الجمعة  26 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

أيها المنافقون كفاكم نفاقاً وكذباً وازدواجية معايير| بقلم: راسم عبيدات

2022-03-02 09:36:06 AM
أيها المنافقون كفاكم نفاقاً وكذباً وازدواجية معايير| بقلم: راسم عبيدات
راسم عبيدات

الرئيس الروسي بوتين كثف وأوجز عندما وصف الغرب الاستعماري بإمبراطورية الكذب، بسبب الحملة الظالمة والمكثفة التي يشنها الغرب الاستعماري على دولته، والسعي لشيطنتها وتشويه سمعتها، لأنها تقول بالحرف الواحد بأنها لن تسمح لأوكرانيا بتهديد أمنها القومي والمس بسيادتها من خلال تحولها لقوة نووية، ونصب أسلحة استراتيجية أمريكية وأوروبية غربية على أراضيها والانضمام إلى حلف "الناتو".

الشيء الذي يشعرك بالغثيان، أن من تطاولوا على الشرعية الدولية والقانون الدولي والسلم الأهلي، ولم يحترموا سيادة الدول ولا إرادة شعوبها يحاضرون عن الشرعية الدولية وسيادة الدول والسلم الأهلي، كما هي بائعة الهوى التي تحاضر عن الشرف والعفة، وهم من شنوا أكثر من 72 عدواناً على شعوب ودول العالم، خارج إطار الشرعية الدولية، إما من أجل احتلالها أو قلب أنظمتها وإقامة أنظمة لا تعبر عن إرادة شعوبها، والشواهد عربياً كثيرة العراق، سوريا وليبيا.

نحن الفلسطينيين أكثر الشعوب إدراكاً بأن إمبراطورية الشر والكذب والنفاق وازدواجية المعايير لا تستهدف روسيا لوحدها، بل كل من يقف ضد مصالحها وأهدافها وجشعها وطمعها، ورغبتها بالتفرد والهيمنة والسيطرة على العالم واحتكار قراره، ولذلك يشنون حروبهم المالية والاقتصادية والإعلامية والسياسية على روسيا، واستخدام المؤسسات الدولية التي لا تتمتع فيها روسيا أو الصين بحق النقض "الفيتو" كالجمعية الدولية، تستخدمها أمريكا ودول الغرب كمنصة للتحريض على روسيا، تحت ذريعة انتهاكها لسيادة أوكرانيا والسعي لاحتلالها، ونحن ندرك بأن ما قامت به روسيا، هو عملية عسكرية جراحية، ليس فقط من أجل حاضر ومستقبل شعبها، بل من أجل إعادة صناعة التاريخ، وعودة روسيا، لكي تأخذ دورها التاريخي في حماية وصيانة السلم العالمي والإنساني وخلق عالم أكثر عدالة وتوازن عبر القطبية المتعددة.

ما هو مثير للضحك والسخرية، أن من هم أيديهم ملطخة بدماء أطفال الكثير من شعوب العالم، وخاصة أطفال فلسطين وسوريا والعراق وليبيا واليمن، يذرفون الدموع على مصير أطفال أوكرانيا، ويفتتحون جلسة الجمعية العامة بالوقوف دقيقة حزن على أطفال أوكرانيا، هؤلاء الأطفال الذين لم تقتل القوات الروسية طفلاً واحداً منهم، ولم تهدم برجاً سكنياً على رؤوسهم، كما هو الحال في الحرب العدوانية التي شنتها دولة الاحتلال على قطاع غزة، ولا كأطفال سوريا والعراق الذين حصدت أرواحهم الطائرات الأمريكية والأوروبية الغربية، ولكن لا بأس ما دام هؤلاء الأطفال، ليسوا من أصحاب العيون الزرقاء أو الشعر الأشقر، فهم لا يستحقون لا دقيقة حزن أو صمت.. فالأطفال الذين عيونهم سوداء وشعرهم أسود هم أطفال من الدرجتين الثالثة والثالثة.

أيها المنافقون والكاذبون، في الجمعية العامة وقفتم دقيقة حزن على أطفال أوكرانيا وذرفتم دموع التماسيح...، وبالأمس الاثنين في مدينة القدس كانت مناسبة دينية للمسلمين، مناسبة ذكرى الإسراء والمعراج، حيث قوات الاحتلال اعتدت على الأطفال بطريقة وحشية، حتى هناك طفل لم يتجاوز عمره ستة شهور، أصيب في وجهه بشظايا قنبلة صوت ألقاها جيش الاحتلال، وربما هذا الطفل من وجهة نظركم "إرهابي".

