الجمعة  26 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مسؤول أمريكي يتهم إسرائيل باغتيال العالم النووي الإيراني زاده

2020-11-29 08:46:27 AM
مسؤول أمريكي يتهم إسرائيل باغتيال العالم النووي الإيراني زاده
محسن فخري زاده

الحدث- جهاد الدين البدوي

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريراً قالت فيه إن المخابرات الإسرائيلية وصفت العالم محسن فخري زاده بأنه القوة الدافعة خلف ما يسمونه سعي إيران السري للحصول على أسلحة نووية.

وذكرت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية أن كبير علماء الطاقة النووية الإيرانية الذي تتهمه المخابرات الأمريكية والإسرائيلية منذ فترة طويلة بأنه وراء برامج سرية لتصميم رأس حربي ذري، قتل بالرصاص في كمين يوم الجمعة بينما كان مسافراً في سيارة في شمال إيران.

ويعتبر العالم محسن فخري زاده، الذي يعتقد أنه يبلغ 59 عاماً، القوة الدافعة وراء برنامج الأسلحة النووية الإيراني منذ عقدين، وواصل العمل بعد أن تم حل الجزء الرئيس من الجهود بهدوء في بداية العقد الأول من القرن العشرين، وفقاً لتقييمات المخابرات الأمريكية والوثائق النووية الإيرانية التي سرقتها "إسرائيل".

نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤول أمريكي وآخرين من مسؤولي الاستخبارات الأمريكية أن "إسرائيل" تقف وراء الهجوم على العالِم. ولم تتضح بعد مدى معرفة الولايات المتحدة بعزم "إسرائيل" تنفيذ العملية مسبقاً، لكن الدولتين هما أقرب الحلفاء ولديهما معلومات استخباراتية منذ فترة طويلة بشأن إيران. فيما رفض البيت الأبيض و "CIA" التعليق.

ووفقاً لوسائل إعلام إيرانية رسمية، فقد انتظر مسلحون على طول الطريق وهاجموا فخري زاده بينما كانت سيارته تسير عبر بلدة أبسارد الريفية في منطقة دماوند. مضيفة أن زاده أصيب بجروح خطيرة في الهجوم، وأن الأطباء حاولوا إنقاذه في المستشفى لكنهم لم يتمكنوا من ذلك.

ووصف المسؤولون الإيرانيون الذين طالما أكدوا أن برنامجهم النووي مخصص للأغراض السلمية فقط وليس للأسلحة، الهجوم بأنه عمل إرهابي وتعهدوا بالانتقام.

وكتب وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، على تويتر: "الإرهابيون قتلوا عالماً إيرانياً بارزاً اليوم وهذا الجبن - مع وجود مؤشرات جدية على الدور الإسرائيلي - يظهر تهجماً يائساً لمرتكبيه".

وقال السيد ظريف، وهو دبلوماسي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة وهو أحد الشخصيات الإيرانية الأكثر شهرة، في هذا المنصب إن على المجتمع الدولي - وخاصة الاتحاد الأوروبي - أن "ينهي معاييره المزدوجة المخزية ويدين هذا العمل الإرهابي للدولة".

وقال مايكل ب. مولروي، كبير مسؤولي سياسة الشرق الأوسط في البنتاغون، إن مقتل فخري زاده كانت "نكسة للبرنامج النووي الإيراني".

وأضاف مولروي: "كان أكبر علماء إيران النوويين ويعتقد أنه مسؤول عن البرنامج النووي الإيراني السري. وكان أيضاً ضابطاً كبيراً في الحرس الثوري الإسلامي، وهذا من شأنه أن يعظم رغبة إيران في الرد بالقوة".

وقد تؤدي عملية الاغتيال إلى تعقيد معالجة بايدن للاتفاق النووي الإيراني.

قد يكون لمقتل السيد فخري زاده آثار واسعة على إدارة بايدن القادمة. وسرعان ما أشعلت ردود فعل حادة في إيران، كما فعل الهجوم الأمريكي في 3 يناير/كانون الثاني الذي اغتيل فيه قاسم سليماني، الجنرال الإيراني الذي كان يدير فيلق القدس النخبوي التابعة للحرس الثوري الإسلامي.

ترى الصحيفة بأن الهجوم يمكن أن يعقّد الجهود التي يبذلها الرئيس المنتخب بايدن لإحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، كما تعهد بذلك، إذا وافق الإيرانيون على العودة إلى الحدود المنصوص عليها في الاتفاق.

