأ المفاوضات، ولكن من داخل المؤسسات الشرعية والمعترف بها، وعلى رأسها بالطبع منظمة التحرير.

 

لقد سهّل الأمريكيون على حماس ممارسة مرونتها مع الرئيس عباس، فإذا كان سلاحها محرجًا، فأمريكا تتفهم تأجيل البت فيه، وحين تتفهم أمريكا أمرًا فمن الصعب على إسرائيل مخالفتها فيه، إذا ما كان في الأمر جهد أمريكي أوسع ، ولا يضر حماس أن تعلن ما يشبه التفويض للرئيس محمود عباس كممثل للشعب الفلسطيني كله لإحراز تسوية كانت حماس قد أصدرت موقفًا جديدًا ومرنا ومتساهلاً منها، لو فعلت حماس ذلك ويبدو أنها تفكر في الأمر، فلن تكون قد أخلت طرفها من مأساة غزة المتمادية ورفعت عن نفسها التهمة السابقة بأنها أعاقت وصول المليارات التي تقررت قبل سنوات في شرم الشيخ، وفي الوقت نفسه تسحب نفسها من الادعاء الإسرائيلي بضعف تمثيل عباس للفلسطينيين أو حتى الادعاء بأنه يمثل جزءًا منهم.

 

بوسع حماس أن تعلن كل يوم موقفًا متحفظًا على كل خطوة تمشيها منظمة التحرير نحو المفاوضات والتسوية، وهذا حقُّها وقد مارست إسرائيل هذا السلوك حين نجح رابين في تمرير أوسلو بصوت واحد.

 

حين يفتح ملف التسوية بجدية وباتجاه الحل الإقليمي، فعلى الأرجح أن تكون تسوية مفروضة على الجميع، وفي كل الحالات لا يحرم على حماس أن تقول رأيًا مخالفًا أو أن تمارس المخالفة سياسة، حين تصبح هي القيادة الشرعية لمنظمة التحرير، وهذا قد لا يكون وقته لا الآن ولا في القريب العاجل، فالأولوية فيما يبدو فلسطينيًّا وإقليميًّا ودولياً، هي لصفقة القرن واحتمالات الحل المفروض.