الأربعاء  25 حزيران 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الاضطرابات في العراق تأتي وسط تقلص الدبلوماسية الأمريكية

2020-01-04 02:26:17 AM
الاضطرابات في العراق تأتي وسط تقلص الدبلوماسية الأمريكية
العراق

 

 الحدث- جهاد الدين البدوي 

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية مقالاً للكاتب جون هدسون، تحدث فيه إن الهجوم على مجمع السفارة الأمريكية في بغداد تزامن مع تراجع تأثير الدبلوماسية الأمريكية، وسط توسع المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران.

ويضيف هدسون أنه تم اجبار الدبلوماسيين الأمريكيين على الاختباء في الغرف الآمنة في السفارة،  في الوقت الذي تم استقدام جنود من المارينز من الكويت لتعزيز حماية السفارة الأمريكية ببغداد، بعد حادثة اقتحام مؤيدون لجماعات عراقية مسلحة مؤيدة لإيران الحزام الأول لمجمع السفارة، بحيث دمروا منطقة الاستقبال بالسفارة انتقاماً من الغارات الأمريكية التي أدت لمقتل 25 من أنصارهم.

ويشير هدسون إلى أنه منذ سنوات دخل العراق في مرحلة من المنافسة بين الولايات المتحدة وإيران، مضيفاً أن الأولى قد سحبت بشكل مطرد قواتها العسكرية من العراق في أعقاب غزوها للبلاد عام 2003. ولكنها تأمل في الاحتفاظ بنفوذها في البلاد، ولأجل ذلك قامت ببناء أكبر مجمع دبلوماسي أمريكي في العالم من حيث المساحة.

ولكن منذ الربيع الماضي، تعمل السفارة الأمريكية بطاقم قليل من الدبلوماسيين وعمال الإغاثة، بسبب التهديدات المرتبطة بالجماعات المسلحة المقربة من إيران.

وقد تعرض تخفيض عدد العاملين في السفارة الأمريكية ببغداد لانتقادات واسعة، وهو ما تم التعبير عنه من خلال تقرير للمفتش العام الذي صدر في نوفمبر الماضي، والذي قال فيه: "إن العدد القليل من المسؤولين يؤثر على عمليات مهمة العراق ويحدد قدرة البعثة على مساعدة العراق بأن يصبح قوياً ومستقلاً وبلداً ديمقراطياً ويدعم جهود مقاومة تنظيم الدولة".

 وقد ذكر التقرير أن عمل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية قد تعرض للإعاقة، بعد تخفيض عدد العاملين فيها إلى ستة موظفين أجانب فقط، يشرفون على ميزانية 1.16 مليار دولار لدعم مشاريع الاستقرار والبرامج الإنسانية.

وينقل هدسون عن نقاد الرئيس دونالد ترامب، قولهم: "إن سياسة "أقصى ضغط"، القائمة على فرض عقوبات اقتصادية على إيران، زادت من التوتر، وجعلت الصراع أكثر احتمالاً، وكانت وراء سحب عدد الدبلوماسيين والعاملين في العراق لأسباب أمنية، ما يجعل السفارة أول ضحية من ضحايا حملة إدارة ترامب ضد إيران.

ويقول إيلان غولدينبرغ الباحث في معهد الأمن الأمريكي الجديد: " لقد خلقنا وضعا لا يمكننا فيه إبقاء العاملين هناك بأمان... إن هذه الأوضاع حقًا تؤذي نفوذنا وتؤثر على قدرتنا على معرفة ما يجري على أرض الواقع".

ويلفت هدسون إلى أن المسؤولين الأمريكيين تحدثوا حتى وقت قريب عن الوضع في العراق، بأنه دليل على نجاح سياسة الضغوط التي تمارس على إيران، فمنذ أكتوبر الماضي شملت الاحتجاجات في العراق التي تندد بالفساد في العراق شعارات تطالب بإنهاء نفوذ إيران الواسع في البلاد.  

إلا أن مقتل 25 شخصاً في الغارات الأمريكية التي استهدفت مواقع لكتائب حزب الله في العراق وسوريا، أغضبت زعماء عراقيين وأثار دعوات لإنهاء الاحتلال الأمريكي وبروز هتافات "الموت لأمريكا".