توضح الصحيفة بأن الرئيس الأمريكي ترامب انسحب من الاتفاق النووي الإيراني في عام 2018، وكسر الإنجاز المميز الذي حققه سلفه باراك أوباما في السياسة الخارجية، وعزل الولايات المتحدة عن الحلفاء الغربيين الذين حاولوا الحفاظ على الاتفاق دون تغيير. ثم فرض السيد ترامب عقوبات صارمة على إيران في محاولة لإجبارها على العودة إلى طاولة المفاوضات، وهو ما رفضت إيران القيام به.

تقول الصحيفة: لطالما عارضت "إسرائيل" الاتفاق النووي، وإذا كان عملاؤها مسؤولين بالفعل عن قتل رجل يعتبر بطلاً قومياً، فقد يكون هناك ضغط سياسي في إيران للمضي قدماً في جهودها الحالية لإعادة بناء مخزون الوقود النووي الذي تخلت عنه تدريجياً في عام 2015.

ولم يعلق المسؤولون الأمريكيون على الاغتيال صباح الجمعة قائلين إن هناك سعي للحصول على معلومات. ولكن بعض المسؤولين الأميركيين جادلوا بأن وفاة السيد فخري زاده، وهي الأحدث في سلسلة من عمليات القتل الغامضة التي تعرض لها كبار العلماء النوويين الإيرانيين، من شأنها أن تبعث برسالة مخيفة إلى كبار العلماء الآخرين في البلاد الذين يعملون على هذا البرنامج: إذا تمكنا من الحصول عليه، يمكننا أن نصل لكم أيضاً.

ويأتي اغتيال السيد فخري زاده بعد أسبوعين فقط من تأكيد مسؤولي الاستخبارات أن ثاني أهم زعيم للقاعدة قُتل في شوارع طهران على أيدي قتلة إسرائيليين كانوا على دراجة نارية في 7 آب/أغسطس، بناء على أمر من الولايات المتحدة.

وكان عبد الله أحمد عبد الله من تنظيم القاعدة الملقب "أبو محمد المصري" اتهم بأنه أحد مدبري الهجمات على سفارتين أمريكيتين في شرق أفريقيا عام 1998. وقد قتل مع ابنته مريم أرملة حمزة بن لادن نجل أسامة بن لادن.

مطالبات إيرانية من الأمم المتحدة لإدانة عملية الاغتيال

حذر السفير الإيراني لدى الامم المتحدة يوم الجمعة من أن بلاده تحتفظ بحقها في "اتخاذ كافة الإجراءات الضرورية" للدفاع عن نفسها، مؤكداً في رسالة بعث بها إلى الأمين العام للأمم المتحدة أن اغتيال كبير علماء الطاقة النووية الإيرانية يحمل مؤشرات على هجوم إسرائيلي بتحريض الولايات المتحدة.

وقال ماجد تاخت رافانشي إنه يتوقع أن "يدين أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الامن الذي يضم 15 عضواً بشدة هذا العمل الإرهابي غير الإنساني وأن يتخذ الإجراءات الضرورية ضد مرتكبيه".

وكتب السيد رافانشي أنه "على مدى العقد الحالي، تم استهداف واغتيال العديد من كبار العلماء الإيرانيين في هجمات إرهابية، وتشير أدلتنا الثابتة بوضوح إلى أن جهات أجنبية معينة كانت وراء مثل هذه الاغتيالات"، مضيفاً أن اغتيال يوم الجمعة كان "محاولة يائسة أخرى لنشر الفساد في منطقتنا وكذلك لتعطيل التطور العلمي والتكنولوجي في إيران".

كان العالم زاده هدفاً للموساد منذ فترة طويلة

تقول الصحيفة بأن فخري زاده، وهو شخصية غامضة، كان منذ فترة طويلة الهدف الأول للموساد، جهاز الاستخبارات الإسرائيلي، الذي يعتقد على نطاق واسع أنه وراء سلسلة من الاغتيالات التي تعرض لها العلماء قبل عقد من الزمن وشملت بعض نواب السيد فخري زاده.

تضيف الصحيفة بأن إيران لم توافق أبداً على مطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي وكالة الأمم المتحدة للمراقبة النووية، بأن تسمح لمفتشيها باستجواب فخري زاده، قائلة إنه أكاديمي ألقى محاضرات في جامعة الإمام الحسين في وسط طهران.

كان فخري زاده أكاديمياً، ولكن سلسلة من التقارير السرية، لا سيما تقييم مطول في عام 2007 قامت به وكالة الاستخبارات الأمريكية لإدارة جورج دبليو بوش، قال إن الدور الأكاديمي هو قصة تغطية. وفي عام 2008، أضيف اسمه إلى قائمة المسؤولين الإيرانيين الذين أمرت الولايات المتحدة بتجميد أصولهم.

