الإثنين  29 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مخاطر إقامة ممر مائي يصل غزة بقبرص.. وخبراء اقتصاديون: مفتاح الحنفية بيد "إسرائيل"

2018-11-11 01:42:00 PM
مخاطر إقامة ممر مائي يصل غزة بقبرص.. وخبراء اقتصاديون: مفتاح الحنفية بيد
ميناء غزة (أرشيفية)

 

الحدث- ريم أبو لبن

"مقترح إقامة ممر مائي يصل غزة بقبرص قد يساهم ولو جزئيا بفك الحصار عن غزة وله منفعة اقتصادية، كما أنه جاء في ظل تهدئة ما بين حماس وإسرائيل". هذا ما أكده لـ"الحدث" معين رجب، وهو خبير اقتصادي من قطاع غزة.

أما الخبير الاقتصادي ماهر الطباع قال لـ"الحدث": "فكرة إقامة ممر مائي، هو إعادة إحياء لملف ميناء غزة".

"أخشى أن يكون الممر المائي وغيره من الخطوات الاقتصادية، مدخلا لتعزيز وتحويل حالة الانقسام الداخلي الفلسطيني إلى حالة انفصال، مما يباعد الجهود المستقبلية للمصالحة المتعثرة". هذا ما أوضحه الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم.

فيما أشار خبراء الاقتصاد لـ"الحدث" بأنه لا يوجد معلومات رسمية واضحة حول ما إذا كان الممر المائي سيستخدم لتسهيل حركة السكان أم للبضائع أم كلاهما معا.

وفي ذات السياق، قال رجب: "نحن لا نعرف تفاصيل الاتفاق القطري الإسرائيلي ولا حتى شروطه، وما نعلم به أن هذا الممر المائي سينقل سكان غزة وبضائعها إلى العالم الخارجي وبشكل مباشر، فالفلسطينيون أنفسهم هم أصحاب قرار".

يذكر أن صحيفة "الأخبار" اللبنانية، أكدت في تقرير لها بأن اتفاقا قطريا إسرائيليا يشير إلى البدء بتجهيزات إقامة ممر مائي بين غزة وقبرص، وعلى أن يكون بإشراف دولي ورقابة أمنية إسرائيلية.

فيما أوضحت الصحيفة بأن "تل أبيب" طالبت بوجود فعلي لها على الممر، فيما لم يتضح بعد طبيعة الممر المائي وشكله بحسب ما أكد رجب.

فيما وافقت حركة "حماس" على وجود رقابة مشابهة كتلك التي كانت موجودة على معبر رفح بعد اتفاق عام 2005، ومن خلال وضع الكاميرات وربط الحواسيب، لاعتبار بأن الرقابة الدولية هي الأساس. وهذا ما أشارت إليه صحيفة "الأخبار" اللبنانية.

قال رجب: "غزة لا زالت تخضع لحصار إسرائيلي، وعليه فإن الممر المائي سيكون تحت رهن ومشيئة الاحتلال، وهذه من أكبر العوائق التي ستواجه القطاع، حيث سيتم التحكم بما يدخل أو يخرج من القطاع".

أضاف: "نحن الآن أمام تغير واضح للظروف الراهنة، وبحسب بروتوكول باريس الاقتصادي المبرم مع الجانب الإسرائيلي فمن الحق الطبيعي للفلسطينيين أن يكون لهم موانئ ومطارات تنقلهم إلى العالم الخارجي، كمطار رفح الدولي الذي دُمر لاحقاً".

"وجب الحذر بحيث لا تنزلق غزة لحل اقتصادي"

 

"وجود ميناء ومطار دولي هو حق للشعب الفلسطيني، لا سيما وأن الممر المائي المقترح سيشكل انطلاقة لعشرات السفن الفلسطينية، حيث ستشهد غزة نشاطا غير محدود، فسيتم من خلاله نقل ما أنتج فلسطينياً إلى خارج غزة، واستيراد البضائع من العالم الخارجي، كما وستصبح فرص الاستثمار كبيرة وغير محدودة". هذا ما أوضحه الخبير الاقتصادي معين رجب.

وعن خطوة إقامة ممر مائي،  قال الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم لـ"الحدث": "المشروع الوطني الفلسطيني سيتضرر، وذلك لأن غزة أصبحت تبحث حلول اقتصادية لأزماتها وبشكل منفرد، وكذلك الأمر في الضفة الغربية ودون وجود وحدة واحدة  لتوحيد القرار والسلطة والسياسة والتحركات".

أضاف مستكملاً حديثه: "المقترح سيحدث تغييرا في علاقة غزة بالعالم وبـ "إسرائيل"، حيث تصبح غزة تتصرف على أنها كيان مستقل بحد ذاته، وتصبح الحوافز قليلة لتحقيق المصالحة لتحقيق مكاسب اقتصادية".

وعليه، يجب حسم الأطر السياسية والأمنية قبل اللجوء للحل الاقتصادي مع الاحتلال الإسرائيلي أو غيره بحسب ما أوضح عبد الكريم.

