الخميس  02 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

عصا بلا جزرة/ بقلم: نبيل عمرو

2017-11-21 09:16:18 AM
عصا بلا جزرة/ بقلم: نبيل عمرو

 

مكتب منظمة التحرير في واشنطن، هو أحد التعبيرات المجسمة لاعتراف الولايات المتحدة الأمريكية، بالممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، والشريك لصنع السلام في بؤرته الأعمق، القضية الفلسطينية.

 

المدلول السياسي للمكتب أقوى بكثير من دوره الوظيفي، ذلك أنَّ العلاقة الفلسطينية الأمريكية تُبنى في القدس ورام الله، وكل المحتوى السياسي لهذه العلاقة يجري تداوله مع القيادات المركزية، سواء على الجانب الفلسطيني أو الإسرائيلي.

 

التهديد بإغلاق المكتب والذي قد يؤجل، كما تأجل موضوع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، يشكل حتى الآن مؤشرًا على الاستعداد الأمريكي للضغط على الفلسطينيين، من أجل إغلاق المساحات أمامهم وحرمانهم من مناقشة ما سيطرح عليهم إلا بصورة شكلية تبدأ بالقبول وتنتهي بالقبول كذلك.

 

وإدارة ترمب التي لا تزال تخفي بنود صفقة القرن، وبالمقابل تصدر التهديد تلو الآخر للفلسطينيين، وتمارس نوعًا من السياسة لا يخلو من سذاجة وسوء تصرف، وهذا لو استمر وتطور فإنّه يعني أنَّ ما نحن مقدمون عليه هو تطبيق أمريكي لسياسة اليمين الإسرائيلي في الشكل والمضمون.

 

الأمر لا ينطلق فقط من موضوعة مكتب المنظمة في واشنطن، بل من أمرين أكثر خطورة يجري التهديد بهما بمنطق العصا دون الجزرة، الأول وقف المساعدات المالية للسلطة، وقد يترافق ذلك مع تحريض آخرين للقيام بالإجراء ذاته، بما في ذلك غض الطرف عن عقوبات إسرائيلية في هذا الاتجاه؛ ما يضع السلطة في موقف بالغ الصعوبة فمعظم ما لديها يأتي من المانحين ومن بعض حقوقها عند الإسرائيليين.

 

 وإذا ما تمَّ ذلك فسوف يغيب الحديث عن تسوية سياسية لمصلحة ترتيبات إسرائيلية تكون فعلاً من طرف واحد، مع بعض الرتوش التجميلية السطحية، والمجمّل هنا سيكون الأمريكي ومن يتماهى معه في الإقليم والعالم، والتهديد الثاني الذي يحمل مغزىً مستقبليًّا فادحًا، هو نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، سواء وضع المبنى على حافة الشرقية أو في قلب الغربية، لا فرق للمكان في هذا الأمر، لأن إسرائيل ستسوق الخطوة على أنها إجازة أمريكية لتوحيد المدينة ودعوة الآخرين للاعتراف بها والتعامل معها كعاصمة أبدية لدولة إسرائيل.

 

حكاية المكتب إذا تتحدد خطورتها مما يمكن أن يليها من إجراءات ضاغطة، تضرب الرواية الفلسطينية من جذورها وتخلخل البناء الفلسطيني الذي أقيم حديثًا على أساس احتمالات السلام.

 

فيما مضى وحين كنا نتعرض لضغط أمريكي جرّاء خطوة نقدم عليها أو يحتمل أن نقدم عليها، كنا نجد مخارج معقولة يساعدنا فيها بعض العرب وبعض الأوروبيين وبعض الأصدقاء، أما الآن فيبدو أنَّ الأمر صار مختلفًا وهذا ما يصعّب مهمتنا في المواجهة والمعالجة، وهنا ينبغي أن تتجلى عبقرية القيادة في إيجاد المخارج.