 ثلاثة وسبعون عاماً وأطفال فلسطين يقتلون ويسجنون ويقمعون لم نسمع منكم إدانة واحدة ولا وقفة واحدة، حتى من قتلوا من ذوي الاحتياجات الخاصة مثل الفتى إياد الحلاق في حزيران 2020، والذي قتل بدم بارد من قبل ما يعرف بحرس حدود جيش الاحتلال في القدس، لم يؤنبكم ضميركم المستتر اتجاهه.. واتجاه عشرات الأطفال الذين قتلتهم آلة الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة في أيار من العام الماضي… وأطفال اليمن الذين يشوى لحمهم يومياً بطائرات العدوان، وأطفال سوريا والعراق الذين قتلتهم آلاتكم وطائراتكم الحربية.. أظن هؤلاء لا يستحقون دقيقة حزن أو صمت، فهم دون البشر ولا يرتقون إلى جنسكم البشري.. كم أنتم منافقون ودجالون وتمتهنون الكذب!!!، وكم أنتم متاجرون في القوانين الدولية وقرارات الشرعية الدولية!!!... ومصيبتنا في المراهنين من أبناء جلدتنا على الشرعية الدولية التي لم تنجح في إزالة طوبة واحدة في مستوطنة ولم توقف هدم بيت واحد.. وهناك من هو مصاب بهوس الشرعية الدولية، نريد حكومة وحدة وطنية تعترف بالشرعية الدولية، وكأن الشرعية الدولية أنصفتنا … ألم يحن الوقت لكي تصحو، وتدرك بأن هذه الشرعية الدولية مجرد فرية وكذبة كبرى يستخدمها الأقوياء لمعاقبة الضعفاء؟ وعن أي شرعية دولية تتحدث وعن أية مواقف أوروبية غربية، والتي هي ليست سوى الوجه الناعم للسياسات والمواقف العدوانية الأمريكية بحق شعبنا الفلسطيني وإمتنا العربية، ألم تسمع ماذا قال رئيس الوزراء الفرنسي العنصري جان كاستكس في حفلة العشاء التي أقامها المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في باريس، قبل أقل من أسبوع، بأن القدس هي "العاصمة الأبدية" لدولة الاحتلال. وبريطانيا التي هي من تتحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية والتاريخية عن نكبة شعبنا، ليس فقط لم تعتذر عن وعد بلفور المشؤوم، بل عمدت قبل فترة ليست بالبعيدة إلى حظر نشاط العديد من الفصائل الفلسطينية، واعتبرتها بجناحيها العسكري والسياسي منظمات "إرهابية"، وكذلك ألمانيا وغيرها من دول أوروبا الغربية التي تريد حظر أنشطة الحملة العالمية للمقاطعة (BDS)، لأنها تدعو إلى مقاطعة منتجات دولة الاحتلال وسحب الاستثمارات منها.

ومن هنا لا يمكن لنا أن نرهن حقوق شعبنا إلى مثل هؤلاء المنافقين والكذابين والدجالين، وأصحاب المعايير المزدوجة والانتقائية، فشرعيتهم الدولية، هي شرعية الغاب، وشرعية الاستقواء على الضعيف، ودعم المُحتل ومحاربة وإدانة نضالات من يقاومون الاحتلال.

صحيح نحن الفلسطينيون من الناحيتين الأخلاقية والمبدئية لا يمكن أن ندعم أي احتلال وأي ظلم لأي شعب، فنحن أكثر الشعوب التي عانت وما زالت تعاني من التشريد والعدوان والحروب والمذابح والتهجير والتطهير العرقي والاحتلال، وممارسة كل أنواع الظلم من الحركة الصهيونية، برعاية الدول الاستعمارية، وخصوصًا الولايات المتحدة التي تدعم إسرائيل بكل أنواع الدعم، وإذا اختلفت معها بأي شيء فمن زاوية رؤيتها للمصلحة الإسرائيلية؛ أي تكون ملكية أكثر من الملك. ولكن سيادة الدول لا تعطيها حق تهديد أمن بلدان أخرى، ومستقبلها، وسيادتها، تحت مسمى سيادة الدول، فلا سيادة لدولة تقوم على المساس بسيادة الدول الأخرى، وزيلينسكي وصل إلى حد التهديد بالحصول على السلاح النووي.

ولكن هذا يحتم علينا أن نتخذ موقفاً بالحياد الإيجابي، والوقوف إلى جانب أصدقائنا ومن وقفوا معنا، ولم يستعمروا بلدنا ووطننا، ولم يتنكروا لحقوق شعبنا الفلسطيني، ولم يكونوا شركاء في الجرائم بحق شعبنا، وزيلنسكي رئيس أوكرانيا، لمن على عيونهم غشاوة، أحد أدوات أمريكا والغرب الاستعماري، يحمل الجنسية الإسرائيلية، هو ورئيس وزرائه والعديد من وزراء حكومته صهاينة، وكان معادياً للعراق ومؤيداً للغزو الأمريكي له، وأيد الموقف والقرار الأمريكي باعتبار القدس عاصمة لدولة الاحتلال، وأيد كذلك   الحرب العدوانية على قطاع غزة في آيار من العام الماضي، وإجراءات الطرد والتهجير والاقتلاع والتطهير العرقي الإسرائيلي بحق سكان حي الشيخ جراح وغيره من الأحياء المقدسية.