وفي العام نفسه، تم الكشف عن أنشطته في إحاطة غير سرية من قبل كبير مفتشي الوكالة. وفي وقت لاحق، أصبح من الواضح أنه يدير ما أطلق عليه الإيرانيون مشروع 110 و111 - وهو محاولة لمعالجة أصعب المشاكل التي يواجها مصممو القنابل وهم يحاولون صنع رأس حربي صغير بما يكفي لوضعه في صاروخ ويجعله ينجح في اختراق الغلاف الجوي.

تنوه الصحيفة إلى أن إيران طالما نفت سعيها للحصول على سلاح نووي، وتصر على أن إنتاجها من المواد النووية كان لأغراض سلمية بحتة. لكن خلال عملية إسرائيلية في أوائل عام 2018 تمت فيها سرقة مستودعات مليئة بالوثائق الإيرانية حول "مشروع عماد"، تضمنت الوثائق معلومات عن دور فخري زاده.

تتابع الصحيفة: وبعد ذلك بوقت قصير، خص رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فخري زاده في عرض متلفز، عندما وصف العملية الإسرائيلية السرية للاستيلاء على الأرشيف. واتهم بأن إيران كذبت بشأن الغرض من أبحاثها النووية، وحدد فخري زاده كقائد لبرنامج عماد.

وقال مسؤولون إسرائيليون، إن العالم أبقى عناصر البرنامج حية حتى بعد أن تم التخلي عنه ظاهرياً. وقال نتنياهو إنه يتم الآن تشغيله سراً من قبل منظمة داخل وزارة الدفاع الإيرانية تعرف باسم "S.P.N.D". وأضاف: "لن تتفاجأ عندما تسمع أن S.P.N.D يقودها نفس الشخص الذي قاد مشروع عماد، الدكتور فخري زاده".

وأضاف نتنياهو، الذي أظهر صورة يبدو أنها للسيد فخري زاده - ولا توجد سوى حفنة من الصور التي نشرت له - "العديد من الموظفين الرئيسيين في "S.P.N.D" عملوا تحت قيادة فخري زاده في مشروع عماد".

جرت عملية الاغتيال وسط توترات جديدة بين ترامب وإيران

تقول الصحيفة بأن عملية اغتيال زاده تأتي في وقت يزداد فيه التوتر بين إيران وإدارة ترامب. وقد تم ثني ترامب عن ضرب إيران قبل أسبوعين فقط، بعد أن حذر مساعدوه من أنها قد تتصاعد إلى صراع أوسع خلال الأسابيع الأخيرة من توليه منصبه.

وكان السيد ترامب قد سأل كبار المستشارين في اجتماع في المكتب البيضاوي في 12 تشرين الثاني/ نوفمبر عما إذا كان لديه خيارات لاتخاذ إجراءات ضد الموقع النووي الرئيس لإيران في نطنز في الأسابيع المقبلة. وبعد أيام، زار وزير الخارجية مايك بومبيو، والمدير السابق لوكالة المخابرات المركزية "إسرائيل" من المرجح أن تكون رحلته الأخيرة إلى هناك.

تؤكد الصحيفة بأن مهاجمة إيران لإجبارها على التوقف عن توسيع برنامجها النووي ستكون ضربة قوية بايدن، الذي يريد إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015. إن مثل هذا الضربة عشية قدوم إدارة جديدة قد يسمم العلاقات مع طهران إلى درجة أن التفاوض على استعادة الاتفاق، أو تشديد شروطه، قد يكون مستحيلاً.

منذ أن أقال الرئيس ترامب وزير الدفاع، مارك إسبر، وغيره من كبار مساعدي البنتاغون الأسبوع الماضي، أعربت وزارة الدفاع ومسؤولون آخرون في الأمن القومي سراً عن مخاوفهم من أن الرئيس قد يشرع بعمليات، سواء كانت صريحة أو سرية، ضد إيران أو خصوم آخرين في نهاية ولايته. وتكهن آخرون بأن نتنياهو، الذي كان في لحظات مختلفة على وشك مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، قد يسعى إلى التحرك بينما لا يزال الرئيس ترامب في منصبه.

وفي حين جادل كبار مستشاري الرئيس ترامب - بمن فيهم السيد بومبيو والجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة - ضد توجيه ضربة عسكرية لإيران، لا يزال كبار المسؤولين والقادة الأمريكيين يحذرون من الأنشطة الخبيثة التي تقوم بها إيران.

وقال الجنرال كينيث ف. ماكنزي جونيور، رئيس القيادة المركزية للجيش، الأسبوع الماضي في ندوة عبر الإنترنت حول الشرق الأوسط: "على مدى عقود، قام النظام الإيراني بتمويل ودعم الإرهاب والمنظمات الإرهابية".