الأربعاء  14 أيار 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

وثائق تكشف لأول مرة عن اغتيال إسرائيل لمنفذي عملية ميونيخ

2025-05-14 10:28:30 AM
وثائق تكشف لأول مرة عن اغتيال إسرائيل لمنفذي عملية ميونيخ
أرشيفية

ترجمة الحدث

كشفت وثائق جديدة، نُشرت بعد 53 عامًا من مقتل الرياضيين الإسرائيليين في أولمبياد ميونيخ عام 1972، أن جهاز “الموساد” الإسرائيلي تلقى معلومات استخباراتية من تحالف سري يضم 18 دولة غربية، مكّنه من تنفيذ عمليات الاغتيال التي عُرفت لاحقًا باسم “غضب الله”.

وبحسب ما نشرته صحيفة The Guardian البريطانية، فإن التعاون شمل دولًا مثل الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، سويسرا، إيطاليا، وألمانيا الغربية، وتم توثيقه في أرشيفات سويسرية عثرت عليها الباحثة د. أفيفا غوتمن من جامعة أبيريستويث في بريطانيا. هذا التعاون جرى عبر نظام سري يحمل الاسم الرمزي “كيلوات”، أنشئ قبل عام من الهجوم في ميونيخ، وكان يهدف لتبادل المعلومات الاستخباراتية بين أجهزة الأمن الغربية.

وتضمنت الوثائق آلاف البرقيات التي نقلت معلومات دقيقة عن منازل ومركبات وتنقلات قيادات فلسطينية، إضافة إلى تكتيكات تتبعها منظمات فلسطينية مسلحة. وأشارت د. غوتمن إلى أن “الكثير من هذه المعلومات كانت مفصلة للغاية وربطت أشخاصًا محددين بهجمات بعينها”. وتابعت: “قد تكون الدول الغربية لم تكن على علم مباشر في البداية بعمليات الاغتيال الإسرائيلية، لكنها سرعان ما أدركت ذلك من خلال تقارير صحفية وأدلة أخرى، بل وشاركت نتائج تحقيقاتها مع الموساد”.

أول المستهدفين كان وائل زعيتر، أحد قيادات منظمة “أيلول الأسود” في أوروبا، والذي كان يعمل في السفارة الليبية في روما. اغتيل على يد عملاء الموساد في ردهة بنايته بعد أسابيع قليلة من عملية ميونيخ. وتؤكد برقيات “كيلوات” أن أجهزة الاستخبارات الغربية أبلغت إسرائيل مسبقًا بأن زعيتر يزوّد المنظمة بالسلاح والدعم اللوجستي.

أما الهدف الثاني فكان الدكتور محمود الهمشري، ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في فرنسا، والذي قتل بانفجار عبوة زُرعت في هاتفه الأرضي بمنزله في ديسمبر 1972. وتشير الوثائق إلى أن اسمه ورد ضمن البرقيات كناشط دبلوماسي وممول لتنظيمات فلسطينية مسلحة.

وفي يوليو 1973، وقع خطأ كارثي في بلدة ليلهامر النرويجية عندما اعتقد عملاء الموساد أنهم حددوا هوية علي حسن سلامة، القيادي البارز في “أيلول الأسود”، مستندين إلى صورة زودهم بها جهاز MI5 البريطاني. إلا أن الشخص الذي قُتل كان نادلًا مغربيًا يُدعى أحمد بوشيكي. أدت العملية الفاشلة إلى اعتقال عدد من عملاء الموساد ومحاكمتهم، في ما أصبح لاحقًا يُعرف بـ”فضيحة ليلهامر”.

وشملت البرقيات أيضًا اسم محمد بودية، وهو من قدامى جبهة التحرير الوطني الجزائرية، وورد ضمن قائمة أهداف الموساد البارزة. اتُّهم بتدبير هجمات ضد أهداف إسرائيلية، بما في ذلك تفجيرات في فنادق إسرائيلية وعمليات ضد لاجئين يهود فروا من الاتحاد السوفييتي. كما نُسبت إليه محاولات تفجير منشآت نفطية في إيطاليا واستهداف السفير الأردني في لندن. تم اغتياله في الحي اللاتيني بباريس بعد معلومات قدمها جهاز الاستخبارات السويدي حول مقر سكنه وسيارته في جنيف.

ورغم الكم الهائل من البرقيات، قال عضو سابق في “الموساد” لصحيفة الجارديان إن العملاء الميدانيين لم يكونوا على دراية بمصدر المعلومات، لكنهم وثقوا بها تمامًا. من جهتها، أكدت د. غوتمن أن “التعاون الاستخباراتي الدولي غالبًا ما يجري تحت الرادار، ولا يكون البرلمانيون أو الساسة على علم بتفاصيله”. وأشارت إلى أن “مثل هذه العلاقات ما زالت مستمرة حتى اليوم، مع تداول معلومات حساسة لا يعرف عنها الجمهور شيئًا”.

الوثائق المسربة تؤكد أن عملية “غضب الله” لم تكن مجرد حملة اغتيالات إسرائيلية انتقامية، بل كانت جزءًا من تنسيق استخباراتي دولي واسع، أتاح لـ”الموساد” تنفيذ مهماته بدقة وفعالية، بفضل معلومات وتسهيلات من 18 دولة غربية. وهذا التعاون يكشف جانبًا خفيًا من العلاقات الأمنية الدولية التي لا تزال حتى اليوم بعيدة عن الأضواء والتدقيق الديمقراطي.