الجمعة  29 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

التعاطف المفقود مع السنوار ومع مسيرات العودة

2018-10-05 08:49:12 AM
التعاطف المفقود مع السنوار ومع مسيرات العودة
رولا سرحان

 

أثار لقاء السنوار مع الصحفية الإسرائيلية-الإيطالية بوري، حفيظة الكثيرين لعدة أسباب أبرزها أنه أولاً أجرى لقاء مع صحفية إسرائيلية، "صحفية عدو"، أما الثاني فلأن تبرير إجراء اللقاء، الصادر عن مكتب السنوار، كان غير مقنع للكثيرين من غير التابعين لنهج حماس السياسي، لأنه أظهر السنوار "القيادي العسكري"، بمظهر "المتغافل" ولا نقول "المغفل" لأن الأمر لا يستقيم بتلك البساطة عندما يتعلق الأمر بأبسط منمنمات القضايا الأمنية: معرفة هوية السيدة التي تتحدث معه، وتضع قدماً على قدم أمامه بارتياحٍ كاملٍ تدون ما يقوله لها.

ولا يُعفي تعريفُ السنوار للصحفية بأنها تحمل الجنسية الإيطالية كتبرير، ذلك أن مقترح وحدة أصل اليهود تحت فرضية "الجنسية/الجنس الواحد (ة)" هي فرضية مثقوبة تنز ابتذالاً للتاريخ، فضلاً عن أن الإسرائيليين المتعاطفين مع "كيان العدو" هم ليسوا بيهود أو إسرائيليين بالأصل.

في السابق عندما كنا ندافعُ عن حماس، كنا ندافعُ عن أنفسنا، لأننا كنا قادرين عبر حماس، ومثلها الجهاد الإسلامي، على التماهي مع إمكانية مخاطبة "إسرائيل" ككيانٍ عدو، ولأننا كنا قادرين على بلورة خطابٍ مقاومٍ لشعبٍ يجب أن يُرى أنه شعبٌ يقع تحت الاحتلال، وذلك رغم نسبية اختلافنا مع النهج الإسلاموي الذي يُطرح كحل وحيد.

إن أهمية حماس، والتعاطف الذي  قد تكون حصلت عليه من غير عناصرها المؤدلجين سياسياً، لم يكن مصدره نظام حكمها لغزة، ولا سياساتها الإدراية، ولا سيطرتها على الأرض المحاصرة، ولا "شفافيتها أو نزاهتها" –مع التأكيد على أهمية المزدوجين هنا-، ولا لأجل قدرتها المذهلة اليوم على التشبيك الدولي. إن أهمية حماس، كانت تنبع من قدرتها على تقديم خطابٍ موازٍ لخطاب التفاوض، وخطاب موازٍ لخطاب السلامِ الذي لا يسبقُه فعلٌ مقاومٍ لنا وفعل حربٍ لعدونا، وخطاب موازٍ لخطاب التنازلات دون أن تكون هنالك تنازلات مقابلة.  

إن التعاطفُ المفقود مع السنوار، ومع لقائه بالصحفية الإسرائيلية، بدأ ينسحب ليعم فضاء مسيرات العودة أيضا، والذي يقتضي أيضاً نوعاً من المساءلة وشيئا من إعادة النظرِ في معنى تحول "السائرين" في المسيرة من كونهم "الهدفَ"، إلى أن يكونوا "الهدفَ". أي تحوُّلهم من غايةٍ إلى وسيلةٍ لغاية وهي الإشكالية السياقية التي وقعت فيها مسيرات العودة، فأفقدتها، وأفقدت المشاركين فيها زخم التعاطفُ معها ومعهم. وذلك جميعه لتحقيق غايات يرتهنُ فيها الجسدان الأصغر والأكبر (السائرون-المسيرون وغزة)، لمنفعةِ حماس، التي أثبتت فشلها في إدارة العملية القصدية- التفاوضية مع الاحتلال لتحقيق أي منفعة لقضية غزة العادلة، وبالمحصلة لقضيتنا العادلة جميعاً.

إن إشكالية النخب السياسية في فلسطين أنها أبدا لا تستطيع الاستفادة من تجارب بعضها البعض؛ فكل نخبة عليها أن تجرب فينا بنفسها كل الأخطاء التي مرت بها نخبٌ أخرى، بذات صيغة نظرية الدرج الذي تظل تصعدُ به إلى ما لا نهاية، وعندما تكتشفُ أنك قد وصلت تكون قد صعدت إلى البداية.

وكله وفق مقتضى عبارة: إني لا أرى عماء نفسي لكني في كل عماء أراك.