وعن ضبابية إقامة ممر مائي يربط غزة بقبرص، قال عبد الكريم: "علينا أن ننتظر لنرى، وأنا أرى أن الخطوات الاقتصادية عليها تلي الخطوات السياسية والأمنية لا أن تسبقها، لأن الأزمة في غزة والضفة الغربية أساسها سياسي وأمني بالدرجة الأولى، لا سميا وأن المسؤول الأساسي عن إحداث أزمة اقتصادية هي إسرائيل".

أضاف: في هذا الوقت، على السلطة القائمة في غزة أن تكون حذرة بأن لا تنزلق لحل اقتصادي، وأن تقايض الحقوق السياسية (الدولة، السيادة، الاستقلال، الحرية) ببعض المكاسب الاقتصادية، والتي تعود بالمنفعة بكل تأكيد على الغزيين ولكنها وعلى المدى الطويل تمس بالمشروع الوطني".

"مفتاح الحنفية بيد إسرائيل"

ويمكن أن نتساءل هنا، هل خطوة إقامة ممر مائي قد تقرب الفلسطينيين من بعضهم البعض؟ وهل هذه الخطوة تبعدنا عن تبعية الاحتلال الإسرائيلي؟

قال عبد الكريم: "من المرجح أن تكون الإجابة لا.. وعلينا التروي أكثر".

واستكمل فكرته قائلاً: "الممر المائي أو غيره سيبقى تحت السيطرة والرقابة الأمنية الإسرائيلية، وعليه فإن مفتاح الحنفية بيد الاسرائيليين، ولا وجود للسيادة الفلسطينية الفعلية عليه، وفي أي وقت تلجأ إسرائيل لإغلاقه كما تفعل في جميع مفاصل حياة الفلسطينيين".

أضاف: "بهذا الإجراء لن نبعد التأثير والسطو الإسرائيلي على الحياة الفلسطينية العامة، وبالمقابل لن نقرب الجهد الداخلي تجاه أحداث المصالحة".

واستكمل حديثه: "خطوة إقامة ممر مائي يربط غزة بقبرص هي خطوة خاطئة، إلا إذا كان لها ضوابط أو أعدت ضمن إطار مؤقت بهدف تحسين الوضع المعيشي للقطاع دون أي طموح سياسي منفصل في غزة عن الضفة الغربية".

 

"العلاقة التجارية بين مصر وغزة.. ستتضرر"

 

"إنشاء الممر المائي قد يضعف الموقف السياسي للقاهرة ودورها في القضية الفلسطينية". هذا هو التخوف الذي جاء به الجانب المصري في ظل رعايته لـ المباحثات والتهدئة بين حركة حماس و"إسرائيل".

فيما أفادت المصادر المطلعة بأن مصر تخشى في حال تم إنشاء ممر مائي يصل غزة بقبرص أن تفقد ورقتها وامتيازها على حدود غزة، مما يفتح المجال أمام حركة "حماس" إلى اللجوء إلى وسطاء كـ قطر وتركيا مما يضعف الموقف السياسي لمصر تجاه القضية الفلسطينية.

في ذات السياق، قال عبد الكريم: "لا يمكن وصفه بالتخوف، ولكن الترتيبات الخاصة بـ  إقامة ممر مائي لا يمكن أن تتم بمعزل عن الجانب المصري، غير أن مصر ترغب بأن يكون هناك علاقات تجارية مفتوحة مع غزة بعيداً عن الممر المائي، حيث تكون هي الطرف الأساسي والشريك التجاري، ولهذا فهم يحبذون إيجاد معبر تجاري ما بين غزة ومصر بجانب وجود معبر رفح المخصص للمسافرين".

وعليه، وبحسب ما أوضح عبد الكريم فإن جمهورية مصر ترغب بتطوير العلاقات الاقتصادية التجارية مع غزة ودون وجود "وسيط" أي قبرص، وذلك لأن قبرص ستشكل ميناءً وعليه ستمرر البضائع بإجراءات معينة إلى قبرص ومن ثم تمرر عبر ناقلات السفن إلى غزة، وهذا يؤدي إلى إضرار العلاقة التجارية ما بين غزة ومصر على حد قول عبد الكريم.

في ذات السياق، قال: "هذا الأمر لن توافق عليه إسرائيل، وبالتالي فإن الممر سيوضع ضمن ترتيبات معينة ولن يكون مفتوحاً على مصرعيه".

أضاف: "وما يرغب به الجانب المصري بأن يكون قطاع غزة مستقر وخال من التوترات التي قد تؤدي إلى انفجار الوضع الراهن، وذلك لأن غزة بوابة مهمة للأراضي المصرية وتهم الأمن القومي المصري".

إذا وبحسب خبراء الاقتصاد فإن ملامح الممر المائي الرابط ما بين غزة وقبرص لم تحدد بعد ولم يعرف شكله حتى، غير أنه جاء في ظل تهدئة ما بين حركة حماس و"إسرائيل"، وقد يجده البعض ملاذا اقتصادياً مؤقتاً لحل الأزمة في قطاع غزة، ولكنه في الواقع قد يفرض تداعيات تؤثر على البعد السياسي والجغرافي، ويشكل خطراً على المشروع الوطني، ويساهم في اعتبار غزة بمثابة كيان مستقل بعيداً عن سياسات ومنهجية الضفة الغربية.