تضيف الصحيفة الأمريكية أن القادة العراقيين نددوا بالضربات الأمريكية باعتبارها انتهاكاً للسيادة العراقية والقواعد التي تحكم عمل 5000 جندي أمريكي متمركزين هناك للمساعدة في قتال تنظيم "الدولة الإسلامية".

وتذكر الصحيفة أنه خلال الليلة واصل المحتجون إلقاء الزجاجات الحارقة على مجمع السفارة، مما أجبر الدبلوماسيين الأمريكيين على البقاء في الغرف الآمنة، وتناولوا إمدادات غذائية من الدرجة العسكرية، بينما قام فريق الإطفاء التابع للسفارة بإخماد الحرائق وفقاً لما ذكره مسؤولون.

وقال المسؤولون الأمريكيون إن الغارات التي أودت بحياة 50 شخصًا كانت ردًا على إطلاق الجماعات المسلحة لأكثر من 30 صاروخًا على قاعدة عسكرية عراقية بالقرب من مدينة كركوك والتي أسفرت عن مقتل مقاول أمريكي وإصابة أربعة من أفراد الخدمة الأمريكية.

قال متحدث باسم وزارة الخارجية: "لا توجد خطط لإجلاء الدبلوماسيين من السفارة في بغداد، لكن المحللين يعتقدون أن الوضع الأمني الخطير من المرجح أن يؤدي إلى تخفيض عدد الدبلوماسيين".

ويرى هدسون أن تخفيض عدد الدبلوماسيين الأمريكيين حد بالفعل من قدرة واشنطن على إدارة مشاريع المساعدة في العراق، وإرسال الدبلوماسيين إلى الميدان للتعرف على ما يجري ومقابلة القادة العراقيين وإقامة علاقات رسمية قوية.

ويقول السفير الأمريكي السابق في العراق دوغلاس سيليمان: "إنه في ضوء العدد القليل للدبلوماسيين والعسكريين في السفارة، وقلق مايك بومبيو حول سلامة الأمريكيين، فإنني لن أفاجأ بتخفيض العدد، أو إعادة ترتيب الدبلوماسيين والعسكريين والأمنيين المكلفين بإنفاذ القانون".

ومن جانبه رفضت وزارة الخارجية الأمريكية الإفصاح عن عدد المسؤولين الأمريكيين الموجودين في العراق. منذ شهر أيار الماضي عندما أمر بومبيو بإجلاء العاملين غير الضروريين من السفارة الأمريكية ببغداد، مشيراً إلى أن لدى الولايات المتحدة 352 من موطنيها في العراق، بالإضافة إلى أن لديها آلاف المتعهدين في البلد.

قال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية الشهر الماضي إن عدد الموظفين المباشرين في العراق ارتفع من 352. واعترض مسؤولون أميركيون آخرون على هذا القول، قائلين إن وزارة الخارجية حددت التعيينات الأمريكية المباشرة في العراق بـ 300 موظف، مما أعاق قدرات واشنطن الدبلوماسية هناك.

وقد أقر مسؤولو وزارة الخارجية بأنه تم تخفيض القدرات الدبلوماسية للولايات المتحدة بدرجة كبيرة، خلال فترة المغادرة الذي تم في الفترة ما بين مايو وأكتوبر الماضيين، مؤكدين أن هذه الأرقام قد ارتفعت إلى مستويات مقبولة رافضين إعطاء تفاصيل.

وقال مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية: "مستويات التوظيف الحالية كافية"، وكغيره من المسؤولين رفض الكشف عن اسمه لمناقشة أعداد الموظفين، والتي تعتبر حساسة بسبب المخاوف الأمنية.

وتوضح الصحيفة أن التخفيض في عدد الموظفين أثار الارتباك ودعا للتساؤل حول الهدف منه، وإن كان لتخفيض النفقات، أم تحسباً لمواجهة محتملة مع إيران، لافتة إلى قول نقاد إن الغارات الجوية لم تكن متناسبة مع الهجوم على القاعدة، وانتقدوا قرار تحمل المسؤولية بعد وقوعها مباشرة.

وقال الباحث غولدينبرغ إن إيران كانت في وضع دفاع لكن هذه الهجمات نفذت بطريقة غير منظمة ودون تنسيق مع العراقيين.. يحاول الإيرانيون استفزاز رد مبالغ فيه لحرف النقاش عن إيران إلى الولايات المتحدة، وقد نجحوا.